عرض مشاركة واحدة
قديم 01-04-2008, 05:45 AM   #48
bhkhalaf
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 34,586

 
افتراضي

محاكم الاستئناف والتعــاقد

د. ناصر بن زيد آل داود

توشك الدولة ـ وفقها الله ـ في طريقها لإصلاح المؤسسة القضائية أن تأذن بفتح محاكم للاستئناف بدلا من محاكم التمييز الحالية ؛ اختصاراً للبت في القضية ، بحيث تنظر المحكمة العامة أو الجزائية في القضية ، وعند اعتراض أيٍ من الخصمين على الحكم الصادر فيها يحق له استئناف المرافعة لدى محاكم الاستئناف المزمع إقرارها .

وهذه المحاكم لا تنظر في الحكم لترشد القاضي إلى ما به من ملحوظات لاستدراكها ؛ لأن القاضي قد انتهى دوره في القضية بصدور الحكم ، بل إن محكمة الاستئناف تنظر في القضية ـ بحضور الخصمين أو من يمثلهما ـ من حيث انتهى القاضي ، ولها صلاحية تصديق الحكم أو الحكم في القضية بحكمٍ آخر .

وهذا أقرب إلى العدل ، وأحرى أن يوجز أمد إنهاء الدعوى ، وبه يقضى على تلاعب الخصوم بحقوق الآخرين .

ويبقى أمر هام وهو: أن القضايا المميزة عام 1412هـ بلغت خمسة وعشرين ألفاً ومائةً وتسع قضايا في حين بلغت عام 1421هـ ستة وخمسين ألفاً ومائة وثلاثاً وخمسين قضية ، أي أن أعداد القضايا زادت أكثر من مائة وعشرين في المائة خلال عقد واحد من الزمن فقط ، وهكذا .. العدد يتنامى ، والقضايا تزداد تعقيدا ، وكوادر المحاكم من القضاة تمشي الهوينى وتقف .

وبحسابٍ بسيط يظهر أن عدد القضايا المطلوب تدقيقها هذا العام ستون ألفاً تقريباً ، بعد حساب نسبة النمو السنوية البالغة 12 بالمائة كمعدلٍ تقريبي ، وبقسمة هذا العدد على مائتي يوم عمل في السنة ، ثم بقسمة الناتج على خمس قضايا تنظرها الدائرة يومياً ـ بحضور الخصمين معاً ـ ، ثم بافتراض تمديد جلسات كل دعوى إلى ثلاث كمعدل متدنٍ للغاية ؛ لأن القضايا المستأنفة هي أعقد القضايا المنظورة ، فبضرب الناتج في ثلاثة ، يكون العدد المطلوب للدوائر اللازمة فعلاً لنظر قضايا هذا العام ( مائة وثمانين دائرة ) ، ولأن كل دائرة لابد أن تتكون من ثلاث قضاة تمييز ، يصبح المجموع المطلوب لإشغال تلك الدوائر أكثر من خمسمائة وأربعين قاضي تمييز .

وبحسب نسبة النمو السنوي تزداد الحاجة إلى دعمهم بنسبة 12 بالمائة كل سنة ، أي خمسة وستين قاضي تمييز سنوياً تقريباً ، بالإضافة إلى كادرٍ من موظفي كتابة الضبط والمسجلين والسكرتارية والمستخدمين في كل دائرة ؛ أشبه بمكتب قضائي في المحاكم الابتدائية ، والمعدل المعقول خمسة موظفين لكل دائرة ؛ أي تسعمائة وظيفة لمحاكم الاستئناف ، تزداد الحاجة إلى دعمهم سنوياً بمائة وثمانية موظفين سنوياً ، مع ملاحظة أن المحاكم الاستئنافية عند افتتاحها تحتاج إلى جهاز إداري لا يقل عن عشرين موظفاً لكل محكمة ، أي مائتين وستين موظفاً لمحاكم الاستئناف على مستوى المناطق الثلاث عشرة.

وإذا قلنا : إن بعض المحافظات الآن أشبه بمنطقة ؛ كمحافظات : جدة والطائف والأحساء ونحوها ، ومثلها يحتاج إلى محكمة استئناف تخصها ، فهنا تزداد الحاجة إلى كوادر قضائية ووظيفية أيضاً .

إن ذلك يجعل الأمر أشبه بمعضلة في ضوء الأوضاع القائمة ؛ إلا أن يقال : هذا أمرٌ يمكن معالجته بالتعاقد مع قضاة استئناف من دولٍ عربية ؛ لسد النقص في الكوادر القضائية والاستشارية والتحريرية .

وحتى يحصل الاكتفاء الذاتي بكوادر سعودية مؤهلة تأهيلاً عالياً على مستوى محاكم الاستئناف ؛ التي تنشد قضاة فقهاء ذوي مواصفات إدارية وعقلية وشخصية تتناسب وخطورة الوظيفة ؛ والذين يحتاجون إلى تأهيلٍ خاصٍ بالمرحلة الجديدة عبر إقامة دورات متخصصة واختبارات علمية وعملية ونفسية ، وذلك كله : بعد القطع باستحقاق أولئك للترقية نظاماً بمعايير مضبوطة مكتوبة ومعلنة للجميع .

إن ذلك العلاج يبعث على الاستحياء من الذات أولاً ، ثم من الناس ومن ولاة الأمر ؛ لكنه هو الحل العاجل ؛ فمن ليس لديه راحلة أو لا يجد ثمنها فلا بد له من أن يقترضها أو يستعيرها أو يستأجرها ؛ لأنه إن لم يفعل أبطأ في بلوغ الغاية ، ولن يغفر له ذلك .

 مركز الدراسات القضائية التخصصي
(القاضي بوزارة العدل)
bhkhalaf غير متواجد حالياً