انتقادات لضعف المحتوى العربي على الإنترنت
80 مليار دولار سنويا حجم استثمارات صناعة النشر عالميا
- محمد الراوي من القاهرة - 29/03/1429هـ
انتقد عدد من الخبراء المصريين ضعف المحتوى العربي على الإنترنت، مؤكدين أنه لا يتناسب على الإطلاق مع تراثنا ومع الثورة الموجودة في تكنولوجيا المعلومات مشيرين إلى أن 95 في المائة من المحتوى على الإنترنت بالإنجليزية وهو ما يكشف عجزنا عن ملاحقة هذا المحتوى الضخم الذي يتم وضعه على الإنترنت باللغات الأخرى مطالبين بالاهتمام بشكل أكبر بالمحتوى العربي عبر الإنترنت لتكون بمثابة نواة لتقدمنا ونشر أفكارنا على مستوى العالم وأن مبادرة المحتوى الإلكتروني خطوة أولى تجاه ذلك.
وقال الدكتور فتحي صالح، رئيس مركز التوثيق الإلكتروني المصري للمشاركين في ندوة حول المحتوى العربي الإلكتروني على الإنترنت التي نظمت في القاهرة أخيراً، إن المحتوى العربي على الإنترنت فقير للغاية وهو ما لا يتناسب مع ثورة الإنترنت وخطورة انعكاس ذلك على ثقافة الجميع خاصة الصغار وأننا ننتقل من حضارة الحجر إلى حضارة الورق إلى الحضارة الإلكترونية.
وأشار محمد بغدادي عضو اتحاد الناشرين إلى تجربة المحتوى العربي الإلكتروني بين الاتحاد العربي للناشرين ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية وقال إن هناك قصورا شديدا لنا وللعرب على الإنترنت ونحن عاجزون على اللحاق بالقطار المتسارع لثورة التكنولوجيا ووفقاً لأحدث إحصائية لاتحاد النشر الدولي نجد أن استثمارات صناعة النشر 80 مليار دولار سنوياً وهو ما يجعلنا حريصين على وجود المحتوى العربي على الإنترنت.
غياب قوانين حماية الملكية
أضاف أنه وفقاً للإحصائيات سنجد أن الثقافات ونخب العالم المثقفة تحتاج إلى تراثنا العربي ودراساتنا من خلال الإقبال على تراث الأحاديث النبوية وابن سينا وابن خلدون وغيرهم, مؤكداً أنهم لجأوا إلى إنشاء لجنة تنفيذية عليا لتمويل التراث والكتب المصرية والعربية على الإنترنت وتمت تغذية المحتوى العربي الإلكتروني بآلاف العناوين من الكتب التي تم اختيارها بواسطة هذه اللجنة التنسيقية التي تم إنشاؤها بالتنسيق بين الاتحاد العربي للناشرين ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات, وهو الهدف الذي من خلاله سيغير من مفهوم الآلاف عن العرب خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر.
قال إنه في الوقت نفسه لا غنى عن الكتاب المكتوب وخاصة مع تواضع نسبة المشاركين على المحتوى العربي قياساً بالغرب وأيضاً ضعف البنية الأساسية لصناعة تكنولوجيا المعلومات في العالم العربي, إضافة إلى عوائق اقتصادية للمواطن العربي، وعدم اعتراف الكثيرين حتى الآن بأهمية الإعلان على الإنترنت وهو شيء يعوق التمويل, إضافة إلى عامل مهم وهو غياب القوانين التي تحمي الملكية الفكرية للكتاب الإلكتروني.
أما علاء العجماوي رئيس اتحاد البرمجيات التعليمية والتجارية فأوضح أن الإنترنت قناة توصيل المحتوى بين المنتج والمتلقي, وهي وسيلة لعرض المستوى وسوق عرض المحتوى كان في الماضي ورقي والآن أصبح إلكترونياً ومثلما كان الورق مهما في الماضي وكان سبباً في إحداث نقلة حضارية وبالمنطقة نفسها تتيح الأجهزة الرقمية الإمكانية نفسها بل تمكن من التوصل بين الأفراد في دول العالم المختلفة.
المحتوى الرقمي
وقال إن قيمة البرمجية في المحتوى تتيح وسائل لتعديل المحتوى وعرضه بشكل يتناسب وقيمة المحتوى, واليوم أصبح الحصول على المحتوى يتطلب أدوات مهمة والمحتوى الرقمي يتيح ذلك ويقلل من التكاليف للغاية فإنتاج كتاب ورقي ضخم للغاية بينما المحتوى الرقمي لا يتكلف سوى إنتاج النسخة الأولى وبعدها باقي النسخ تنتج بتكاليف محدودة للغاية وهذا ما يؤكد أهمية المحتوى الرقمي.
وأشار العجماوي إلى أن المحتوى الرقمي أداة يجب تطويعها للحفاظ على تراثنا البشري ونشره في العالم ورسالتنا الحالية يجب أن تكون تحويل محتوانا المكتوب لمحتوى رقمي يتمتع بإمكانيات عرض جذابة من خلال الوسائط المتعددة، مشيراً إلى أن وزارة الاتصالات قامت في 2004 بإطلاق مبادرة المحتوى الإلكتروني وسيتم خلال الأيام القليلة المقبلة التفعيل وتمت تسمية المبادرة باسم (فكر راما) التي تهدف إلى توفير محتوى عربي ليس للعرب فقط ولكن لإتاحة المحتوى لأبناء المغتربين في الخارج ليظلوا مرتبطين بأوطانهم وحضارتهم, وستؤكد هذه المبادرة دور مصر كمركز إشعاع حضاري, وهذه المبادرة في مراحل التجهيز النهائي وستنال النجاح المتوقع منها.
أضاف أن مسألة الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية تم وضعها في الحسبان في مبادرة (راما) وذلك لأن حقوق الملكية الفكرية للكتب مهمة للغاية وإن من المهم أن يتم ترسيخ مبدأ الملكية الفكرية لدى المواطنين.
100 مليون وثيقة
وقال الدكتور صابر عرب "رئيس دار الكتب والوثائق" إن دار الكتب هي ذاكرة البلاد وإن في التسعينات لم يكن في دار الكتب حاسب واحد، وبعد ذلك وبالتعاون مع وزارة الاتصالات تم عمل دراسة إحصائية تبين خلالها أن الدار فيها 100 مليون وثيقة وخرجنا من هذه التجربة بإنجاز مهم وهو إعداد قاعدة بيانات إلكترونية لـ 100 مليون وثيقة وساهمت في تشغيل ألف شاب لم يكن لهم علاقة في البداية بالتكنولوجيا وستؤمن هذه المقتنيات وتمكن من حصر الوثائق واسترجاع البيانات بسهولة وأصبحنا نعرف ما الموجود لدينا, موضحاً أنه تم إنجاز 60 فى المائة من هذا المشروع الذي بدأ منذ 2006.
وكشف عن الإعداد لإنشاء معمل رقمي يضم كل الوثائق سيتم الانتهاء منه خلال سنة, كما أن دار الكتب شاركت بـ 50 ألف كتاب في مبادرة المحتوى الرقمي وتم تحويل 12 ألف كتاب منها إلى محتوى إلكتروني.
وقال إن هناك مشكلات أخرى لا تقل أهمية عن تحويل الكتب وهي شكل الدوريات اليومية التي تعد أن أمر وسائل توثيق التراث وجزء كبير من التراث حتى القرن الـ 19 يحتاج إلى ترميم قبل تحويله إلى محتوى رقمي وتعمل دراسة تجريبية مع وزارة الاتصالات لحل مشكلة هذه الدوريات خاصة أن إسقاط جزء من الدوريات يؤدي لإغفال جزء مهم من التراث, وطالب بتعاون الجهات المختلفة خاصة أن التكاليف باهظة.
موقع إلكتروني إخباري
وتحدث عبد اللطيف المناوي "رئيس قطاع الأخبار" عن تجربة إطلاق موقع إلكتروني إخباري بين وزارتي الاتصالات والإعلام وشركة IBM بعد اكتشاف أن حضور الإعلام المصري على الإنترنت هزيل للغاية, وتم إطلاق الموقع الخاص بالإعلام على الإنترنت ورغم المشكلات العديدة التي واجهتهم في البداية, مشيراً إلى أن الموقع سيتم إطلاقه رسمياً بعد حل المشكلات التي تواجههم ومنها مشكلات العاملين في المؤسسة الحكومية الذين يرون أنه تحد لهم, إضافة إلى النظر للصحافة الإلكترونية على أنه مشكله من جانب الصحافيين أنفسهم.
أضاف أن التحدي الأكبر هو أن العالم يقوم بالتداخل بين أشكال الإعلام سواء كان مكتوبا أو مرئيا أو مسموعا ودمجها سوياً ومن خلال الإنترنت يمكن تحويل المتلقى إلى متفاعل.
وأوضح دكتور أحمد طنطاوي "مدير قطاع التطوير التكنولوجي في IBM" أنه بجانب المحتوى نفسه فإن شكل المحتوى نفسه يجب أن يكون بالشكل اللائق وأيضاً فهناك أمور أخرى مهمة من بينها كيفية استخدام المحتوى سواء كان نصا أو صورة أو رسوما وكيفية حماية الملكية الفكرية ومتابعتها, خاصة أننا نحتاج إلى أدوات يتم وضعها في المحتوى لتلزم أي فرد ينقل عن موقع إلكتروني بأن يفصح عن المصدر الذي استقى منه المعلومة. وطالب أيضاً بحماية الخصوصية, فهناك معلومات خاصة لأفراد أو شركات يجب حمايتها على الشبكة وهي أمور لها برامج ووسائل لحمياتها يجب الاهتمام بها والالتفات لها عند عمل محتوى عربي على الإنترنت.
مشكلة في النشر الإلكتروني
واعترف الدكتور عادل خليفة رئيس الاتحاد العربي للنشر الإلكتروني بوجود مشكلة في النشر الإلكتروني العربي وأهمها أن العاملين في هذا المجال يعملون في جزر منعزلة وهو ما يجعلهم يواجهون مشكلات عديدة، مشيراً إلى أن الاتحاد العربي للنشر الإلكتروني الذي تأسس في أيار (مايو) الماضي سيقوم بدور مهم في لم الشمل للناشرين الإلكترونيين وأن الاتحاد مؤسسة ليست هادفة للربح وليس جهة حكومية ويهدف الاتحاد لتنمية صناعة النشر الإلكتروني ونشر الثقافة العربية الإلكترونية وتضم في عضويتها شركات البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات ودور النشر وشركات تسويق النشر الإلكتروني في العالم العربي.
|