عرض مشاركة واحدة
قديم 13-01-2020, 10:54 AM   #11
فارسة الكلمه
كاتبة مميزة
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 11,643

 
إبتسامة عريضة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ترند وتاسي مشاهدة المشاركة
أنهك وفشلوا علماء الاقتصاد وفلاسفته فيرد القرآن الكريم عملية التوزيع الاقتصادي إلى الله وحده

تضغط حوادث الحياة على حركة العقل المفكر ليدرك في أعقابها المتلاحقة معنىً مؤكداً هو أن الحياة بكل ما فيها من متع سامقة في رقي الحضارة المادية تافهة، وأن هذه التفاهة التي يدركها العقل أخيراً قد وضحها القرآن الكريم للبصيرة المستعدة للإيمان قبل البصر المناقش للقضايا. وينتهي العقل إلى أن الحياة بأحداثها إنما تفسر محكم آيات القرآن الكريم التي قضت في حكم نهائي أنه لا يمكن لواحدة من الأحداث أن تمر في نهارها دون أن تفسر هذا المعنى: مادية الحياة تافهة وأن الآخرة هي دار الحيوان، وهي خير وأبقى... ويستقر في فكر العلماء بعد هذا أن إعجاز القرآن له منطق ذاتي هو: أن الحركة البشرية في جلابيب إيمانها أو إلحادها، وزحمة أفكارها، وحمأة وطيسها، إنما تجري على نظام مألوف لدى فقه الآيات الصادقة بذاتها في كتاب الله القرآن الكريم. ومن هذه القضايا التي انتهى النشاط البشري الطويل فيها إلى حقيقة ما حكم به الإسلام: قيمة المال، فقد فشل فلاسفة الاقتصاد جميعاً في إبراز تخطيط عادل لعملية التوزيع الاقتصادي وشهدت الحياة صخب المناقشات بين موائد فلسفة التوزيع الشيوعي والتوزيع الرأسمالي ولم يجد كلاهما مسعفاً له يحمي مخططاته إلا رهبة الحديد ووهج النار، وأخرج التعصب حدود التفكير في كل من المعسكرين عن الوضع الطبيعي لمعنى الكرامة الإنسانية. ونشأت مشكلات في كل من المذهبين: الشيوعي، والرأسمالي، لا علاقة لها أصلاً بفكرة المال أو الاقتصاد، ولكنها أقحمت وسارت كنتيجة شبه طبيعية لدافع التعصب الرديء عن عمهه فكان الإلحاد قرين المبدأ الشيوعي سابقاً، كرد فعل لما لاقاه الكادحون في ظل القيصرية الروسية القديمة من السطو الكنسي الذي سخر عرق الشعب ظلماً لترفيه البلاط القيصري.
وفي المذهب الرأسمالي ولدت العنصرية والأنانية الفردية، واستغل قانون العرض والطلب في خلق طبقات متناحرة على المادة في قرصنة تجارية جائعة، حتى خرج الإنسان عن حدود الإنسانية وأنزل نفسه من درجات السمو في علاقاته البشرية إلى أحط ما تكون العلاقات بين عوالم الحيوان الأعجم الذي لم يشهد التاريخ أن واحداً من أجناسه قامت بينها عداوات وأحقاد كالتي يشهدها دائما بين طوائف البشر من أجل المادة والمال.

وكان مرد هذا الفشل أن فلاسفة الاقتصاد لم ينتبهوا إلى أن مسألة التوزيع عملية خاصة بالتنظيم الإلهي للسلوك الإنساني، فكانت حصيلة الثقافة الاقتصادية بمذاهبها المتعددة، وكانت الزحمة الحديدية التي خلقت لتحمي المخططات الفلسفية للتوزيع المجافية مع الطبع الإنساني، كانت هذه العمليات كلها تفسيرات لمحكم آيات القرآن الكريم: (إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر) الإسراء:30. (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا) الزخرف: 31. (ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض) الشورى: 25. فيرد القرآن الكريم عملية التوزيع الاقتصادي إلى الله وحده بعلتين: الأولى: إن الله وحده هو المتكفل بأرزاق العباد وهو المسخر للأسباب النفسية والمادية للكسب والعمل، وهذا في اعتقادي لم يتوصل إليه بعد علماء الاقتصاد. الثانية: إن الله لو بسط الرزق لعباده لأفسدوا في الأرض، وهذه العلة توصل إليها فلاسفة الاقتصاد، ومفادها أن الكم يؤثر في الكيف، وهو المعبر عنه بلغة القرآن (كلاّ إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى) العلق: 6- 7.
ويمضي القرآن بعد هذا ليصور الانفعالات النفسية والسلوك البشري المنتظر تجاه ملكية المال وعدمها، فتتلو الآيات: (يحسب أن ماله أخلده) الهمزة: 3. (وتاكلون التراث أكلا لما، وتحبون المال حبا جما) الفجر: 21-22.

ومع عملية الكشف عن نزعات النفس التي تتأثر بالمال كثرة وقلة، وتفسر السلوك المترقب نتيجة لذلك، فإن القرآن الكريم يحدد وظيفة المال ويبين ملكيته الأصيلة، فيقول: (المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا) الكهف: 45. فجعل القرآن وظيفة المال ثانوية في الحياة، فهو فقط وسيلة لتعمير الأرض لإقامة العدل الطبيعي من أجل حياة أفضل سرمدية في المستقبل عند الله. ويرجع الملكية كلها إلى الله وحده، ويحدد مقدار تسلط يد البشر على المال بمقدار ما يكون للوكيل من يد في مال موكله...

إن القرآن وضع الحد الطبيعي لقضية المال، ولكن بهذه الخطوط:
النظرة إلى المال على أنه ثانوي في الحياة.
تحليل السلوك البشري نتيجة الشعور بالغنى أو الفقر.
توزيع يحقق العدل والتكافل.
تنظيم لحياة الفرد الاقتصادية على نظام التوسط والاعتدال.


بهذه الخطوط القليلة في الكم الكتابي انتهى القرآن الكريم من مشكلات قضية المال، وانتهى منها في سرعة تتلاءم مع الفطرة الحقيقية للمال دون احتفال به على وجه أو نظام فسيح قد يبرز أهميته أكثر من وظيفته الثانوية، ولكن فلاسفة الاقتصاد أنفسهم قد أتعبوا تفكيرهم كثيراً في تحديد تخطيط ولو شبه عادل لعملية التوزيع والإنفاق، حتى ألجأهم إلى حماية آرائهم بالحديد والنار، فقد نسوا أن المال ليس بذي قدسية ذاتية، لأنه وسيلة، وإذا أخذت الوسيلة قدسية الغاية فقد ضل الناس الطريق.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم «تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتفش» (رواه البخاري).

تحياتي ,,,,,,,,, Ami_®
لاإله إلاالله محمد رسول الله مبدع اخي صدقت واحسنت حياك الله
فعلاً كلام حقيقي الله الخالق الرزق سبحانه
فارسة الكلمه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس