البنوك وغياب ابتكار طرق حديثة للتمويل

[محمد السويد]

البنوك وغياب ابتكار طرق حديثة للتمويل

التاريخ: الأحد 2004/04/04 م





مثال آخر على تقاعس البنوك نراها ما زالت توكل أمر تمويل الصناعات لدينا إلى صندوق التنمية الصناعية، حيث لم نسمع يوماً عن صندوق استثماري خاص يقوم بتمويل المشاريع الصغيرة أو المتوسطة الحجم، بل إن كل ما هو موجود هو تمويل موجه للمؤسسات الصناعية الضخمة أو بعض القروض المحدودة لقطاع بعينه من الصناعات، ولم نسمع بأن أحد البنوك قام بتمويل مشاريع على مستوى الأفراد كما نراه في الدول المتقدمة الأخرى دعماً للقطاع الصناعي الناشئ لديها.
وأيضاً هناك جانب تنموي لا يقل أهمية عمّا سبق وهو مشاريع البنية الأساسية، فما زالت هناك مناطق متعددة في السعودية تحتاج إلى توسيع أو تحسين أو حتى إنشاء خدمات أساسية مثل الكهرباء، الصرف الصحي، المياه، الطرق، مناطق صناعية... إلخ.
ودون مبالغة ما زالت أجزاء كبيرة من مدينة الرياض تحتاج إلى إنشاء شبكات تصريف صحي، ناهيك عن مدينة جدة التي لا يتوفر فيها أي نوع من أنظمة التصريف الصحي، هذه المشاريع التنموية من المفترض أن تقوم البنوك بتمويلها عن طريق طرحها كصناديق استثمار على العامة، ولا أعتقد بأن الإقبال عليها سيكون ضعيفاً خاصة إذا علمنا أن هناك عوائد على هذه الصناديق مادية سواء كأرباح أو حتى الاستفادة منها على الصعيد الشعبي.
وبسبب تقاعس البنوك عن ابتكار طرق لتمويل مثل هذه المشاريع التنموية، عدد الوظائف المتوفرة بدأ في التضاؤل وبدأنا نسمع عن ارتفاع في حجم البطالة، كيف يمكننا مواجهة البطالة إذا كانت عجلة الاقتصاد متمثلة في البنوك متعطلة أو مضطربة، الموضوع ليس معادلة كيميائية أو رياضية، جل المسألة هو أن هناك مستثمرين متعطشين لاستثمار مدخراتهم وهناك مشاريع تنموية تحتاج إلى تمويل، نقوم بمزاوجتهم عن طريق الصناديق الاستثمارية فنخرج بإيجابيات عديدة، منها تحسن في الناتج القومي، خلق وظائف جديدة، خلق فرص استثمارية جديدة، تغطية حاجات تنموية، ونلحق بالعالم الأول.
أعتقد من وجهة نظري أن تقاعس البنوك هذا بسبب أرباحها العالية الخيالية الناتجة بسبب الودائع المالية المجانية لديها، فالحاصل هو أن نسبة كبيرة من السعوديين يحتفظون بأموالهم مودعة في البنوك دون أن يطالبوا بفوائد على حساباتهم الجارية وذلك يعود إلى ديننا الذي يحرم التعامل بالربا، بالنسبة للبنوك هذه الودائع حصلت عليها بالمجان Free Money تقوم هي بدورها بوضعها كودائع لدى بنوك أخرى لتحصيل فوائد دون أي تكلفة تذكر، بمعنى أن البنوك تستفيد من هذه النقود بشكل مجاني دون أن تقوم في المقابل بأي عمل إيجابي مفيد للمجتمع.
لهذا أعتقد بأن الحل الوحيد لإيقاظ البنوك من سباتها هو تأسيس صناديق خيرية خاصة ذات أهداف اجتماعية، حيث إن وجهة نظري هي بدلاً من تركها للبنوك مجاناً يتصرفون بها بشكل غير مفيد للمجتمع فالأفضل أن يقوم صاحب المال بنفسه بالدور هذا وإفادة مجتمعه بشكل مباشر، فهناك أفراد أصحاب أفكار تجارية ينقصهم التمويل، هناك جزء من المجتمع يحتاج إلى إسكان، وهناك قرى تحتاج إلى محطات كهرباء.. إلخ.
يوجد حالياً مؤسسات خيرية تقوم بأعمال اجتماعية محدودة، هذا التمويل الجديد سيفتح لديها آفاقاً أخرى من العمل الاجتماعي يحسن من المستوى المعيشي لأفراد مجتمعنا.

[الاسطورة]

كما عهدتكم استاذ محمد

دائما بالطليعه