الربيعة: الخطوة غير مسبوقة عالمياً وتتطلب تفاعل الجهات ذات العلاقة لإنجاحها
إنشاء مدينة صناعية في إصلاحية الحائر بتكلفة 100 مليون ريال
حوار - هيام المفلح
قال الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة مدير عام هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية إن الهيئة تتجه لإنشاء مدينة صناعية في إصلاحية الحائر تصل تكلفتها إلى 100 مليون ريال.
وذكر الربيعة في حوار مع "الرياض" أن هذه الخطوة جاءت بتعاون بين الهيئة والمديرية العامة للسجون، وقد تليها خطوات مشابهة في بعض السجون السعودية، منوها إلى أن المدينة الصناعية في إصلاحية الحائر من المقرر أن تضم نحو 100 مصنع تشغل ما لا يقل عن 80 عاملاً في كل منها..
وإلى تفاصيل الحوار:
* أنشأت هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية مدينة صناعية في إصلاحية الحائر .. كيف نشأت فكرة المدن الصناعية داخل السجون ؟..وما هي أهدافها وتكلفتها؟
- الفكرة نشأت بمبادرة من قبل المديرية العامة للسجون حيث قام مساعد مدير عام السجون للإصلاح والتأهيل العميد الدكتورحيدر الحيدر بعرض الفكرة على هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية وبين أهدافها ، فقد كانت المديرية العامة للسجون حريصة على البدء في تفعيل هذا المقترح بشكل جدي ، ومن ثم توالت الاجتماعات إلى أن تم التوصل لصيغة نهائية ثم بموجبها تم توقيع العقد لتفعيل الشراكة بين الطرفين .
وتأتي مبادرة الهيئة بالعمل على تهيئة البيئة الاستثمارية داخل السجون إيماناً بأهمية توفير الرعاية والاهتمام لفئة السجناء الذين هم في حاجة ماسّة لمراعاتهم والعناية بهم ومن هذا المنطلق تبرز أهمية الجانب الإنساني كهدف رئيس نسعى لتحقيقه إضافة للعمل على الاستثمار الأمثل للسجين بما يعود عليه وأسرته بالنفع . وكما نعلم أن السجناء لديهم الوقت الكافي بالإضافة إلى أن بعضهم يتمتع بمهارات معينة سوف نعمل على صقلها وتنميتها بهدف مساعدته للخروج للمجتمع عضوا فعّالا وبالتأكيد نحن نأمل أن نبني مجتمعاً متكاملاً متكافلاً.. مجتمعاً يدعم بعضه البعض .
أما من حيث حجم التكلفة فيتميز المشروع بأنه جزء من المجمع ولذلك فإن جزءاً من التكلفة لإنشاء المشروع سوف يكون مؤمنا من السابق مثل الكهرباء والصرف الصحي ، ونتوقع أن حجم تكلفة المشروع تقريباً 100 مليون ريال . وفي العموم يمثل حجم الاستثمارات في المدن الصناعية ب 100 -140 مصنعا بقيمة إجمالية تصل إلى 5 مليار ريال .
ونتوقع من خلال تجاربنا السابقة في إنشاء المدن الصناعية أن الطاقة الاستيعابية لكل مصنع تتراوح ما بين 80-100 عامل بمعنى أن يكون لدينا 8000-10000 عامل على افتراض وجود 100 مصنع داخل المدينة الصناعية للسجن .
مجالات .. ومزايا
* ما الصناعات الأساسية التي يركز عليها المشروع ؟ وما المزايا التي سيجنيها السجناء من العمل فيه أثناء قضاء محكوميتهم وبعد الإفراج عنهم ؟
- هناك العديد من الصناعات التي نشجعها وسوف نعمل على تطبيقها داخل المدينة الصناعية وتشمل ( النجارة ، صناعة الأثاث ، صناعة تشكيل الحديد ، وصناعة قطع الغيار )... وغيرها من الصناعات . فنحن نبحث عن صناعات تطور مهارات السجناء ولا نبحث عن صناعات تطور عمالة و نعمل على أن السجين حينما تنتهي محكوميته يجد فرصة عمل خارج إطار السجن .
ومن المؤكد أن هناك العديد من المزايا التي سوف يحصل عليها السجناء نظير عملهم داخل المدينة الصناعية وتتمثل في تأمين عائد مالي مجز للسجناء بالإضافة لتطوير مهاراتهم الحرفية كما أن السجين سوف يعامل كموظف في وزارة العمل ، بالإضافة إلى تسجيله في التأمينات الاجتماعية، ويحسب له خدمة تقاعدية وجميع هذه المزايا وغيرها تحقق للسجين الأمان الاجتماعي والنفسي بأنه عنصر فعّال ومنتج وأن فترة بقائه داخل السجن هي مرحلة إنتاجية مثمرة ويحق للسجين بعد انتهاء محكوميته المواصلة في العمل داخل السجن إذا رغب ذلك .
تجربة رائدة
* ما الخطوات الفعلية التي قمتم بها لتسريع إنجاز المشروع ؟
- نحن نعمل بصفة متسارعة ونسابق الزمن لإنفاذ المشروع وقد تعاقدنا مؤخراً مع شركة هندسية متخصصة لعمل الرفع المساحي والتمتير وعمل المخطط العام والتفصيلي وعمل المخططات.. والأعمال الهندسية تستغرق من 6-9 أشهر بعدها مباشرة ستطرح للمناقشة وتعميد شركة لتطوير وتخصيص الأراضي داخل الإصلاحية ..
وفي هذا الإطار بودي أن تتفاعل معنا الجهات ذات العلاقة بالمشروع في إذابة الحواجز البيروقراطية في سبيل تسهيل وتذليل كل ما يمكن إعاقة هذا المشروع الوطني الإنساني .
* ماذا عن السجون النسائية .. هل سيتم شملها في المشروع ؟ وهل هناك خطط مستقبلية لتوسيع نطاق تجربة المدن الصناعية في مختلف سجون المملكة ؟
- تطبيق المشروع في السجون النسائية لن يتم في هذه المرحلة وإنما هو طموح مستقبلي سنعمل على دراسته قريباً ، ونحن نعمل الآن على توسيع نطاق المدن الصناعية في مختلف سجون المملكة وقريباً سوف يتم توقيع اتفاقية داخل سجون جدة وسيتم التركيز مبدئياً على المدن الكبرى لزيادة الطلب نظراً لازدياد الطاقة الاستيعابية .
* هل هناك تجارب عالمية مماثلة لفكرة المشروع ؟
فيما يخص التجارب العالمية في مجال الاستثمار في السجون ومدى استفادة هيئة المدن الصناعية منها فقد اطلعنا على دراسات وتجارب سابقة ولكن تظل هذه الدراسات محدودة كما أنها تختلف عن الواقع الذي نسعى لتطبيقه هنا حيث إن هذه التجربة رائدة ، فالتجارب الأخرى تعمل على وجود مصانع داخل الإصلاحيات ولكن تجربتنا تتمثل في إنشاء مدينة صناعية متكاملة الخدمات من خلال تأمين بنية تحتية متميزة تعمل وفق أنظمة حديثة تساعد العاملين على التنوع في الإنتاج بجودة عالية علماً أنه لا يوجد على مستوى العالم فكرة مماثلة وبالتالي يمكن أن تكون تجربتنا نموذجاً مميزاً ويحتذى به .
تجاوب القطاع الخاص
* بمَ تبررون عزوف رجال الأعمال عن إنشاء مشروعات استثمارية في السجون برغم أنها تمتلك فرصاً استثمارية كبرى ؟ وكيف تتوقعون حجم مشاركتهم بمشروعكم ؟
قد يكون عدم وضوح التجربة الاستثمارية داخل السجون للمستثمرين عائقا في تنفيذ العديد من المشاريع ، ولكن يحدونا الأمل جميعاً بعد الانتهاء من تخصيص الأراضي في إصلاحية الحائر أن يكون الإقبال على الاستثمار داخل السجون كبيرا ومشجعا وقد عرضنا التجربة على العديد من أصحاب رؤوس الأموال وأبدوا تفاعلاً كبيراً في المشاركة في هذا العمل ولا أبالغ إن قلت إنه مع الأيام الأولى لفتح باب الاستثمار سوف يتم تخصيص جميع الأراضي والعمل على إنجازها .
أما عن حجم مشاركة القطاع الخاص المتوقعة معنا فنظراً لحداثة هذه التجربة والمزايا الإيجابية التي تتمتع بها والأسباب الدينية والاجتماعية التي تراعيها فإننا نجد لدى المستثمرين القبول والحماس للمشاركة في إنجاح هذا العمل خصوصاً في ظل تواجد السجناء وتفرغهم بشكل كامل وعدم وجود أي التزام اجتماعي يعيقهم عن أداء أعمالهم كما أن تكلفتهم كعاملين أقل بكثير من تكلفة العاملين من خارج السجن .
* برأيكم .. هل سيؤثر قرار احتساب السجين العامل بشخصين في تفعيل سرعة استجابة رجال الأعمال للاستثمار داخل السجون ؟
- هذا القرار يعد من أهم العوامل المشجعة للاستثمار ولا أبالغ إن قلت إن العوامل المحفزة للمشاريع داخل السجون أكثر بكثير من العوامل المحفزة خارج السجون ونشكر وزارة العمل على هذه المبادرة الإيجابية التي تصب في خدمة السجين والمجتمع والتي سوف تساهم بإذن الله في زيادة نسبة السعودة.
نحتاج كل الدعم
* كيف تقيمون تعاون المديرية العامة للسجون معكم في إنجاح هذه التجربة ؟
- لابد أن نشير في هذا الجانب بالتعاون البنّاء والملموس للمديرية العامة للسجون ودورها في إنجاح هذا العمل وأحب أن أشيد بالعمل الاحترافي الذي تقوم به المديرية وحرصها على تقديم أفضل الخدمات والبرامج لتطوير ورعاية السجناء بمختلف فئاتهم.
* وما دور الإعلام المرجو لدعم جهودكم ؟
- لا شك أن الإعلام شريك إستراتيجي ومهم في إنجاح هذا المشروع ونعول عليه كثيراً في تفعيل الشراكة بين السجون والقطاع الخاص ويجب أن نوصل رسالة للمجتمع أن السجناء هم فئة جادة ومنتجة ربما وضعوا في ظروف أجبرتهم على السجن وهم في النهاية ليسوا إلا جزءا مهما من المجتمع يجب الوقوف بجانبه والمديرية العامة للسجون تبذل جهداً كبيراً لترسيخ هذا المفهوم ويبقى الدور الإعلامي مطلوبا لإنجاح هذا الجهد .
وسوف نعمل مع المديرية العامة للسجون على وضع خطة إعلامية وتسويقية للمشروع على أن ينطلق المشروع خلال الثلاث سنوات القادمة بإذن الله .
ولا يفوتنا في ختام حديثنا هذا توجيه كل الشكر لصاحب السمو الملكي وزير الداخلية وسمو نائبه وسمو مساعده للشؤون الأمنية نظير توجيهاتهم السديدة وتفاعلهم مع كل ما يخدم المجتمع ويسهم في تقدمه وتنميته كما يسعدنا أن نشكر سعادة مدير عام السجون على جهوده وحرصه على العمل على محاولة تصحيح الفكرة السلبية عن السجون والسجناء والعمل على إدماج السجين في مجتمعه ليعود عنصراً نافعاً .
|