للتسجيل اضغط هـنـا
أنظمة الموقع تداول في الإعلام للإعلان لديـنا راسلنا التسجيل طلب كود تنشيط العضوية   تنشيط العضوية استعادة كلمة المرور
تداول مواقع الشركات مركز البرامج
مؤشرات السوق اسعار النفط مؤشرات العالم اعلانات الشركات الاكثر نشاط تحميل
 



العودة   منتديات تداول > المنتديات الإدارية > اســــتراحـة الــــمســاهــمين



إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 17-10-2003, 03:38 PM   #1
مهدي
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2003
المشاركات: 813

 

افتراضي " قصة عجيبة ... لثبات امرأة !!!

يقول صاحب القصة :
سافرت إلى مدينة جدة في مهمة رسمية .. وفي الطريق فوجئت بحادث سيارة .. ويبدو أنه حدث لتوه .. كنت أول من وصل إليه .. أوقفت سيارتي واندفعت مسرعاً إلى السيارة المصطدمة ..

تحسستها في حذر .. نظرت إلى داخلها .. أحدقتُ النظر .. خفقات قلبي تنبض بشدة .. ارتعشت يداي .. تسمَّرت قدماي .. خنقتني العبرة ..


ترقرقت عيناي بالدموع .. ثم أجهشت بالبكاء .. منظر عجيب .. وصورة تبعث الشجن ..

كان قائد السيارة ملقاً على مقودها .. جثة هامدة .. وقد شخص بصره إلى السماء .. رافعاً سبابته .. وقد أفتر ثغره عن ابتسامة جميلة .. ووجهه محيط به لحية كثيفة .. كأنه الشمس في ضحاها .. والبدر في سناه

العجيب " والكلام ما يزال لصاحب القصة " .. أن طفلته الصغيرة كانت ملقاة على ظهره .. محيطة بيديها على عنقه .. ولقد لفظت أنفاسها وودعت الحياة ..

لا إله إلا الله .. لم أرى ميتة كمثل هذه الميتة .. طهر وسكينة ووقار .. صورته وقد أشرقت شمس الاستقامة على محياه .. منظر سبابته التي ماتت توحّد الله .. جمال ابتسامته التي فارقت بها الحياة .. حلّقت بي بعيداً بعيداً ..

تفكرت في هذه الخاتمة الحسنة .. ازدحمت الأفكار في رأسي .. سؤال يتردد صداه في أعماقي .. يطرق بشدة .. كيف سيكون رحيلي !! .. على أي حال ستكون خاتمتي !! ..

يطرق بشدة .. يمزّق حجب الغفلة .. تنهمر دموع الخشية .. ويعلو صوت النحيب .. من رآني هناك ضن أني أعرف الرجل .. أو أن لي به قرابة .. كنت أبكي بكاء الثكلى .. لم أكن أشعر بمن حولي !! ..

ازداد عجبي .. حين انساب صوتها يحمل برودة اليقين .. لامس سمعي وردَّني إلى شعوري .. " يا أخي لا تبكي عليه إنه رجل صالح .. هيا هيا .. أخرجنا من هناك وجزاك الله خيرا "

إلتفتُ إليها فإذا امرأة تجلس في المقعدة الخلفية من السيارة .. تضم إلى صدرها طفلين صغيرين لم يُمسا بسوء .. ولم يصابا في أذى ..
كانت شامخة في حجابها شموخ الجبال .. هادئة في مصابها منذ أن حدث لهم الحدث !! ..

لا بكاء ولا صياح و عويل .. أخرجناهم جميعاً من السيارة .. من رآني ورآها ضن أني صاحب المصيبة دونها ..

قالت لنا وهي تتفقد حجابها وتستكمل حشمتها .. في ثباتٍ راضٍ بقضاء الله وقدره .. " لو سمحتم أحضروا زوجي وطفلتي إلى أقرب مستشفى .. وسارعوا في إجراءات الغسل والدفن .. واحملوني وطفليَّ إلى منزلنا جزاكم الله خير الجزاء " ..

بادر بعض المحسنين إلى حمل الرجل وطفلته إلى أقرب مستشفى .. ومن ثم إلى أقرب مقبرة بعد إخبار ذويهم ..

وأما هي فلقد عرضنا عليها أن تركب مع أحدنا إلى منزلها .. فردّت في حياء وثبات " لا والله .. لا أركب إلا في سيارة فيها نساء " .. ثم إنزوت عنا جانباً .. وقد مسكت بطفليها الصغيرين .. ريثما نجلب بغيتها .. وتتحقق أمنيتها .. إستجبنا لرغبتها .. وأكبرنا موقفها ..
مرَّ الوقت طويلاً .. ونحن ننتظر على تلك الحال العصيبة .. في تلك الأرض الخلاء .. وهي ثابتة ثبات الجبال .. ساعتان كاملتان .. حتى مرّت بنا سيارة فيها الرجل وأسرته .. أوقفناهم .. أخبرناه خبر هذه المرأة .. وسألناه أن يحملها إلى منزلها .. فلم يمانع ..
عدت إلى سيارتي .. وأنا أعجبُ من هذا الثبات العظيم ..

ثبات الرجل على دينه واستقامته في آخر لحظات الحياة .. وأول طريق الآخرة ..

وثبات المرأة على حجابها وعفافها في أصعب المواقف .. وأحلك الظروف .. ثم صبرها صبر

الجبال .. إنه الإيمان .. إنه الإيمان .. " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء "
" انتهى كلامه وفقه الله تعالى "

الله أكبر .. هل نفروا في هذه المرأة صبرها وثباتها .. أم نفروا فيها حشمتها وعفافها .. والله لقد جمعت هذه المرأة المجد من أطرافه ..
إنه موقف يعجز عته أشداء الرجال .. ولكنه نور الإيمان واليقين ..
أي ثباتٍ .. وأي صبرٍ .. وأي يقين أعظم من هذا !!!

وأني لأرجو أن يتحقق فيها قوله تعالى " وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون "

"
مهدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-2003, 03:41 PM   #2
مهدي
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2003
المشاركات: 813

 
افتراضي "( وَلتكُن مِنكُم أُمّة يَدعُونَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ ا

اليــوم هــو أخـــر يـــوم فــي حيــاتــي

"( وَلتكُن مِنكُم أُمّة يَدعُونَ إلى الخَيرِ ويَأمُرُونَ بِالمعرُوفِ وَيَنهونَ عَنِ المنكَرِ وأُولئك هُمُ المفلحِونَ ) ( كُنتُم خَيرَ أُمّةٍ أُخرِجَت لِلنَّاسِ تَأمرُونَ بِالمعرُوفِ وَتَنهونَ عَنِ المُنكَرِ وتُؤمِنونَ بِاللهِ ) وقال عليه السلام : « قوام الشريعة الاَمر بالمعروف والنهي عن المنكر واقامة الحدود » هذا ما تعلمته عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .. لكن لم أتوقع ذات يوم بان تكون لهذه الجملة قصه كهذه معي أبدا .. وخاصة إنني كنت أخشى دائما عندما أرى فتاه ترتكب معصية بان اقترب منها وأحدثها عن ذلك .. لا لشيء سوى من إنها تحرجني بقولها "دعيني لا شانك لكي بذلك " أو " ومن سمح لك ان تتدخلي فيما لا يعنيك " وما شابه من الكلمات التي تشعرك بالإحراج .. فكنت دائما بين صراعين بان افعل أو لا أفعل .. بين الصمت أو القول إلى أن مررت بتجربة التي من بعدها بدأت العزم على أن أحــــــــارب الشيـــــطان وانفـــــــذ رغبـــــــــة الرحمــــــــــن ...

فرغم الحزن الذي يطغي على تلك التجربه من خارجها ..لكنها من الداخل مفرحة جدا .. ومن تلك اللحظة أصبحت لدي القدر على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.. دون أن اشعر باني متطفلة .. فبالعكس شعرت وكأني أجاهد في سبيل أن أحارب هذا المنكر .. وان كنت سأضرب وليس فقط أن اسمع عدة كلمات مجرحة ومحرجه فــــي الدنيــــا تؤذينـــــي لكنهــــا فــــي الأخــــــــره ترفعنـــــي درجــــــات ودرجــــــات هذه قصة فتاة لم اعرفها جيدا إلا بعد مماتها رحمك الله يا هــــــــدى أسكنك الله فسيح جناته اخبرني أخي بأنه هناك فتاه اتصلت بي .. وتركت اسمها ورقم هاتفها مع رسالة تقول " ارجوا الاتصال ظروري " ... وعندما نظرت إلى الرقم والاسم .. تعجبت فأنا لا اعرف أحدا بهذا الاسم .. ونظرت لساعتي فوجدت انه الوقت متـأخرا للاتصال بها فقررت أن اتصل في الغد .. وأنا احدث نفسي هكذا وأذ بأمي تناديني وعندنا ذهبت إليها أشارت إلى الهاتف بأنه لي مكالمة تلفونية وعندما تحدثت وأذ بها الفتاه ذاتها التي هاتفتني سابقا .. وبعد أن اعتذرت عن اتصالها بي في وقت متأخر متعللة بأنه الأمر ظروري جدا وقد تأجل بما فيه الكفاية ... فسألتني إن كنت متفرغة في الغد لكي تقوم بزيارتي .. فوافقت فحددنا ساعة الزيارة ... وبعد انتهائي لم أجد نفسي إلا وأنا امتزج بالدهشة .. والحيرة .. وأيضا الخوف .. فصوتها كان حزينا جدا .. وكأنه أمرا كبير قد وقع . وفــــي والساعة المحدد أتــــت .. وبعـــــد أن جلسنــــا وعرفتني باسمهـــــا حنـــــــان .. فتاه تكبرني بأعوام .. عينيها ذابلتان .. لباسوها السواد ... وصوتها حزين ومتقطع ... ومرهقة جدا .. انتظرتها تحدثني لكنها كانت تجد صعوبه في الحديث .. لا اعرف لماذا ..هل هو حزنها أم الرهبة من المكان .. ام ماذا .. لا اعرف .. لذا فضلت أن أبدا بالسؤال عن من تكون .. وما هو الأمر الظروري الذي لا يتحمل التأجيل ...؟؟ بعد لحظات صمت رفعت عينيها بعيني وإذ أرى دموع تهم بالسقوط .. وهي تمد يدها في حقيبتها لتخرج رسالة .. نظرت إلى الرسالة مليا ثم قبلتها .. ثم بعد ذلك وضعتها في يدي .. وأنا في كل مره أجد نفسي أغـــــوص وأغـــــوص في حيرتــــي .. سألتها " ما هذه. ؟؟ " فأجابتني "هذه رساله من اختها هــــــــدى " فأجبتها باستغراب " أختك هــــــــدى ..!! لكني لا اعرف أحدا بهذا الاسم .. ولما لم تأتى معك بدلا من ان تكتب لي رسالة ..؟؟ " فجاوبتني بسيل من الدموع .. لم تتوقف إلا لاحقا وبعد عناء كبير مني في محاولة مني لتهدئتها .. سكت لأترك لها مجال لتجمع أفكارها وتبدأ الحديث .. دقائق لكنها كانت بالنسبة لي ساعات .. فقالــــــت... :- "أختي هـــــــــــدى تعرضت لحادث سياره منذ ستة اشهر .. أدى لحدوث كسور ورضوض كثيره في جسدها .. وبعد مكوثها شهر بالمستشفى وعدة أيام أصيبت بنزيف حاد أدى إلى وفاتها .. وقبل موتها كانت قد طلبت مني أن أسلمك هذه الرسالة التي كتبتها وهي بالمستشفى ... واعذريني لتأخري .. لكن لهول الصدمة ولفقداني أختي الصغيرة والوحيدة .. جعلني طريحة الفراش لفترة من الزمان .. لم أتمالك صحتي إلا الآن .. وكان أول شئ افعله هو الاتصال بك لتسلميك الرسالة .. ولا أنكر إنني تعجبت سر اهتمام أختي هــــــدى وهي طريحة الفراش بهذه الرسالة وأهمية وصولها إليك .. !! فسالت في حينها " هـــــــــــدى حبيبتي من هذه الفتاه .. وما سر إصرارك بتسليمها هذه الرسالة .. ؟؟" فأجابتني " عبيـــر هذه الفتاه بلعبـــــه أنقذتنـــــي مــــن النــــــــار " .. فسألتها " كيف لم افهم ؟؟ " .... لكني لم أتلقى أجابه .. فهي بالكاد كانت تتحدث .. لكن عينيها كانت تنتظر مني بان أعاهدها بان أوصل هذه الرسالة إليك .. فقلت لها " اطمئني سأفعل ذلك .. وستكونين أنتي أيضا معي لنسلمها سويا " وابتسمت لها وعيناي تبكيان داعية .. بان يحقق الله لي رغبتي الأخير .. ويشفى أختي الصغيرة .. لكن أراد الله فوق كل شيء .. رحلت وتركتني وحيده يتيمه رغم حياة أبوي . مأساة .. جعلت من دموعي تتجمد .. ارتبكت لم اعرف ماذا أقول لها .. أو ماذا افعل ... فكلما حاولت الاقتراب من سر هذه الفتاه أرى وكأنه الموضوع يزداد تعقيدا .. وغرابه ... فنظرت إليها ثم إلى الرسالة وبدون وعي فتحتها وأخذت بقراتها .. لعني أجد فيها ما يسعف تفكيري .. ومع أول سطر قرأته بهذه الرسالة أخذني قطار ذكرياتي ليعود بي الي ما سنة 1999 ميلادي كنت في رحله في فتره الربيع إلى الشاطئ مع عائلتي .. وهناك تعرفت علىثلاث فتيات يسكن في الشاليه المجاور لنا ... لكني لم اكن كثيرة الجلوس معهن لانشغالي بمساعدة أمي .. فهي في فترة نقاهة بعد العملية التي أدتها بنجاح ولله الحمد .. ولاني ابنتها الوحيدة كان يصعب علي تركها طويلا .. فكنت دائما برفقتها ... فكنت لا اتركها إلا فقط إذا حان وقت الصلاة استأذنها للذهاب للمسجد .. لأودي صلاتي .. وبعدها ارجع للبيت . وطيلة الرحله لانتبهت لشيئا جعله قلبي يعتصر ألما .. وقد لاحظت عندما يحين وقت الصلاة بأنه مجموعه من الفتيات من ضمنهن الفتيات التي تعرفت عليهن ولا واحدة منهن تقوم لاداء الصلاة .. على الرغم انه المسجد في نفس الحي الذي نسكن به .. بل في كل مره اخرج من المسجد وخاصة في صلاة العشاء أجدهن يجلسن بالقرب من الشاطئ القريب جدا من المسجد .. وفي كل مره كلما أهم بنصيحتهم أجد نفسي لا اعرف كيف ابتدئ .. فأنا اعلم بأنه علي حق وواجب كمسلمة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وترك الصلاة شئ منكر علينا النهي عنه .. لكني لا اعرف لماذا لم أتجرأ .. ربما لصغر سني .. فأنا أراهن جميعهن يكبرني بثلاث سنوات واكثر ... فشعرت بأنه لن يقبلن نصيحة من فتاه صغيره .. أو الخوف من أن يحرجوني بكلماتهن . بانه لا دخل لي بشئونهن الداخلية .. أو .. أو أعذار واهية كان الشيـــــطان يرسمها في مخليتي كــــي ينقص من عزيمتي في إرشادهن .. إلى أن أتى ذلك اليوم كنت خارجه من صلاة العشاء كان اخر يوم لنا هنــــا ..فقد انتهت الاجازه والكل يستعد للعودة .. ذهبت إليهن ألقيت التحية لرغبتي بتوديعهن .. وجلست معهن .. كنت اعرف فقــــط ثلاثة منهن أما البقية تعرفت على اساميهم أثناء جلوسي وكانت هـــــــــــدى ضمن الفئة التي تعرفت على اسمها فقط دون أن اعرف من هي أو من تكون كانت كل واحدة تتحدث عن موقف حدث معها موقف مضحك أو محرج .. إلى أن أتى دوري للحديث فكان علي أن اختار بين قصه جميلة أقصها أو موقف مضحك احكيه ... وهنا وأيقنت بأنه حان الأوان كي افعل شيئا .. لكن كيف .. إلى أن هداني تفكير لهذا ... وقفت أمامهن ..وقلت ليس لدي قصه أو حكاية لكن لدى لعبه ارغب أن نلعبها سويا .. وأسأله سأقوم بطرحها بشرط أن تجاوبوني عليها بكل صراحة فما رأيكن ؟؟ فرأيت الحماس والموافقة منهن وبدانا اللعبه باول سؤال وهـــــــو :- ماذا لو قيل لكي بأنه اليــــــوم هو أخـــــر يوم في حياتــــــــك ؟؟ ماذا تفعلين ؟؟ فاختلفت إجابات الفتيات .. لكنهن جميعن اتفقن على شيء مشترك وهو أن يقومــــــوا بالصــــــلاة .. فاستبشرت خيرا بهن ... وبعد ذلك سألتهم السؤال الثاني ... :- من منكن يعرف كم سيمكث على هذه الحياه .. ؟؟ فأجابني الجميع بالصمت والاستغراب من سؤالي ..فقلت لهن .. لا احد منا يعلم متى سيموت .. ربما الآن ربما غدا .. وربما الشهر القادم أو السنة القادمة .. لكن الشيء المؤكد بأننا ذات يوم سنموت لكن متى الله اعلم .. ودخلت إلى السؤال الثالث :- باعتقــــــادك أيهما افضل الدنيـــــــا أم الجنــــــــة ..؟؟ فأجابني الجميع وبصوت واحد .. الجنــــــة طبعـــــــــا فانتقلت لسؤالي الرابع ... :- الجــــــــنة للمسلمين والنار للكافرين .. لكن هناك فئة من المسلمين تدخل النار لماذا ؟؟ فلــــــم يجبيونـــــي .. فعلمت بانه عدم اجابتهن ..لحيائهم من الاجابه عليه .. لانهم استشفوا قصدى من هذا السؤال فكان سؤالي الأخير ... :- لو كان حقا اليوم هو اخر يوم في حياتك ..؟؟ اين ستكونين في الجنه ام النار ..؟؟؟ وايضا الصمت هو نصيبي منهن .. فوجدت تفسي قد هيئتهن لقبول حديثي .. وايضا لكي يكون لي مدخل استطيع ان اقول كل ما ارغب في قوله ... فأكملت حديثي .. أنا لا اطلب منكن أن تجاوبوا على سؤالي الأخير .. لانه لا أحد منا يعلم أين ستكون أخرته فأنا ولله الحمد اصلي صلواتي الخمس مع النوافل وأزكي وأتصدق واعتمر أن استطعت .. وأصوم شهري .. وأزيد عليها بأيام للعبادة .. وأقرأ القران .. ومتحجبة .. لكني أخشى يوم القيامة... هل تعلمون لماذا ..؟؟ لاني إلى ألان لم افعل شيء يتوجب عليه دخولي للجنة .. لكن طمعي برحمة الله كبيره .. لكن انتــــــن .. !! كيف ستقابلون الله ... وانتم تسمعونه المنادي ينادي للصلاة واراكن ترفضون أن تلبـــــــوه .. كيف ستقابلــــــون الله .. وقد امرنا الله بالحجـــــــــاب .. فعصيتـــــــوا ذلك .. كيف ستقابلون الله وحصيلتكم من الحسنــــــات تكــــــاد تكون لا شيء بجانب سيئاتكــــــــم!!!! قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يوصي معاذ بن جبل حينما ولاّه على أحد البلدان : « يا معاذ علمهم كتاب الله وأحسن أدبهم على الأخلاق الصالحة ، وانزل الناس منازلهم ـ خيّرهم وشرهم ـ وانفذ فيهم أمر الله... وأمت أمر الجاهلية إلاّ ما سنّه الإسلام ، واظهر أمر الإسلام كلّه ، صغيره وكبيره ، وليكن أكثر همّك الصلاة فإنّها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدين ، وذكّر الناس بالله واليوم الآخر واتبع الموعظة » فأنتـــــــي قطعتــــــــي راس الإســـــــلام بتجاهـــــلك لصلاتــــــك .. فكيـــــف يعيـــــش جســـــــد بــــــــلا راس ... ؟؟ وهل تعلمين أنتـــــي أو أنتـــــي أو أنتــــي .. عندما تضعين رأسك على الوسادة لتنامي ربما تكون تلك أخر ليله لكي .. ولن تستيقظي أبدا إلا وأنتي بين ملكين يحاسبانك على كل صغيره وكبيره .. وعندما يسألونك عن صلاتك .. بماذا ستتعذرين ...؟؟ وعن حجابك بماذا ستعللين ..؟؟ وكيف سيكون قبرك يومها اهو روض من رياض الجنة .. أم باب يفتح لكي على جهنم فيضيق قبرك بكي.. وستكون رفيقتك أفعى كبيره .. تلتف حول جسدك الضئيل وتعصرك فتسمعين صوت عظامك وهي تتكسر وتتفتت .. لا تقولي بأنك صغيره وشابــــــه .. فالموت أعمـــــى لا يرى من يأخـــــــذ .. فالطفل والشاب والعجوز سواء لديــــــه .. وأكيد قد رايتي أو سمعتي بأنه هناك من مات في وهو طفل أو في ريعان شبابه ... يا هل ترى هذا الشاب لو سألوه قبل أن يموت بأسبوع متى ستموت .. هل يعلم بأنه لم يتبقى من عمره سوي سبعه أيام فقط ... والله اعلم من منا ألان أيامه تكاد تكون معدودة أخواتي أنى انظر إليكن وكأني أنظر لــــــورودٍ جميلة لكنها غدت باهته اللون لأنة غبار الدنيا قد أترسها بقذراته .. فأزيحي الغبار عنكي .. وتحجبي .. واجعلي تلك الورود لا تنظر إلى لمن يحق له النظر إليها .. واعذروني إن كنت تطفلت عليكن بحديثي هذا .. لكني لرغبتي بان تكونوا معي في جنات الفردوس إن كان لي فيها نصيب .. ولخوفي الشديد عليك من نار تحرق الأجساد وتذيب العظام .. فأنتي لا تتحملين عود ثقاب يشتعل بإحدى أصابعك .. فما بالك بنار تأكلك وأنتي حيه لا تموتين فيها أبدا .. والله أنى لاستبشرت خيرا عندما رأيت انه أول ما فكرتم به هو الصـــــــلاة .. لإيمانكم الداخل بأنه حق وواجب .. لكني متى ستتخذين قرارك بالقيام بهذا الحــــق .. وهل لديكي الوقت الكافي .. ؟؟ ألا ترى بأنه الوقت ألان يرحل وأنتي تنتظرين بان تستمتعي بدنيا زائفة .. وتتركي نعيما ما بعده نعيم .. يأخذك الشيــــطان كيفمـــــا أراد وشـــــاء .. وكأنــــه أســــرك وعينــــك عبده لديه ولشهواتــــك ..وقد حــــررك إسلامك ورفع مــــــن شانــــــك .. بسم الله الرحمن الرحيم : ( والمؤمِنُونَ والمؤمِناتُ بَعضُهُم أولياءُ بعضٍ يأمرُونَ بالمعرُوفِ وَينهوَن عَنِ المُنكَرِ ويُقيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤتَونَ الزَّكاةَ ويُطيعُونَ الله وَرَسولَهُ أولئِكَ سَيرحمُهُمُ اللهُ إنَّ اللهَ عَزيزٌ حكيمٌ َ ) هذه الايه أخواتي هي التي أمرتني بان أتى إليكن الآن وأقول لكم كل ذلك .. فلكوني مؤمنه ومسلمة كان حق علي وواجب أن أمر بالمعروف وانهي عن المنكر حتى وان رفضتما الاستماع إلى . فمن صلح حاله فهو الفائز ومن لم يفعل فهو الخاسر في الدنيا والأخر و تركتهن في صمتهن يتفكرون .. وذهبت إلى البيت .. كي أوضب الحقائب .. وفي الصباح الباكر وجدتهن بالموقف تبادلنا السلام وأيضا أرقام الهواتف .. وودعنا بعض ..وأنا لدى آمل بان يصلح الله شانهن . نظرت لي حنـــــــان وانا اقص عليها سر هذه اللعبــــــــه الي النهايــــه .... ووجهها قد أغرقته الدموع وهي تقول " هـــــــــــدى منذ تلك الرحلة تغيرت كليا فأصبحت تحافظ على صلواتها الخمس .. وتهتم بصيام رمضان بأكمله .. وانعزلت عن مجموعه كبيره من صديقاتها ... بل عندما تخرجت غيرت رغبتها في الدخول من كلية التجارة إلى كلية الشريعة كي تتعلم بشكل صحيح أركان دينها الإسلامي.. فنحن يا أختي ولدنا ولم نجد من يرشدنا إلى الصواب .. فآبي مهتم بتجارته وماله .. وامي حفلاتها وعضويتها في الجميعة أهم ما لديها .. أخي الكبير سافر للعيش في أمريكا .. ولم يتبقى إلا أنا وأختي الصغيرة هـــــــــــدى يرحمها الله .." آخذت تحكي لي .. وأنا اشعر بأنه قلبي اخذ يتقطع .. بل أخذت احاول أن امنع ادمعي من أن تتساقط .. لكنها أبت إلا أن تعلن حزنها على حال مسلمينا من ضياع .. فكم أسره تعيش هكذا .. وكم شاب وشابه ضاعوا في دروب الشيطان والأسباب أب وأم لا يعرفون قيمة أبنائهم .. يركضون وراء ملهيات الدنيا ..تاركين ورائهم كنز لا يقدر بثمن .!! تركتني حنـــــــان وعينها تملئها الدموع .. ولا اعرف لماذا .. هل هي دموع حزن لفراق شقيقتها ..؟؟ أم دموع فرح لحسن خاتمة أختها ؟؟ أم لحالها هي ..!!! وقبل أن ترحل طلبت منها أن تتصل علي كي اطمئن عليها فعاهدتني بذلك .. وبعد رحيلها فتحت تلك الرسالة وأنا اشعر بأنه يدي ترتجفان .. ولا اعرف لماذا .. لكني شعرت برجفة كبيره ودقات قلبي التي صوتها كاد يصم أذاني .. كنت أتمنى أن اكتب لكم تلك الرسالة بالكامل لكن اعذروني لا أستطيع لانه بها امور تعتبر من الخصوصيات ... لكني سأقطف منها بعض الفقرات .. التي تصف لكم حال هذه المسلمه "بسم الله الرحمن الرحيم (( كنت أعيش في وحل الدنيا .. لم أجد من يرشدني إلى الطريق الصواب .. افعل ما أشاء وقتما أشاء .. لكل ما افعله صواب وان كان خطئ .. غايتي أن أكون سعيدة .. وان كانت سعادة زائفة .. لكني اشهد لك باني لم أهنئ في نومي .. كنت في خوف رعب لا اعرف مصدره .. شعور بالضياع .. بل ما أنا فيه هو الضياع بعينه .. قلبي دائم مقبوض .. سعادتي ممزوجة بمرارة لا اعرف مصدرها ... وأمي وأبي ...... لم يكونوا بقدر الأمانة التي وهبها الله لهم .. فهم قد ساهموا في ضياعي وضياع بقية اخوتي .. ولماذا ..؟؟؟؟؟؟ من اجل مال لن انعم به أنا الآن .. فأنا الآن لا املك سوى مساحه متر في مترين .. ليس معي شيء سوى عملي .. أما مالهم ومركزهم وهيبتهم لن تنفعني ألان وأنا بين يدي الملائكة وهي تحاسبني .. ولن تنفعهم أيضا غدا عندما يأتون لهذا المكان .. ولن يسلموا من عذاب الله ....")) لكن بعد ذلك اليوم وتلك اللعبـــــــــة قررت أن اغتال تلك الفتاه التي بداخلي ..لتولد فتاه أخرى .. فتاه استدلت على الطريق الصواب .. رغم مشقه هذا الطريق لكني كنت انعم بنوم هادئ .. بقلب مطمئن .. بشعور كبير بالأمان ... بسعادة متناهية .. بدعاء يومي بان يصلح ويهدي أبى وأمي مما فيه من ضلال .... )) تلك مقطفات من رسالة هـــــــــــدى .. رحمها الله وادخلها جنات الفردوس .. تلك الرسالة أبكت قلبي قبل عيني ولم يسعني إلا أن أقول كلمه واحده فقــــــــــط الحمــــــــد لله كثيــــــــرا ,,, الحمــــــــد لله كثيــــــــرا ,,, الحمــــــــد لله كثيــــــــرا ,,, إخوانـــــي واخوتــــي في الله .... الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الفرائض العظيمة التي تتوقف عليها إقامة جميع الفرائض كما بيّن ذلك الإمام محمد الباقر عليه السلام : « إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ، ومنهاج الصالحين ، فريضة عظيمة بها تقام الفرائض ، وتأمن المذاهب ، وتحلّ المكاسب ، وتردّ المظالم ، وتعمّر الأرض ، وينتصف من الأعداء ، ويستقيم الأمر ، فأنكروا بقلوبكم ، وألفظوا بألسنتكم ، وصكّوا بها جباههم ، ولا تخافوا في الله لومة لائم... أوحى الله إلى شعيب النبي عليه السلام : « إني لمعذب من قومك مئة ألف : أربعين ألفاً من شرارهم ، وستين ألفاً من خيارهم ، فقال : يا ربّ هؤلاء الأشرار ، فما بال الأخيار ؟ فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليه أنهم داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي » قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إنّ الله عزَّ وجلَّ ليبغض المؤمن الضعيف الذي لادين له ، فقيل له : وما المؤمن الذي لا دين له ؟ ، قال : الذي لا ينهى عن المنكر . صدق رسول الله عليه الصلاة والسلام "
مهدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-2003, 03:44 PM   #3
مهدي
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2003
المشاركات: 813

 
افتراضي امرأة على باب المقبرة

قالت: كنا منصرفين قبيل المغرب من زيارة عائلية في منطقة الوثبة متجهين إلى حيث نسكن في أبو ظبي ، وحاول زوجي أن يسرع ليلحق بصلاة المغرب جماعة ، ولذا فقد عرج في الطريق ناحية المقبرة ليدرك الصلاة في المسجد المقام خارجها ..وبمجرد أن دخلت بنا السيارة تلك المنطقة في سكون الليل الموحش ، أحسست أن بدني كله يرتجف من مفرق رأسي إلى أخمص القدم. خيل إلى أنها الزيارة الأخيرة ووداع الدنيا برمتها .

فحانت منى التفاته إلى الخلف كي أملأ عيني بأنوار الطريق التي أخذت تتباعد ، وتواردت عشرات الخواطر على عقلي .. حول الحياة والموت . >b> والأحياء والأموات ، والسعادة والشقاء ، والميلاد والوفاة ، والحقائق والأوهام ، وعشرات الأقارب و الأصدقاء الذين استقروا تحت التراب ، وخيل إلي أن شريطاً طويلاً يمر أمام عيني وعشرات بل مئات وآلاف الجنائز تتوالى تشيعها أصحابها إلى دار جديدة يكون بابها الأول : حفرة في التراب ومنها يجدون أنفسهم في عالم آخر ، لا تساوي الدنيا بالنسبة له إلا كما تساوي بطن أم بالنسبة للدنيا بكلها..!! أما أهل الجنازة، فما أسرع ما يهيلون التراب على صاحبهم وحبيبهم كميات التراب والحصى والحجارة ثم يعودون الي حيث كانوا يسمرون ، وليست سوى أيام حتى ينسى الجميع ما أصابهم....!! ووقفت السيارة في مواجهة ***** المقبرة تماماً ، كأنما تستعد للدخول حالما يفتح الباب ، وزاد هذا من هلعي .. كانت الدنيا قد دخلت في الظلام وكان لهذا الجو أثره النفسي الرهيب على قلبي حتى لقد انعقد لساني كله وأنا أحاول أن أنطق لاطلب من زوجى أن يغير مكان السيارة . غير أنه سرعان ما تركني وحدي أواجه قدري وبقيت مع أفكاري التي تفور وتشتعل بألوان من المخاوف والمفاجآت التي قد تظهر بغتة من هذه ال***** أو من على هذه الأسوار ..!! الموت...الموت... وما أدراك ما الموت.. ثم ما أدراك ما الموت ...؟ هذا الغول الذي يفتك بالكبار الصغار بلا موعد ثم يكون مستقر الجميع ههنا هاهنا .. نعم .. وراء هذه الأسوار : أغنياء وفقراء وصعاليك و أمراء ، وأقوياء وضعفاء ، وظلمه ومظلومين.. الكل يتوارون تحت التراب ويلاقى كل منهم ما قدم من خير أو شر .. يا إلهي !! كيف لو أن قلبي سكت الآن فجأة ، وبدلآ من أن أعود إلى صغاري الذين يتشوقون لعودتي ، إذا بي أزف إلى حفرة مظلمة ضيقة في الأرض ، لا أنيس معي ، ولا حبيب بقربي ولا أهل أصرخ بهم لنجدتي ، أنا وحدي والظلام والعذاب والسؤال والحساب ..؟ ويرتجف بدني من جديد ، و أحس بدبيب يسري في كل خلية من كياني ، وأكاد أبكي ، واشرع في فزع إلى إغلاق نوافذ السيارة و أبقى محملقة في ذهول نحو أسوار المقبرة وبواباتها و خفقات قلبي يتصاعد وقعها ، و لساني لا أدري كيف أنطلق ذاكراً لله مسبحاً مستغفراً داعيا متضرعا باكياً ، يطلب المهلة من أجل توبة صادقة .. أما رجلاي فلم أشعر بهما أبداً ، وأما يداي فقد كانتا ترتعشان وهما تلفان العباءة حول جسدي في أحكام .. كانت هذه هي أول مرة أرى فيها المقبرة ، وكأني رايت الموت عيانا .. وخيل إلى أن هذا الزوج قد تعمد الإتيان بي إلى هنا لاعطائي هذه الجرعة الروحية أو هذا الدرس الذي يبلغ مستقر العظم .. يا لكثرة نصائح هذا الزوج لي ، وتوجيهاته إياي وتوصياته ومواعظه غير أن كل ذلك لم يهز في شعرة فيما يبدو ، وابقى شامخة بأنفى كأنما المعنى بكل ذلك سواي ... وكان صبره لا ينفذ ، فكان لا يمل من تكرار مواعظه في ود وحب وإصرار كذلك.. الآن أحسست أن شرارة ما انقدحت في غور نفسي لتحدث هذا التفاعل العجيب مع تلك المواعظ .. الآن أيقنت أن النار كانت كامنة تحت الرماد .. الآن فقط أيقنت تماماً أن كلمة الخير لا تضيع وأن النصيحة الخالصة تبقى مخزونة مع الأيام .. لقد كر أمام عينى في تلك اللحظة شريط طويل من نصائحه ومواقفه معي وترهيبه إياي ، وركوب رأسي في استخفاف ..! نعم لقد خطر لي خاطر سوء وقتها .. هو أن أحمل عليه حملة شعواء بلا هوادة حين يعود ، ولكنى عدلت عن هذا الخاطر وأنا أتذكر الموت والموتى والمقبرة والقبور والليل الموحش والحساب والنعيم والجحيم .. وعدت باللائمة على نفسي ، وقررت أن استفيد من هذه النفحة الروحية ، لقد قفز في ذهني خاطر عجيب : لماذا لا يكون ما حدث هذه الليلة خير عظيم ساقه الله لى ، وعليّ أن استفيد منه.. لذا فقد ركزت فكري كله في تلك الوصايا والتوجيهات التى كان يكيلها بلا حساب على مسامعى وذهبت استعيد الشريط بشكل مذهل وعجيب وأخذت الوصايا والمواقف والتعليقات تتقافز في ذهنى بصورة مثيرة حية. وأيقنت لحظتها أنه ما فعل ذلك كله إلا حباً لي وحرصاً على وشفقة بي وارادة الخير لي في الدنيا والاخرة وأدركت كم كنت غبية وأنا أتجاهل ذلك كله راكبة رأسي مع هواى وشيطاني ونفسي الأمارة .. وسبحت مع أفكاري الجديدة المشرقة منقطعة عن كل ما حولى كما ينقطع الاموات عن الحياة والاحياء .. حتى لقد أغمضت عينى وأنا أتوهم انطفاء آخر شمعة في حياتى ودخولى في ليل مظلم حالك ، واقبالي على أهوال لا توصف وانتظاري ملائكة الله للسؤال والحساب .. وههنا تفزعت بل بكيت ، وحملقت في حذر وأخذت اتلفت في جزع وكانت النسائم التى تهب كأنما تحمل معها أرواح الموتى من حولي..!! ورغم أنفى سقطت من عينى دموع كثيرة.. لقد كانت لحظات لا توصف ولا يمكن التعبير عن الشحنات الروحية التى فيها . ولن يدرك حقيقتها إلا من وقع تحت تجربتها وذاق سحرها .. ولقد كان لتلك الليلة ما بعدها ، لقد شعرت بأننى خرجت من المقبرة بغير القلب الذي دخلت به اليها .. ولقد وطنت نفسي منذ تلك الساعة على أن أكون عاقلة .. على أن استعد للقاء هذه النقلة إلى هذا المكان الموحش .. فعزمت عزماً أكيداً على الاقبال على الله بنشاط وشوق وفي همة .. فهاهنا على أعتاب هذه الدار سوف يتركك أحب الاحباب إلى قلبك بعد أن تترك أنت أعز الاشياء إلى نفسك .. سوف ينفض أحباؤك ايديهم من تراب قبرك ، لينسوك بعد فترة قد تطول وقد تقصر ليعودوا إلى ممارسة حياتهم العادية ، في اللحظة التي تواجه فيها ما يشيب له شعر الصغير .. جميع أحبابك سوف يتركونك وحيداً لتواجه مستقبلا مجهولا فاذا كان لديك رصيد من طاعات وقربات وحسنات وأذكار فيالفوزك ويالفرحتك .. وما أروعك يومها ، وما أعظمك .. وأما اذا كانت الآخري ، فلا تلومن الا نفسك .. ولقد أعذر من أنذر . وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث يخبر أن العاقل الحقيقى : هو الذي يحاسب نفسه ويعمل لما بعد الموت .. وأن العاجز الغبي هو الذي يتابع هواه في كل الميادين ثم يتمنى على الله الأماني ...!!! يتمنى على الله الأماني وهو الذي لم يفكر أن يجعل حياته على وفق ما يريد الله سبحانه . أما أنا فلكم حمدت الله كثيرا على تلك الزيارة المفاجئة إلى المقبرة .. فلقد نفضت نفسي على نفسي .. واشرقت أرض قلبي بنور ربها .. ولله الحمد والمنة والفضل والثناء الحسن . اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون ..
مهدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-2003, 04:00 PM   #4
مهدي
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2003
المشاركات: 813

 
افتراضي ضدَّان يا أختاه

حينما جلست في المقعد المخصص لي في الدرجة الأول من الطائرة التي تنوي الإقلاع إلى عاصمة دولةٍ غربية ، كان المقعد المجاور لي من جهة اليمين ما يزال فارغاً ، بل إن وقت الإقلاع قد اقترب والمقعد المذكور ما يزال فرغاً ، قلت في نفسي : أرجو أن يظل هذا المقعد فارغاً ، أو أن ييسّر الله لي فيه جاراً طيباً يعينني على قطع الوقت بالنافع المفيد ، نعم أن الرحلة طويلة سوف تستغرق ساعات يمكن أن تمضي سريعاً حينما يجاورك من ترتاح إليه نفسك ، ويمكن أن تتضاعف تلك الساعات حينما يكون الأمر على غير ما تريد!


وقبيل الإقلاع جاء من شغل المقعد الفارغ ... فتاةُ في مَيْعة الصِّبا ، لم تستطيع العباءة الفضفاضة السوداء ذات الأطراف المزيَّنة أن تخفي ما تميزت به تلك الفتاة من الرِّقة والجمال .. كان العطر فوَّاحاً ، بل إن أعين الركاب في الدرجة الأولى قد اتجهت إلى مصدر الرائحة الزكيَّة ، لقد شعرت حينها أن مقعدي ومقعد مجاورتي أصبحا كصورتين يحيط بهما إطار منضود من نظرات الرُّكاب ، حينما وجهت نظري إلى أحدهم ... رأيتُه يحاصر المكان بعينيه ، ووجهه يكاد يقول لي : ليتني في مقعدك ؛ كنت في لحظتها أتذكر قول الرسول عليه الصلاة والسلام فيما روي عن أبي هريرة ( رضي الله عنه ) (( ألا وإنَّ طيب الرجال ما ظهر ريحه ، ولم يظهر لونه ، ألا وإن طيب النساء ما ظهر لونه ولم يظهر ريحه )).
ولا أدري كيف استطعت في تلك اللحظة أن أتأمل معاني هذا الحديث الشريف ، لقد تساءلت حينها (( لماذا يكون طيب المرأة بهذه الصفة ))؟
كان الجواب واضحاً في ذهني من قبل : إن المرأة لزوجها ، ليست لغيره من الناس ، وما دامت له فإن طيبَها ورائحة عطرها لا يجوز أن يتجاوزه إلى غيره ، كان هذا الجواب واضحاً ، ولكن ما رأيته من نظرات ركاب الطائرة التي حاصرت مقعدي ومقعد الفتاه ، قد زاد الأمر وضوحاً في نفسي وسألت نفسي : يا ترى لو لم يَفُحْ طيب هذه الفتاة بهذه الصورة التي أفعمت جوَّ الدرجة الأولى من الطائرة ، أكانت الأنظار اللاَّهثة ستتجه إليها بهذه الصورة؟
عندما جاءت ((خادمة الطائرة )) بالعصير ، أخذت الفتاة كأساً من عصير البرتقال ، وقدَّمته إليَّ ، تناولته شاكراً وقد فاجأني هذا الموقف ، وشربت العصير وأنا ساكتٌ ،ونظرات ذلك الشخص ما تزال تحاصرني ، وجَّهت إليه نظري ولم أصرفه عنه حتى صرف نظره حياءً - كما أظن - ، ثم اكتفى بعد ذالك باختلاس النظرات إلى الفتاة المجاورة ، ولما أصبح ذلك دَيْدَنَه ، كتبت قصاصة صغيرة (( ألم تتعب من الالتفات ؟ ))، فلم يلتفت بعدها .
عندما غاصتْ الطائرة في السحاب الكثيف بعد الإقلاع بدقائق معدودات اتجه نظري إلى ذالك المنظر البديع ، سبحان الله العظيم ، قلتُها بصوت مرتفع وأنا أتأمل تلك الجبال الشاهقة من السحب المتراكمة التي أصبحنا ننظر إليها من مكان مرتفع ، قالت الفتاة التي كانت تجلس بجوار النافذة : إي والله سبحان الله العظيم ، ووجهتْ حديثها إليَّ قائلة ً إن هذا المنظر يثير الشاعرية الفذَّة ، ومن حسن حظي أنني أجاور شاعراً يمكن أن يرسم لوحة ًشعرية رائعة لهذا المنظر ...
لم تكن الفتاة وهي تقول لي هذا على حالتها التي دخلت بها إلى الطائرة ، كلا..لقد لملمت تلك العباءة الحريرية ، وذلك الغطاء الرقيق الذي كان مسدلاً على وجهها ووضعتهما داخل حقيبتها اليدوية الصغيرة ، لقد بدا وجهها ملوَّناً بألوان الطيف ، أما شعرها فيبدو أنها قد صفَّـفته بطريقة خاصة تعجب الناظرين ...
قلت لها : سبحان من علَّم الإنسان ما لم يعلم ، فلولا ما أتاح الله للبشر من كنوز هذا الكون الفسيح لما أتيحت لنا رؤية هذه السحب بهذه الصورة الرائعة ..
قالت: إنها تدلُّ على قدرة الله تعالى ..
قلت: نعم تدل على قدرة مبدع هذا الكون و خالقه ،الذي أودع فيه أسراراً عظيمة ، وشرع فيه للناس مبادئ تحفظ حياتهم وتبلَّـغهم رضى ربهم ،وتنجيهم من عذابه يوم يقوم الأشهاد.
قالت : إلا يمكن أن نسمع شيئاً من الشعر فإني أحب الشعر وإن هذه الرحلة ستكون تاريخية بالنسبة إليَّ ، ما كنت أحلم أن أسمع منك مباشرة ..
لقد تمنَّيتُ من أعماق قلبي لو أنها لم تعرف مَنْ أنا لقد كان في ذهن أشياء كثيرة أريد أن أقولها لها .
وسكتُّ قليلاً كنت أحاور نفسي حواراً داخلياً مُرْبكاً ، ماذا أفعل ، هل أبدأ بنصيحة هذه الفتاة وبيان حقيقة ما وقعت فيه من أخطاءٍ ظاهرة ، أم أترك ذلك إلى آخر المطاف ؟
وبعد تردُّد قصير عزمت على النصيحة المباشرة السريعة لتكون خاتمة الحديث معها.
وقبل أن أتحدث أخرجت من حقيبتها قصاصاتٍ ملوَّنة وقالت : هذه بعض أوراق أكتبها ، أنا أعلم أنها ليست على المستوى الذي يناسب ذوقك ، ولكنها خواطر عبرت بها عن نفسي ...
وقرأت القصاصات بعناية كبيرة ، إني أبحث فيها عن مفتاح لشخصية الفتاة ..
إنها خواطر حالمة ، هي فتاة رقيقة المشاعر جداً ، أحلامها تطغى على عقلها بشكل واضح ، لفت نظري أنها تستشهد بأبيات من شعري ، قلت في نفسي هذا شيء جميل لعل ذلك يكون سبباً في أن ينشرح صدرها لما أريد أن أقول ، بعد أن قرأت القصاصات عزمت على تأخير النصيحة المباشرة وسمحت لنفسي أن تدخل في حوارٍ شامل مع الفتاة ..
قلت لها : عباراتك جميلة منتقاة ، ولكنها لا تحمل معنىً ولا فكرة كما يبدو لي ، لم أفهم منها شيئاً ، فماذا أردتِ أن تقولي ...؟
بعد صمتٍ قالت : لا أدري ماذا أردتُ أن أقول : إني أشعر بالضيق الشديد ، خاصة عندما يخيَّم عليَّ الليل ، أقرأ المجلات النسائية المختلفة ، أتأمَّل فيها صور الفنانات والفنانين ، يعجبني وجه فلانة ، وقامة فلانة ، وفستان علاَّنة ، بل تعجبني أحياناً ملامح أحد الفنانين فأتمنَّى لو أن ملامح زوجي كملامحه ، فإذا مللت من المجلات اتجهت إلى الأفلام ، أشاهد منها ما أستطيع وأحسُّ بالرغبة في النوم ، بل إني أغفو وأنا في مكاني ، فأترك كل شيء وأتجه إلى فراشي ...، وهناك يحدث ما لا أستطيع تفسيره ، هناك يرتحل النوم ، فلا أعرف له مكاناً .
عجباً ، أين ذلك النوم الذي كنت أشعر به وأنا جالسة ، وتبدأ رحلتي مع الأرق ، وفي تلك اللحظات أكتب هذه الخواطر التي تسألني عنها ...
(( إنها مريضة )) قلتها في نفسي ، نعم إنها مريضة بداء العصر ؛ القلق الخطير ، إنها بحاجة إلى علاج .
قلت لها : ولكنَّ خواطرك هذه لا تعبر عن شيء ٍ مما قلت إنها عبارات برَّاقة ، يبدو أنك تلتقطينها من بعض المقالات المتناثرة وتجمعينها في هذه الأوراق ...
قالت : عجباً لك ، أنت الوحيد الذي تحدَّثت بهذه الحقيقة ،كل صديقاتي يتحدثن عن روعة ما أكتب ، بل إن بعض هذه الخواطر قد نشرت في بعض صحفنا ، وبعثَ إلىَّ المحرِّر برسالة شكر على هذا الإبداع ، أنا معك أنه ليس لها معنى واضح ، ولكنها جميلة .
وهنا سألتها مباشرة :
هل لك هدفٌُ في هذه الحياة ؟!
بدا على وجهها الارتباك ، لم تكن تتوقع السؤال ، وقبل أن تجيب قلت لها :
هل لك عقل تفكرين به ، وهل لديك استقلال في التفكير ؟ أم أنك قد وضعت عقلك بين أوراق المجلات النسائية التي أشرت إليها ، وحلقات الأفلام التي ذكرت أنك تهرعين إليها عندما تشعرين بالملل .
هل أنتِ مسلمة ؟!..
هنا تغيَّر كل شيء ، أسلوبها في الحديث تغيَّر ، جلستها على المقعد تغيَّرت ، قالت :
هل تشك في أنني مسلمة ؟ ! إني – بحمد الله – مسلمة ٌُ ومن أسرة مسلمة عريقة في الإسلام ، لماذا تسألني هذا السؤال ، إن عقلي حرٌّ ليس أسيراً لأحد ، إني أرفض أن تتحدَّث بهذه الصورة ..... وانصرفت إلى النافذة تنظر من خلالها إلى ملكوت الله العظيم ...
لم أعلق على كلامها بشيء ، بل إنني أخذت الصحيفة التي كانت أمامي وانهمكت في قراءتها ، ورحلت مع مقال في الصحيفة يتحدث عن الإسلام والإرهاب (( كان مقالاً طويلاً مليئاً بالمغالطات والأباطيل ، يا ويلهم هؤلاء الذين يكذبون على الله , ولا أكتمكم أنني قد انصرفت إلى هذا الأمر كلياً حتى نسيت في لحظتها ما جرى من حوار بيني وبين مجاورتي في المقعد ، ولم أكن أشعر بنظراتها التي كانت تختلسها إلى الصحيفة لترى هذا الأمر الذي شغلني عن الحديث معها – كما أخبرتني فيما بعد-، ولم أعد من جولتي الذهنية مع مقال الصحيفة إلا على صوتها وهي تسألني :
أتشك في إسلامي ؟!
قلت لها : ما معنى الإسلام ؟! قالت : هل أنا طفلة حتى تسألني هذا السؤال ! قلت لها: معاذ الله بل أنت فتاة ناضجة تمتم النضج ، تُلوِّن وجهها بالأصباغ ، وتصفِّفُ شعرها بطريقة جيدة ، وتلبس عباءتها وحجابها في بلادها ، فإذا رحلت خلعتها وكأنهما لا يعنيان لها شيئاً ، نعم إنك فتاة كبيرة تحسن اختيار العطر الذي ينشر شذاه في كل مكان ..فمن قال إنك طفلة ... ؟!
قالت : لماذا تقسو عليَّ بهذه الصورة ؟
قلت لها : ما الإسلام ؟ ... قالت : الدين الذي أرسل الله به محمد صلى الله عليه وسلم ، قلت لها : وهو كما حفظنا ونحن صغار (( الاستسلام لله بالتوحيد ، والانقياد له بالطاعة ، و الخلوص من الشرك )) ، قالت : إي والله ذكرتني ، لقد كنت أحصل في مادة التوحيد على الدرجة الكاملة !
قلت لها : ما معنى (( الانقياد له بالطاعة )) ؟
سكتت قليلاً ثم قالت : أسألك بالله لماذا تتسلَّط عليَّ بهذه الصورة ، لماذا تسيء إليَّ وأنا لم أسئ إليك ؟
قلت لها : عجباً لك ، لماذا تعدّين حواري معك إساءة ؟ أين موطن الإساءة فيما أقول؟
قالت : أنا ذكية وأفهم ما تعني ، أنت تنتقدني وتؤنبني وتتهمني ، ولكن بطريقة غير مباشرة ..
قلت لها : ألست مسلمة ؟
قالت : لماذا تسألني هذا السؤال ؟ إني مسلمة من قبل أن أعرفك ، وأرجوك ألا تتحدث معي مرة أخرى .
قلت لها : أنا متأسف جداً ، وأعدك بألا أتحدث إليك بعد هذا ...
ورجعتُ إلى صفحات الصحيفة التي أمامي أكمل قراءة ذلك المقال الذي يتجنَّى فيه صاحبه على الإسلام ، ويقول : إنه دين الإرهاب ، وإن أهله يدعون إلى الإرهاب ، وقلت في نفسي : سبحان الله ، المسلمون يذبَّحون في كل مكان كما تذبح الشيِّاه ، ويقال عنهم أهل الإرهاب ...
وقلبتُ صفحة أخرى فرأيت خبراً عن المسلمين في كشمير ، وصورة لامرأة مسلمة تحمل طفلاً ، وعبارة تحت صورتها تقول : إنهم يهتكون أعراضنا ينزعون الحجاب عنَّا بالقوة وأن الموت أهون عندنا من ذلك ، ونسيت أيضاً أن مجاورتي كانت تختلس نظرها إلى الجريدة ، وفوجئت بها تقول :
ماذا تقرأ ؟ .. ولم أتحدث إليها ، بل أعطيتها الجريدة وأشرت بيدي إلى صورة المسلمة الكشميرية والعبارة التي نُقلت عنها ...
ساد الصمت وقتاً ليس بالقصير ، ثم جاءت خادمة الطائرة بالطعام ... واستمر الصمت ...
وبعد أن تجوَّلتُ في الطائرة قليلاً رجعت إلى مقعدي ، وما إن جلست حتى بادرتني مجاورتي قائلة ً :
ما كنت أتوقع أن تعاملني بهذه القسوة !..
قلت لها :
لا أدري ما معنى القسوة عندكِ ، أنا لم أزد على أن وجهت إليك أسئلة ً كنت أتوقع أن أسمع منك إجابة ًعنها ، إ لم تقولي إنك واثقة بنفسك ثقة ً كبيرة ؟ فلماذا تزعجك أسئلتي ؟
قالت : أشعر أنك تحتقرني ..
قلت لها : من أين جاءك هذا الشعور ؟
قالت لا أدري .
قلت لها : ولكنني أدري .. لقد انطلق هذا الشعور من أعماق نفسك ، إنه الشعور بالذنب والوقوع في الخطأ ، أنت تعيشين ما يمكن أن أسمّيه بالازدواجية ، أنت تعيشين التأرجح بين حالتين ...
وقاطعتني بحدّة قائلة : هل أنا مريضة نفسياً ؟ ما هذا الذي تقول ؟!
قلت لها : أرجو ألاَّ تغضبي ، دعيني أكمل ، أنت تعانين من ازدواجيةٍ مؤذية ، أنتِ مهزومة من الداخل ، لاشك عندي في ذلك ، وعندي أدلّة لا تستطيعين إنكارها .
قالت مذعورة ً : ما هي ؟
قلت : تقولين إنك مسلمة ، والإسلام قول وعمل ، وقد ذكرت لك في أول حوارنا أن من أهم أسس الإسلام (( الانقياد لله بالطاعة )) ، فهل أنت منقادة لله بالطاعة ؟
وسكتُّ لحظة ً لأتيح لها التعليق على كلامي ، ولكنها سكتتْ ولم تنطق ببنتِ شفةٍ – كما يقولون – كما يقولون – وفهمت أنها تريد أن تسمع ، قلت لها :
هذه العباءة ، وهذا الحجاب اللذان حُشرا – مظلومَيْن – في هذه الحقيبة الصغيرة دليل على ما أقول ....
قالت بغضب واضح : هذه أشكال وأنت لا تهتم إلا بالشكل ، المهم الجوهر .
قلت لها: أين الجوهر؟ ها أنت قد اضطربت في معرفة مدلولات كلمة (( الإسلام )) الذي تؤمنين به ، ثم إن للمظهر علاقة قوية بالجوهر ، إن أحدهما يدلُّ على الآخر ، وإذا اضطربت العلاقة بين المظهر والجوهر ، اضطربت حياة الإنسان ...
قالت : هل يعني كلامك هذا أنَّ كل من تلبس عباءة ً وتضع على وجهها حجاباً صالحة نقية الجوهر ؟
قلت لها : كلا ، لم أقصد هذا أبداً ، ولكنَّ من تلبس العباءة والحجاب تحقِّق مطلباً شرعياً ، فإن انسجم باطنها مع ظاهرها ، كانت مسلمة حقّة ، وإن حصل العكس وقع الاضطراب في شخصيتها ، فكان نزعُ هذا الحجاب – عندما تحين لها الفرصة هيِّناً ميسوراً ، إن الجوهر هو المهم ، وأذكِّرك الآن بتلك العبارة التي نقلتها الصحيفة عن تلك المرأة الكشميرية المسلمة ، ألم تقل : إن الموت أهون عليها من نزع حجابها ؟ لماذا كان الموت أهون ؟
لأنها آمنت بالله إيماناً جعلها تنقاد له بالطاعة فتحقق معنى الإسلام تحقيقاً ينسجم فيه جوهرها مع مظهرها ، وهذا الانسجام هو الذي يجعل المسلم يحقق معنى قول الرسول عليه الصلاة السلام : (( والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به )) .
إنَّ لبس العباءة والحجاب – عندك – لا يتجاوز حدود العادة والتقليد ، ولهذا كان هيّناً عليك أن تنزعيهما عنك دون تردُّد حينما ابتعدت بك الطائرة عن أجواء بلدك الذي استقيت منه العادات والتقاليد ، أما لو كان لبسك للحجاب منطلقاً من إيمانك بالله ، واعتقادك أن هذا أمر شرعي لا يفرّق بين مجتمع ومجتمع ، ولا بلدٍ وبلدٍ لما كان هيّناً عليك إلى هذه الدرجة .
الازدواجية في الشخصية – يا عزيزتي – هي المشكلة .. أتدرين ما سبب هذه الازدواجية ؟
فظننت أنها ستجيب ولكنها كانت صامتةً ، وكأنها تنتظر أن أجيب أنا عن هذا السؤال..
قلت: سبب هذه الازدواجية الاستسلام للعادات والتقاليد ، وعدم مراعاة أوامر الشرع ونواهيه ، إنها تعني ضعف الرقابة الداخلية عند الإنسان ،ولهذا فإن من أسوأ نتائجها الانهزامية حيث ينهزم المسلم من الداخل ، فإذا انهزم تمكن منه هوى النفس ، وتلاعب به الشيطان ، وظلَّ كذلك حتى تنقلب في ذهنه الموازين ...
لم تقل شيئاً ، بل لاذت بصمت عميق ، ثم حملت حقيبتها واتجهت إلى مؤخرة الطائرة ... وسألت نفسي تراها ضاقت ذرعاً بما قلت ، وتراني وُفَّقت فيما عرضت عليها ؟ لم أكن – في حقيقة الأمر – أعرف مدى التأثر بما قلت سلباً أو إيجاباً ، ولكنني كنت متأكداً من أنني قد كتمت مشاعر الغضب التي كنت أشعر بما حينما توجه إليَّ بعض العبارات الجارحة ، ودعوت لها بالهداية ، ولنفسي بالمغفرة والثبات على الحق .
وعادت إلى مقعدها .. وكانت المفاجأة ، عادت وعليها عباءَتُها وحجابها ... ولا تسل عن فرحتي بما رأيت !
قالت : إن رحمة الله بي هي التي هيأت لي الركوب في هذا المقعد ، صدقت – حينما وصفتني – بأنني أعاني من الهزيمة الداخلية ، إن الازدواجية التي أشرت إليها هي السمة الغالبة على كثير من نبات المسلمين وأبنائهم ، يا ويلنا من غفلتنا ! أنَّ مجتمعاتنا النسائية قد استسلمتْ للأوهام ، لا أكتمك أيها الأخ الكريم ، أن أحاديثنا في مجالسنا نحن النساء لا تكاد تتجاوز الأزياء والمجوهرات والعطورات ، والأفلام والأغاني والمجلات النسائية الهابطة ، لماذا نحن هكذا ؟
هل نحن مسلمون حقاًً ؟
هل أنا مسلمة ؟
كان سؤالك جارحاً ، ولكني أعذرك ، لقد رأيتني على حقيقة أمري ، ركبت الطائرة بحجابي ، وعندما أقلعت خلعت عني الحجاب ، كنت مقتنعة بما صنعت ، أو هكذا خُيِّل إليَّ أني مقتنعة ، بينما هذا الذي صنعته يدلُّ حقاً على الانهزامية والازدواجية ، إني أشكرك بالرغم من أنك قد ضايقتني كثيراً ، ولكنك أرشدتني ، إني أتوب إلى الله وأستغفره .
ولكن أريد أن أستشيرك .
قلت وأنا في روضةٍ من السرور بما أسمع من حديثها : (( نعم ... تفضلي إني مصغ ٍ إليك )) .
قالت : زوجي ، أخاف من زوجي .
قلت : لماذا تخافين منه ، وأين زوجك ؟
قالت : سوف يستقبلني في المطار ، وسوف يراني بعباءتي وحجابي ..
قلت لها : وهذا شيء سيسعده ...
قالت : كلا ، لقد كانت آخر وصية له في مكالمته الهاتفية بالأمس : إياك أن تنزلي إلى المطار بعباءتك لا تحرجيني أمام الناس ، إنه سيغضب بلا شك .
قلت لها : إذا أرضيت الله فلا عليك أن يغضب زوجُك ، و بإمكانك أن تناقشيه هادئة فلعلَّه يستجيب ، إني أوصيك أن تعتني به عناية الذي يحب له النجاة والسعادة في الدنيا والآخرة .
وساد الصمت .... وشردت بذهني في صورة خيالية إلى ذلك الزوج يوصي زوجته بخلع حجابها ... أ هذا صحيح ؟!
أيوجد رجل مسلم غيور كريم يفعل هذا ؟! لا حول ولا قوة إلا بالله ، إن مدنية هذا العصر تختلس أبناء المسلمين واحداً تلو الآخر ، ونحن عنهم غافلون ، بل ، نحن عن أنفسنا غافلون .
وصلت الطائرة إلى ذلك المطار البعيد ، وانتهت مراسم هذه الرحلة الحافلة بالحوار الساخن بيني وبين جارة المقعد ، ولم أرها حين استقبلها زوجها ، بل إن صورتها وصوتها قد غاصا بعد ذلك في عالم النسيان ، كما يغوص سواها من آلاف الأشخاص والمواقف التي تمر بنا كلَّ يوم ...

كنت جالساً على مكتبي أقرأ كتاباً بعنوان (( المرأة العربية وذكورية الأصالة )) لكاتبته المسمَّاة ((منى غصوب )) وأعجبُ لهذا الخلط ، والسفسطة ، والعبث الفكري واللغوي الذي يتضمَّنه هذا الكتاب الصغير ، وأصابني – ساعتها – شعور عميق بالحزن والأسى على واقع هذه الأمة المؤلم ، وفي تلك اللحظة الكالحة جاءني أحدهم برسالة وتسلَّمتها منه بشغف ، لعلَّي كنت أودُّ – في تلك اللحظة – أن أهرب من الألم الذي أشعله في قلبي ذلك الكتاب المشؤوم الذي تريد صاحبته أن تجرد المرأة من أنوثتها تماماً ، وعندما فتحت الرسالة نظرت إلى اسم المرسل ، فقرأت : (( المرسلة أختك في الله أم محمد الداعية لك بالخير )) .
أم محمد ؟ من تكون هذه ؟!
وقرأت الرسالة ، وكانت المفاجأة بالنسبة إليَّ ، إنها تلك الفتاة التي دار الحوار بيني وبينها في الطائرة ، والتي غاصت قصتها في عالم النسيان !
إن أهم عبارة قرأتها في الرسالة هي قولها : (( لعلَّك تذكر تلك الفتاة التي جاورتك في مقعد الطائرة ذات يوم ، إِني أبشِّرك ؛ لقد عرفت طريقي إلى الخير ، وأبشرك أن زوجي قد تأثر بموقفي فهداه الله ، وتاب من كثير من المعاصي التي كان يقع فيها ، وأقول لك ، ما أروع الالتزام الواعي القائم على الفهم الصحيح لديننا العظيم ، لقد قرأت قصيدتك )) ضدان يا أختاه (( وفهمت ما تريد )) !
لا أستطيع أن أصور الآن مدى الفرحة التي حملتني على جناحيها الخافقين حينما قرأت هذه الرسالة .... ما أعظمها من بشرى ..... حينما ، ألقيت بذلك الكتاب المتهافت الذي كنت أقرؤه (( المرأة العربية وذكورية الأصالة )) ، ألقيت به وأنا أردد قول الله تعالى : { يُرِيدُونَ أن يُطْفِئُوا نُورَ اللهِ بَأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ } ....

ثم أمسكت بالقلم ... وكتَبْتُ رسالةََ ً إلى (( أم محمد )) عبَّرْتُ فيها عن فرحتي برسالتها ، وبما حملته من البشرى ، وضمَّنتها أبياتاً من القصيدة التي أشارت إليها في رسالتها ، منها :

ضدان يا أختاه ما اجتمعا *** دين الهدى والفسق والصَّدُّ
والله مـــــا أزرى بأمـــتنا *** إلا ازدواج مــــا لــه حَــدُّ

وعندما هممت بإرسال رسالتي ، تبيَّن لي أنها لم تكتب عنوانها البريديَّ ، فطويتها بين أوراقي لعلّها تصل إليها ذات يوم .

المصدر كتاب لا تغضب .. مناقشات هادئة
للدكتور عبدالرحمن بن صالح العشماوي

قصيدة : ضدَّان يا أختاه .. العشماوي

"
مهدي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-10-2003, 08:22 PM   #5
السعدون
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jul 2003
المشاركات: 14,495

 
افتراضي

اللهم نسالك الثبات
السعدون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 18-10-2003, 05:43 AM   #6
أبو سراج
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2003
المشاركات: 1,838

 
افتراضي

اللهم نسالك الثبات
أبو سراج غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:04 AM. حسب توقيت مدينه الرياض

Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.