عرض مشاركة واحدة
قديم 05-05-2005, 03:22 PM   #1
د. عبدالرحمن البراك
استاذ الادارة المالية
 
تاريخ التسجيل: Apr 2004
المشاركات: 153

 

افتراضي تحول الشركات خاصة الى مساهمة: دوافع و معوقات و اثار

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن تحوّل المنشآت الخاصة في المملكة، إلى شركات مساهمة، وعن مدى قدرة هذا الطرح على حل كثير من المشكلات التي تواجهها هذه المنشآت. ويرى العديد من رجال الأعمال والأكاديميين أن مزايا التحول تفوق عيوبه بكثير. ويتساءلون كذلك عن سبب قلة عدد الشركات المساهمة المدرجة في السوق السعودية على الرغم من أنها أقوى وأكبر الأسواق المالية في الشرق الأوسط (جدول 1 يوضح أن عدد الشركات المساهمة في المملكة يشكل 114 في المائة فقط من إجمالي عدد الشركات العاملة فيها).. إلى التفاصيل:

ويتساءل المراقبون أيضاً عن مدى إمكانية حل المشكلات الاقتصادية الموجودة في السوق السعودية عن طريق تحويل الاقتصاد من اقتصاد يعتمد على الشركات الحكومية والصغيرة إلى اقتصاد يعتمد على شركات رائدة عملاقة ذات مراكز مالية وإدارية جبارة.
وحتى يتم الحكم وبعدالة على هذا القرار الاستراتيجي تناولت في دراسة علمية شاملة خمسة محاور أساسية هي:
دوافع تحول الشركات في المملكة إلى شركات مساهمة.
معوقات تحول الشركات في المملكة إلى مساهمة.
الآثار المالية الناجمة من قرار التحول.
تأثير زيادة عدد الشركات المساهمة في المملكة على العوامل الاقتصادية الأساسية.
اقتراحات قد تساعد على زيادة عدد الشركات المساهمة في المملكة.
وبسبب كثرة هذه المحاور وحتى يتم التوصل إلى إجابات موثقة فقد تم استخدام ثلاثة طرق رئيسية لجمع البيانات.
الأولى: إعداد استبيان وتوزيعه على أكبر 500 شركة تعمل في المملكة.
الثانية: إجراء خمس مقابلات شخصية شملت مديري وملاك بعض الشركات التي اتخذت قرار التحول.
ثالثاً: عمل دراسة معمقة عملية على شركة سعودية تحولت فعلياً إلى شركة مساهمة.

دوافع التحول إلى مساهمة

ومن خلال البيانات والمعلومات التي تم جمعها توصلت الدراسة إلى:
أولاً: الدوافع: على الرغم من أن الكثير من المراقبين يعتقدون أن الدافع الرئيسي لتحول الشركات هو استمرارية المنشأة خاصة بعد موت المؤسسين فإن النتائج جاءت مخالفة لهذا التوجه. حيث يعتقد غالبية المشاركين في الدراسة أن الدافع الأول والرئيسي لتحول الشركات إلى مساهمة هو ''استخدام الأموال المحصّلة من بيع الأسهم لتوسيع نشاط الشركة''. هذه النتيجة قد تكون مدعومة بعدة مبررات من أهمها:
يواجه كثير من الشركات صعوبات في تمويل مشاريعها الحالية والمتوقعة وذلك بسبب: قله عدد البنوك في المملكة، التكلفة العالية للاقتراض، صعوبة تلبية متطلبات الاقتراض.
وبسبب هذا الوضع تضطر بعض الشركات للبحث عن مصادر تمويل خارجية أخرى توفر لها الدعم اللازم لإتمام مشاريعها. ومن أهم هذه المصادر الخارجية: التحول إلى مساهمة، والاحتمالية العالية لانضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية قريباً. هذا الإجراء سيترتب عليه الكثير من التحولات المهمة والجذرية التي من أهمها فتح أسواق المملكة للشركات العالمية العملاقة ذات الخبرة، وكذلك خلق أسواق جديدة للمنتجات السعودية.
للوقوف أمام هذا التغير القادم تحتاج الشركات السعودية للعمل على اتخاذ قرارات حيوية وجوهرية تساعدها لمواجهة هذا الوضع الجديد. ومن ضمن هذه القرارات: توسيع رساميلها كي تصبح شركات عملاقة قوية قادرة على مواجهه الشركات العالمية، إعادة هيكلة تنظيماتها الإدارية حتى تدار بطريقه علمية مؤسساتية حديثة، عدم رغبة الكثير من رجال الاعمال على التعامل بالفوائد الربوية مما يجعلهم مجبرين على البحث عن مصادر مالية أخرى عن طريق تحويل شركاتهم إلى مساهمة مما يضمن لهم استمرارية أعمالهم وبطريقه شرعية.
وأثبتت الدراسة أن الدافع الثاني لتحول الشركات في المملكة إلى شركة مساهمة هو ''تقوية موقع الشركة التنافسي''. حيث هناك عدة أسباب جعلت المنافسة بين الشركات في السوق السعودية شديدة ومن هذه الأسباب: تبني الحكومة سياسة فتح السوق لجميع المنتجات الأجنبية، رخص العمالة، عدم وجود ضرائب على الشركات السعودية، رخص تكلفة الأراضي وتكلفة الكهرباء (مقارنة بالدول الأخرى). لذلك قرار التحول سيساعد الشركات على عدة نقاط من أهمها: الولاء لمنتجات الشركة سيزيد طالما أن جزءا من أسهم الشركة مملوك من العامة، قرار التحول والإجراءات المصاحبة له ووجود اسم الشركة في سوق الأسهم السعودية يعتبر أداة تسويقية ودعائية قوية، رغبة كثير من ذوي الكفاءات العالية العمل في شركات تدار بقوانين وأنظمة واضحة مثل الشركات المساهمة.
ثالث أهم دافع لتحول المنشآت إلى مساهمة هو ''الاستمرارية والبقاء''. أهمية هذا الدافع لم تأت من فراغ حيث أثبتت معظم الدراسات أن ثلث الشركات العائلية (والتي تشكل 98 في المائة تقريباً من الشركات العاملة في المملكة) تبقى إلى الجيل الثاني و15 في المائة فقط من الشركات العائلية تبقى للجيل الثالث.

أسباب عدم الاستمرار

إن الأسباب الرئيسية في عدم قدرة الشركات العائلية على الاستمرارية هي: إخفاق الكثير من هذه الشركات على تطوير نظام فعال يضمن التحول السلس للسلطة إلى الورثة في حالة وفاة المؤسس أو في حالة فقدان القدرة على الإدارة واختلاف الطبيعة المعيشية والتعليمية للأجيال الصغرى.
لذلك وحتى تضمن هذه الشركات بقاءها واستمراريتها في السوق وعدم تفككها إلى شتات. ولكي تحافظ على مكانتها وحجمها السوقي وحتى لا يخسر الاقتصاد العام من هذا الاندثار، تستطيع أن تقوم بتغيير شكلها القانوني لتصبح شركات مساهمة حيث يحميها هذا التغير من أي مشاكل قد تنشأ بين المؤسسين أو بين الورثة.

المعوقات

أكدت الدراسة الاعتقاد السائد بأن من الأسباب الرئيسية لعدم رغبة الشركات الخاصة للتحول إلى مساهمة هو إخفاق عدد كبير من الشركات المساهمة الموجودة حالياَ في تحقيق أرباح سنوية معقولة. هذا الوضع (والذي كان يرى بوضوح في تسعينيات القرن الماضي وأوائل القرن الجاري) يجعل الكثير من أصحاب الشركات متخوفين من هذا القرار الاستراتيجي.
يبين (جدول 2) أن الكثير من الشركات المساهمة السعودية (ماعدا البنوك وشركات الأسمنت) لم تستطع تحقيق أرباح لعدة سنوات متتالية.
السبب الثاني والذي يعوق تحول الشركات في المملكة هو: تخوف المالكين الأصليين من خسارة نسبة الملكيّة الكافية والتي تمكنهم من إدارة الشركة بأنفسهم على الرغم من أن المادة رقم 52 من قانون الشركات السعودية تنص على أن الشركة الراغبة في التحول يجب عليها طرح 40 في المائة فقط من أسهمها للاكتتاب.

الآثار المالية للتحويل

ثالثاً: الآثار المالية الناجمة عن قرار التحول:
المحور الثالث للدراسة هو بحث نتائج تحول الشركات إلى شركات مساهمة حيث توصل البحث إلى أن قرار التحول له تأثير ايجابي على أرباح الشركات وذلك بسبب: في أغلب الأحوال يصبح الموظفون والعاملون في الشركة ملاكا فيها مما يزيد من ولائهم لها ويشجعهم على العمل فيها بإخلاص مما يترتب عليه ارتفاع أداء الشركة. غالباً ما تدار الشركات المساهمة من خلال إدارة محترفة متخصصة بعكس الشركات الخاصة.
يمكن للشركات المساهمة توسيع أنشطتها باستخدام سوق الأسهم كممول رئيسي. في الغالب أيضاً تقوم الشركات بتنويع أنشطتها بعد التحول. واستغلال شهرة الشركات المساهمة كأداة تسويقية للمنتجات أو خدمات الشركة.
بعد التحول تدفع الشركات المساهمة نسبة فائدة أقل على القروض من نسبة الفائدة المدفوعة قبل التحوّل وذلك بسبب: توافر عدة مصادر راغبة في إقراض الشركات المساهمة، سهولة الحصول على المعلومات المطلوبة عن الشركات المساهمة في أقل وقت وأقل تكلفة، وقلة الديون الخارجية على الشركات المساهمة.

الآثار الاقتصادية للتحويل

رابعاً: الآثار الاقتصادية الناجمة عن زيادة الشركات المساهمة:
المحور الرابع وهو الأكثر حساسية في هذا البحث وهو دراسة الآثار الاقتصادية الناجمة عن زيادة الشركات المساهمة حتى تتم معرفة مدى إمكانية إسهام هذه الزيادة في حل بعض المشكلات الاقتصادية التي تواجه المملكة. وبعد دراسة العلاقة بين زيادة عدد الشركات المساهمة في المملكة وبين العوامل الاقتصادية الأساسية وجدت الدراسة: أن زيادة عدد الشركات المساهمة لها تأثير إيجابي كبير على الاقتصاد بشكل عام حيث إن الشركات المساهمة تؤسس غالبا عن طريق مجموعة كبيرة من المؤسسين برأسمال كبير لكي تعمل في مشاريع عملاقة (مثل مشاريع الطاقة والاتصالات) حيث من الصعب على الأفراد القيام بهذه الأعمال. لذلك فأن كل دولة تحتاج هذا النوع من الشركات لمساعدة الحكومات لتقديم الخدمات الضرورية للمواطنين. إضافة لذلك تعتبر السوق المالية للدولة أحد أهم المقاييس المستخدمة من قبل المستثمرين الأجانب لمعرفة مدى قوة الاقتصاد. لذلك فإن وجود سوق مالية قوية تحتوي على المئات من الشركات العملاقة ذات الأداء المالي الجيد سيساعد الدولة كثيراً في استقطاب الاستثمارات الأجنبية بكل سهولة ويسر.
وأخيرا تم التوصل وبشكل علمي إلى أن زيادة عدد الشركات المساهمة ستساعد على خفض نسبة البطالة في المملكة وبشكل ملحوظ وذلك لعدة أسباب من أهمها: التوسع والانتشار المتوقع لهذه الشركات، زيادة عدد الشركات المساهمة ستزيد ثقة المستثمرين الأجانب في البلاد وبالتالي ستزيد حجم الأموال الواردة، ارتفاع إقبال الكفاءات السعودية على العمل مع الشركات المساهمة.

مقترحات

خامساً: اقتراحات قد تساعد على زيادة عدد الشركات المساهمة:
المحور الأخير من هذه الدراسة هو محاولة إيجاد حلول من الممكن أن تساعد على تشجيع الشركات الخاصة على اتخاذ قرار التحول إلى شركات مساهمة هذه المقترحات موجهة إلى الجهات الحكومية المعنية بالتحول (مثل وزارة التجارة، مؤسسة النقد، وهيئة سوق المال) وكذلك موجّه إلى المنشآت الخاصة العاملة في المملكة.
اقتراحات متعلقة بالجهات الحكومية المعنية بالتحول توصلت الدراسة إلى أن الجهات الحكومية المعنية تستطيع أن تساهم في تشجيع الشركات إلى التحول إلى شركات مساهمة من خلال تبني المقترحات التالية: الإسراع في أنشاء سوق مالية متكاملة، إعداد دليل واضح يشرح الإجراءات المتعلقة بتحوّل المنشآت إلى مساهمة، تسهيل الإجراءات المطلوبة من المنشآت الراغبة في التحوّل إلى مساهمة. كما يقترح: السماح للمستثمرين الأجانب بالمشاركة في سوق الأسهم السعودية، تسهيل الإجراءات المطلوبة من الأشخاص الراغبين في فتح مكاتب استشارية متخصّصة (مستشاري الاكتتاب)، السماح للشركات الأجنبيّة ببيع أسهمها في سوق الأسهم السعودية.
اقتراحات متعلّقة بمالكي المنشآت العائلية الراغبين في تحويل منشآتهم إلى شركات مساهمة: فصل الإدارة عن الملكية وتعيين أشخاص مؤهلين لقيادة منشآتهم، إعادة هيكلة تنظيمات منشآتهم الإدارية، نشر معلومات كافية عن أنشطة منشآتهم ووضعها المالي، حضور برامج تدريبية متخصّصة والتي قد تساعدهم على زيادة معرفتهم بالموضوعات المتعلقة بالتحوّل والاكتتاب، وزيادة حجم منشآتهم.

www.barrak.com
د. عبدالرحمن البراك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس