الغاء الرسم الحمائي على حديد التسليح ماذا يعني ؟

[د. علي دقاق]

--------------------------------------------------------------------------------

التاريخ : 23/2/1425 هــ
الموافق : 13/4/2004 م

العـدد : 1031
شؤون اقتصادية
زيادة متوقعة في الطاقة الانتاجية والاستيرادية
الغاء الحماية على حديد التسليح يعزز المعروض ويدعم قطاع الانشاءات

المصدر : قراءة: د. علي دقاق
قرار مجلس الوزراء الموقر بالغاء الرسم الحمائي على حديد التسليح والمحدد بنسبة 20% وتطبيق بدلا من ذلك الرسم الجمركي وذلك بنسبة 5% والمبني على طلب معالي وزير التجارة والصناعة يحمل العديد من المؤشرات والدلالات الاقتصادية يجمع بينها كونه قرارا استثماريا قائما على العديد من المتغيرات التي تندرج من المحلية الى الاقليمية فالدولية خاصة اذا ما عرفنا ان الحديد كسلعة مهمة تتميز بخاصية الاحلال والتكامل الرأسي والافقي فهي اذا مثال لسلعة عالمية كالنفط بصورته السائلة والغازية المتمثلة في الزيت والغاز الطبيعي المصاحب وغير المصاحب للزيت وهنا نضيف ان الربط بين الحديد والنفط هنا فرض نفسه على خلفية ارتفاع اسعار الحديد محليا واقليميا وعالميا خاصة حديد التسليح الذي يستغرق الجزء الأكبر من انتاج الحديد خاصة في البلدان التي يمثل قطاع الانشاءات والمباني فيها نسبة جيدة من الناتج القومي الاجمالي وفي بعضها يكون قطاعا قائدا لحركة النمو الاقتصادي كما هو الحال في المملكة حيث يعتبر قطاع الانشاءات والمباني والعقار من قنوات الاستثمار الأكثر وضوحا أمام المستثمرين -بالرغم من غياب التنظيم الرسمي لهذا القطاع- الى جانب سوق الاسهم.

واذا نظرنا الى مؤشرات القرار الخاص بالغاء رسوم الحماية عن حديد التسليح التي سبق ان طالبنا بها في مقال سابق بتاريخ 22/1/1425هـ تحت عنوان (أزمة الحديد وهيئة المساحة السعودية) فإن هذا القرار وبقدر ما يشير الى درجة مرونة واستجابة صانعي القرار الاقتصادي للمعطيات والمتغيرات الاقتصادية ويستدعي ايضا الاستعداد لما يعنيه كسر الحماية من توقعات الجذب الاستثماري الخاص للتنقيب واستخراج الحديد من جهة وارتفاع نسبة الواردات المتوقعة من هذا المنتج خاصة اذا ما عرفنا ان هناك فجوة حقيقية بين العرض والطلب لصالح الطلب أدت الى هذا الارتفاع الجنوني في أسعار الحديد التي تفاعل معها المتخصص والعادي من المواطنين ما يعني ان قضية أسعار الحديد من الزاوية الاقتصادية تعتبر الأكثر وضوحا وتأثيرا مباشرا ومنطقية -ربما مقارنة بالنفط- التي تملي وبنفس المنطق ولأسباب اقتصادية فتح الباب أمام الاستثمارات الخاصة للتنقيب واستخراج الحديد للاستفادة من ارتفاع اسعار الحديد التي لا شك سيتولد عنها العديد من القيم المضافة خاصة ان الدراسات والاحصاءات تشير الى وجود احتياطي جيد من خام الحديد في المملكة.

وما قد يعنيه قرار الغاء الرسم الحمائي على حديد التسليح هو ضرورة ايجاد نوع من التوازن بين نتيجتين متوقعتين وهما الأولى فتح الباب أمام الاستثمارات الخاصة و/ أو زيادة الطاقة الانتاجية لشركة حديد التابعة لسابك والثانية زيادة الطاقة الاستيرادية من الخارج من حديد التسليح الذي يعتبر ارخص نسبيا -برغم ارتفاع أسعاره- لكن في نفس الوقت فهذا يعني تسريبا للعملة الصعبة الى خارج الوطن ونقصا في الايرادات من استيراد الحديد بحوالي 15%.

فالنتيجة الأولى وبالقفز على الاجراءات القانونية المطلوبة مع أهميتها نجد ان ما يعوقها هو انخفاض مرونة العرض بمعنى طول المدة المطلوبة لمرحلة المنبع -الاستكشاف والتنقيب والاستخراج- للوصول الى منتج نهائي (وسيط) يتمثل في حديد التسليح لكن يبررها الحاجة للدخل - العملة الصعبة- والوظائف التي يمكن توليدها.. اما النتيجة الثانية فهي ربما الأسهل تطبيقا وربما الأسرع في سد ولو جزء من الفجوة بين العرض والطلب لكن يبقى ارتفاع فاتورة الاستيراد مهما اقتصاديا مع أنها تحقق الغرض الاجتماعي.

وأخيرا فإن المرونة ودرجة الاستجابة السريعة نسبيا والمتمثلة في الغاء الرسم الحمائي 20% والعودة الى الرسم الجمركي الطبيعي 5% تؤكد على ان المملكة عضو وجزء فاعل ضمن منظومة الاقتصاد الحر.

ويبقى ايضا هذا القرار قرارا استثماريا يتطلب الموازنة بين العوائد والتكاليف للنتائج التي قد يستدعيها القرار التي كان اوضحها يتمثل في أهمية فتح باب الاستثمار وما يتطلبه ذلك من تعديلات وتطويرات في الاجراءات -السياسة القانونية- وكذلك تخفيض التكاليف امام الاستيراد من الخارج وهنا لا بد من ملاحظة امكانية الاغراق وكذلك امكانية مخالفة المواصفات والمقاييس السعودية.



--------------------------------------------------------------------------------
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر
جدة: 6760000