الإستبداد والمجد

[سهم الساحة]

من الحكم البالغة للأقدمين قولهم (الإستبداد أصل لكل فساد)

فالاستبداد يضغط على العقل فيفسده،ويلعب بالدين فيفسده،ويحارب العلم فيفسده ، كيف يغالب الاستبداد المجد فيفسده ويقيم مكانه التمجد.

فالمجد هو احراز المرء مقام حب واحترام فى القلوب ،وهو مطلب طبيعى شريف لكل انسان ،لايترفع عنه نبى أو زاهد ،ولا ينحط عنه دنى أو خامل، للمجد لذة روحية تقارب لذة العبادة عند المتفانين فى الله ،وتعادل لذة العلم عند الحكماء،وتربو على لذة امتلاك الارض مع ثمرها عند الامراء،وتزيد على لذة مفاجأة الاثراء عند الفقراء،ولذا يزاحم المجد فى النفوس منزلة الحياة.

والمجد لاينال الا بنوع من البذل فى سبيل الجماعة ،وهذا البذل اما بذل مال للنفع العام ،ويسمى مجد الكرم وهو أضعف المجد ،أو بذل العلم النافع المفيد للجماعة،ويسمى مجد الفضيلة،أو بذل النفس بالتعرض للمشاق والاخطار فى سبيل نصرة الحق وحفظ النظام،ويسمى مجد النبالة،وهذا أعلى المجد .

والحاصل أن المجد هو المجد ،محبب للنفوس لاتفتأ تسعى وراءه وترقى مراقيه ،وهو ميسر فى عهد العدل لكل انسان على حسب استعداده وهمته ،وينحصر تحصيله فى زمن الاستبداد بمقاومة الظلم على حسب الامكان .

وعكس المجد هو التمجد ،والتمجد خاص بالادارات المستبدة وهو القريب من المستبد بالفعل كالاعوان والعمال ،أو بالقوة كالملقبين بالدوق والبارون ،والمخاطبين بصاحب المعالى ورب الصولة،أو المتفاخرين بالاوسمة والنياشين .

وبتعريف آخر التمجد هو أن ينال المرء جذوة نار من جهنم كبرياء المستبد ليحرق بها شرف المساوة فى الانسانية .

وبوصف أجلى وأوضح ،هو أن يتقلد الرجل "سيفا" من قبل الجبار يبرهن به على انه جلاد فى دولة الاستبداد ،أو يعلق على صدره "وساما" يستبيح له العدوان فى قرارة نفسه ،وبعبارة أوضح ،هو أن يصير الانسان مستبدا" صغيرا" فى كنف المستبد الاعظم .

فالحكومة الحرة التى تمثل عواطف الامة تأبى كل الاباء الاخلال بالتساوى بين الافراد الا لفضل حقيقى ،فلا ترفع قدر أحد منها الا رفعا" صوريا"أثناء قيامه فى خدمتها ،وذلك تشويقا له على التفانى فى الخدمة ،كما لاتميز أحدا"منها بوسام أو تشرفه بلقب الا ماكان علميا" أو ذكرى لخدمة مهمة وفقه الله اليها ،وبمثل هذا يرفع الله الناس بعضهم فوق بعض درجات فى القلوب لا فى الحقوق .

المتمجدون يريدون أن يخدعوا العامة،وما يخدعون الا نسائهم اللاتى يكثرن فى الكلام بين عجائز الحى بأنهم كبار العقول وكبار النفوس ،أحرار فى شئونهم لا يزاح لهم نقاب ،ولا تصفع لهم رقاب ،فيحوجهم هذا المظهر الكاذب الى تحمل الاساءات والاهانات التى تقع عليهم من المستبد ، بل تحوجهم الى الحرص على كتمها ،بل على اظهار عكسها ،بل على مقاومة من يدعى خلافها ،بل على تغليط أفكار الناس فى حق المستبد ،وابعادهم عن الاعتقاد أن المستبد من شأنه الظلم .

وهكذا يكون المتمجدون" أعداء للحق أنصارا للجور" ،لادين ولا وجدان ولا شرف ولا رحمة ،وهذا مايقصده المستبدون من ايجادهم والاكثار منهم ،ليتمكن بواستطتهم من أن يغرر الامة على اضرار نفسها تحت اسم منفعتها ، فيسوقها "مثلا" الى حرب اقتضاها محض التجبر والعدوان على الجيران فيوهمها أنه يريد نصرة الدين ،أو يسرف بالملايين من أموال الامة فى ملذاته وتأييد استبداده باسم حفظ شرف الامة وأبهة الحكم ،أو يستخدم الامة فى التنكيل بأعداء ظلمه باسم انهم أعداء لها ،أو يتصرف فى حقوق الدولة والامة كما يشاؤه هواه باسم أن ذلك من مقتضى الحكمة والسياسة .

والخلاصة : أن المستبد يتخذ المتمجدون سماسرة لتغرير الامة باسم خدمة الدين ،أو حب الوطن ،أو توسيع الدولة ،أو تحصيل منافع عامة ،أو مسؤولية الدولة،أو الدفاع عن الدولة ،والحقيقة أن كل هذه الدواعى الفخيمة العنوان فى الاسماع والاذهان ،ماهى الا تخييل وأوهام يقصد بها رجال الحكومة تهييج الامة وتضليلها حتى انه لا يستثنى منها الدفاع عن البلاد ،لانه مالفرق على أمة مأسورة لزيد أن يأسرها عمرو .؟؟؟

وما مثلها الا الدابة التى لا يرحمها راكب مطمئن ،"مالكا كان أو غاصبا".

المستبد ،لا يستغنى عن أن يستمجد بعض أفراد من ضعاف القلوب الذين هم كبقر الجنة لا ينطحون ولا يرمحون ،يتخذهم كالبائع الغشاش على أنه لا يستعملهم فى شىء من مهامه ،فيكونون لديه كمصحف فى خمارة ،أو كسبحة فى يد زنديق ،وربما لا يستخدم بعضهم أحيانا " فى بعض الشئون تغليطا" لاذهان العامة فى أنه لا يتعمد استخدام الاراذل والاسافل فقط ،ولهذا يقال أن دولة الاستبداد دولة بله وأوغاد .

المستبد يجرب أحيانا " فى المناصب والمراتب بعض العقلاء الاذكياء أيضا" ،اغترارا منه بأنه يقوى على تليين طينتهم وتشكيلهم بالشكل الذى يريد فيكونوا له أعوانا خبثاء ينفعونه بدهائهم ،ثم هو بعد التجربة ،اذا خاب ويأس من افسادهم ،يبادر الى ابعادهم أو التنكيل بهم ،ولهذا لايستقر عند المستبد الا الجاهل العاجز الذى يعبده من دون الله ،أو الخبيث الخائن الذى يرضيه ويغضب الله .


منقول للفائدة

.

[( ابوخالد )]

الله ييسر لنا طريق " المجد " ..
ويبعد عنا كل مستبد ..

شكرا على النقل المفيد أخوي " سهم الساحة " ..

[مشعل عبدالعزيز]

الأستبداد هو أساس الفساااااااااااد ... والسبب وجود فئة كبيره من المنافقين يمدحونهم مقابل حفنة من المال ... وكلما مدحوا سادوا وفسدوا وأفسدوا... وبالتالي يتعالون على الناس ... بمسميات الحرية والدين والإصلاح ووو .


والمجد هو القمة .. ولا يناله شخص واحد بل تناله الأمه أجمع أو دولة بكاملها وليس المجد لأشخاص فقط