رئيس الجمعية العربية للتنمية البشرية: أمامنا تحدي تحويل العنصر البشري إلى ميزة تنافسية
6 ملايين عامل في الحكومة المصرية والسيدات يستحوذن على 29 % من قوة العمل
شرم الشيخ: قصي البدران، أشرف الفقي
رغم كونه ليس خبيرا في التنمية البشرية وعمله كأستاذ في كلية الهنسة قبيل توليه وزارة التنمية الإدارية في مصر إلا أن الدكتور أحمد الدرويش كشف عن حقائق مهمة في الحكومة المصرية ومجموعة من الأرقام تستحق التوقف عندها وطرح تساؤلات على المؤتمر التاسع للجمعية العربية للتنمية البشرية كانت رؤوس مواضيع لمناقشات المؤتمر وجلساته في منتجع شرم الشيخ المصري.
ومن بين الأرقام المرعبة التي طرحها الوزير درويش عن واقع بلاده وجود 6 ملايين عامل في الحكومة المصرية بما شكل نسبة 27 % من قوة العمل، وأن واحدا من بين اثني عشر مواطنا يعمل في الحكومة المصرية، وهو ما دعاه إلى أن يطلق عليها أكبر حكومة في العالم، مشيرا إلى أن توصيفه ذلك استند إلى حجم العمالة الحكومية إلى قوة العمل، كما كشفت الأرقام عن استحواذ السيدات على نسبة 29 % من قوة العمل في الحكومة وأن نصيبهن في الإدارة العليا يتجاوز نسبة 34 % من تلك المناصب.
وكشف عن أن السنوات الخمس المقبلة في مصر اعتبارا من العام الماضي وحتى 2011 تستهدف إعداد 4200 قيادة جديدة خلفا للمحالين إلى التقاعد لبلوغهم سن الستين.
وأضاف الوزير المصري أنه قادر على استصدار قرار بتحويل إدارات شؤون العاملين في المصالح والمؤسسات الحكومية المصرية إلى إدارات للتنمية البشرية، لكنه يعلم النتيجة سلفا أنها لن تتجاوز تغيير العبارة المكتوبة على باب شؤون العاملين لعدم وجود الكوادر القادرة على تولي عملية التنمية البشرية في المؤسسات الحكومية المصرية، مشيرا إلى أن إجمالي قيادات الصف الثاني والثالث في مصر لا يتعدى 8400 مدير ومديرة، مشيرا إلى أن التنمية البشرية والإنفاق على إعداد الكوادر البشرية المدربة باتت مسألة أهم من توفير التمويل للمشاريع والحصول على التكنولوجيا الحديثة التي أصبحت متاحة أمام الجميع.
وحرص الوزير المصري أمام أكثر من 400 من المشاركين في المؤتمر التاسع للجمعية العربية للتنمية البشرية على التحدث بواقعية عن بلاده، دون محاولة تجميل الحقائق والأرقام، وقال "إنه يخاطب مجموعة من الخبراء في مجال التنمية البشرية وإن تضافر الجهود في هذا المجال من شأنه أن يؤدي إلى خدمة الجميع، خصوصا أن عملية تقييم المؤسسات في العصر الحديث باتت تأخذ في حساباتها الموارد البشرية والكفاءات الموجودة في المؤسسة عند التقييم وعدم الاكتفاء فقط بالأصول المالية التي تملكها أو براءات الاختراع التي في حوزتها، مؤكدا أن العنصر البشري بات عنصرا مهما في تقييم المؤسسات الاقتصادية، وأن الإدارة الناجحة في أي مؤسسة تشكل ثروة مهمة.
وكشف عن أحد المشاريع الجديدة التي يتم الإعداد لها حاليا لإحداث نقلة مهمة في التنمية البشرية تقضي بربط الرقم القومي "رقم الهوية" بالتعليم بهدف حصر المتسربين من التعليم، ووضع علاج لتلك الظاهرة مؤكدا أن أية مبالغ تنفق في هذا المجال مهما كبرت من شأنها تجنيب المجتمع الكثير من المخاطر والارتقاء به ليس في مصر وحدها ولكن في المنطقة كلها.
وطرح مجموعة من التساؤلات اعتبرها رؤوس موضوعات تصلح لمناقشات مستفيضة بين الخبراء وأساتذة التنمية البشرية المشاركين في المؤتمر، ومن بين تلك التساؤلات تقييم وضع الأداء الحكومي في الدول العربية، وتحديد قربه أو بعده مما يحدث في القطاع الخاص، وسبل قياس الفجوة بين المهارات الموجودة في العمل الحكومي والمهارات المطلوبة، ومدى استعداد الحكومات العربية لمنافسة القطاع الخاص للحيلولة دون تسرب وهروب الكفاءات البشرية من القطاع العام إلى الخاص، وكيفية إصلاح الأداء الحكومي هل من خلال تغيير القيادات أم بمزيد من التدريب للقاعدة العريضة ووضع أساليب جديدة لتقييم أداء العاملين في الحكومة.
وأوضح درويش أن بلاده أحرزت تقدما في مجال الحكومة الإلكترونية وقفز ترتيبها إلى المرتبة الثامنة والعشرين بعد أن كانت تحتل المرتبة 162 من بين 192 دولة، لكنه اعترف أيضا بأن ترتيبها في مجال التنمية البشرية لا يزال متأخرا جدا يكاد يكون في ذيل الترتيب العالمي، وحاول تحسين الصورة من خلال التأكيد على أن الحكومة ووزارته تعكفان على إصلاح ذلك الخلل.
أما محافظ جنوب سيناء اللواء محمد هاني فاكتفى باستعراض تجربة التنمية البشرية في سيناء التي حولت تلك البقعة التي كانت مجرد صحراء إلى مدينة للسلام العالمي باتت من أهم المقاصد السياحية في العالم، وقال من دون العنصر البشري والتنمية البشرية ما كان يمكن تحقيق ذلك.
من جانبه، ركز رئيس الجمعية العربية للتنمية البشرية حامد السعدون على أهمية تنمية رأس المال البشري, وقال إن مؤتمر شرم الشيخ حمل شعار تفعيل رأس المال البشري للدلالة على أهميته وتحويل العنصر البشري إلى ميزة تنافسية، بعد أن كانت تلك الميزة تقتصر فقط على رؤوس الأموال والعناصر العينية فقط، مشيرا إلى أهمية التنمية البشرية في الارتقاء بمستوى الأداء في الشركات والمؤسسات.
وأضاف أن رؤوس الأموال اللازمة للمشاريع باتت متوفرة، وأن التكنولوجيا التي تتغير بشكل سريع جدا أصبحت أيضا في متناول الجميع، ويبقى العنصر البشري الأهم لأنه يدير تلك الأصول جميعها ويوظفها بالشكل الأمثل.
وأكدت رئيسة الجمعية الأمريكية للتنمية البشرية سوزان مسنجر أهمية المؤتمر ورحبت بالتعاون القائم بين الجمعية التي ترأسها والجمعية العربية للتنمية البشرية، والتعاون بين بلادها وكل الدول العربية، مشيرة إلى العلاقات الكبيرة التي تربط بلادها ودول المنطقة العربية خصوصا، وقالت إن مجال التنمية البشرية هو أحد المجالات المهمة لذلك التعاون.
وعلى هامش المؤتمر كرمت الجمعية العربية للتنمية البشرية الوزير المصري ومحافظ جنوب سيناء والأمين العام المساعد للشؤون الاقتصادية في الجامعة العربية محمد التويجري، كما قام محافظ جنوب سيناء بتكريم وزير التنمية الإدارية أحمد درويش وأيضا رئيس الجمعية العربية للتنمية البشرية، والأمين المساعد للجامعة العربية للشؤون الاقتصادية.