عرض مشاركة واحدة
قديم 03-01-2008, 12:23 PM   #12
سعد الجهلاني
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 52,139

 
افتراضي

المتضررون من انخفاض قيمة الدولار.. الأمريكيون أم بقية العالم
اقتصاديون: دول الخليج أكثر المتضررين ومن المتوقع فك ارتباط عملاتها بالدولار



واشنطن - خاص ب"الرياض":
الانخفاض الحاد وغير المسبوق في أسعار الدولار منذ العام 2000بدأ يترك آثاره لا على الأميركيين فحسب، بل على شرائح مختلفة من سكان العالم، بمن فيها دول العالم العربي، ولاسيما الخليجية منها التي تبيع سلعتها الرئيسية، النفط بهذه العملة.. فقد انخفض الدولار بنسبة 40بالمائة خلال السبع سنوات الماضية، وسجل انخفاضاً جديداً ملحوظاً في الشهر الماضي.. ورغم ارتفاعه قليلاً في الأسابيع القليلة الماضية، فإن الدولار لا زال منخفضاً بنسبة 12بالمائة حتى عن أعلى قيمة بلغها هذا العام التي سجلها في يناير الماضي.
ويقول الخبير الاقتصادي فرد برغستين، مدير معهد بيترسو للاقتصاد الدولي، إن الدولار "كان قوة مسيطرة في الاقتصاد العالمي على مدى ال 100عام الماضية - ولم تكن لدينا أية منافسة. ولم يكن هناك اقتصاد يقارب الاقتصاد الأميركي لناحية قوته وضخامة حجمه.. ولكن كل ذلك بدأ يتغير الآن".

من هو الأكثر تضرراً من ذلك، أهم الأميركيون أم بقية العالم؟ المراقبون يقولون ان الأميركيين يستفيدون من الوضع الحالي على الأقل حالياً، لكنهم أيضاً متضررون.. وقول هؤلاء ان الانخفاض الحالي في أسعار الدولار يسمح، على الأقل في الفترة الحالية، للاقتصاد الأميركي بجني بعض الثمار. فقد أصبحت المنتجات الأميركية تنافسية بصورة متزايدة في السنوات القليلة الماضية، إذ أدى ذلك إلى زيادة الصادرات الصناعية الأميركية من السلع الصناعية المرتفعة الثمن مثل جرارات كاتر بيلر والسيارات والأسلحة وطائرات البوينغ.

وفي حين يقول كثيرون ان الولايات المتحدة تتعمد تخفيض أسعار عملتها من أجل مساعدة منتجاتها على التنافس عالمياً، فإن آخرين يحذرون من أن هذا الانخفاض ناتج عن مزيج من العوامل أبرزها دواعي القلق العالمية حيال صحة الاقتصاد الأميركي، خصوصاً في أعقاب أزمة القروض العقارية وسوق العقارات الأميركية. ويحذر المراقبون، مع انهم لا يعتقدون أن ذلك مرجح الحصول، من أنه إذا تواصل انخفاض سعر الدولار فإن النتائج ستكون "كارثية حتى على الأميركيين أنفسهم". ويقول هؤلاء ان تواصل انخفاض سعر الدولار سيدفع مجلس الاحتياط الفدرالي إلى رفع مستويات الفائدة من أجل تحسين أوضاع الدولار، في الوقت الذي يجد المجلس نفسه مضطراً إلى تخفيض أسعار الفائدة من أجل المساعدة في تحسين أحوال الاقتصاد الأميركي المتداعي عن طريق تنشيط الإقراض والإنفاق وبالتالي زيارة الإنتاجية في الاقتصاد.

غير أنه بالنسبة إلى ملايين الناس في سائر أنحاء العالم برز انخفاض أسعار الدولار كنقطة داكنة قوية.. ففي ضوء استمرار انخفاض العملة الأميركية، بدأ الكثير من الدول في تنويع أرصدتها التي كانت تحتفظ بها بالدولار، فيما بدأت أخرى بتسعير سلع معينة لديها باليورو.. ولعل الأهم هو قيام بعض الدول، مثل الكويت في مايو الماضي، بفصل ارتباط عملتها بالدولار الأميركي، وهددت بعض الدول الخليجية الأخرى بأن تحذو حذوها إذا واصل الدولار انخفاضه.. الإشارة الأكثر سلبية بالنسبة إلى تداول الدولار كعملة رئيسية جاءت في الأشهر القليلة الماضية حين أظهرت البيانات الاقتصادية أن اليورو بدأ يتفوق بصورة ثابتة تقريباً على الدولار كعملة رئيسية في التعامل العالمي.

وكدليل آخر على الوضع الاستثنائي الحاصل حالياً نتيجة انخفاض أسعار الدولار، بدأت الشركات الأجنبية الكبرى بالعودة إلى السوق الأميركية التي باتت أرخص من غيرها لإنتاج منتجاتها خصوصاً في ميدان الصناعات العلمية الدقيقة.. فقد أعلنت شركة "رولز رويس" البريطانية لصناعة السيارات والمحركات عن خطط لنقل بعض عملياتها من ليفربول إلى مصنع لها كانت أخلته سابقاً في مدينة ماونت فيرنون بولاية أوهايو.. وكذلك فإن شركة "إيرباص" الأوروبية لصناعة الطائرات تخطط لنقل المزيد من عملياتها إلى الولايات المتحدة، رغم ان هذه الأخيرة هي موطن ومقر خصمها اللدود شركة بوينغ، وذلك من أجل تخفيف آثار أسعار اليورو المرتفعة.

وكانت ايرباص، رداً على انخفاض أسعار الدولار في السنوات القليلة الماضية، قد افتتحت فروع انتاج لها في مدينتي ويشيتا وموبيل بولاية ألاباما الأميركية فضلاً عن مصانع أخرى في بكين وموسكو.

ويقول أحد مسؤولي ارباص في فرنسا انه كلما ارتفع سعر اليورو بقيمة 10سنتات فقط مقابل الدولار، فإن ايرباص تخسر بليون دولار في عملياتها. وأضاف، مفسراً ذلك، إن "طائراتنا تُباع بالدولار فيما أن غالبية نفقات إنتاجنا هي باليورو".

وعلى صعيد منطقة الخليج العربي، تبدت آثار انخفاض أسعار الدولار بصورة أكثر دراماتيكية. فقد أدت الارتفاعات الهائلة في عائدات دول الخليج النفطية بسبب ارتفاع أسعار النفط، المصحوبة بانخفاض أسعار الدولار، إلى ارتفاع نسب التضخم في هذه الدول.. ويلحظ المواطن الخليجي أن أسعار جميع الأساسيات، وغير الأساسيات، قد سجلت ارتفاعات غير مسبوقة في السنة الماضية، خصوصاً في قطاع الخضروات وغاز الطبخ والحليب وغير ذلك.

ولاحظ أحد المراقبين الاقتصاديين كيف أن أسعار الدولار المنخفضة بدأت تصبح سلاحاً إضافياً في ترسانة القوى المعارضة للولايات المتحدة في المنطقة وأن كثيرين بدأوا باستعمال هذا السلاح لمهاجمة الولايات المتحدة والتشكيك في نواياها..

ولاحظ هذا الخبير تصريحات أخيرة أطلقها مسؤول دولة خليجية على هامش مؤتمر الأوبك الذي انعقد في المملكة العربية السعودية مؤخراً وقال فيه عن الأميركيين انهم "يأخذون نفطنا ويعطوننا أوراقاً مالية عديمة القيمة".

وكان المسؤول يشير إلى حقيقة ان أسعار النفط التي بلغت قرابة المئة دولار اليوم هي في الواقع لا تزيد عن 60دولاراً للبرميل كقيمة حقيقية لسعر برميل النفط إذا ما أخذنا في الاعتبار الانخفاض الذي اعترى قيمة الدولار بالنسبة إلى اليورو وهو انخفاض بلغت نسبته 40بالمائة في السنوات السبع الماضية.
سعد الجهلاني غير متواجد حالياً