سعر النفط المستهدف (جريدة الرياض )

[eyadh]

سعر النفط المستهدف يجب أن يكون عند الأربعين دولاراً

بقلم - هزاع القحطاني:

قبل ثلاثة اشهر كتبت مقالاً بعنوان البترول يبحث عن سعر عادل فوق الاربعين دولارا، واختلف معي الكثير حول ذلك وها نحن اليوم نشاهد الاسعار تقترب من الخمسين دولاراً، وهذا اقتصادياً يؤكد ان ارتفاع السعر تصحيح في الاسعار مرتبط بالنمو الكبير في الطلب على النفط، ولن نستغرب ان تلامس الاسعار الستين دولاراً قبل نهاية هذا العام، وما يثير الاستغراب ان موقفنا الرسمي يقبل بأن الاسعار عند هذا المستوى عالية جداً ويجب ان تتراجع الى نصف مستواها الحالي.
نحن نقبل بأن استقرار اسعار البترول مسؤولية الجميع منتجين ومستهلكين، ولكن نختلف حول المستوى الذي يجب ان يكون عليه السعر، ونحن جزء من هذه المشكلة لاننا طول السنوات الماضية ساهمنا بدور كبير في مجموعة الضغط على الاسعار عند مستويات اقل من السعر الحقيقي، ولو انه سمح بمعدل نمو في اسعار هذه السلعة المهمة والحيوية اسوة بالسلع الحيوية الأخرى خلال الثلاثين عاماً الماضية وفقاً لنمو الطلب والتضخم العالمي، لما كان هذا السعر الذي نراه اليوم مفاجأة للسوق النفطية.
ان ارتفاع السعر الى مستوى الاربعين دولاراً مبرر، ويجب ان لا نقبل بمعدل اقل منه لان الطلب ينمو بنسبة كبيرة مقابل نمو محدود في العرض، وبالمناسبة شهد هذا العام اكبر نسبة نمو في الطلب على البترول جاءت اكبر نسبة فيها من الصين التي لايزال معدل استهلاك الفرد فيها من المشتقات النفطية سبع معدل استهلاك الفرد في الولايات المتحدة، وجاءت الهند في المرتبة الثانية، وهما اكبر دولتين في العالم من ناحية الكثافة السكانية وتشهدان اكبر نسبة نمو اقتصادي حقيقي في العالم.
لا يجب ان نرضخ للضغوط ان كانت هناك ضغوط سياسية، وحجتنا قوية جداً بالاحتكام لآلية السوق في مقابل ان نعمل مع المستهلكين على استقرار الاسعار عند سعر عادل يحدده العرض والطلب.
يجب ان لا نقبل بالمعايير المزدوجة التي تحاول فرضها علينا بعض الدول الصناعية، بالانتقائية في تصنيف السلع التي يسمح بارتفاعها دون ضجة، والمثال على ذلك ان اسعار الحديد التي تشهد ارتفاعاً حاداً غير مسبوق لم يثر حولها خلاف يذكر، وبالمناسبة قبل ارتفاع اسعار الحديد فرضت الولايات المتحدة الامريكية رسوما اضافية على الحديد المستورد لحماية مصانع الحديد الامريكية متجاهلة كل الاتفاقات التجارية التي تربطها بكثير من الدول ودخلت في اشكالية قانونية مع حليفها الاقتصادي الاتحاد الاوربي. والجميع يعلم ان مادة الحديد عنصر رئيسي له تأثير في الاقتصاد العالمي لا يقل اهمية عن البترول، فلماذا البترول؟
يروج الاعلام الغربي لفرضية ان ارتفاع اسعار البترول يعيق نمو الاقتصاد العالمي، وقد دحض هذا الادعاء تقرير اوبك الأخير الذي اشار الى انه لم يلاحظ تأثير لارتفاع اسعار البترول على نمو الاقتصاد العالمي، وتلا ذلك تصريح من المستشار الالماني اكد فيه ان ارتفاع اسعار النفط لن يؤثر على نمو الاقتصاد العالمي.
ان ارتفاع اسعار البترول لم يكن نتيجة نقص في الامدادات، حيث تنتج جميع الدول تقريباً بكامل طاقتها وأسال نفس السؤال الذي سأله الأستاذ عبدالرحمن الراشد لماذا من مصلحتنا الا تبقى اسعار البترول معلقة في السماء وان عليها ان تهبط، واضيف هل نحن مسؤولون عن تعثر نمو اقتصاد بعض الدول في الغرب، ونعلم ان هناك نموا كبيرا في الشرق يحتاج للنفط وبالسعر الذي يحدده السوق، نحن يمكن ان نتعاطف مع الولايات المتحدة الامريكية بصفتها حليفاً تجاريا استراتيجيا، واقتصادها يعتبر اكثر اقتصاديات دول العالم الذي يتأثر فيه النمو سلباً وايجاباً بالتغير في اسعار البترول، ولكن عليهم ان يقبلوا بسعر معقول ليس اقل من الاربعين دولاراً في الوقت الحاضر لنعمل معهم ومع غيرهم على استقرار الاسعار، وهذا يتوافق مع المبدأ الذي تعلمناه في مدارسهم بأنه لا يوجد غداء مجاني.