للتسجيل اضغط هـنـا
أنظمة الموقع تداول في الإعلام للإعلان لديـنا راسلنا التسجيل طلب كود تنشيط العضوية   تنشيط العضوية استعادة كلمة المرور
تداول مواقع الشركات مركز البرامج
مؤشرات السوق اسعار النفط مؤشرات العالم اعلانات الشركات الاكثر نشاط تحميل
 



العودة   منتديات تداول > المنتديات الإدارية > اســــتراحـة الــــمســاهــمين



إضافة رد
 
أدوات الموضوع
قديم 29-02-2004, 10:09 AM   #1
ابو عبيد
متداول نشيط
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 5,847

 

افتراضي تقدم أحد رجال الأعمال فى جدة بطلب ترخيص لانشاء مقبره خمسة نجوم

قبور "خمسة نجوم"!
كان يفترض أن أكتب في هذه الزاوية الأسبوعية أمورا أرى أنها تهم الناس الأحياء منهم الذين سيقومون بقراءة هذه السطور. لكن هذه المرة سأكتب عن موضوع أتوقع أنه كان سيثير فضول الموتى (رحمهم الله) كذلك!
والسبب هو خبر نشرته صحيفة "الوطن" في عددها (1230)، والذي يتحدث عن تقدم أحد رجال الأعمال في جدة بطلب ترخيص لإنشاء مقبرة "خمسة نجوم"! أجل تخيلوا ليس فندقاً خمسة نجوم، بل قبراً خمسة نجوم!
يوضح الخبر أن أسعار القبور ستتراوح ما بين 3 آلاف و5 آلاف ريال سعودي، لأنه كما أتوقع فإن هناك درجات للقبور. فربما هناك درجة أولى، ودرجة سياحية، ودرجة ثانية وهكذا. يقول الرجل أيضا إن الغرض هو شراء القبر، بحيث لا ينبش عند إدخال جثة أخرى، كما هو حاصل حاليا. ويعد صاحبنا كذلك بتوفير سيارات مساندة، خاصة بنقل الموتى، تشبه بالطبع تلك التي نراها في أوروبا وأمريكا. وستنقل الجثة من أي مكان إلى القبر، يعني الخدمة شاملة التوصيل والإنزال. لكن لا يبدو للأسف أنها تشمل التغليف كذلك!
وعذرا على هذا التهكم الذي لا يتناسب مع جلال الموت، لكن شر البلية ما يضحك. ويبدو أن الرجل عندما قرر (اقتباس) الفكرة الغربية، لم يلم بكافة جوانبها، ففي الغرب يتم أيضا اختيار خامة قماش الكفن، ولونه، وكذلك حجم التابوت وجودة خشبه، وعادة ما يختارها الموتى بأنفسهم، وهناك شركات خاصة بهذه الأمور. وشركات أخرى خاصة بإقامة الشواهد القبورية التي ينقش عليها، الاسم والتاريخ، وربما بيت من الشعر.
وطبعا هذه لن تدخل ضمن مشروع صاحبنا، لأنه وعد بأن يتم كل شيء حسب الشريعة الإسلامية. ولا أعرف إن كانت فكرة إنشاء قبور (خمسة نجوم) فكرة إسلامية بالأساس، فلست متخصصة بالشريعة. لكن الذي أعرفه بعلمي البسيط أن الإسلام ينهى عن الإسراف والبذخ والتفاخر، وشدد في موضوع البدع، التي أرى (والله أعلم) أن هذا الأمر يدخل فيها، كما أن فيها تقليداً واضحاً لغير المسلمين، وقد نهينا عنه.
وهكذا بعد التفاخر بالأحساب والأنساب، والتفاخر في حفلات الزواج، وحفلات المولود، والنجاح، و التفاخر بالجوالات ذات الكاميرات، والسيارات، سيظهر عندنا شيء جديد اسمه التفاخر بالأموات! فقبر ميت من أكبر؟ وعند أي شركة (لأن الشركات ستتكاثر) تم دفن فلان؟ وكم مساحة القبر؟ وهل له واجهة بحرية؟
وما نوع السيارة التي نقلت الجثمان الطاهر... سوداء أو كحلي؟ وهل كان الذي نزل الميت للقبر لبناني أو فلبيني أو سعودي، وطبعا سيطالب البعض بسعودة هذه الوظيفة لتوفير عمل لأولاد البلد، فالقريب أولى من الغريب. ثم سنطالب بفتح قسم نسائي، حتى يكون من ينزل المرأة لقبرها امرأة مثلها، لكن سنواجه مشكلة، فالمرأة لا يجوز لها زيارة القبور!
سأروي لكم هذه الحكاية التي تذكرتها وأنا أكتب، ففي شهر سبتمبر الماضي كنت أتحدث مع صديقة يونانية، والمفترض أنها مسيحية أرثوذكسية، لكنها أخبرتني بأنها قد ألحدت! حاولت معرفة السبب، فكانت أسباب كثيرة، ولكن على رأسها نظرتها للكنيسة في اليونان، وكيف أنها تعرت أمامها فبدت في أبشع صورة. مؤسسة تستغل الناس حتى في الموت! قالت لي صديقتي: (عليك أن تدفعي مقابل أن تدفن جثة قريبك مبالغ طائلة لا يتحملها غالبية الشعب اليوناني، الذي يعاني اقتصاده بشكل كبير، ويختلف عن بقية دول أوروبا. وإن لم تفعلي فصدقيني سيتركون الجثة هكذا في العراء، وإلا عليكم دفنها بأنفسكم بأن تحفروا قبرا. وهو أمر مستحيل. لقد توفيت قريبة والدتي وتركت ممتلكاتها وصية للكنيسة، ومع ذلك رفضوا دفنها دون أن ندفع، قائلين إنهم يريدون المبلغ نقدا، وإن الأمور العينية كالأراضي والبيوت لا تُحتسب. لقد كرهت هذا الدين، ومن نصبوا أنفسهم قيّمين عليه، ممن يأخذون أموالا لقاء أن يعيدوا الإنسان إلى جوف أمه (الأرض). يومها حمدت الله أنني مسلمة من هذه البلاد، وأن موتانا يدفنون في أراضيها الشاسعة دون أن يدفعوا هللة واحدة، وهذا هو الوضع في الإسلام على أية حال. ولكنني فوجئت بقراءة ذلك الخبر حد الدهشة، وأنا أتساءل إذا كان سيأتي يوماً شاب سعودي، أو فتاة سعودية، ليشعرا بالغضب ذاته، لرؤيتهما من يستغل حاجة الموتى (بعد استغلالهم أحياء)؟
كنت أغضب بشدة عندما أرى التبرعات السخية تنهال من رجال أعمالنا على المؤسسات التعليمية في الدول العربية والغربية. وكنت ومازلت أشعر بالغم عندما أشاهد السعوديين يقومون بالاستثمار في بلاد أخرى، في وقت تحاول بلادنا جاهدة استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وخاصة حين تكون الأرقام فلكية، وآخرها المليارات التي ستستثمر في دبي، في مجالي السياحة والإعمار. ثم قررت أنه من العبث محاولة إذكاء الوطنية في بعض هؤلاء القوم، وقد أسمعت إذ ناديت حيا.
لكن إذا كانت استثماراتهم الداخلية ستكون من هذا النوع، فنقول لهم، شكرا لكم، لا نريد هذه الاستثمارات، ونفضل عليها استثمارات الأوروبيين والأمريكيين واليابانيين والصينيين، والله يغنينا. فبغض النظر عن الرأي الشرعي والإنساني في قضية القبور الفندقية، هل اكتفينا من الاستثمارات في مجالات التعليم، والصحة، والثقافة، والرياضة، والسياحة، والخدمات العامة، والتكنولوجيا، والزراعة، والصناعة، والإعمار حتى تضيق علينا المجالات فلا نجد شيئا نستثمر فيه سوى المقابر؟
في العدد ذاته من الصحيفة، هناك تحقيق عن جازان والجزر التابعة لها مثل فرسان، وعرض لفرص الاستثمار العديدة هناك، خاصة في مجال السياحة، فتلك منطقة بكر وتنتظر الكثير. ولكن ها نحن نرى بأن صاحبنا قرر غض الطرف عن هذا، وتفتق ذهنه عن فكرة القبور المميزة!
أخشى أن يأتي يوم تصبح فيه كل القبور (مخصخصة)، فلا يجد الفقير مالا يشغل به مكانا في عالم الموتى، بعد أن لم يجد مكانا في عالم الأحياء. وإن حدث وتم تمرير هذا المشروع لا سمح الله، فليتذكر كل إنسان فقد عزيزا، أن شكل وحجم ومكان القبر، لا تجعله خمسة نجوم، وحدها الأعمال الصالحة للميت نفسه هي من تجعل قبره روضة من الجنة أو حفرة من النار. وإذا أراد أهل الميت مساعدته فعليهم بالدعاء، وبصرف الأموال على أعمال البر، وخاصة الصدقات الجارية، وبإهدائه ثوابها. هكذا تصبح قبورنا خمسة نجوم بالفعل كما أخبرتنا شريعتنا التي عليها نحيا ونموت ونبعث بإذن الله.

*كاتبة سعودية

مرام عبدالرحمن مكاوي

م جريدة الوطن
ابو عبيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:52 AM. حسب توقيت مدينه الرياض

Powered by vBulletin® Version 3.8.3
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.