مشكلة الإتصالات قبل التخصيص ..!!

[نديم الشاشة]

مشكلة (الاتصالات)..ما قبل التخصيص..!!

التاريخ: 12/28/2002 م

لا يزال السوق يترقب وضع الاكتتاب في أول مشروعات التخصيص بالمملكة وأهمها، حيث لا يزال الإقبال على أسهم الاتصالات في معدل متدن عن مستواه المتوقع. في الوقت الذي تعد فيه أسهم الاتصالات من أعلى قيم الأسهم في الأسواق، كما هو الحال مع اتصالات الإمارات التى تتنافس في مستواها مع الشركات الخليجية الأكبر مع شركة بحجم سابك، فيما نطاقها الجغرافي يعد محدوداً قياساً بجغرافية المملكة وحجم السوق الداخلي والتعدد السكاني.
لكن الإقبال على أسهم الاتصالات السعودية في الأسبوع الأول من الاكتتاب لا يزال في معدلاته الأقل حتى من حدود التحفظات السابقة، وهو ما يرجعه البعض - نظريا- إلى كون كبار المكتتبين او المعتزمين على شراء حصص كبيرة مما هو مطروح لا يفضلون ربط مبالغ تصل الى عشرات ملايين الريالات وقد تفوقه مقارنة بحجم الأسهم المطروحة طوال مدة الاكتتاب لذا هم ينتظرون لآخر أيام الاكتتاب، وهو تفسير اقرب الى التوقع عند البحث عن أسباب الإحجام في الاسبوع الاول.
فيما يضيف البعض الآخر عامل التوقيت في ظل معطيات اقتصادية وسياسية حرجة ومتغيرة وغير مستقرة في المنطقة مع ارتفاع اللهجة الأمريكية وإنكار وتجاهل عراقي من جانب.. وتكتم في المنطقة!!
وفي سياق الأسباب يمكن لنا سرد عوامل مباشرة او غير مباشرة في هذا الاتجاه هي اقرب الى التوقع او التخمين او التحليل الذي ستبرهن عليه او ترفضة الاسابيع المقبلة ومع دخول الاكتتاب الأسبوع الأخير..!
لكن المراقب للحوارات الجانبية والنقاشات المختلفة بين المهتمين من مستويات اقتصادية واستثمارية عدة، يلحظ أن هناك صورة ذهنية لا تزال عالقة حول شركة الاتصالات وهذا القطاع في المملكة الذى عايش أزمات متتالية إدارية ومالية. وأزمات ثقة حادة في مراحل مختلفة مع المستهلكين لخدماته والمستفيدين منها، يضاف الى ذلك الى رائحة تنبعث بين وقت وآخر حول مشروعات لم تنفذ بدقة او لم تتم وفق معايير تجارية صارمة، في محسوبية وفساد هلامي متحرك داخل هذه المنظمة الضخمة.. شركة الاتصالات السعودية..!
صحيح ان الإدارات المتعاقبة في الشركة تحاول ان تبرز أساليب أكبر عملية وتحديث، وصحيح أن الإدارة الحالية تبذل وسعها منذ وقت لتجاوز تلك الصورة الذهنية، وصحيح أيضاً أن الأسعار شهدت تخفيضات متكررة وإيجابية، لكن لنتذكر أن الشركة الكبيرة جدا والمترامية الأجزاء جدا كانت مطالبة وبشكل كبير بمبادرات إدارية وهيكلية كبرى وحقيقية، وقوانين اكثر صرامة وحدة وشفافية في تعاملاتها الادارية والتجارية، وفي تشذيب إداري للكثير من الوظائف الكبيرة والمتوسطة لدعم المستويات الأقل وليس العكس.
كما أن البناء الداخلى لم يكتمل بشكل لائق قبل إطلاق عملية التخصيص في هذا التوقيت الغريب وغير المستقر.. فما ندركة ان الشركة حاليا تحاول طاقتها لتخليص الإرث القديم من الكثير من المواضيع والبيروقراطية القديمة، لكن شركة بحجم الاتصالات ستحتاج الى سنوات لتستبدل صورة ذهنية غارقة في السلبية في مراحل ماضية، هنا نحن نتحدث عن شركة ضخمة تغطي المملكة العربية السعودية وتمتلك بنية الاتصالات الأساسية.
لكن سهم شركة الاتصالات مساحة جديدة للحوار والاختبار لحالات تخصيص قادمة، حيث أصبح الخيار الآن للمستثمر للاختيار بين المشروعات الناجحة القادرة على حمل قدراتها والتزامه في شراكة نجاح حقيقي تتجاوز الأمنيات إلى التزام كامل وصرامة دقيقة في أدائها اليومي، وفي عملياتها التشغيلية والفنية، حيث العمل في السوق يختلف تمام عن العمل في إدارة حكومية، وحيث الأساس هو تحقيق المكاسب ورعاية مصالح الشركة الخاصة بالمستثمرين، وسط شفافية ونزاهة تبرهن عليها في كل تعاملاتها وإداراتها.. حيث المستثمر هو المحاسب هو صاحب القرار وهو من يترقب ويسأل ويقرر، اعتقاد، أن الكثير من قطاعاتنا الحكومية المتجهة إلى التخصيص بحاجة إلى إعادة تجديد كامل في تكوينها الإداري والتنفيذي، وبحاجة الى حملة علاقات عامة واسعة ومتنوعة لتحسين الصورة الذهنية و(مسح) الصورة القديمة واستبدالها بصورة حديثة قبل إعلان الاكتتاب بوقت كاف.
طبعاً لا أحد يتوقع أن يفشل أول مشروع تخصيص محلي وبهذا الحجم، لكن من المهم انتقاء كل العوائق والسلبيات بدقة ومراجعتها بحذر السوق، لتحقيق نجاحات أخرى مع كل عملية تخصيص منتظرة، الأهم هو مسح الصورة ما قبل التخصيص.

(( ناصر الصرامي ))