الموظفون بين السعودة.. والهجرة !

[عاشق ترابها]

الموظفون بين السعودة.. والهجرة !
تصورنا العتيق والقديم أن كل وظيفة متاحة لغير السعودي ينبغي منعها عنه وإحلال السعودي مكانه، وإكراه القطاع الخاص -قلت إكراهاً- نعم على توظيف السعوديين في الشركات والمؤسسات المختلفة حجب عنا إيجابيات السعودة وأشاع سلبياتها، لكن عواطف التشجيع التي نغمر بها الفكرة ذاتها ومحاولة تمريرها على الناس زاد من تصفيق المشجعين.. ودفع بالآخرين إلى التغاضي عن السلبيات، والحقيقة أن ما تم حتى الآن من تجربة السعودة في الميدان يدل على أننا نسير في الاتجاه الخطأ، وأن ما بدأنا التنفيذ لسعودته فشلنا فيه فشلا ذريعا حتى لو لم نعترف بذلك. ولازالت الإجابات معلقة عن تساؤلات مخلصة.. لماذا فشلت سعودة سوق الخضار مثلا؟ لماذا فشلت سعودة السائقين لسيارات الأجرة؟ لماذا فشلت سعودة عمال الصيانة والنظافة في المطارات.. وهكذا تجارب انتهت بالفشل وهذه هي الصراحة. والحل الأسلم أن نفكر لماذا حدث الفشل ولا نفكر كيف نبرر الفشل! ليس المطلوب تبرير أسباب للفشل لكن المطلوب مواجهة الفشل والاعتراف به!
فشلنا لأننا نسير في الاتجاه الخطأ ولأننا أضعنا فرصة تفسير مفهوم السعودة.. التفسير الصحيح! السعودة لا تعني تشغيل السعوديين في كل المهن رغم الظروف، إنما تعني إيجاد وظائف في جميع القطاعات تصلح للسعوديين!
مثلاً اللبناني والمصري والسعودي أيضاً إذا اغترب خارج بلاده للدراسة أو العمل.. لا يمانع من ممارسة وظائف لا يمارسها في بلاده، البعض يعمل (جرسون) أو نادلاً! والبعض يعمل عاملاً يغسل الصحون والأطباق، والبعض موزعاً يوزع الحليب مثلا على البيوت وهكذا.. كلها مهن شريفة لا عيب فيها ولا اعتراض عليها إنما طبيعتها تصلح للفرد إذا سافر عن مجتمعه وهذا ما يحدث! لا أقصد أن هذه الأعمال غير لائقة في البلد الأصلي للبناني وللسعودي وغيرهما بل أقصد أن ظروفها المهنية الملائمة لا تتمشى مع ظروف ابن البلد الأصلي، فمن يستطيع السهر في الفندق لخدمة الزبائن لا يجد ذلك حرجا لو كان أعزباً أو في سفر، لكن عندما يصبح رب عائلة أو يكون منفرداً في سفر أو اغتراب يمكنه ممارستها دون حرج! الإنسان ليس وحده هو مجموعة مكونات منها الظروف تشكل جزءاً من تكوينه وحياته! لذلك لا ينبغي أن نبدأ السعودة بأعمال لا يستطيعها السعوديون كسوق الخضار أو قيادة الليموزينات.. هي أعمال مطلوبة وليس فيها مهارات معقدة أو صعبة لكنها تتطلب تضحيات وتتطلب تنازلات.. ولها أوقات طويلة لا تجعل السعودي يرحب بقضائها فيها! لكل عمل خصوصية والمفروض أن تكون السعودة زيادة انتاجية وليست مشكلة في الإنتاجية! وإلى يوم آخر.

عكاظ