تقرير الوطن الشهري لأداء أسواق النفط العالمية في نوفمبر

[نديم الشاشة]

تقرير الوطن الشهري لأداء أسواق النفط العالمية في نوفمبر
التهديدات الأمريكية ترفع أسعار النفط والتصريحات العراقية تخفضها


كولورادو: أنس فيصل الحجي
انخفضت أسعار النفط في شهر نوفمبر الماضي على الرغم من التهديدات الأمريكية المستمرة للعراق, وانخفاض المخزون في الدول المستهلكة, خاصة في الولايات المتحدة. وكانت أسعار النفط قد بدأت بالانخفاض منذ شهر أكتوبر بسبب المعارضة الروسية والفرنسية للمشروع الأمريكي في مجلس الأمن الذي كان يتطلب قيام الأمم المتحدة بضرب العراق مباشرة إذا ثبتت مخالفة العراق لقرارات الأمم المتحدة.

وانخفض متوسط سعر سلة أوبك بمقدار 2.50 دولار للبرميل في شهر نوفمبر ليصل إلى 24.82 دولاراً للبرميل, بعد أن انخفض بشكل طفيف في شهر أكتوبر حين وصل سعر البرميل إلى 27.32 دولاراً. وكان سعر السلة قد ارتفع بمقدار 6% في شهر سبتمبر و8.7 % في شهر أغسطس. وانخفض سعر خام برنت بمقدار 3.12 دولارات للبرميل في شهر نوفمبر, بينما انخفض سعر خام غرب تكساس بمقدار 2.59 دولار للبرميل (انظر الجدول المرافق).
وفيما يلي أهم الأحداث التي أثرت على أسعار النفط في شهر نوفمبر الماضي:
1- العراق والولايات المتحدة: انخفضت أسعار النفط مع تراجع الولايات المتحدة عن موقفها تجاه العراق ومحاولتها إشراك الأمم المتحدة في القرار. فقد انخفضت أسعار النفط في الأسواق الدولية كافة في أول شهر نوفمبر بسبب رفض روسيا وفرنسا لمشروع القرار الأمريكي وقيام الولايات المتحدة بتعديل المشروع, الأمر الذي جعل المتعاملين يعتقدون بتأخر الحرب, التي كان من المتوقع أن تقوم في الوقت الحالي. وكانت أسعار خام برنت قد ارتفعت يوم 4 نوفمبر بعد ظهور إشاعات مفادها أن الولايات المتحدة ستقوم باستدعاء الجنود الاحتياط للمشاركة في الحرب ضد العراق. وانخفضت الأسعار يوم 5 نوفمبر بعد صدور تقرير أفاد أن هناك زيادة كبيرة في صادرات النفط العراقية التي بلغت 1.61 مليون برميل يومياً. ونظراً لاختلاف التوقعات حول أثر التوصل إلى اتفاق في مجلس الأمن حول العراق, انخفضت أسعار النفط في الأسواق الأمريكية بينما ارتفعت في الأسواق الأوروبية. ولكن أسعار النفط ما لبثت أن ارتفعت في الأسواق الأمريكية يوم 8 نوفمبر بسبب تحذير شديد اللهجة وجهه الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى الرئيس العراقي صدام حسين. وأدى تناقض التوقعات بشأن العراق إلى اختلاف أسعار النفط إلى أن قام العراق بالإعلان رسمياً يوم 13 نوفمبر عن قبول قرار الأمم المتحدة الجديد فانخفضت أسعار النفط بشكل كبير في ذلك اليوم. وكان متوسط سعر سلة أوبك قد ارتفع في اليوم السابق بسبب رفض البرلمان العراقي لقرار الأمم المتحدة. وما لبثت أسعار النفط أن ارتفعت بشكل كبير يوم 18 نوفمبر عندما وصل مفتشو الأمم المتحدة إلى العراق حيث توقع المتعاملون ظهور عدد من المشكلات التي قد تسرع الحرب ضد العراق, خاصة بعد ظهور تقارير لا يعرف مصدرها من أن قيام العراق باستخدام الرادارات في المنطقة التي يحظر فيها الطيران يعد مخالفاً لقرار الأمم المتحدة الجديد ومدعاة لضرب العراق. وارتفعت أسعار برنت وسلة أوبك يوم 21 نوفمبر عندما وافقت دول حلف الناتو على دعم الأمم المتحدة في عملية نزع أسلحة الدمار الشامل من العراق. وكان المتعاملون في أسواق النفط الأوروبية قد فسروا قرار الناتو على أنه خطوة أخرى على طريق الحرب مما أدى إلى رفع أسعار النفط. واستمرت الأسعار بالارتفاع في اليوم التالي بعد صدور تصريح مشترك للرئيسين الأمريكي والروسي يطالبان فيه العراق بالتعاون مع المفتشين أو التعرض لعقاب دولي. ورأى المراقبون تغيراً في الموقف الروسي لمصلحة الولايات المتحدة مما عزز من توقعات احتمال وقوع الحرب. وارتفعت أسعار النفط مرة أخرى في الأسواق الأوروبية بسبب التوتر الناتج عن عدم وضوح الرؤية بشأن العراق في فترة عطلة عيد الشكر الأمريكية.
2- أوبك: أسهمت تصرفات أوبك في تخفيض أسعار النفط وإبقائها ضمن النطاق السعري عن طريقين, الأول تجاوز الحصص الإنتاجية بشكل كبير, والثاني التصريحات الرسمية التي ساهمت في رفع الأسعار عند انخفاضها. فقد انخفضت أسعار النفط يوم 7 نوفمبر بعد صدور تقرير يفيد بزيادة دول أوبك من انتهاكها للحصص الإنتاجية. وكان من العوامل المساهمة في رفع أسعار النفط يوم 22 نوفمبر هو تصريح وزير الطاقة والمعادن الجزائري شكيب خليل أن أوبك ستتخذ إجراءات صارمة في اجتماعها المقبل للحد من انتهاك الحصص الإنتاجية.

3- برودة الطقس: عانت منطقة شمال شرق الولايات المتحدة, التي تعتبر أكبر سوق عالمي لوقود التدفئة, من برد قارس لم تشهده المنطقة في هذه الفترة من السنة منذ زمن طويل, الأمر الذي أدى إلى زيادة الطلب على وقود التدفئة وارتفاع أسعار النفط, خاصة يوم 15 نوفمبر. وكانت درجات الحرارة قد انخفضت بمقدار 36% عن معدلات العام الماضي والسنوات العشر الأخيرة. وأدى توقع مصلحة الأرصاد الأمريكية يوم 4 نوفمبر بأن هذا الشتاء أبرد من غيره على ارتفاع أسعار النفط في ذلك اليوم. ويذكر أن هناك تأثيراً آخر لتوقع اشتداد البرودة وهو قيام أصحاب معامل التكرير وشركات النقل والشركات المالكة لمحطات البنزين بتخزين كميات كبيرة من المشتقات النفطية خوفاً من انقطاع المواصلات وتعذر إيصال الإمدادات إلى الأسواق.

4- المخزون: أدى اختلاف توقع المتعاملين في أسواق النفط إلى تذبذب أسعار النفط واختلاف اتجاهها بين الأسواق العالمية المختلفة. ويعود اختلاف التوقعات إلى عدة أسباب أهمها تضارب معلومات المخزون التي بلغت أوجها في الشهر الماضي حيث تعارضت تقارير معهد البترول الأمريكي مع تقارير وزارة الطاقة الأمريكية. وقد بدا أثر انخفاض المخزون على أسعار النفط واضحاً يوم 14 نوفمبر عندما أعلن كل من المعهد والوزارة انخفاض المخزون بشكل كبير. ولكن أثر المخزون لم يكن واضحاً في الفترات الأخرى إما بسبب تعارض البيانات أو بسبب شبح الحرب مع العراق.

5- العوامل الأخرى: أسهم عدد من العوامل الأخرى في رفع أسعار النفط أهمها الزلزال الذي ضرب ولاية ألاسكا والذي أدى إلى توقف 95% من إنتاجها النفطي يوم 4 نوفمبر, وتوقع إضراب عمال النفط في فنزويلا الذي أدى إلى ارتفاع أسعار النفط في آخر الشهر, وأعمال الشغب في نيجيريا. كما ارتفعت أسعار النفط يوم 20 نوفمبر بعد صدور تقرير رسمي أفاد أن مخزون الدول الصناعية من النفط قد انخفض بشكل كبير في شهر أكتوبر بمقدار 13.5 مليون برميل, مع أن مقدار الانخفاض التاريخي في الفترة نفسها هو 4 ملايين برميل فقط. وقد لعب المضاربون دوراً كبيراً في تذبذب أسعار النفط خاصة في يومي 13 و26 نوفمبر.

ومن المتوقع أن تحافظ أسعار النفط على مستوياتها الحالية تقريباً خلال الشهر الحالي على الرغم من تجاوز أوبك لحصصها الإنتاجية, مع احتمال كبير لانخفاضها إذا لم يتمكن مفتشو الأمم المتحدة من إثبات مخالفة العراق لقرارات الأمم المتحدة. ولكن الأسعار سترتفع إذا توقفت صادرات فنزويلا نتيجة إضراب كامل لعمال النفط أو نتيجة لأي تغيير سياسي في ذلك البلد.