تباين حركة السـوق والرؤية من عمـق الداخـل
د. خالد المانع
أرجح ان السوق الذي اغلق يوم امس عند 9907 نقاط وبالرغم من إيجابيته الا انه يكتشف ذاتيا بحاجته لمثل هذه الفترة من التردد في الحركة وذلك نتيجة لما يقتضيه تفاعل الاحداث واحيانا ارتباكها في فهم المتعاملين المختلفين، فحركة السوق صعودا وهبوطا خلال الاسبوع الحالي بشكل متناقض هو امر متوقع في حقيقة الحال، ومن الممكن ان يفسر التناقض المرافق للاطمئنان من خلال التذبذب العالي والسيولة التي رغم انخفاضها خلال الاسبوع حيث وصلت يوم امس الى 8.6 مليار ريال عن متوسط سيولة الاسبوع الماضي الا اننا لا يمكن اغفال اتساقها المقبول مع المتوسط اليومي لأحجام تداولات الاسبوع الماضي والذي تأثر بعدد كبير من العوامل الاقتصادية وغير الاقتصادية.
حيث اكتملت إعلانات نتائج أرباح الربع الرابع لشركات السوق في لفتة ايجابية لدور هيئة سوق المال وتجاوب الشركات القائمة معها لجعل السوق السعودي أسرع من جميع اسواق المنطقة - باستثناء سوق الدوحة - من حيث سرعة ظهور اعلانات الارباح للمجتمع الاستثماري ولربما كانت هذه المشاهدة جديرة بالإشارة إليها على اعتبار ان الثقة في السوق وآلياته تعد احدى عوامل نجاحه المستقبلية لجعله مكانا آمنا لتوظيف المدخرات.
فعاد قطاع المصارف يوم امس للارتفاع بنسبة 3.4 بالمائة بعد ان تفاءلت الرؤى حول مستقبل القطاع بشكل عام والذي حقق نموا في ارباحه بمقدار 2 بالمائة بعد ان كان يحقق انخفاضا في معدلات النمو خلال العام الماضي .. اعتقد ان حركة ودرجة ارتفاع وانخفاض اسعار بعض المصارف المتباين عكست بشكل اجود من السابق قدرة المتعاملين في السوق على سقف المعايير المالية والاقتصادية المعمقة في التحليل أو لربما عكست استقرار الآراء حول ايجابية القطاع بالرغم من التحديات المهمة التي امامه والتي تكمن في تحسين الارباح مع المحافظة على جودة بقية المعايير المالية والاقتصادية.
كما يسعى قطاع التشييد الى استعادة جزء من مكاسبه التي خسرها يوم الاحد مع نزول السوق حيث حقق ارتفاعا بنسبة .06 بالمائة، وبغض النظر عن حركة القطاع المستقبلية الا ان المطمئن ان هذا القطاع لم يرتفع دونما محفزات اساسية فقد حقق نسبة نمو بمقدار40 بالمائة وهنا تجدر بنا الاشارة الى العلاقة الايجابية –الطردية - بين قطاع البناء والتشييد مع قطاع الاسمنت، فكلما زادت التوقعات بزيادة الطلب على قطاع التشيد والبناء زادت التوقعاب بزيادة الطلب على منتجات قطاع الاسمنت ولكن الاخير – قطاع الاسمنت - يشهد توسعات داخله ودخول منافسين جدد من خارجه ولربما بقيت التصورات محايدة فيه حتى يتأتى للمستثمرين رصد أثر هذه التوسعات على مستقبل الشركات القائمة.
تبقى حركة بقية قطاعات السوق تعتمد على قراءة مستقبل القطاع كل على حدة، وقد تشهد هدوءا تتخللها ارتفاعات فردية خلال هذا الاسبوع لشركات يرى البعض ان نتائجها مواتية للتطلعات ولا شك في أن حركة بعض شركات المضاربة خلال الثلاثة الايام السابقة ليس لها علاقة بالمعطيات الاقتصادية مذكرين بحجم المخاطر المرتفع عند المضاربة في تلك الشركات..
من جهة اخرى لا ادري ما مدى اهمية انخفاض التوقعات بتثبيط ارتفاع الاسعار مع صدور بيانات مؤسسة النقد التي افادت تراجع نمو المعروض النقدي السنوي في السعودية إلى 23.04 بالمائة في مارس، خصوصا ومصلحة الاحصاءات العامة في السعودية اصدرت يوم اول امس ايضا أن التضخم سجل ارتفاعا بنسبة 9.6 بالمائة، كما ان فهمي الخاص لتصريحات محافظ مؤسسة النقد الصحفية خلال الاسبوع الماضي يقول اننا قد نكون امام متوسط تضخم سنوي (معدل ارتفاع اسعار السلع والخدمات) يقترب او يتجاوز بقليل الـ 10 بالمائة، وهذا يثير تساؤلاتنا من شقين :
الاول : عن مدى جدوى الارباح الاقتصادية المحققة من شركات سوق الاسهم والمقدرة بـ 9 بالمائة حسب اعلانات نتائج ارباح الربع الماضي وهو يعني اقتصاديا اننا امام نمو ربحي حقيقي منخفض بحوالي -1بالمائة.. وهذا يلقي بثقله على معدلات نمو الربحية المجدية اقتصاديا في نظر المستثمرين.
ومن جهة اخرى اهمية توفير التسهيلات في الدفع بالدورة المستندية داخل الاقتصاد بشكل يحفز الاستثمار وهو الامر المرتبط بوزارتي التجارة والصناعة ووزارة العدل بشكل اكبر من غيرهما.
اما التساؤول الثاني فهو يكمن في كم هي المدة التي سيقضيها قرار تفعيل دخول المرأة مجالات العمل اسوة بأقرانها الرجال بعد ان لمسنا اشارات ايجابية خلال الاسبوع الماضي لتفعيل هذا القرار بعيدا عن الاعتبارات النفسية التي اعاقت هذا المشروع الانساني والتنموي والاقتصادي المهم.. فالاقتصاد السعودي في حاجة الى زيادة دخل القطاع الاقتصادي الأهلي عبر توظيف كامل طاقاته المعطلة وذلك لضرورة مواجهة ارتفاع الأسعار عبر زيادة الدخل والحد من التحويلات الأجنبية بشكل نسبي نظرا لأن المرأة السعودية ستحل كثيرا من تلك الوظائف التي يعمل فيها غير سعوديين وبالتالي ستبقى الأموال الوطنية تتحرك ضمن أركان الاقتصاد الداخلي ولعل تفعيل هذا القرار بشكل اسرع سيزيد الطلب على عدة قطاعات خصوصا قطاع التجزئة نظرا لزيادة الميل الحدي لاستهلاك للفرد في السعودية، على اعتبار انه كلما زاد دخل المجتمع زاد الطلب على السلع والخدمات وبالتالي رفاهيته وهكذا..
وبالاشارة الى العوامل العالمية التي ظهرت خلال الاسبوع الماضي وعلاقة سوق الاسهم به فقد تواصلت ارتفاعات اسعار بعض مواد البتروكيماويات خصوصا اليوريا في الاسواق نتيجة لزيادة الطلب العالمي وتأثر الاسواق بقرارات الصين لحظر تصدير المادة، ايضا تأثر المشتقات الاخرى بأسعار النفط التي يتداول خام نايمكس فيها عند 118.5 دولار تقريبا . وفي ارقام تقريبية لتصورات حركة سوق الاسهم ، اعتقد ان حدود تداولات بقية هذا الاسبوع ستنحصر بين قيم المتوسط المتحرك البسيط الاسبوعي (20) والذي يقع عند نقطة 10180 والمتوسط المتحرك الاسبوعي البسيط (10) والذي يقع عند نقطة 9700.. وبذلك تصبح قيمة المتوسط الحسابي التي نعتبرها من جهة نظر الاقتصاد القياسي تقع عند (9940 نقطة ) وهي التي اغلق سوق يوم امس ادنى منها بقليل عند 9907، والتي من الممكن – اقصد 9940 نقطة - كاحتمال أول: أن تكون مرتكزا لتداولات الخمس الجلسات القادمة .. او في احتمال ثان : أن تتحرك ضمنها بعض تلك الجلسات.. أي تلك الجلسات التي ستكون حركتها ضمن نطاق تداولي متردد الحركة وايجابي الرؤية، مذكرا بأن الارقام اعلاه تعتمد على الاغلاقات.
|