عرض مشاركة واحدة
قديم 13-01-2009, 12:11 AM   #27
سعد الجهلاني
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 52,139

 
افتراضي

“بازار” الفائدة

الخليج - رائد برقاوي
يبدو أن غالبية البنوك في الإمارات تهوى “المغالاة” لدرجة أن تحولت هذه الهواية إلى جزء أساسي من فلسفتها في العمل المصرفي سواء في زمن الطفرات أو حتى في الأزمات، فهي إذا ما قررت الإقراض تفتح الباب على مصراعيه لمن “هب ودب”، وإذا رأت العكس أحجمت عن ذلك حتى للعملاء الجيدين الذين كانت تلهث وراء أقل من نصفهم ملاءة .

بنوكنا للأسف لا تعرف الاعتدال لا في التسهيلات حيث كانت تعتقد أن الفرص الذهبية لن تتكرر فأقرضت حتى لزوار الدولة الذين يتوقفون في المطارات، ومولت اكتتابات الأسهم بعشرات الأضعاف وبمئات الملايين، وزادت اهتمامها بالتمويل العقاري فاستغنت حتى عن الدفعة الأولى .

أما الآن، ومن دون مقدمات أغلقت الباب بوجه الجميع . . حتى الأموال التي وفرتها الحكومة لتعزيز سيولتها احتفظت بها لنفسها ووضعتها في الخزائن، بينما أغرقت عملاءها السابقين “المقترضين” بالاتصالات وبالرسائل لمضاعفة رسوم خدماتها بداعٍ أو من دونه وزيادة أسعار فوائد بالمنطق أو عكسه .

البدعة الجديدة التي تركز عليها بنوكنا في هذه المرحلة هي الودائع، فقد تحولت إلى هاجس يقترب من “الجنون” فأصبح الحصول على أية مبالغ وبأي طريقة الشغل الشاغل لإدارات البنوك ولموظفيها، مدعومة بإغراءات كثيرة أهمها الأسعار التي باتت تفوق الخيال .

البنوك الأجنبية من جهتها دخلت “بازار” المنافسة المحمومة فرفعت الفائدة على الودائع محليا إلى مستويات غير مسبوقة، فإذا كانت بنوكنا الوطنية تعرض 6% أو 7% على ودائع العام، فإن البنوك الأجنبية العاملة في الإمارات تعرض أكثر، بل أنها باتت تتلقى في بلدانها الأصلية الودائع بالدرهم .

مؤسساتنا الوطنية الكبرى من جهتها أعجبتها “اللعبة” فدخلت على الخط وباتت تنتقل من بنك لآخر، تتفاوض مع هذا وتتحكم بالثاني، وتفرض شروطها على الثالث، سواء كان بنكاً وطنياً أو أجنبياً، الأمر سيان بالنسبة لها، المهم من يدفع أكثر .

لا ندري كيف سنخرج اقتصادنا الوطني بأسرع وقت ممكن من تبعات الأزمة العالمية إذا كانت تصرفات البنوك وهي المحرك الرئيسي للاقتصاد هكذا؟ وكيف سنقنع رجل أعمال في الاستثمار في أي قطاع إنتاجي إذا كان يحصل على عوائد أفضل دون عناء، أو إذا كانت تكلفة تمويل توسعاته أو مشاريعه الجديدة خيالية تمتص غالبية عوائده .

المنطق يقول أنه وإذا كانت الحكومة أيضا قد “بذلت ما بوسعها” لتوفير السيولة إلى هذه البنوك عبر الضخ المباشر أو باستخدام وسائل جديدة فإن على البنوك ألا تسير بعكس التيار، أما مؤسساتنا الوطنية التي تمتلك السيولة فإن عليها واجباً وطنياً واستحقاقات داخلية يجب مراعاتها، لأن الجميع كلنا في قارب واحد .
سعد الجهلاني غير متواجد حالياً