عهد مضى وعهد آت .. والآمال تتخطى التوقعات

[ميكروديناميك]

ليس للازمنة عيب سوى من يعيشها تلك هي الحكمة التي برزت عبر العصور ، ففي الازمان قصص مضت وحكم تظهر وليس من اهلها عارف بها سوى القلة التي نجت بمعرفتها .

ليس اليقين سوى اقرب الشكوك الى الحقيقة ، ومن غابت شمسه قبل ان تشرق على آخرين ليس سوى عابر انتهت رحلته ، فالسابقون ليسو سوى التعريف لمن يلحق بهم والكل يمضي الى ذلك الموعد ، ولكل قصة كما ان لها بداية فان لها نهاية ومن لم تنتهي قصته حتما فانه يسير الى نهايتها.

ان العبرة والاعتبار صنفان لمفهوم واحد هو تلك النتيجة التي يشاهدها الانسان ، فلا وجدود لاحدهما ان لم نجد تلك النتيجة ، وما البشر وان تنوعت مراتبهم من حاكم ومحكوم ومن سيد وعبد ومن اسود وابيض واحمر واصفر سوى سلسلة لا متناهية من قصص نزاعات مفهوم التسلط والسلطة والتنازع على الحقوق ولن يعلو شأن رجل منهم سوى ظاهر يرى تلك النزاعات ويكون اكثرهم بصيرة بالظالم والمظلوم ، والقاهر والمقهور ، والسائل المحروم ، والمتكبر المغرور ويعلم خباياهم ومما هم يخشون وينزع المغصوب من الغاصب والمسلوب من السالب ويرفع القهر عن من ضاق به المه وهو بذاك محقق لرسالة تلك المنزلة التي بلغها.

والبشر غلبتهم طبيعتهم عبر العصور ، فبالغ تلك المنزلة غض طرفه عن ذاك وغادر ولم يدرك احد انه بلغها ،وآخر غلبه النظر الى الاعلى فلم يعد يرى ما تحته ، واما من سارع لمعرفة حكمة ذاك فلقد نال تمجيد اهله وقومه وزمانه وقرنه ودهره بل نال تزكية خالق هذا الكون ومدبر اموره (ربنا جل في علاه )وامتدح خير فعاله.

ان مجيد الافعال لا يحتاج الى عظيم عمل لان الافعال التي تمجد اصحابها تاتي عبر الاعمال ذات القيمة العالية في جميع مراتبها بدأ من عمل الاعمال ذات القيمة الاخلاقية الكبيرة ونهاية بالاعمال ذات القيمة المادية العالية ، وكم من عظيم رفعه عمل ذات قيمة اخلاقية كبيرة هو في عين من لا يعرف عمل صغير وكم من عظيم عمل عملا ذات قيمة مادية كبيرة هو في عين من لا يعرف عمل مادي صغير ، فكم من طالب علم يحتاج الى ما يحمله وقام عظيم باعطاءه فتعلم ونفع وكم من طالب حاجة صغيرة نالها من عظيم اراحت تعب سنين وهموم ليال وكم من صاحب دين كف اذاه رجل عظيم باعتاق رمقة مديونيه وكم من عزب طال به حاله ولقي من ذاك العظيم منفعة فانجب عالما او مهندسا او طبيبا ينفع الله به الناس.

ان الاعمال ذات القيم العالية تكتسب قيمتها من قوة أثرها ، وليس من العائد المترتب عليها فالمال يزول بزوال سبب حفظه اما المكتسبات والاعمال المثمرة فهي من تبقى ويصعب ذهابها ، وليس في جهد المقل خير ان عف عن نفع الناس وليس في كنوز العظماء خير ان بقيت في كنونها لانها تصغر مع تكاثر الناس وتوافر غيرها .

ان نتوقع شيء وان نتامل شيء وهما شيئان يتجاوز الاخير منهما الأول فعادة الانسان ان يسبق امله توقعه وأجله ، ولذا فالحكيم من جعل امله هو حظوة توقعه وقارب بينهما واما من لحق بتوقعه امله فهو خائب سينكص على عقبه حين يرى ان ذاك وهما خلقه امله ، فليس للانسان الا ما سعى وان سعيه سوف يرى وعلى كل انسان ان ينظر لنفسه قبل ان يتامل في علامات نجومه وقبل ان يرفع راسه لما في السماء ان ينظر الى ما حوله كي لا يقع ، وهذا هو باختصار ما يجب ان تتحلى به اليوم حين تذهب الى سوقك وعملك ومحط كسب رزقك لانك بذاك تحقق المنزلة التي تنال بها ما ترغب.


أسأل الله لي ولكم التوفيق والهداية