عرض مشاركة واحدة
قديم 11-06-2013, 12:16 PM   #966
شرواك
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 20,000

 
افتراضي

الدلائل تشير إلى رغبة الاحتياطي الفيدرالي في تفكيك بطيء للتسهيل الكمي

الاقتصاد الأمريكي يتهيأ للانطلاق في 2014

الربيع في أمريكا يتحول إلى الصيف، ومرة أخرى تفوح في الجو رائحة العشب المجزوز ومعها نفحة من التفاؤل الاقتصادي. هذا ما يفعله في الناس ارتفاع سنوي بنسبة 11 في المائة في أسعار المساكن وطفرة في سوق الأسهم. وارتفاع أسعار الأصول ليس أمراً جيداً بحد ذاته – النمو في الدخول والوظائف والنشاط يسير بتثاقل – لكن يبدو أن الأسواق تعمل على الحفاظ على الاقتصاد الذي يمر بأسوأ زيادات ضريبية وأقسى تخفيضات في الإنفاق الحكومي. ولم تبلغ ثقة المستهلكين هذا المستوى المرتفع منذ خمس سنوات.
وأصبح نوعا من الروتين في مثل هذه الفترة من السنة أن نتنبأ بأن الاقتصاد الأمريكي في سبيله إلى التحسن، لا لشيء إلا لنجد بعد ذلك أن الانتعاش يتلاشى بسرعة. ففي الربع الثاني من 2010 كان متوسط التوقعات للنمو الاقتصادي الأمريكي في 2011 يبلغ 3.1 في المائة، وكان الاحتياطي الفيدرالي يدفع باتجاه 3.9 في المائة. وجاء الرقم الفعلي للنمو كئيبا لا يتعدى 1.8 في المائة، وكان النمط للسنتين اللاحقتين مشابهاً لذلك.
بالتالي، التنبؤ الذي سأقوم به الآن يدل على الصلف، مثل الملاكم الذي يتبجح بأنه سيُسقط غريمه، الذي لا يهزم، بالضربة القاضية في الجولة الرابعة، أعتقد أن السنة المقبلة ستكون هي السنة المنتظرة، وأن الاقتصاد الأمريكي سيسجل في 2014 نمواً بنسبة تزيد على 3 في المائة.
هذا التوقع، مثل جميع التوقعات الاقتصادية، يعتمد على أمعاء سنجاب سيئ الحظ في واشنطن، إضافة إلى تفاؤل لن يتذكره أحد حين تأتي نهاية 2014، لكنه يقوم على أساس منطقي يفوق حفنة من البيانات البهيجة، فالاقتصاد المعتل يستطيع أن ينمو أسرع من الاقتصاد الذي تبلغ نسبة التوظيف فيه 100 في المائة.
خذ مثلاً سياسة المالية العامة، وهي سبب رئيسي للنمو المخيب للآمال خلال السنوات الثلاث الماضية، فمن الجدال حول جواز رفع سقف الدين الفيدرالي الذي وجه ضربة مفاجئة للاقتصاد في صيف 2011 إلى تخفيضات الإنفاق العام الإلزامية الكاسحة في كل المجالات بمقدار 85 مليار دولار، أحدث السياسيون الأمريكيون بصورة منهجية أضراراً تفوق ما كان يتوقعه المتنبئون.
وهذا العام سيكون من الصعب عليهم أن يعيثوا فسادا، فقد انخفض العجز الآن بنسبة تفوق كثيراً ما كان من قبل، وتشير التوقعات إلى أنه سيكون بنسبة 4 في المائة من الاقتصاد هذا العام، مقارنة بـ 10 في المائة عام 2009 إلى درجة أن هناك أموراً أخرى ستطغى على موضوع العجز، لتكون المحرك الوحيد للمناكفات في السياسة. إذن، ولت اللحظة الداعية إلى "صفقة كبرى" من أجل تخفيض العجز.
وللمرة الأولى منذ عام 2009، هناك احتمال كبير لأن تعزز السياسة المالية العامة الطلب في 2014 بدلاً من أن تأخذ منه.
وأزمة منطقة اليورو التي عبرت عن نفسها أثناء صيفي 2011 و2012، ما زالت تجرجر أذيالها، لكن منذ التعهد المصيري الذي أطلقه ماريو دراجي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، بأن البنك "سيفعل كل ما يلزم" للمحافظة على اليورو، هدأت الأسواق كثيراً – ومرت عملية الإنقاذ القبرصية هذا العام ولم يكد يشعر بها أحد في وول ستريت. وصناع السياسة في منطقة اليورو لديهم موهبة في إحداث الكوارث ينبغي عدم الاستهانة بها أبداً، لكن سيتعين عليهم أن يتفوقوا على أنفسهم إذا أرادوا توجيه ضربة حقيقية إلى الاقتصاد الأمريكي في 2014.
وفي هذه الأثناء، يُلقي الانتعاش في الإسكان بأكبر ثقل على الاقتصاد الأمريكي منذ عام 2008. ويتمثل ذلك في بطء استهلاك الأسر العالقة في قروض عقارية كبيرة ومساكن رخيصة، فالأرقام التي أعلنتها مؤسسة كورلوجيك هذا الأسبوع أظهرت انخفاضاً بنسبة 24 في المائة بالمعدل السنوي في المساكن العالقة في عمليات بيع بالمزاد العلني بعد سحبها من أصحابها لعجزهم عن السداد. وكانت نسبة الانخفاض تزيد على 50 في المائة في ولايتين من أهم الولايات وأكثرها اعتلالاً، وهما كاليفورنيا وأريزونا.
ويتمتع الانتعاش في قطاع الإسكان بمفعول تسريع قوي، فارتفاع أسعار المساكن يعني الارتفاع في عدد الناس الذين تحسنت قيمة مساكنهم على نحو يؤهلهم للتمويل بقرض ثان بفائدة أدنى. مع حدوث ذلك يستطيعون إنفاق المزيد، وهذا يساعد الناس على تغيير أماكن إقامتهم، ما يخلق طلبا على كل شيء يأتي مع ذلك – الأثاث والتركيبات وورق الجدران – كما يحفز إنشاء مساكن جديدة.
ووقع حدث مهم الأسبوع الماضي، حين رفعت موديز توقعاتها لآفاق قطاع المصارف الأمريكي بأسره من "سالبة إلى مستقرة". ولأن البنوك لديها الآن رأسمال كاف، فإنها تحاول العثور على أناس لتقرضهم المال: هناك الآن تخفيف متواصل للشروط والأحكام المتعلقة بالقروض التجارية والصناعية.
وأخيراً، أسعار الفائدة أدنى من السنوات السابقة، ما يعطي مزيدا من المساندة للاقتصاد، كما أن الاحتياطي الفيدرالي نفسه أصبح يشكل خطراً أقل على النمو. ذلك أن سياساته الجديدة تربط الأموال الميسرة بحالة الاقتصاد – بمعنى الإبقاء على أسعار الفائدة متدنية على الأقل إلى حين هبوط معدل البطالة إلى ما دون 6.5 في المائة، وشراء المزيد من الأصول إلى أن يحدث تحسن لا يستهان به في آفاق سوق العمل. وهذا يقلل من إمكانية رفع أسعار الفائدة قبل الأوان.
وهذه الفرصة لا تزال موجودة لأن البنك المركزي يُعَقِّد الأمور حول التواصل، ففي الخريف الماضي حاول البنك وفشل في الاتفاق على شرط اقتصادي أوضح من أجل إنهاء الجولة الثالثة من التسهيل الكمي بمعدل 85 مليار دولار شهرياً، بدلاً من اللغة الغامضة حول آفاق سوق العمل. وهو يدفع الآن الثمن مقابل الافتقار إلى الوضوح.
لكن كل الدلائل تشير إلى أن الاحتياطي الفيدرالي يريد أن يقوم بتفكيك بطيء لعملية التسهيل الكمي، ويراقب الاقتصاد طيلة الوقت، مستعداً للتدخل من خلال شراء المزيد من الأصول إذا تراجع الاقتصاد. ويحاول بن برنانكي، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي، أقصى ما في وسعه ليشير إلى أن المعدل المتباطئ في شراء الأصول لا يزال يعتبر تسهيلاً للسياسة النقدية.
وفي غياب كثير من الرياح المعاكسة – وهو التعبير المجازي الرسمي الذي يستخدمه البنك حين يحاول تفسير السبب في أن توقعاته كانت خاطئة خلال السنوات القليلة الماضية – سيكون الاقتصاد قادراً على بيان ما يستطيع القيام به. وهناك أمور يمكن أن تتعرض للخلل، ولا بد من رفع سقف الدين مرة أخرى هذا الخريف، لكن الجمهوريون الذين تجنبوا المواجهة في وقت مبكر من هذا العام، وسيبذلون ما في وسعهم لتجنب التوصل إلى حلول مباشرة. ومن الممكن كذلك أن تقع صدمة جديدة – مثل التراجع الاقتصادي في الصين، أو انهيار مفاجئ للسوق، أو كارثة طبيعية – لكن هذا ينطبق على أي سنة.
في رواية أ. ميلن "المسكن عند زاوية بوه"، يقول الحمار إييور بنوع من الكآبة: "لا يزال الثلج يسقط. والجو يميل إلى التجمد"، ثم يشعر بنوع من الحبور ويقول: "لكن لم يقع زلزال في أرضنا في الفترة الأخيرة".
والسنوات القليلة الماضية جعلتنا جميعاً نشبه إييور إلى حد ما بالنسبة للاقتصاد، لكن ما لم يقع زلزال، أعتقد أن 2014 ستكون سنة تبعث على قدر أكبر من البهجة.
شرواك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس