ماذا وراء إعادة تشكيل المجلس الأعلى لشؤون البترول

[sami2090]

عكاظ
شؤون اقتصادية ماذا وراء إعادة تشكيل المجلس الأعلى لشؤون البترول
إعادة تقييم جدوى الاستثمارات الخارجية لأرامكو السعودية مهمة يجب أن تحظى بالأولوية

المصدر : د.محمد محمود أحمد شمس (*)


من الأهمية أن ندرك تلك المواكبة الاستراتيجية التى صاحبت إعادة تشكيل المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن فى يوم السبت الموافق الخامس من شهر شوال من عام 1424 الموافق 30 نوفمبر من عام 2003 واتفاقية الغاز المبرمة فى يوم السبت الواحد والعشرين من شهر رمضان المبارك من عام 1424 الموافق 15 نوفمبر عام 2003 أى بعد نحوأسبوعين فقط مع شركة شل البريطانية الهولندية وشركة توتال الفرنسية بالإشتراك مع شركة أرامكوالسعودية. ولعله من السهولة أن ندرك على ضوء هذه المعطيات الجلية أن قطاع البترول السعودى يدنو بخطى حثيثة من موعد مرتقب لهيكلة اقتصادية استراتيجية تبعث فيه روح التجديد وحسن التخطيط لكى تبعده بعد المشرقين من التخبط والعشوائية التى يعانى منها. فالحقيقة أن هذا القطاع يحتاج بكل المعاني إلى دماء جديدة تبعث الحياة فى عروقه وفى شرايينه التى تئن من الهوان ولامست الضمور. هذا القطاع الغني بالثروات الهيدروكربونية التى لم تزغ عنها أبصار العالم طرفة عين والتى تتجلى فى حلى زاهية بأضخم احتياطى بترول خام فى العالم والذى يبلغ نحو270 مليار برميل إضافة إلى رابع أكبر احتياطي غاز فى العالم والذى يبلغ نحو224 ألف مليار قدم مكعب من الغاز .
فمن هذا المنطلق الاستراتيجى يمكن التوقع بثقة تقرب إلى حد كبير من الحقيقة وتبعد مسافات بعيدة عن الخيال بأن استثمارات قطاع البترول الخارجية وأخص بالذكر استثمارات شركة أرامكوالسعودية التى تبلغ قيمتها مليارات الدولارات هى بكل تأكيد تحت مجهر المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن. هذا المجهر الواعي آن له أن يفحص ويمحص التقارير المالية ويحلل ويقيم النتائج الاقتصادية لهذه الإستثمارات الأجنبية ويبقي أويستبعد ما هو صالح للإقتصاد الوطني وللمواطن السعودي الذي هو في أمس الحاجة للوظيفة وللدخل. إنها لمهمة شبيهة فى ظاهرها إلى حد ما بالتخصيص ولكن ليس فى باطنها أومقوماتها أوحتى فى أسلوب تنفيذها إلا أنه فى كلا الحالتين تحرص الدولة على زيادة ناتجها الوطنى من خلال التصرف فى موجوداتها المالية والعينية سواء فى الداخل أوفى الخارج. فمن هذه الاستثمارات الخارجية على سبيل المثال فقط وليس الحصر تلك التى أخذت مواقعها خارج أراضي المملكة العربية السعودية الحبيبة من خلال شركة أرامكوالسعودية مثل مصافي البترول ذات الاستثمارات المشتركة فى أمريكا والفيلبين واليونان وكوريا الجنوبية والتى تكلفت أكثر من عشرة مليار ريال ناهيك عن استثمارات خارجية أخرى بلا حدود فى أراض أجنبية عديدة. وهنا لنا وقفة تترد من خلالها عشرات الأسئلة المحيرة والتى لم نجد لها إجابة لدى مركز استشارات الجدوى الاقتصادية المتخصص فى شؤون البترول والغاز وذلك على ضوء المعلومات الاقتصادية والمالية الغزيرة المتوفرة من واقع التقارير الرسمية لهذه المصافي البترولية.
فالعائد على بعض هذه الاستثمارات الأجنبية يشير إلى وجود خسائر كبيرة ألمت بها لعدة سنوات والبعض الآخر لم يحقق تلك الربحية المتوقعة نتيجة للمخاطر الاقتصادية والمالية وكذلك القانونية التى تحف بها من كل جانب. فالعجب كل العجب!!! كيف تم اختيار هذه الإستثمارات الأجنبية? وما هى الأسس الاقتصادية والفنية التى على ضوئها تمت الجدوى الاقتصادية لها? ومن قام بدراسات الجدوى الإقتصادية? ولماذا لم يتم التخلص بالبيع من تلك الإستثمارات التى أصابتها الخسائر من كل جانب خاصة بعد الأزمة المالية الآسيوية الخطيرة التى أطاحت بالعملات الآسيوية? وهل أحيط مجلس إدارة أرامكوعلما بما تحتويه التقارير الإقتصادية السنوية والنصف سنوية لهذه الإستثمارات بخصوص الإيرادات والتكاليف والأرباح والخسائر? وهل تمت دراسة جدوى اقتصادية مقارنة لإمكانية إقامة واحدة أوأكثر من هذه الإستثمارات الأجنبية داخل حدود المملكة العربية السعودية الجغرافية بدلا من خارجها? هل تم تحليل ودراسة وتقييم العائدات الاقتصادية والاجتماعية المحلية لهذه الاستثمارات مثل أثرها على معدل البطالة والناتج الوطني وميزان المدفوعات إذا أقيمت بالرياض أوجدة أوبالدمام? وهل كان دور شركة أرامكوالسعودية دور الممول فقط أوماذا وما الفائدة منه? وكم من السعوديين يعملون فى هذه المصافي البترولية الأجنبية ? هل هو واحد أو اثنين أوثلاثة أوأكثر من ذلك? فالمعلومات المؤكدة تفيد بأنه بالرغم من التمويل السعودي الضخم فى هذه الإستثمارات فإن عدد السعوديين الذين يعملون فى كل واحدة من مصافي البترول الأجنبية المشتركة لا يزيد عددهم عن أربعة موظفين سعوديين فقط من شركة أرامكو. فلماذا تم تجنب العمالة الوطنية فى استثمارات تمويلها سعودي?
إن موافقة حكومة المملكة العربية السعودية على إقامة استثمارات خارجية وإعطاء الضوء الأخضر لتمويلها من قبل شركة أرامكوالسعودية أوأي شركة أخرى لا يعني عدم دراسة جدواها الاقتصادية والاجتماعية ولا يعني عدم الاهتمام بتقييم نتائجها وأرباحها وخسائرها. إن احتمالات إصابة أحد هذه الإستثمارات بالخسائر أمر في حقل الإقتصاد وعرف الاقتصاديين وارد بدون شك ولكن المصيبة الكبرى تنبع من الانغماس المستمر فى هذه الخسائر أوإنكار حقيقتها واللامبالاة بأهميتها للاقتصاد الوطني والمواطن السعودي. فكم من عمالقة الشركات الأجنبية أصابتها الخسائر وأحاطت بها الديون والالتزامات المالية من كل صوب لكنها إتخذت القرار المناسب بكل شفافية وأعلنت خسائرها أمام جميع المسؤولين ثم أعيد هيكلة إداراتها وخططها الاقتصادية فنجحت وعوضت خسائرها.
من أجل ذلك يجب أن نرحب كل الترحيب وبحرارة شديدة كما ونقول بكل صراحة مرحبا وألف مرحبا بإعادة تشكيل المجلس الأعلى لشؤون البترول والمعادن وبأعضائه الجدد ونرحب أيضا أحر الترحيب بمبادرة الغاز التى تمت وغيرها من المبادرات الاقتصادية التى فى طريقها لرؤية نور التخطيط السليم وروعة المهارة الإدارية وتجنب ظلمة التخبط والعشوائية.
نرحب بشركة شل البريطانية الهولندية وشركة توتال الفرنسية وغيرها من الشركات العملاقة من مختلف دول العالم الصديقة فى حقل البترول والغاز وحقول أخرى عديدة ونؤكد لهم ونطمئنهم بسلامة البيئة الإستثمارية السعودية وحرص الدولة على الأمن والأمان فلا مكان للإرهاب هنا وندعوهم لمشاركتنا فى تنمية اقتصادنا الوطني السعودي وبطبيعة الحال فى الأرباح.

(*) رئيس مركز استشارات الجدوى الاقتصادية والإدارية
dr.shams@sps.net.sa

[ابوزرع]

عسى يكون فيه خير