الصــــــــــــــدق : هــــذه الكلمــــة التـــي فقـــدت رونقهــــا وبريقهــــا

[كناريا]

تحمل القواميس العربية الكثير من المصطلحات والكلمات الجميله التي تحمل معاني اسمى ، ولكن بعض هذه الكلمات في زمننا هذا لم يعد لها وجود ولم تعد لها أي قيمة يفرض عليها تواجدها والاهتمام بها .

ومن هذه الكلمات الجميلة كلمة (الصدق) . فهذه الكلمه اصبح تواجدها يسبب نوعا من السلبيه والتخلف عن ركب الزمن السريع ، الذي بات يحصر اهتمامه على سطحية الاشياء ولم يكن بمقدوره ان يتمهل ليتعمق اكثر.

هذه الكلمة التي فقدت رونقها وبريقها ، حتم عليها رتم حياتنا ان تنتحر رغما عنها ، فهذا الرتم السريع قد اودى بنا الى ان نجاريه بالسرعه ، وان نعمل توازن لخطواتنا لكي لا نقبع في التخلف والرجعية .
مسكينة تلك هذه الكلمة عندما وعت لم تجد نفسها الى على السنتنا ، وعلمت ان عمرها قصير لا يشفع لها لان تعيش اكثر.

ودابت كتب علماء النفس والكتب التي تهتم بفن العلاقات الانسانيه واهميتها ، ان تعلمنا باهمية الكذب في مجال حياتنا العمليه والعلميه وفي علاقاتنا الاجتماعيه بجميع انواع هذه العلاقه . بالرغم من انها لم تذكر الكذب مطلقا ، بل حسنت من وضعه وجعلته في صور ابهى واجمل . ذكرته بصور المجامله والتحفيز وغير ذلك من الصور .

ولم ياتي من فراغ ، بل ان وضعناالان فرض ان يكون هذا التعامل هو الامثل في حياتنا الان .
لو نلقي بنضرة ثاقبه ونضرة متبصره اكثر ، نجد اننا نركز فقط على ضواهر وسطحية الاشياء فقط ، ولم يعد لدينا وقت كافي لان ننظر الى العمق اكثر ، ولم نعد نهتم بجواهر الاشياء .

في علاقاتنا مع الناس بات الحكم على ضاهر الاشخاص وعلى اسلوبهم المنمق ، واصبح لدينا اليقين بان هذه الاشياء هي مصدر حكم الناس علينا فقط . ولم يعد مابداخلنا هو مصدر الاحكام وليست له أي اهميه .

وللاسف اننا نئد هذه الكلمة المغلوب على امرها( الصدق) ، ونحن لانغفل اهميتها الكبيره في حياتنا .
عندما اغتالت قلوبنا هذه الكلمة ، فقدنا الامان في حياتنا .

لم نعد نشعر بالامان في علاقاتنا مع الاصدقاء ومع زملاء العمل ومع حتى اقرب الناس الينا . مرضت النفوس الان بالظنون والشكوك لمن حولنا عندما غاب اهم رابط في حياتنا مع الناس . واصبح مذاق الحياة لا طعم له ولا رائحة .
لم نعد شغوفين باشراقة كل صباح ان نستمتع باخبار الصحف اليوميه كما كان في ضل انعدام المصداقية ، وحتى ان صدقت يضل هاجسنا مؤمن بانعدامها .

عندما غاب النقاء والوضوح في حياتنا بدأنا نشعر باالقلق والاكتئاب والوحده ونشعر بالغربة التي تكمن في دواخلنا مع اقرب الناس لنا.
وامتلئت رفوف المكتبات بالكتب التي تهتم بالجوانب النفسيه لحياتنا ، ومشاكلنا مع القلق والهموم .

[متنوع]

في علاقاتنا مع الناس بات الحكم على ضاهر الاشخاص وعلى اسلوبهم المنمق ، واصبح لدينا اليقين بان هذه الاشياء هي مصدر حكم الناس علينا فقط . ولم يعد مابداخلنا هو مصدر الاحكام وليست له أي اهميه .

[غازي الحربي]

الصدق اخى العزيز ولكن اختلط الحابل بالنابل واصبحنا لانفرق اللهم اكفينا شر انفسنا

[كناريا]

الصدق مُرتَبطٌ بالإيمان، قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾

قِيلَ لِرَسُولِ اللهِ – صلى الله عليه وسلم-: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ جَبَانًا؟ فَقَالَ: " نَعَمْ"، فَقِيلَ لَهُ: أَيَكُونُ الْمُؤْمِنُ بَخِيلاً؟ فَقَال: "نَعَمْ، فَقِيلَ لَهُ: أيَكُونُ الْمُؤْمِنُ كَذَّابًا، فَقَالَ: "لا".

فالمؤمن قد يصاب بمرض الجُبن، قد يصاب بمرض البُخْل،
إلا أنه لا ينبغي أبدًا أن يكون عُرْضة لنقيصة الكذب.

ومما عمت به البلوى هذه الأيام كذب المزاح،
فعَنْ معاوية بن حيدة- رضي الله عنه- قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ –
صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: "وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ بِالْحَدِيثِ لِيُضْحِكَ بِهِ
الْقَوْمَ فَيَكْذِبُ، وَيْلٌ لَهُ، وَيْلٌ لَهُ" .

ونشاهد في مجتمعنا انه انتشر امور عده فالرجل يكذب على زوجته عندما يتخذ عشيقة غيرها ..
والمرأة تكذب على زوجها عندما تسنح لها الفرصة ..

المدرس يكذب على الأطفال فيحكي لهم قصصا عن بطولات بائدة ..
مع أن الحقيقة تقول بأنها بطولات زائفة ..

والزعيم يكذب على شعبه فيحدثهم عن المعارك التي خاضها والأوسمة
التي نالها مع انه لم يخض معركة واحدة في حياته ..
وربما خاضها مع النساء فقط ..

المخرج يكذب على الجمهور فيحول قصة وهمية إلى حقيقة نعيشها فتسيل دموعنا
رحمة أو تقسوا قلوبنا حقدا مع أننا نعلم جيدا أن ما نراه
وهما لا حقيقة .. ومن مصيبة الانسان انه يتعمد الكذب ثم يردد ويحلف انه صادق
فعلينا الصدق مع الله عزَّ وجلّ، والصدق مع النفس، والصدق في كلِّ شيء، فإنَّ إلزام النفس بالصدق يحرِّضها دائماً على تحرِّى الحق،
ومن ثَمَّ الشفافية في القول والعمل.



وقفــــــات مع الصـــــــــــــدق



الوقفة الأولى : الصدق مع الله

وهل هناك من يكذب على ربه ؟ فأقول نعم ،، ونطنش هذه الكذبة .. مع انها من أكبر المصائب في حياتنا اليومية ..

هو النفاق مع ذاتنا الداخلية .. أن لا نفعل العمل إلا من أجل الناس .. من أجل الشهرة .. من أجل المادة .. من أجل المنصب .. وننسى أو نتناسى شيئا اسمه الإخلاص .. خلقا اسمه الصدق .. صفة اسمها التضحية

ان نكن صادقين مع الله .. بأفعالنا وأقوالنا .. بحركاتنا وهمساتنا .. من الداخل في أعماق قلوبنا .. ومن الخارج في تهذيب أنفسنا وتزكيتها ..

وأخيرا .. احفظ الله .. يحفظك .. احفظ الله تجده تجاهك ..


الوقفة الثانية : الصدق مع الناس

قليل ما تجد انسانا صادقا مع الناس .. أن يعطي دون أن ينتظر الشكر .. أن يتكلم دون أن ينتظر التجمهر والشهرة .. أن يأخذ ما له وان يدع ما لغيره ..

تراهم حين يقدم إليك أحدهم محفظتك الضائعة أو جوالك المفقود .. فننظر إلى أعينهم ونحن نسأل أنفسنا .. مالذي جبره على فعل هذا .. دون مقابل ؟

والأصدق منهم من يقدم إليك قلبك الذي ضاع .. فقط ليرسم على شفاهك البسمة والسعادة ..

الإنسان الصادق محبوب لدى الجميع .. وأيضا لديه الكم الهائل من الأعداء الذين لا يحبون المثالية .. مثل الذين يكرهون المتدينين من الناس فقط لأنهم يحبون الخير للجميع ..

الصدق مع الناس هو الذي افتقدته الأمة في طريقها إلى النصر .. فما أكثر الكذابين والدجالين الذين هم في مقام الولاة والسلطان ولكنهم يكذبون أول ما يكذبون على شعوبهم ..

والمجاملة .. ليست عبارة مخالفة لمفهوم الصدق بالمعنى الشامل .. فبعض المجاملات ناشئة من صدق الإنسان في تعامله مع الغير .. مثل الكرم والمبالغة فيه .. فهو تعود على الصدق اصبح تعود على الخير .. وربما المجاملة الصادقة هي ما يحتاجه الأصدقاء فيما بينهم .


الوقفة الثالثة : الصدق مع النفس

المواجهة .. بين الإنسان وبين نفسه .. يجدها الإنسان في كل مرة ينظر فيها إلى المرآة .. قبل أن ينام .. وقت السجود ..

نسأل أنفسنا لم فعلنا هذا .. ولم لم نفعل هذا .. ونعاهد أنفسنا بعدة قرارات داخلية .. ونلغي أحيانا بعض القرارات السابقة ..

الغريب .. والغريب جدا حين يخدع الإنسان نفسه .. كيف يستطيع الإنسان أن يكذب على نفسه ؟ هذا ما احترت في تفسيره كثيرا ..



الوقفة الرابعة : لحظات في قلوب الكاذبين ،،

ربما في قلوب المخادعين الكثير من الأساليب الملتوية .. والتي تصل بالنهاية إلى هدف ربما يكون أكثره دنيء ..

كيف ممكن يكذب الإنسان من أجل أن يصل إلى الشهرة أو إلى منصب أو إلى فتاة !!

للأسف هناك فنون لهذا الكذب والدجل .. فالنفاق لدى المدير العام .. أو المسؤول .. واجادة التمثيل بالصدق والخلق الحسن للوصول إلى مطالب مادية .. أو حتى كتابة الشعر والخواطر اللامعة للوصول إلى القلوب لغرض دنيء

حتى يصل إلى مرحلة يخرج فيها الكاذب من بيته فيكذب الكذبة فتبلغ الآفاق .. هو في النار وبئس القرار .. نار الدنيا ( كره الناس له ) ونار الآخرة ( الكذب من الكبائر ) .

ان قلوب الكاذبين هو عالم أسود مظلم .. كالكوز مجخيا .. لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ..




الوقفة الخامسة : والصادقون مظلومون

ومثلما قال الشاعر الحكيم : رأيت الدهر يرفع كل وغد * ويخفض كل ذي زنة شريفة

فالصادقون دائما ما يستخف بهم من حولهم أنهم بلهاء .. وهم لم يعلمون الحديث الصحيح بأنأكثر اهل الجنة هم البله .. الذين لا يعرفون فنون الدنيا والكلام عن الناس وانواع السيارات وآخر الأفلام .. لكن يعلمون عن الله الكثير .

والصادقون .. دائما ما يدفعون الضريبة .. حتى حين يقطع أحدهم اشارة المرور .. والتاجر الخسران هو التاجر الصادق ..

لكن .. عند الله أجرهم ومكانهم ..

فهنيئا للصادقين ، وهنيئا لمن كان منهم مظلوما ،،


قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن الصدق يهدي إلى البر، وان البر يهدي إلى الجنة ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار)) .