هل الوظيفة للموظف أم الموظف للوظيفة?

[ابوفهد]

على مدى سنوات طوال.. كانت ولازالت مشكلة نقل المعلمين والمعلمات قضية بلا حل.. وسؤالا لم نجد الاجابة الشافية عليه.. فلا المعلمات ولا المعلمون راضون عن حركة النقل لانها لم تشملهم.. ولا وزارة المعارف حققت رغباتهم..

والرغبة في الانتقال تكاد نسبتها تتعدى 70%.. والمعينون في خارج نطاق رغباتهم نسبة تتزايد في كل عام بشكل ينذر بوجود (مأساة) ليس لوزارة المعارف ذنب فيها.. فالمعلمة قبلت بتعيينها في مكان يبعد عن مدينتها بآلاف الكيلو مترات.. والمعلم بوظيفته في جنوب المملكة وهو من ابناء الشمال.. وهذا القبول معناه الرضاء التام.. لكن هذا الرضاء لا يطول اكثر من اشهر معدودة تبدأ بعدها عشرات الواسطات ومئات الخطابات رغبة في النقل..

وصاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن عبدالعزيز نائب خادم الحرمين الشريفين أراد أن يأخذ النظام مجراه.. وأن يتم تطبيق الضوابط واللوائح الخاصة بنقل المعلمين والمعلمات.. وان لا يكون التضخم في اعداد المعلمين والمعلمات في المدن على حساب عدم وجودهم في القرى.

هذه (المشكلة برمتها) طرحت في ندوة حضرها الاستاذ/ عبدالله الهويمل مدير عام التعليم بمنطقة مكة المكرمة والدكتور مازن عبدالرزاق بليلة الكاتب المعروف وعضو مجلس منطقة مكة المكرمة وعضو اللجنة التعليمية المنبثقة عن مجلس المنطقة.. ومع هذا الطرح وضعنا عدة اسئلة تركز في اغلبها على حركة النقل ومعاييرها وضوابطها وعلى التعيين ومتطلباته وعلى الوظيفة التعليمية ورسالتها

وقد سارت الندوة على النحو التالي:
(تكمله في الرد التالي:- (( لعدم قبول الصفحه اكثر من 10الاف حرف))

[ابوفهد]

* ما القواعد والضوابط التي تنظم وتحكم عملية نقل المعلم والمعلمة, وما حدود الاستثناء?

** عبدالله الهويمل: دعني أقف أولا عند كلمة (الاستثناء) وهي ما يجب عدم وجودها فأهم ضابط أو قاعدة تدفع وزارة المعارف لاصدار حركة التنقلات السنوية بهذا الكم الكبير حاجة المعلم للمكان المنقول اليه وكذلك حاجة المكان اليه, وكل منطقة تحدد حجم النمو الموجود بها في مختلف التخصصات ومن ثم تحدد الاعداد التي تحتاجها من المعلمين, فالقاعدة بذلك هي حاجة المنطقة واحتياج المعلم نفسه, وتأتي حاجة المنطقة أولاً ثم حاجة المعلم في المرتبة الثانية, فكل منطقة تعليمية تطلب عادة وقبل نهاية الفصل الدراسي الاول من المعلمين والراغبين في النقل تعبئة استمارات معينة, يحدد فيها كل معلم عدداً من المناطق التي يرغب في الانتقال اليها ونستعين الآن بالحاسب الآلي في رصد بيانات الاستمارات, ثم ترسل بعد ذلك الى وزارة المعارف حيث يتم فرزها هناك على مستوى المملكة كل تخصص على حدة..

أما الضوابط التي تشير اليها فتأتي في مقدمتها الخبرة والتقدير الوظيفي, والالتزام وعدد الدورات وغيرها من المعايير التي تطبق على اكثر من عشرة آلاف معلم سنويا.

معاناة المعلمات

* (عكاظ):

* ألا تعتقدون ان المعلمة هي الأكثر احتياجا للنقل وخاصة أن معظم المعلمات يتم تعيينهن في مناطق نائية أو مواقع بعيدة وبمسافات طويلة عن السكن الأصلي.. فلماذا لا تمنح المعلمات نسبة أكثر?

** مازن بليلة:

أود بداية أن اعلق على المعايير والضوابط التي ذكرها الاستاذ عبدالله, وأطرح السؤال: لماذا لا تراعى الضوابط عند التعيين في المنطقة التي يريدها المعلم او المعلمة ورغبته الشخصية? أي لماذا لا يكون التعيين جغرافيا حتى يتمكن المعلم من خدمة وطنه وطلابه بالشكل الجيد? أي لماذا نرتهن الى مبدأ (التعيين بعيداً أولاً) وهو المبدأ الذي يحيط الكثيرين ويسبب لهم مشاكل اجتماعية ونفسية كثيرة, خاصة ان معظم المعينين الجدد حديثي التخرج, يصعب على بعضهم التكيف والاعاشة في منطقة اخرى بعيدة عن اسرهم لاسيما المعلمات.

فأين التنسيق بين مختلف المناطق التعليمية حيث تكون هناك مرونة في عملية النقل?.

** ويضيف د.مازن: المعلمة تفرح في البداية بتعيينها بعد سنوات من الانتظار, وبفضل ذلك ولحاجتها الماسة للوظيفة لأي سبب تنتظر على أمل أن تنقل بعد فترة وجيزة لا تسبب لها مشاكل خاصة اذا كانت زوجة ولديها أبناء وجاء تعيينها في منطقة بعيدة عن مقر اسرتها وعمل زوجها, كأن تكون مقيمة في المدينة مثلا ويأتي تعيينها في احدى قرى جدة فكيف تعمل المعلمة وتعطي في مثل هذه الظروف? وهل الضغط او الطلب الشديد على وظائف التعليم سبب المشكلة? أم ان السياسة (العدوانية) لبعض ادارات التعليم تقف خلف المشكلة. فهناك انطباع سائد لدى الجميع بانه لا توجد سياسة واضحة للتعيين تراعي مصالح المعلم أو المعلمة?..

اتمنى من الاستاذ عبدالله بحكم احتكاكه واطلاعه على مشاكل المعلمين والمعلمات ان يجيبنا على هذه التساؤلات.

** ويواصل د.مازن... سنوات طويلة ونحن نتحدث عن مشاكل تعيين المعلمات في مناطق نائية والصعوبات التي تواجههن عند طلب النقل, ورغم الحوادث المؤلمة التي تتعرض لها المعلمات بحكم تنقلهن عبر طرق وعرة ولمسافات طويلة لم نجد حلاً شافيا لهذه المشكلة التي أثرت سلبا على الحياة الزوجية والاسرية لكثير من المعلمات وأدت الى خراب بعض البيوت وانفصال الزوجة عن زوجها وابنائها لابتعاد الزوجة عن اسرتها أو لعدم قدرة رب الاسرة على لم شملها في مكان واحد.

الوظيفة ليست للموظف

** مداخلة من الاستاذ عبدالله... ضوابط التعيين مرتبطة بحاجة المنطقة, ولو افترضنا مثلا ان عدداً من المعلمين معينون وينتقلون من المنطقة الجنوبية الى الشرقية أو من الشرقية الى الوسطى في تخصص اللغة العربية, وهناك متخرجون هذا العام من جامعة الملك عبدالعزيز وجامعة أم القرى ويرغبون التعيين في جدة.. هل من الأولى في نظركم أن يعين في جدة صاحب الخبرة الذي يمارس العمل منذ ثلاث سنوات في المنطقة الشرقية أم يتم تعيين الخريج الحديث الذي لا يملك الخبرة? اعتقد انكم تتفقون معي في أن يكون صاحب الخبرة هو الاحق بتلبية طلبه, فالوظيفة عندما تحدد فهي ليست للموظف نفسه وانما للمجتمع, واينما كانت يذهب اليها, ومهما فعلت الدولة فلا تستطيع في أي مجال من المجالات أن تلبي وتحقق رغبات الجميع, فهناك غير المعلمين ضباط وقضاة يعملون في أماكن مختلفة وبعيدة عن أماكن اقامتهم الاساسية, ولا يشكون ويؤدون واجبهم على اكمل وجه, ووزارة المعارف عندما تتيح حركة النقل وبهذا الحجم الكبير هدفها تحقيق الراحة النفسية العالمية لصاحب العمل التربوي الجيد, ومثلها مثل أي جهة لا تستطيع ان تحقق ذلك للجميع دفعة واحدة, وانما تبذل كل ما في جهدها لتحقيق رغبات الاغلبية منهم, حيث لا يؤثر ذلك على العملية التربوية وعلى الطلاب أنفسهم الذين هم عماد المستقبل, واذا قارنّا حركة النقل في أي جهة حكومية أخرى فلن نجد جهة تستطيع نقل (11) ألف موظف من موقع الى آخر سنويا مثل وزارة المعارف, وهذا يؤكد ان هذه الوزارة مازالت الباب الاوسع للتوظيف في كل الدوائر الحكومية.

واعود لاقول -والحديث لايزال للاستاذ عبدالله- العقل والمنطق يحتمان أن اعطى الفرصة في حركة النقل لصاحب الخبرة وأتيح فرصة التوظيف في أي موقع للخريج الحديث حتى يكتسب الخبرة.

[ابوفهد]

ويستطرد... واذا اراد كل خريج ان يعين في جدة أو الرياض أو داخل مدينة او منطقة, كيف سيكون الموقف في مدارس القرى أليس من حق أبنائها أن يتعلموا مثل المدن, وأليس ذلك يدعونا لطرح التساؤل مرة اخرى:

هل الوظيفة للموظف أم الموظف للوظيفة?

خدمة الوطن لا تعيقها مسافات

** ويواصل الاستاذ عبدالله.. عندما تفتح الدولة مدرسة في وادٍ من أودية نجران, فان هذه المدرسة ستحتاج بلا شك لمعلمين, وأنت ارتضيت أن تكون معلماً وتحمل أسمى رسالة, ووافقت عند طلب تعيينك أن تكون في هذا الموقع البعيد, فلماذا تأتي بعد ذلك وتحاسب الدولة رغم انها أمنت لك وظيفة كنت بحاجة ماسة اليها (?!!) ولماذا ايضا ترفضها بعد ذلك وتحرم منها من كان ينتظرها وفي حاجة اليها رغم بعدها وتتهم الدولة بالتقصير أعتقد ان الموظف الذي يريد أن يخدم مجتمعه ووطنه لا تعيقه المسافات ولا الصحاري, ويستطيع ان يكيف نفسه ومعيشته وفقا لمصلحة العمل والوطنية ومقتضيات واجبة والمسؤولية التي ارتضى ان يتحملها.

الضغوط والاحتياج

* (عكاظ):

* نتفق الى حد ما مع ما طرحه الاستاذ عبدالله من دفاعات ومبررات ولكن ربما تكون موافقة المعلم او المعلمة على العمل في مدينة أو قرية بعيدة لحاجة ما وتحت ضغط او مؤثرات معينة فلماذا نضع المعلمين والمعلمات في هذا المأزق الذي يؤثر وبلا شك على الطلاب ومستواهم العلمي اذا لم تتوفر لمعلميهم ظروف الاقامة والعمل المناسبة?

** الاستاذ عبدالله.. المعلم تقدم للوظيفة, واطلع على الشروط وقبل بها.. فما ذنب وزارة المعارف?..

احدهم يوافق على التعيين في الليث ولا يعترض, وما أن تمر سنة حتى يطلب نقله الى جدة أو مكة, علما بانه يعلم مسبقاً بأنه لا يوجد مكان له في جدة او ان الاخيرة متخمة بتخصصه, واذا كانت هناك امكانية للنقل ألا يوجد كثيرون قبله أحق بالنقل (وهل تستطيع الوزارة نقل الجميع في سنة واحدة بالطبع لا فهناك أولويات وهناك مصلحة تربوية وتعليمية?

ولماذا يريد الجميع العمل في المدن الكبيرة? ان المسألة بمعطياتها ونتائجها تقتضي منا أن نتعامل بعقلانية ومنطق ونتجاوز العاطفة ونراعي البعد الاجتماعي وحاجة المدن الصغيرة وأبنائها للمعلمين والمعلمات.

الخطأ في بداية التعيين

* (عكاظ):

* وما الحل برأيك يا دكتور مازن وأنت كاتب اجتماعي وعضو مجلس المنطقة بالاضافة الى عضويتك في مجلس التعليم?

** د.مازن: اعتقد ان الحل يبدأ بتعريف المشكلة وتحديدها والمشكلة من وجهة نظري ذات شقين, الأول ان بداية التطبيق لا تخدم المعلم او المعلمة, وينبغي ان يعطي كل منهما أولوية في اختيار المناطق التي يمكن ان يعين فيها ويخدم وطنه بشكل جيد, ورغم وجود الحاسب الآلي الذي ساهم بشكل كبير في اتاحة كل المعلومات والبيانات عن الاحتياجات وحجم الطلب ونوعه إلا اننا لم نستطع حتى الآن تقريب المسافات بين موقع وظيفة المعلم ومسكنه.

** مداخلة من الاستاذ عبدالله.. أنا الآن في مدينة جدة وعندي 500 مدرسة ولا احتاج مستقبلاً في هذه المدارس الا لمئتي (200) معلم فقط, ولكن في قرى جدة احتاج الى 400 معلم, وفي نفس الوقت هناك 200 معلم أصبح لهم الحق في دخول جدة, وهناك 600 من مناطق اخرى يطلبون النقل الى جدة فكيف تحلون معي هذه المشكلة? 1200 معلم دخلوا جدة وما خرج منهم سوى 300 فماذا نفعل اكثر من ذلك.

* ولكن ماذا عن الشق الثاني يا دكتور مازن?

** د.مازن الشق الثاني من المشكلة عدم ثقة الناس بالضوابط واعتقادهم بتدخل الواسطة والمجاملات في حركة النقل, وكسر المحسوبيات لكل المعايير والضوابط التي ذكرتها مثل الخبرة والاحتياج والاولوية وغيرها.

الواسطة .. اتهام مرفوض

** تعقيب من الاستاذ عبدالله: مهما فعلت فلن تستطيع ان تصل الى حد الرضا التام في نقل المعلمين, ويمكن القول اننا وصلنا الآن الى حالة من الرضاء الكبير وليس التام عن الضوابط. وهناك انطباع بان الضوابط الحالية يخضع لها الكل ولا توجد استثناءات, فكل شيء مكشوف حاليا, ويمكن لأي شخص الآن ان يدخل على الانترنت ويشاهد حركة النقل وتسلسله وتسلسل زميله, ومن ثم فان اتهام الوزارة بالخضوع للمجالات والمحسوبيات أصبح مرفوضا, ولا يعني عدم تحقيق الوزارة لرغبة معلم, لا يستحق النقل أن الوزارة تخضع للواسطة ولا تلتزم بالمعايير, فمثل هذا الذي يضرب بالاتهامات يمينا ويساراً مثل صيدة الصقر يجب ألا نستمع له, وخصوصا بعد ان بدأت وزارة المعارف هذا العام على وجه التحديد في تحدي الضوابط وتنفيذها على الجميع ولم شمل الاسرة بالنسبة للمعلمين والمعلمات, فالزوج المعلم والزوجة المعلمة يقدمان استمارة واحدة وننظر في طلب النقل, وقد لا نستطيع نقل زوجته من الليث الى جدة حيث يعمل ويسكن ولكن يمكن ان ننقله اليها, أو ننقلهما معا الى موقع آخر في الطائف مثلا من أجل لم شمل الأسرة.

أصحاب الظروف الخاصة

** ويواصل الاستاذ عبدالله: وهناك لجنة لأصحاب الظروف الخاصة شكلتها الوزارة لبحث ظروف بعض المعلمين الذين يعانون من مشاكل صحية, كغسيل الكلى أو تعب في القلب ويعملون في مواقع بعيدة, فهؤلاء من حقهم على الوزارة أن تنقلهم الى مكان قريب تتوفر فيه المستشفيات ذات الامكانيات التي تساعدهم على التغلب على مشاكلهم الصحية, وهناك من يكون العائل الوحيد لوالديه واسرته وتقتضي الظروف ان يكون بجوارهم وغيرها من الحالات التي تدرسها اللجنة وتستجيب لها لأبعاد انسانية ايمانا منها بان المعلم لا يستطيع ان يقدم عملاً جيداً وخدمة وطنه اذا كانت لديه معاناة يتطلب الواقع رفعها عنه

** مقاطعة من الدكتور مازن.. ولكن اعتقد انك تتفق معي في ان هناك بعض التجاوزات وقعت وانا وأنت لا يمكن لنا أن ندعي اننا قضينا على الواسطة.

شفاعة لا تضر أحداً

** الاستاذ عبدالله: الواسطة التي لا تضر أحداً شفاعة خير وانا اتوسط اليوم وانت تتوسط او تتشفع غدا, دون ان نتخطى المعايير والضوابط او نخرق الانظمة, وأعود لأؤكد لك انه لا توجد استثناءات خارجة عن انظمة العمل أو تؤثر على نفسية الآخرين.

* (عكاظ):

* د.مازن: نعود لنسأل.. ما الحل وكيف نعالج مشكلة المعلم بوظيفة في مكان معين وافق عليه ثم طلبه النقل بعد شهر أو شهرين?

تراكمات سابقة

** د.مازن: المشكلة ليست في قبول الشخص بالوظيفة من مكان بعيد ثم طلبه النقل منها, وانما في التراكمات الزمنية الطويلة التي لم تراع فيها الضوابط ولم تتهيأ فيها فرص التوظيف بالشكل الملائم للاحتياجات والتخصصات, فمن حق أي شاب أو شابة البحث عن وظيفة, وعلينا اذا وظفناه أن نؤمن له وبقدر الامكان سلامة هذه الوظيفة وخاصة بالنسبة للمعلمات, ووضع المرأة الخاص في مجتمعنا, وعلينا أيضا أن نشعر المعلم أو المعلمة بان الضوابط تطبق وتنفذ على الجميع, حيث لا يتم نقل معلمة لم تمضِ على تعيينها سنة أو عدة أشهر في حين تحرم من هذه الفرصة معلمة اخرى أمضت أربع سنوات وأكثر ولم يستجب لطلب نقلها لتستمر مشاكلها الاسرية التي قد تنتهي بالطلاق والانفصال عن زوجها, وأعرف شخصين انفصلا بسبب بعد المكان, وباءت كل محاولاتهما في النقل بالفشل رغم الشفاعة الحسنة, وقد بُذِلَ جهد اكبر في سلامة التعيين من البداية وتمت مراعاة الرغبات والاختبارات وفقا للتوزيع الجغرافي قدر الامكان لتتقلص المشكلة بالتدريج.

سعودة مدارس القرى

** الاستاذ عبدالله الهويمل.. احب ان اشير هنا الى نقطة اخرى مهمة وهي السعودة واحلال المعلمين السعوديين محل المتعاقدين وخاصة في القرى البعيدة بالليث ونجران وحائل, فهذه سياسة وطنية ولابد ان نستجيب جميعا لتحدياتها ومعطياتها, وعندما تقول ان هناك تراكمات سابقة لا تسألني عن حلها الآن جذريا في خلال سنة او سنتين, فالتراكمات تحتاج عملاً تدريجيا طويل المدى بقدر المسافة الزمنية السابقة التي قطعتها, ونحن نعرف الاسباب ولكن لا يمكن ان نلبي للجميع احتياجاتهم في وقت واحد أو في زمن قصير, فأنت تريد وظيفة في مكان محدد تختاره ولكن الواقع يفرض غير ذلك فهل تترك الوظيفة وتجلس بدون عمل أم تقبل بالموقع البعيد حتى تأتيك فرصة النقل, ففي كل بلاد العامل الموظف هو الذي يذهب للوظيفة اينما كانت ولا تأتي هي اليه.

[ابوفهد]

الشفافية والحياد

** د.مازن: اتمنى ان تكون هناك شفافية في المعلومات, فعندما يصدر امر نقل تصدر معه الحيثيات وتعلن للناس اسباب النقل ويتضح لهم ان ذلك رأي لجنة مجتمعة وليس رأي شخص واحد, ومن حق المتضرر التظلم الى هذه اللجنة وليس الوزير, وان كنت افضل ان تسند عملية النقل الى جهة محايدة من خارج التعليم حتى ولو كانت من القطاع الخاص تكون مهمتها وضع الضوابط والمعايير وتنفيذها على الجميع.

** استاذ عبدالله: الشفافية موجودة وعملية النقل هي في الواقع خدمة للكيان التعليمي ذاته, ومن لا تتحقق له رغبة النقل توجه له رسالة من الادارة العامة لشؤون المعلمين موقعة من مدير عام شؤون وزارة المعارف نعتذر فيها عن نقله وتوضح فيها الاسباب, كما يمكنه الدخول على موقع الوزارة على شبكة الانترنت ويعرف موقفه وموقف زملائه. فالمعلمون جميعا يعرفون ذلك جيداً ولا نعاني منهم في أي مشكلة.

مبررات وهمية وتقارير كاذبة

* (عكاظ):

* تقولون انه توجد الآن حالة من الرضاء لدى البعض ولكن الواقع يشير الى وجود معلمات يطلبن النقل وتتوفر فيهن الشروط ولا يجدن استجابة فهناك معلمة تعمل في المدينة المنورة وزوجها في الرياض وأهلها في القصيم ورغم مرور سنوات على طلب النقل الا انها مازالت معاناتها مستمرة, في الوقت الذي يتم فيه نقل اخريات تحت مبررات انسانية وهمية وتقارير طبية غير حقيقية, فمتى يشعر الجميع بانه لا استثناء في الضوابط وان التوجيهات تنفذ دون مجاملات?

** الاستاذ عبدالله: أحب أن أعلق أولاً على ما ذكره الدكتور مازن حول تخصيص جهود محايدة من خارج الوزارة لتنفيذ عملية النقل ووضع ضوابطها ومعاييرها, فأنا لا أفضل ذلك لعدة أسباب أهمها انني من داخل الوزارة سأكون ملماً وعارفا بكل احتياجاتي وبكل عناصر العملية التعليمية والبيئة المدرسية, ولا اعتقد ان اي جهة اخرى مهما كانت قدراتها وامكانياتها لا تستطيع التعامل مع المشكلة افضل مما تتعامل به الوزارة.

* (عكاظ):

* نتفق معك في ذلك, فالضوابط والمعايير موجودة ولكن المهم تطبيقها وتنفيذها?

سلامة الورق غير سلامة التعيين

** مداخلة مرة اخرى من الاستاذ عبدالله..

تحدث الدكتور مازن عن سلامة التعيينات فماذا تقصد بالسلامة?

د.مازن: يجب ان نفرق بين سلامة الورق وسلامة التعيين, فالموظف البيروقراطي كل ما يهمه سلامة الورق الذي يتعامل به, وانا اقول بسلامة التعيين لأن سلامة الانسان مرتبطة بشكل كبير واساسي بمدى نجاحه في مكان التعيين وهل هو مناسب أم لا ينطبق ذلك على المعلم والمعلمة واقصد بسلامة التعيين أيضا سلامة أسرة المعلم وسلامة حياته وكذلك سلامة مرافق الدولة اي يجب ان اوفر للانسان المكان المناسب والقريب منه ولا اتركه يتخبط وأقول هذه مشكلته عليه معالجتها بطريقته الشخصية.

** الاستاذ عبدالله نحن الآن امام طلبات متعددة وذات مشاكل مختلفة ومتباينة من معلم لآخر, ولو افترضنا وجود وظيفة في مدرسة بالعرضية الشمالية أو الجنوبية أو القنفذة وأعلن عنها ولم يتقدم لها أحد من خارج المنطقة وربما داخلها هل تتركها شاغرة, وفي أحيان اخرى تجد نفسك في جدة عندما يتقدم للوظيفة شخص معدله مقبول ويبعد عن مقر المدرسة بضعة كيلومترات قليلة في حين يأتينا شخص آخر من منطقة بعيدة كالرياض معدله ممتاز ويقول أنا أحق بالوظيفة ومستعد لكتابة اقرار لك بأنني أقبل بكل الضوابط والشروط.. فماذا تفعل?

تنمية القرى جزء من الحل

* (عكاظ):

* المشكلة تنقلنا الى جانب آخر وهو تنمية القرى وتزويدها بمختلف الخدمات والمرافق, فلو توفرت في قرانا كل أسباب الراحة والاستقرار ستحل المشكلة, وتبقى مشكلة لم شمل الاسرة الزوج الزوجة والابناء في مكان واحد.

** الاستاذ عبدالله: نعم.. وهذا ما تسعى لتنفيذه وزارة المعارف وقريبا ستصدر حركة منفصلة, ونتمنى ان لا يأتي المعلم ويقول لا.. انقلوا زوجتي عندي في جدة أو في المدينة التي يريدها هو, فنرجو ان يختار كل معلم ثلاثة أو اربعة مواقع حتى تتسنى لنا تلبية رغبته وتقريب زوجته اليه.

مسؤولية القيادة

* (عكاظ):

* كثير من المعلمات يتساءلن عن سر الزامهن بالحضور يوميا بعد انتهاء الاختبارات وظهور النتائج, رغم عدم قيامهن بأي عمل.. فلماذا نكبدهن معاناة كل هذه المسافات الطويلة?

** الاستاذ عبدالله: هذا يرجع للقيادات في المدارس او المؤسسة التعليمية والتربوية, فالبعض يرى ضرورة ان يكون طاقم او فريق العمل متواجداً يوميا, والبعض الآخر يتصرف بقدر ما تملي عليه حاجة الموقع الموجود فيه, ويراعي الجانب الانساني في حدود القانون والانظمة, فما دام العمل مكتملاً او انتهى فالجانب الانساني يحتم من قيادة المدرسة مساعدة المعلمة بعدم حضورها يوميا خاصة اذا كانت تقطع مسافات طويلة كما تقول.

برنامج زمني لحل المعضلة

* (عكاظ):

* ختاماً لندوتنا ماذا لدى الدكتور مازن والاستاذ/ عبدالله?

** اتمنى من كل مسؤول أن يراعي دائما مصلحة المواطن في كل قراراته واعماله, لأنه وجد في موقعه لخدمة المواطن والحفاظ على سلامته ومراعاة ظروفه قدر الامكان وهذه توجيهات قيادتنا الرشيدة, واعتقد ان كثيراً من العقبات يمكن تذليلها بالمرونة التي لا تخترق القانون ولا تتجاوز الانظمة.

كما اتمنى ان نجد حلاً جذريا لمشكلة تعيين المعلمين والمعلمات في المرحلة القادمة, لأنه لا يمكن لأمة حققت هذا الانجاز الحضاري التعليمي في فترة قياسية من عمرها ان تقف عاجزة عن حل مشكلة كهذه تراكمت سنوات طويلة تزيد عن 30 عاما, فالمطلوب الآن من وجهة نظري وضع خطة عمل أو برنامج زمني محدد لحل هذه المعضلة. الاستاذ عبدالله نتمنى ان نكون وانتم عند حسن ظن المواطن, وان نكون في خدمته دائما بما يرضي الله وبما يحقق طموحات القيادة وتوجيهاتها السديدة.

المشاركون في الندوة:

< عبدالله الهويمل -مدير عام التعليم بمنطقة مكة المكرمة

< د.مازن بليلة -الكاتب الاجتماعي وعضو مجلس التعليم