عرض مشاركة واحدة
قديم 19-04-2008, 06:51 AM   #47
bhkhalaf
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 34,586

 
افتراضي

اللائحة السوداء وأنظمة مؤسسة النقد تحد من تعثر السداد
السيولة العالية وراء التوسع بالإقراض والبنوك المحلية تلتف على ثلث الراتب



محمد العبد الله ـ الدمام

الوفرة في السيولة التي تشهدها البنوك المحلية تدفعها الى تقديم اغراءات للمواطنين للحصول على قروض شخصية تعادل اضعاف الراتب الامر الذي يدفع الكثيرين الى الاقتراض بدون مبرر فيدخل البعض منهم في دوامة الديون. في المقابل لجأ بعض هذه البنوك الى اخذ اقرار "خارجي" لتجاوز انظمة مؤسسة النقد المتعلقة بعدم اقتطاع اكثر من ثلث الراتب على القروض، بحيث تعمد الى هذا الاسلوب كنوع من التحايل او الالتفاف على الانظمة الصادرة عن المؤسسة. فماذا يقول اصحاب الرأي والمسؤولون المصرفيون حول هذه القضية؟ وماهو هو رأي المواطنين “المتورطين” في القروض في ذلك؟ “عكاظ” تطرح هذه القضية للنقاش لتسليط الضوء على مشكلة تطال الكثير من المواطنين الذين باتوا ضحايا الاقتراض والديون.

بداية رأت مصادر مصرفية، ان البنوك المحلية لا تستطيع التحرك بحرية، جراء القيود الصارمة التي تفرضها مؤسسة النقد عليها في ما يتعلق بالقروض، مشيرة الى ان البنوك المحلية لديها خطط توسعية كبيرة لتوسيع قاعدتها في عملية الاقراض، بيد انها تصطدم بأنظمة المؤسسة التي تمنع التنافس في ما يتعلق بالنسبة المحددة على القروض، وبالتالي فإن الاقرارات الخارجية تمثل نوعا من الخيارات المتاحة لدى البنوك في الوقت الراهن، مضيفة ان الشريحة الواسعة من المواطنين لا يميلون الى القروض العقارية، لأن البنوك تفرض اقرارات او رهنا على العقار، مرجعة ذلك للحاجز النفسي وانعدام الثقافة لدى الغالبية من الناس، فالبنوك لا تسعى من وراء الاقرار إلى مصادرة العقار بقدر ما تحاول شرعنة العقد (نظام الايجارة او الرهن) وكذلك للتغطية على مؤسسة النقد، لأنها تفرض على البنوك عدم تجاوز الاقساط ثلث الراتب في القروض العادية، فيما يصل القسط في القروض العقاري 50% من الراتب.

واشارت الى ان المنافسة الشديدة القائمة بين البنوك المحلية لاستقطاب العملاء، من خلال الاستعداد لتحمل سداد الاقساط المتبقية تجاه البنوك المنافسة وكذلك المنافسة في نسبة الفائدة والتي وصلت الى 3% - 3,4%، دفعت البنوك لتجاوز الوعود التي تعطيها العملاء بأقساط الارباح والفوائد في حالة تصفية القرض والسداد بشكل كامل، خصوصا في ظل عدم وجود بند في العقود الموقعة، كما ان وجود هذه الشرط يخل بشرعية العقود، معتبرة ان هذه الخطوة ضرورة للامساك بالعملاء والحيلولة دون انتقالهم الى البنوك المنافسة، جراء النسبة المنخفضة التي تقدمها على القروض، مشددة على ان البنوك لا تسعى من وراء الاصرار إلى دفع الاقساط كاملة عند الرغبة في التصفية ولا تسعى للتهرب من الوعود او ممارسة الظلم على العملاء بل الهدف من وراء هذه الحركة محاولة الاحتفاظ بالعملاء وعدم ذهابهم الى البنوك المنافسة.

القائمة السوداء

اما ابراهيم البراهيم -مسؤول مصرفي- فقال ان قاعدة البيانات الموحدة لدى البنوك والتي تكشف سجل الافراد الملتزمين وغير الملتزمين والتي تعرف بـ“القائمة السوداء” شكلت عاملا اساسيا في الحد من تعثر سداد القروض لدى الافراد، فهذه الشبكة المعلوماتية تشرف عليها حاليا مؤسسة النقد وبالتالي فقد اصبحت هذه الشبكة مشابهة للانظمة المتبعة بالنسبة الى القوائم السوداء العالمية، مشيرا الى ان الانظمة الصادرة من مؤسسة النقد لم تسهم في القضاء على ظاهرة التعثر بقدر ما ساهمت في الحد من زيادة الاقراض وبالتالي التخفيف من الاعباء المالية، مؤكدا ان البنوك تعمل بنظام "الهرم المقلوب" بالنسبة الى الحصول على الفوائد، حيث تتقاضى نسبة الخدمة في السنوات الاولى من القروض، مضيفا ان اتباع هذه القاعدة يعتبر عادلا بالنسبة الى البنوك لاسيما ان العملاء يستفيدون من القروض في السنوات الاولى، مشددا على ان البنوك لا تمتلك الصلاحية للتمسك بالارباح كاملة في حال السداد المبكر.

واوضح ان عملية التوسع الكبيرة التي تنهجها البنوك في عمليات الاقراض ليست عشوائية، حيث تنطلق من عملية مدروسة للغاية، مشيرا الى ان البنوك المحلية بدأت التوسع بشكل كبير في التمويل العقاري، منذ العام 2005، معترفا بأن التمويل العقاري كغيره من عمليات التمويل يحمل المخاطر، بيد ان البنوك تعمل لتقليل المخاطرة برهن الاصل الممول "العقار" لصالح البنوك، الا ان البنوك تقوم بإفراغ العقار عن طريق وكالة "وسيط" في حال التعثر، غير ان عمليات الافراغ نادرا ما تحصل، خصوصا ان البنوك تقوم بالتمويل العقاري على دخل العملاء الشهري.

تعثر السداد معدوم

اما علي الحرز -مصرفي- فاعتبر ان تعثر تسديد القروض يكاد يكون معدوما منذ العام 2000، حيث نظمت العملية بشكل دقيق من خلال الانظمة الصارمة التي فرضتها مؤسسة النقد على البنوك مثل عدم اقتطاع اكثر من ثلث الراتب للموظف على مدة لا تتجاوز خمس سنوات، اضافة الى ان عملية تحويل الراتب شكلت عنصرا اساسيا في زوال التهرب من السداد، خصوصا ان مؤسسة النقد فرضت انظمة شديدة على الدوئر الحكومية والشركات بعدم تحويل الراتب لبنك آخر بدون الحصول على خطاب آخر طرف، يتضمن خلو سجل الموظف من المديونيات تجاه البنك الذي يتم التحويل اليه، وبالتالي فإن هذه الآلية ساهمت بشكل كبير في احداث تغييرات جذرية في عميلة تحصل الديون، مؤكدة ان الآلية التي فرضتها مؤسسة النقد قضت على مسألة تعثر السداد، حيث عادت المؤسسة الى العمل مجددا بنظام عدم تجاوز مدة القرض خمس سنوات وعدم تجاوز القسط ثلث الراتب الشهري، وبحد اقصى 15 راتبا، خصوصا بعد تزايد الشكاوى من نظام مدة القرض 10 سنوات واقتطاع 50% من الراتب، حيث ارتفعت الشكاوى من البنوك في المحاكم ووزارة التجارة مما استدعى إلغاء النظام في عام 2005، فيما ابقت المجال مفتوحا امام القروض العقارية، من حيث مدة القرض والتي تصل الى 20 - 25 سنة، نظرا لوجود حالة من الاطمئنان في القدرة على السداد، بالنسبة للاستثمار العقاري، بينما بدأ العمل بنظام 10 سنوات في عام 2000 - 2005.

واوضح ان عملية احتساب الراتب تقوم على جمع الراتب كاملا والمتضمن الراتب الاساسي والبدلات الثابتة، فيما تستبعد البدلات غير الثابتة مثل بدل خطر وبدل منطقة، ورأى ان دوافع الاقتراض تختلف من شخص الى آخر، فالبعض يقترض بغرض شراء سيارة والبعض الآخر للزواج والثالث لشراء الاثاث والرابع لشراء ارض والخامس لشراء منزل.

سيولة عالية

من جانبه اوضح الخبير الاقتصادي الدكتور تيسير الخنيزي ان البنوك السعودية تتمتع في الوقت الراهن بسيولة عالية جدا، ما يدفعها للتوسع في عمليات الاقراض للافراد، لاسيما ان القروض تمثل احد الاستثمارات المهمة في عملية دعم عمليات البنوك ونشاطها، خصوصا اذا عرفنا ان الفوائد الذي تجنيها البنوك من وراء القروض كبيرة للغاية، الامر الذي يفسر تسابقها على تقديم العروض للوصول الى العملاء، مضيفا ان البنوك تحرص على دراسة طلبات القروض بعناية تامة، من خلال التعرف على راتب صاحب الطلب، من اجل ضمان تسديد الاقساط في المواعيد المحددة، بيد انها -البنوك- تركز على موظفي الدوائر الحكومية مثل المدرسات والمدرسين، لاسيما ان الاستقرار الوظيفي في الدولة اكثر منه في القطاع الخاص.

توسع عمليات الاقتراض

اما الدكتور علي العلق -استاذ المالية والاقتصاد بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن- فرأى ان التوسع في عمليات الاقراض التي تمارسها البنوك المحلية في الوقت الراهن، تخالف سياسات وتوجهات مؤسسة النقد الهادفة الى الحد من السيولة في السوق، ولعل قرارها الاخير المتعلق برفع نسبة الاحتياطي النظامي الى 12% احدى الخطوات الساعية الى الحد من السيولة المرتفعة في السوق، مشيرا الى ان البنوك مؤسسات ربحية، كانت ارباحها في السنوات الماضية كبيرة للغاية، بيد ان الوضع اختلف تماما بعد فبراير العام 2006، جراء تراجع الارباح الناجمة عن السمسرة في سوق الاسهم، بسبب انخفاض النشاط في سوق الاسهم وبالتالي انعكس على ربحية تلك البنوك، ما دفعها الى العودة مجددا لممارسة نشاطها والتركيز على النشاط الاساسي والتوسع في عملية الاقراض من اجل زيادة الربحية السنوية. واضاف ان البنوك المحلية وضعت في اعتبارها الاحتياطات اللازمة من ناحية مقدرة العميل على السداد بالاضافة لوضع الاطر والانظمة المناسبة للتعامل مع الديون المعدومة، خصوصا ان تنامي تعثر السداد او ارتفاع نسبة الديون المعدومة يؤدي في نهاية المطاف إلى ربحية البنوك المحلية، مشيرا الى ان ارتفاع التكلف المعيشة وتزايد المتطلبات الاسرية والمعيشة لدى المواطن، دفعت شريحة واسعة من المواطنين للاقتراض لتأمين جزء من الاحتياجات الاساسية والضرورية للتغلب على الارتفاع المتواصل في المعيشة.

ورأى ان لجوء بعض البنوك لخفض نسبة الفائدة على القروض، ينطلق من وجود السيولة العالية من جانب واحتدام المنافسة بين البنوك من جانب آخر، فمع تراجع ربحية السمسرة بعد تراجع سوق الاسهم، اتخذت بعض البنوك قرارا بخفض نسبة الفائدة، لاسيما مع تراجع تكلفة الودائع مما فتح المجال امامها للتحرك بمرونة للتوسع في القروض الشخصية.

اسباب الاقتراض

وبعد آراء المصرفيين والخبراء ماذا يقول المواطنون الذين اضطروا للاقتراض وكيف يعملون على تسديد الاقساط؟

المواطن عبدالرزاق عبدالله قال ان قيمة القرض الذي يواصل تسديده منذ سبع سنوات، يبلغ 155 الف ريال، ويقوم شهريا باقتطاع جزء من راتبه الشهري البالغ 5500 ريال، فالقسط الشهري الذي يتقاضاه البنك 1852 ريالا، موضحا ان عملية تسديد القروض الشهرية للبنك ستتواصل الى العام 2010، مشيرا الى انه اضطر للجوء الى البنك لاستكمال بناء منزله، مشيرا الى ان نقص السيولة اجبره على الاقتراض من البنك.

اما المواطن سامي مسفر فأوضح ان القرض الذي يسدده منذ اربع سنوات يبلغ 91 الف ريال، حيث يقوم البنك باقتطاع 1524 ريالا من راتبه الشهري البالغ 5300 ريال، موضحا ان البنك اقرضه 30 راتبا تقريبا، لشراء سيارة والاستفادة من المبلغ في تأمين بعض الاحتياجات الضرورية، مشيرا الى ان المبلغ المتبقي من القرض يقدر حاليا بنحو 46900 ريال تقريبا، بمعنى آخر فإنه مضطر للتأقلم مع الوضع الحالي لسنوات ثلاث مقبلة.

فيما ذكر المواطن انور عبدالله انه لجأ قبل خمسة اشهر الى البنك للاقتراض لشراء سيارة بعد تعرض لسيارته للتلف بسبب حادث مروري، فاقترض 37 الف ريال على ان يسددها خلال خمس سنوات، مشيرا الى ان البنك بدأ في اقتطاع 600 ريال من راتبه الشهري البالغ 2400 ريال، وبالتالي فإنه مجبر على التأقلم مع الوضع الجديد حتى انتهاء الاقساط.

اما المواطن محمد احمد فقال ان احلام الثراء اثناء فورة سوق الاسهم خلال العامين 2005 - 2006 دفعته الى اقتراض مبلغ 150 الف ريال من احد البنوك على ان يسدده على خمس سنوات، بيد ان تلك الاحلام تبخرت مع انهيار السوق في العام 2006، بينما بقيت الآثار المترتبة على القرض، من خلال الاقساط الشهرية البالغة 1600 ريال، مشيرا الى ان الجزء الاكبر من القرض "طار" مع تدهور القيمة السوقية لأغلب الاسهم في السوق، فيما خرج البنك من القضية رابحا.

مبالغ ضخمة

وبعد عرض وجهات النظر السابقة يبقى ان نعرف ان الأرقام الرسمية التي أصدرتها مؤسسة النقد تشير إلى أن حجم القروض الاستهلاكية ارتفع في نهاية الربع الثاني من العام 2007، بنسبة 1.8 في المئة وصولا إلى 183.8 مليار ريال.

وكان حجم القروض سجل أعلى مستوى في الربع الثاني من العام 2006 حيث بلغ 184.4 مليار ريال، وتوقف عن النمو ليسجل تراجعات مستمرة وصلت في ذروتها في نهاية الربع الأول من 2007، إلى 180.5 مليار ريال. أما إجمالي قروض بطاقات الائتمان فلم تتأثر كثيرًا، وواصلت ارتفاعها وبلغت في نهاية الربع الثاني من 2007 مقدار 8.3 مليارات ريال بنسبة 5.1 في المئة مقارنة بالربع الأول من العام نفسه، وبذلك يكون مجموع القروض الاستهلاكية وبطاقات الائتمان قد تجاوز في نهاية الربع الثاني من العام نفسه 192.2 مليار ريال، مقارنة بمبلغ 188.5 مليار ريال اي بنسبة ارتفاع تقترب من 2 في المئة.
bhkhalaf غير متواجد حالياً