سأكتتب في شركة البحر الأحمر

[د. عبدالرحمن البراك]

كثر الجدل في الأيام القليلة الماضية وكثرت الاستفسارات الشخصية عن جدوى الاكتتاب في شركة البحر الأحمر وعن عدالة علاوة الإصدار الخاصة بهذا الطرح بالذات. وللأمانة العلمية والمهنية الصرفة رأيت أن أكتب مقاله تبين مرئياتي في هذا الطرح.
في البداية يجب التنويه بأن طرح الشركة للاكتتاب العام هو ليس غاية بل وسيلة تمويلية تساعد الشركة على تحقيق الغاية الأساسية التي قامت وأسست من أجلها. طرح الأسهم للاكتتاب العام هو بمعنى آخر بيع الشركة أو الملاك لحصة من أسهمهم لأشخاص آخرين بسعر عادل ومتفق عليه لدى الطرفين. هذا السعر يختلف باختلاف عوامل ومتغيرات عديدة من أهمها طبيعة نشاط الشركة ومدى قوة مركزها المالي. ففي حالة الشركات تحت التأسيس، لا يجد جميع الأطراف صعوبة في تحديد السعر العادل للسهم فيباع السهم على أساس القيمة الاسمية فقط بسبب بسيط هو أن الشركة لا تملك اسما وعلامة تجارية، أرباحا سنوية، احتياطيات، خبرة إدارية.... إلخ. أما في حالة الشركات القائمة والمؤسسة من وقت طويل، فتختلف العوامل المذكورة آنفاً باختلاف الشركة. لذلك إذا رغب الملاك في بيع أسهمهم فيجب تعويضها عن تنازلهم عن حصصهم في الأرباح الحالية والمستقبلية، الاحتياطيات، الاسم والسمعة التجارية، خبرة الشركة عن طريق الدفع لهم قيمة مضافة على القيمة الاسمية، التي تسمى علاوة الإصدار (Premium). أما تحديد قيمة علاوة الإصدار أو السعر العادل للسهم فيكون عن طريق بعض المعادلات المالية، التي تقيم السعر المنطقي والمقبول للسهم عند الطرح. ومن أكثر هذه المعادلات شيوعاً طريقة صافي القيمة الحالية للتدفقات النقدية المستقبلية، ومضاعف الربحية. أما طريقة احتساب هذه المعادلات فتعتمد وبشكل أساسي على ربحية السهم الواحد. لذلك فالمحدد الرئيسي لتقييم السعر العادل للسهم هو وبكل بساطة نصيب السهم من الأرباح المحققة.
كم تعجبت في هذه الأيام من شن حرب غير مبررة في بعض وسائل الإعلام على شركة البحر الأحمر وعلى الجهات الحكومية المعنية من بعض الإخوة المحللين. للأسف الغالبية العظمى من النقاط والاتهامات ليس لها أي مبرر علمي ولا منطقي. بل تنم عن مغالطات علمية وفكرية في الإجراءات الحكومية وفي الطرق العلمية لتقييم الشركات.
أولاً: ادعى البعض بأن سعر الطرح المحدد من قبل الشركة وهيئة السوق المالية مبالغ فيه ولا يعكس السعر العادل للسهم. ولكن عند الرجوع وقراءة نشرة الإصدار وتحليل الشركة ماليا يتضح أن السعر منطقي ومقبول ماليا وذلك لعدة أسباب من أهمها:
ربحية السهم 3.8 ريال أي أن مضاعف ربحيتها 15 مرة وهذا الرقم منطقي عند مقارنته بمتوسط مضاعف ربحية الأسهم في السوق المحلية والإقليمية، معظم النسب المالية مثل هامش صافي الربح، نسب التداول، ونسب القروض تظهر أن وضع الشركة جيد مالياً. فعلى سبيل المثال صافي الأرباح من مبيعات الشركة 27 في المائة وهذه النسبة مرتفعة لو قارناها بباقي الشركات المدرجة في سوق الأسهم، الطلب المتزايد على منتجات الشركة في السنوات المقبلة، خبرة الشركة، التي يمكن تلمسها من خلال النجاحات المحققة بشكل سنوي، تنوع فروع الشركة إقليميا وهذا يساعد على توازن المبيعات وتخفيض نسبة المخاطرة.
ثانياً: هاجم البعض هيئة السوق المالية بعدم نشر قوائم الشركة للسنوات السابقة، بينما في الحقيقة وعند قراءه نشرة الإصدار المفصلة الخاصة بالشركة - المتضمنة 161 صفحة - نجد أن الشركة قد قامت بنشر القوائم المالية لآخر ثلاث سنوات وكذلك قامت بوضع التوقعات المالية والاقتصادية المستقبلية للشركة. فليس من المنطق الاعتقاد بأن يتم السماح للشركة بالتحول دون الإفصاح عن قوائمها المالية فإجراءات التحول في المملكة العربية السعودية من أعقد وأصعب الإجراءات على مستوى العالم. هذا التعقيد جاء نتيجة لخوف وزارة التجارة سابقا وهيئة السوق المالية حاليا بأن يتم طرح شركات للاكتتاب العام وهي لا تستحق.
ثالثاً: انتقد البعض فكرة طرح 30 في المائة فقط من رأسمال الشركات عند الاكتتاب وطالبوا بزيادة نسبة الطرح، صحيح أن زيادة نسبة الطرح ستساعد على الحصول على نسبة أكبر من الأسهم المخصصة للفرد ولكن من منظور مالي فإن زيادة طرح أكثر من 50 في المائة من أسهم الشركة ليست بالقرار السليم ولعدة اعتبارات، منها: طرح نسبة عالية عند الاكتتاب يعني أن الهدف من التحول هو الخروج من الشركة وبيعها للآخرين (Exit Strategy) مما سينعكس سلبا على حجم الإقبال على الأسهم المطروحة.
استمرارية استحواذ الملاك الأساسيين على النسبة الكبرى من أسهم الشركة تجعلهم يستمرون في العمل وبكل إخلاص لإنجاح الشركة لأنهم وبكل بساطة المستفيد الأول من هذا النجاح. أما إذا حدث العكس وقام الملاك ببيع 70 في المائة لجمهور واحتفظوا بالباقي وهو 30 في المائة مثلاً فهذا يؤدي إلى عدم وجود صاحب مصلحة عظمى في نجاح الشركة مما ينعكس سلبا على أدائها.
وفي الختام، أحب التوضيح بأني لم أعرف شركة البحر الأحمر إلا من خلال إعلان هيئة السوق المالية في الشهر الماضي، الذي بيّن أنها ترغب في طرح أسهمها للاكتتاب العام. لذلك وبكل صدق وأمانة ليس لي مصلحة من قريب أو من بعيد في هذا الاكتتاب. ما دعاني للكتابة هو فقط اهتمامي البالغ بإنجاح فكرة تحول الشركات الخاصة إلى عامة والتي قضينا سنوات عديدة ونحن نحاول ندرس ونقنع جميع الأطراف المعنية بأهميتها وفوائدها الإيجابية الجمة على الاقتصاد الوطني وعلى مستوى دخل المواطن. لذلك هذا الهجوم العشوائي غير المبرر- من غير المتخصصين في الغالب - سيقوض هذا التوجه ويحد من زيادة عدد الشركات الراغبة في التحول. وكم أتمنى من كل شخص يرغب في الانتقاد أو تقديم مقترح مالي أو اقتصادي أن يتمهل ويفكر قليلا في سلبيات هذا المقترح قبل إيجابياته ومدى تأثيره في اقتصادنا الوطني.

د. عبد الرحمن محمد البراك - أستاذ العلوم المالية المساعد- جامعة الملك فيصل
www.barrak.com

المقال نشر في جريدة الاقتصادية:
http://www.aleqtisadiah.com/news.php?do=show&id=38726

[هايم في الاسهم]

بارك الله فيك ....

محتاجين ناس مثلك تتكلم بالواقع وليس كلام من فراغ ....

[موعد]

حسم الأمر في الموضوع بعد أن أفتى فيه دكتور الإدارة المالية عبدالرحمن البراك ..المتخصص في تحول الشركات

شكراً لك دكتور ..تحياتي لشخصك الكريم .

[ماجد ربوعي]

شكرا للتوضيح

اخوك

[قناص خطير]

بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا" استاذ عبد الرحمن على هذا الطرح الرائع

[ابوصقرالعنزي]

لك ان تكتتب بدون اعلان ذلك

قلت شركاتنا الوطنيه لنكتتب في شركات انتمائاتها خارجيه

تحياتي

[الاقزل]

نشكر على هالتوضيح يا د. عبد الرحمن وبارك الله لنا ولك فيما اعطى وباذن الله مكتتبين في البحر الاحمر.

[سهم777]

وبكا صدق لقد استفدت من هذا المقال أكثر من أي مقال قرأته عن الشركة وما أكثر ماقيل

جزاك الله خيرا يا دكتور وبارك الله فيك

[أبو طه]

بسم الله الرحمن الرحيم
شكرا" استاذ عبد الرحمن على هذا الطرح الرائع

[bosaleh]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وفقك الباري وبارك فيك
مشكور يادكتور عبدالرحمن على هذا التوضيح