عرض مشاركة واحدة
قديم 11-11-2009, 09:24 PM   #18
alkaan
فريق المتابعة اليومية - عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 10,651

 
افتراضي

الأربعاء 23 ذو القعدة 1430هـ - 11 نوفمبر2009م

خواطر حول أرباح المصارف




سعود بن هاشم جليدان

على الرغم من الأزمة المالية العالمية التي أطاحت بمصارف عالمية ضخمة، حققت المصارف السعودية أرباحاً جيدة في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2009م.

وبلغت أرباح المصارف السعودية خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الحالي نحو 22.2 مليار ريال وهي تقل بنسبة 7.8% عن مستويات أرباحها في الفترة المقابلة من عام 2008م قبل الأزمة المالية العالمية (بلغت أرباح المصارف المدرجة في السوق المالية 19 مليار ريال وتراجع إجمالي أرباحها بنسبة 3.2 في المائة عن مستوى الفترة المقابلة في العام الماضي).


وهذا التراجع مقبول بل قد يكون جيداً عند مقارنته بمستويات التراجع في أرباح المصارف العالمية. وفي حالة استمرار مستويات الأرباح على المنوال نفسه حتى نهاية العام فهذا دليل واضح على متانة وضع المصارف في المملكة وعلى نجاعة السياسات المصرفية بوجه عام. ومع هذا فقد استبعدت المصارف جزءا كبيراً من أرباحها للقروض المشكوك في تحصيلها.

وقد يرسل مثل هذا الخبر إشارات غير سليمة للأسواق بأن هناك شكوكاً في تحصيل بعض القروض الكبيرة. وتفيد الشائعات بمعاناة بعض المجموعات العائلية مصاعب في سداد بعض القروض. ومع كل هذه الشائعات لا أعتقد أن حجم الأرباح المصرفية سيتراجع كثيراً.

واستقرار أحجام الأرباح المصرفية في المملكة خلال الأزمة المالية العالمية وبعدها أتى في الدرجة الأولى نتيجةً لسياسات التحفظ تجاه المنتجات المالية التي تكاثرت قبل الأزمة المالية العالمية. ويعود أيضاً إلى التحفظ في كثيرٍ من الأحيان في سياسات منح الائتمان التي تتبعها بشكل عام المصارف المحلية. وقد تعلمت معظم المصارف في دول العالم ضرورة الأخذ بمزيد من المخاطر المحيطة بالائتمان والتي كانت لا تؤخذ في الحسبان قبل الأزمة المالية العالمية. وقد نتج عن هذا رفع مستويات تدقيق قدرة العملاء المالية والحرص على منح الائتمان لذوي الملاءة المالية الجيدة.

وقد يكون التراجع الأخير في مستويات نمو الائتمان المحلي ناتجاً بصورة جزئية عن المبالغة أحياناً في الحرص على توافر ضمانات كافية للسداد لدى المقترضين، وخصوصاً في ضوء الركود العالمي الذي استمر لمعظم هذا العام والذي دفع بأرباح المؤسسات ودخول الأفراد إلى التدني.


من جهة أخرى، فإن استمرار تحقيق المصارف لمستويات أرباح جيدة رغم الظروف المالية الصعبة التي تعصف بالمؤسسات المالية العالمية يدل على ارتفاع مستويات الطلب على الخدمات المصرفية في المملكة، وعلى انخفاض تأثير الأزمة المالية العالمية في المؤسسات المالية المحلية. ومن المخاطر التي تبدو في الأفق وقد تواجهها المصارف وجود صعوبات عند بعض المؤسسات العائلية في دفع بعض قروضها.

وقد أفاد التحفظ لدى المصارف المحلية في الحد من الإقراض لبعض المؤسسات العائلية، ولكن الكل يعلم أن تأثير هذه المؤسسات في المصارف قوي في حالة وجود عدد من أفراد هذه العائلات في قائمة كبار ملاك المصارف. ويمارس أعضاء مجالس الإدارة في كثير من الأحيان ضغوطاً على إدارات المصارف لمنح مزايا ائتمانية تفضيلية لهذه المؤسسات.

وأعتقد أن مصدر المخاطر الذي تجابهه المصارف المحلية بشكل عام قبل الأزمة المالية العالمية وبعدها ينحصر في مخاطر سوء استغلال النفوذ الذي قد يقوم به بعض الأفراد أو المؤسسات العائلية الممثلة في مجالس إدارات المصارف.

ولهذا ينبغي أن تجرم الأنظمة سوء استغلال النفوذ وأن تكون البنية الإدارية أكثر استقلالية في إدارات المصارف للحد من منح مزايا ائتمانية تفضيلية للمؤسسات العائلية أو الأفراد الذين يحتلون مقاعد في مجالس إدارة هذه المصارف. ويلاحظ بوجه عام أن معظم المؤسسات العائلية الكبيرة تحظى بمقاعد لها في أحد مجالس إدارات المصارف. ومن المتوقع أن تسهم سياسات الحد من استغلال نفوذ مجالس الإدارات في رفع أرباح المصارف. من جهةْ أخرى، ينبغي رفع عدد المصارف لتلبية الطلب الكبير والمتنامي على الخدمات المصرفية.

وسترفع زيادة عدد المصارف مستويات المنافسة بين المصارف التي ستدفعها لمزيد من الكفاءة والتوقف عن استخدام إيداعات المودعين في منح مزايا ائتمانية تفضيلية للمؤسسات العائلية المسيطرة على مجالسها الإدارية.

ومن الملاحظ أيضاً على المصارف المحلية أن جميعها لا تركز على جهة أو نشاط أو منطقة معينة وإنما تعمل في جميع الأنشطة وفي خدمة كل المناطق مع تأثير واضح لأهمية المراكز السكانية الكبيرة على أنشطة المصارف.


وقد تكون هناك حاجة لتشجيع النشاط المصرفي في بعض المناطق وتمكين سكان هذه المناطق من الحصول على ائتمان للإسهام في تنمية هذه المناطق ورفع مستويات النشاط الاقتصادي. كما أن وجود مصارف متخصصة في بعض الأنشطة كالنشاط الصناعي أو العقاري سيسهم في رفع كفاءة منح الائتمان لهذه القطاعات ومنحها المزيد من الفرص للحصول على ائتمان, وينشط حركة نموها.

وقد تنجح المصارف المتخصصة في تحقيق معدلات أرباح تفوق المعدلات التي تمنحها المصارف التجارية العامة خصوصاً مع النمو القوي المتوقع في بعض القطاعات مثل قطاعي العقار والصناعة. ولهذا فإن الوقت قد حان لتشجيع قيام مصارف متخصصة في القطاعات الاقتصادية المقبلة على طفرات قوية، كما ينبغي تشجيع قيام مصارف تخدم المناطق الأقل نمواً في المملكة. ويمكن على الأقل منح تراخيص جديدة لإنشاء مصارف في هذه القطاعات أو المناطق المأمول تنميتها.

*نقلا عن صحيفة الاقتصادية السعودية.
alkaan غير متواجد حالياً