لماذا نريد الانفصال؟

سليمان السكران

لماذا نريد الانفصال؟

التاريخ: 7/18/2002 م

تناقل المجتمع خبر الدراسة التي تقضي بفصل في وزارة المالية والاقتصاد ليضم الاقتصاد إلى وزارة التخطيط وقد كتبت في مقال سابق عن هذا الموضوع مرجعاً في ذلك الوقت موضوع المقال إلى سبب زيادة المصاريف في ميزانية العام الماضي عماكان مخططاً إلى هذه الجزئية بقولي ان هناك ما يسمى في العلوم المالية بمبدأ تضارب المصالح إذ لا يمكن ان يكون الجابي والموزع هو نفس الجهاز. وبالرجوع إلى موضوع فصل الاقتصاد فهو ما هو معمول به في الدول المتقدمة اقتصادياً وما ينادي به الاقتصاديون من واقع تطبيق المبدأ المذكور. فالجهاز الذي يختص بالاقتصاد هو جهاز متفرغ إلى تخطيط التنمية وكيفية توزيع المصادر المالية على اكفأ المنابت التنموية وترتيب أولوياتها. وهو بلاشك لا يتدخل في التوزيع الفعلي لتلك المصادر لكنه متابع لما يخطط ويرسم من سياسات ينتظر ان تكون سياسات ذات جدوى اقتصادية بما ينعكس على اضافات ذات قيمة لقوة الاقتصاد ككل. فالجهاز المعني بالاقتصاد هو جهاز تخطيطي في الأصل إلى حد كبير وهو من واقع تلك الخطط يأمل ان يتم ترجمة هذه الخطط وتفعيلها بالشكل المطلوب. ولذا فهو لا يضع الخطط فقط لكنه يراجع التطبيق ويعمل على موازنة التغييرات المطلوبة في المستقبل وهذا ايضاً من واقع نتائج هذه الخطط. ولذا فالاقتصاد ينتظر منه ان يقوم على ايجاد المصادر التمويلية والكيفية التي يجب ان يتم من خلالها التوزيع بكفاءة وفاعلية. أما المالية فهي أشبه ما تكون بالخزانة التي تقصدها القطاعات المختلفة للمطالبة بمستحقاتها وبالتالي الصرف منها. ولذا درجت الدول إلى تفعيل دور كليهما - الاقتصاد والمالية - لكي يكون هناك نوع من الانضباط في الصرف ومتابعته وفي نفس الوقت صرف الوقت لجهاز متكامل إلى التخطيط للتنمية. وهذا ما تعمل به الشركات والمؤسسات ايضاً إذ توزع المهام المالية على قسمين احدهما يكون مختصاً بالخزانة والآخر بالتخطيط المالي. وفي رأيي اننا تأخرنا كثيراً في تغيير مفهوم المالية والاقتصاد وهذا ربما كان له أثر في نتائجنا المالية وكذا الصورة الكلية للاقتصاد مما خلق نوعاً من القصور حتى طال هذا القصور انحسار دور مؤسسات التخطيط وكذا المؤسسات المعنية ببنوك المعلومات وتوفرها بانية ودقة والذي أرجع فيه إلى ازدياد المشاكل الاستثمارية وغيرها إلى انحسار دور مثل هذه المؤسسات. فقوام الاستثمار سواء الأجنبي أو المحلي مثلاً هو توفر البيئة والمناخ الاستثماري والذي من أبجدياته توفر المعلومات بشكل جيد دون الدخول في متاهات معرفة مصادرها المتعددة والمتباينة. وليس هذا هو أحد الآثار السلبية في التأخر في تقرير المفترض ان يكون بل ايضاً الاستفادة مما يعرف بتداؤب أو تعاون المؤسسة في أعمالها لتخرج بنتائج متميزة فالتخطيط لا يقتصر على ما هو نمطي من القطاعات بل يتعداه ايضاً إلى كل ما ينوب المجتمع مالياً واجتماعياً ولذا فالأدعى ان تقوم المؤسسة المعنية بالتخطيط لأن تشمل ايضاً الاقتصاد والذي هو من أبرز وأهم ما يجب ان يخطط له. وفي ظل غياب صورة واضحة لدور وزارة التخطيط ينتظر ان يكون في اضافة الاقتصاد إليها نوعاً من المسار التصحيحي في عملها. ولعل مبدأ تضارب المصالح وما يعرف بنظرية الوكالة أو مبدأ التداؤب من أهم ما تطبقه المؤسسات أو الشركات وكذا الحكومات في اقتصاداتها وهذا المبدأ ينسحب ليس على فصل وزارة المالية عن الاقتصاد بل ايضاً على بعض من مؤسساتنا خصوصاً الحكومية والتي يجب ان يعاد النظر في الأسلوب الذي تعمل عليه حيث يرجع القصور في ادائها إلى هذا السبب. ولعل قرار الفصل هذا يكون بادرة طيبة لاكمال الصورة التي ننتظرها في إعادة الهيكلة للمؤسسات الحكومية والتي يعمل عليها الآن. فلازالت المؤسسات الحكومية في بعضها تواجه عقبات من أبرزها غياب الوسائل التي يمكن من خلالها تقويم نتائجها وهذا القصور ناتج عن صعوبة أو ربما استحالة التقييم بسبب هياكلها الادارية وأساليب العمل فيها. ولذا فالفصل وإعادة التشكيل لبناءات المؤسسات الحكومية اصبح أمراً ضرورياً لابد ان يواجه بقرارات حاسمة إذا ما كنا ننشد نتائج ايجابية لتلك المؤسسات وتنمية شاملة تطول جميع أركان الاقتصاد. والله من وراء القصد..

@ رئيس قسم المالية والاقتصاد - جامعة الملك فهد للبترول والمعادن