عرض مشاركة واحدة
قديم 12-06-2009, 12:41 PM   #3
اشراقة قلم
اشراقة قلم
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 10,646

 
افتراضي

عندما يتناسق القرار الحكومي يثمر أسواقا

كلمة الاقتصادية
يأتي قرار هيئة السوق المالية بإنشاء سوق مالية لتداول الصكوك والسندات في المملكة في توقيت مناسب مع تصريح وزير المالية السعودي أن الحكومة تعتزم تأسيس شركة لشراء القروض العقارية من المؤسسات المالية على غرار شركة فاني ماي الأمريكية. المناسبة تأتي في التنسيق المفترض وجوده بين تصريح الوزير وقرار هيئة السوق، حيث من المعلوم أن وجود شركة لشراء القروض سيمنح البنوك هامشا واسعا لزيادة رأس المال, وبالتالي رفع قدراتها على الاقتراض الذي من المفترض أن يستفيد منه الاقتصاد السعودي كون الحكومة هي التي منحت هذه البنوك تلك المقدرة. لكن الذي كان يحد من قدرات البنوك والشركات على الاقتراض من السوق السعودية هو عدم وجود سوق ناشطة وفاعلة للسندات، وهو الأمر الذي سيضعف من نتائج المشروع الحكومي فيما لو ظهر قبل إنشاء تلك السوق. إن التوسع في الإقراض من جانب البنوك مع قيام الحكومة بشراء هذه القروض سيمكن البنك من مضاعفة رأسماله بسرعة كبيرة, وهو الأمر الذي سيمنحه فرصة لزيادة الاقتراض لتمويل عمليات إقراض جديدة, وفي حال عدم توافر سوق نشطة لذلك في المملكة فإن البنوك ستبحث حتما عن تمويل من سوق عالمية نشطة, وهو الأمر الذي يعني نقل الفوائض إلى اقتصادات أخرى ويعوق مشروع تطوير الاقتصاد السعودي. لذلك فإن ظهور سوق مالية متقدمة للصكوك والسندات سيمنح الفرصة للاقتصاد ليستفيد من قدراته وفوائضه ويعيد تمويل ذاته مستفيدا من قدرات الحكومة وفوائضها المالية.

من جانب آخر فإن وجود هذه السوق وهذه الشركة بالتزامن سيعمل على تنشيط سوق العقار الذي يعاني ركودا وتشويها بسبب نشاط المضاربة الذي تنامى في السنوات الماضية على حساب الاستثمار, وهو الأمر الذي أثر في مشاريع التطوير العقارية، كما أن فشل عدد من المساهمات العقارية وشروط الأمانات خلقت جميعها عوائق كبيرة وقلصت من تنامي رأس المال في هذه السوق، وهو الأمر اللازم لتوفير مساكن على المديين القصير والبعيد لتواكب النمو السكاني في المملكة خاصة مع تزايد شريحة الشباب عاما بعد عام. لذا فإن إنشاء الشركة الحكومية وكذلك سوق السندات سيسهم بلا شك في تطوير السوق العقارية ويخرجها من مأزقها الحالي والمستقبل الغامض الذي يلفها وما قد يفاقم مشكلة الإسكان في المملكة.

إن التناسق في القرار والتصريح والتوقيت للأمرين يوحي بانسجام فكري عملي تطويري يستشرف المستقبل ويتوقع الأزمة ليبطل مفعولها, وهو أمر يفتقده العمل الحكومي المبني على الفكر البيروقراطي "إذا لم تكن هناك مشكلة فدعه يعمل" حتى إذا استحكمت حلقاتها بدأت اللجان العمل للتفكير في الحل. فتنسيق العمل والتصريحات المصاحبة له ضرورة, ونأمل من باقي الوزارات والهيئات العمل وفقا لمنظومة اقتصادية شاملة, وليس من باب تعارض المصالح فليس بين الوزارات والهيئات تعارض مصالح ولا في النفوذ والقوى بل تكامل ضروري, وليست هناك حاجة إلى لجان تنسيقية يضيع القرار فيما بينها بل عمل وفق منهج واضح المعالم يعمل فيه الجميع تحت راية مصالح الوطن أولا.
اشراقة قلم غير متواجد حالياً