عرض مشاركة واحدة
قديم 22-08-2002, 12:18 AM   #3
الحر
ضيف
 
المشاركات: n/a

 
افتراضي

الاستثمارات العربية تبدأ رحلة العودة

المستثمرون السعوديون يسحبون 200 مليار دولار من استثماراتهم بالأسواق الأمريكية في ظل مخاوف من أن تقدم الإدارة الأمريكية علي تجميد هذه الأموال بدعوى مساندتهم "لجماعات إرهابية".



21 أغسطس/ آب، GN4ME- في ظل المخاوف التي تنتاب المستثمرين العرب في الولايات المتحدة الأمريكية، وخاصة السعوديين منهم، من أن تمتد يد الإدارة الأمريكية بتجميد أموالهم بدعوى مساندتهم "لجماعات إرهابية" أقدم المستثمرون السعوديون علي سحب حوالي 200 مليار دولار من استثماراتهم بالأسواق الأمريكية.



وذكرت صحيفة الفاينانشيال تايمز في عددها الصادر اليوم/ الأربعاء/ أن قيمة المبالغ التي سحبت تشكل جزء كبيرا من إجمالي الاستثمارات السعودية في الولايات المتحدة التي تتراوح بين 400 و600 مليار دولار مشيرة إلي أن هذه الخطوة تأتي في ظل التوتر الذي شاب العلاقات بين واشنطن والرياض عقب أحداث 11 سبتمبر.
ومن المعروف أن الهيئات الأمريكية - السعودية كانت قد أخضعت حسابات العشرات من السعوديين والشركات السعودية للمراقبة في الآونة الأخيرة كجزء من حملة واشنطن على ما تسميه "الإرهاب" الأمر الذي أدى إلي تزايد مخاوف المستثمرين السعوديين علي أموالهم.

وكانت شائعة قد سرت أمس /الثلاثاء/ في أسوق لندن المالية مفادها أن السعوديين سيسحبون جزء من استثماراتهم في الولايات المتحدة خشية قيام القضاء الأمريكي بتجميدها، الأمر الذي أدى إلي تراجع سعر صرف الدولار الأمريكي مقابل العملات الأخرى.
يذكر أن ما يزيد علي 600 من أقارب ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة كانوا قد قاموا برفع دعوى مدنية يوم 15 أغسطس/آب الجاري ضد السودان وثلاثة أمراء من العائلة المالكة السعودية وسبعة مصارف دولية وثماني منظمات خيرية إسلامية والعديد من الممولين بتهمة المساهمة في التمويل السري لشبكة القاعدة التي تتهمها واشنطن بالوقوف وراء هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
والأمراء الثلاثة الذين تم ذكرهم في الدعوى هم وزير الدفاع والطيران الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود الذي يشغل أيضا منصب رئيس شركة الخطوط الجوية السعودية، والرئيس السابق للاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل آل سعود، ورجل الأعمال الأمير محمد الفيصل آل سعود شقيق الأمير تركي ومدير بنك فيصل الإسلامي الذي يعد أول مصرف إسلامي في الشرق الأوسط.


أزمة11 سبتمبر

ومما هو جدير بالذكر أن أزمة 11 سبتمبر وما أعقبها من حرب تشنها الولايات المتحدة علي ما أسمته "بالإرهاب" فضلا عن تدهور الاقتصاد العالمي قد فتح الباب أمام التفكير في عودة الأموال العربية المهاجرة، خصوصا في أعقاب التضييق على الاستثمارات العربية في الدول الغربية والمخاوف من تجميد أرصدة بدعوى مساندة أصحابها "للإرهاب".
وكانت الأموال العربية قد عرفت طريقها للاستثمار في الخارج في السبعينيات مع تعاظم الطفرة النفطية في الخليج وزيادة ثروات العائلات الحاكمة ورجال الأعمال الباحثين عن فرص لزيادة الثراء في الخارج، في وقت كانت الاقتصاديات العربية طوال عقدي السبعينيات والثمانينيات تمر بأزمات حادة، حيث كانت معظمها مرتبطة بالفكر الاشتراكي، والحكومات مهيمنة على كافة الأنشطة الاقتصادية، ناهيك عن تعقيدات الجهاز الحكومي من روتين وبيروقراطية وفساد خانق، وهو ما خلق بيئة عربية طاردة للاستثمار وشجعت الأموال العربية المهاجرة على البقاء خارج الوطن.
ورغم أنه طوال العقود الماضية ومع كل ضربة كانت تتعرض لها الاستثمارات العربية في البورصات العالمية كان الحديث يكثر حول ضرورة عودة الأموال العربية بالخارج، إلا أنه سرعان ما كانت تخفت أصوات المنادين بعودة الأموال العربية ما إن تتلاشى هذه الأزمات، وتعود الأمور إلى طبيعتها.
ولكن أحداث 11 سبتمبر 2001 خلقت معطيات مختلفة تماما، ولم تعد الأزمة اقتصادية كتلك التي واجهتها الأموال العربية المهاجرة في العقود الماضية، فالقضية التي تواجهها هذه المرة تهدد مصيرها، وربما تجعلها تتلاشى ، لذلك فإن صوت العودة هذه المرة يبدو قويا، ويلقى آذانا صاغية من بعض أصحاب الثروات الذين بدأوا بالفعل في تحويل جزء من أموالهم، إما إلى بلادهم أو إلى دول تبدو فيها المخاطر أقل، حيث بات عامل الأمن الآن أهم من عامل العائد على رأس المال.

ولا توجد إحصائيات دقيقة حول حجم الأموال العربية بالخارج (يقدرها العديد من المصرفيين بأنها تتراوح بين 600 - 800 مليار دولار، بل هناك من يقدرها بحوالي تريليون دولار)، لكن أحدث تقرير صدر مؤخرا عن شركتي "ميريل لينش" و"كاب جيمني أرنست آند يونج" الأمريكيتين يقول: إن عدد أصحاب الثروات من العرب بنهاية عام 2000 بلغ 220 ألف شخص، إلا أن التقديرات الخاصة بحجم ثرواتهم المستثمرة في الخارج تتفاوت بين تريليون و3 تريليون دولار .



عقبات أمام رحلة العودة

ويثور هنا تساؤل حول العقبات التي تواجه عودة الاستثمارات العربية في الخارج؟

بداية يرى الخبراء الاقتصاديون أن هذه الأموال المهاجرة لن تعود بين يوم وليلة، لأنها هاجرت على مدى سنوات عديدة نتيجة تراكمات في الثروات منذ أيام الطفرة النفطية في منطقة الخليج، لذلك يمكن اجتذاب هذه الثروات الهائلة تدريجيا من خلال تفعيل أسواق المال العربية وإنعاشها وإدراج أوراق مالية أجنبية.

لذلك فإن الدول العربية مطالبة الآن بالبحث عن الأسباب التي دفعت الأموال العربية للهجرة طوال السنوات الماضية، وأن تعمل على حلها على وجه السرعة لجذب هذه الأموال التي بدأ جزء منها بالعودة بالفعل، وإلا فإن هذه الأموال ستعود مرة أخرى للدول التي قدمت إذا ما تحسن الوضع الاقتصادي بها، وانتهت زوبعة أحداث 11 سبتمبر.

وقد بدأت بعض البنوك وخاصة الخليجية منها في تطوير صيغ الاستثمار لديها في محاولة لجذب الأموال المهاجرة، بحيث توفر البنوك بعضا من صيغ الاستثمار التي هاجرت أو تهاجر من أجلها الثروات الخليجية، فهناك نسبة 40% من الثروات الخاصة للسعوديين في الخارج مستثمرة في مجالات الدخل الثابت و35% مستثمرة في الأسهم، وهي مجالات غير متوفرة في الأسواق الخليجية حاليا، لذلك فإن هناك حاجة ملحة الآن أكثر من أي وقت مضى لإيجاد فرص استثمار أفضل في دول الخليج بالتحديد، وربما كان الوقت مهيأ الآن لدفع عمليات الخصخصة قدما، وطرح أسهم جديدة سواء عبر إحلال الملكيات الخاصة محل العامة، أو فتح باب الاكتتاب لتأسيس شركات مساهمة عامة جديدة في مشاريع استثمارية ذات عائد مجزٍ.
  رد مع اقتباس