عرض مشاركة واحدة
قديم 21-05-2013, 11:36 AM   #942
شرواك
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 20,000

 
افتراضي

حتى الآن فيضان السيولة من المصارف المركزية مستمر في توفير الدعم والإسناد

ارتفاع الأسهم يخفي خطر السقوط في المستقبل

متداولون سعداء بصعود الأسهم التي ظلت تسجل في الآونة الأخيرة ارتفاعات متواصلة في الأسواق الغربية.

هل جُنَّت الأسواق؟ هذا سؤال ربما طرحه كثير من المستثمرين في الأسابيع الأخيرة، في الوقت الذي حلقت فيه الأسهم إلى عنان السماء في بريطانيا ومنطقة اليورو والولايات المتحدة – حتى مع تراجع الفروق في العوائد على السندات.
لكن إذا كنتَ تريد علامة أخرى على الغرابة التي يمكن أن تبدو بها أنماط الأسواق، عليك بإلقاء نظرة على تقرير أعده حديثاً مات كينج، وهو محلل في سيتي جروب. يجادل كينج بأن أكثر ما يلفت النظر في الاتجاهات العامة الحالية للسوق ليس فقط الأسعار المذهلة للأسهم والسندات، وإنما الموضوع الحقيقي هو الاختلال في العدد الكبير الذي طال عليه الأمد من أنماط البيانات*.
ألقِ نظرة على الصلة بين البطالة وأسواق الأسهم. فبين عامي 1997 و2011 كان مستوى البطالة في منطقة اليورو متناسباً دائماً بصورة عكسية مع مؤشر ستوكس. لكن منذ عام 2011 قفزت معدلات البطالة في منطقة اليورو من 10 إلى 12 في المائة – حتى في الوقت الذي ارتفع فيه مؤشر ستوكس 10 في المائة.
مثال آخر على ذلك هو أرباح الشركات. في العقود الأخيرة كانت تعديلات أرباح الشركات الأمريكية تقتفي التقلبات في سوق الأسهم، لكن منذ مطلع 2012 كانت هناك تعديلات نازلة صافية في الأرباح – في حين أن الأسهم الأمريكية حلقت إلى عنان السماء. وكذلك الحال مع الفروق في العوائد على السندات وتكاليف الرفع المالي. وفي العقدين السابقين كانت الفروق في عوائد سندات الشركات ذات المرتبة الاستثمارية تتوسع دائماً حين ترتفع مستويات ديون الشركات. ومع ذلك منذ 2011 ارتفعت نسبة الرفع المالي في منطقة اليورو من 1.4 مرة إلى 1.7 مرة، في حين تراجعت الفروق على العوائد من نحو 210 نقاط أساس إلى 120 نقطة أساس. وهناك نمط مماثل لهذا يحدث في الولايات المتحدة.
الحكاية نفسها صحيحة بالنسبة للمقاييس السوقية لعوامل اللبس الاقتصادي، المأخوذة من استبيانات الأعمال. كانت مؤشرات اللبس تقتفي حركة الفروق في عوائد السندات، لكن مع أن مشاعر اللبس بقيت مرتفعة منذ 2011 (وهو أمر متوقع)، إلا أن الفروق في العوائد تراجعت. بعبارة أخرى، انتقل سلوك أسواق السندات والأسهم بالاتجاه المعاكس بعيداً عن الأساسيات – بالنسبة لعدة نقاط في البيانات.
ومن السهل أن نتعرف على السبب وراء ذلك. ففي الوقت الذي اضطربت فيه البيانات في السنتين الماضيتين كانت البنوك المركزية الغربية تطلق برامج من التسهيل الكمي بقيمة سبعة تريليون دولار تقريباً. وأدى هذا إلى تخفيض أسعار الفائدة على السندات الحكومية، ما اضطر المستثمرين إلى البحث عن استثمارات أخرى سعياً وراء العوائد. لكن الأمر الذي عمَّق من الانقباض هو أنه في حين أن البنوك المركزية كانت تلتهم السندات التهاماً، تراجع عرض الأصول.
مثلا، تشير حسابات سيتي إلى أن صافي الإصدارات في أسواق الدخل الثابت الأمريكية تراجع من نحو تريليوني دولار عام 2007، ومن 1.5 تريليون دولار في 2010، إلى 250 مليار دولار فقط في 2012. ولا عجب إذن في أن الفروق في العوائد تقلصت واتجه المستثمرون لاقتناص الأسهم؛ وبدلالة السوق الكلية يعتبر ذلك بمثابة انقباض هائل باتجاهين.
لكن السؤال الأساسي الآن هو بالضبط إلى متى ستستمر هذه الظروف الغريبة. في الوقت الحاضر يراهن معظم المحللين الذين تحدثتُ معهم في الفترة الأخيرة في لندن ونيويورك على أن هذه الأوضاع المشوَّهة ستستمر لفترة أطول مما يتوقع معظم الناس. ومن الواضح أن السوق تتفق مع ذلك، إذ إن مقاييس التقلب الآن عند مستويات متدنية للغاية، ما يشير إلى استمرار الهدوء.
لكن مع أن الرهان على استمرار الهدوء ربما يكون صحيحاً – خصوصاً بالنظر إلى أنه يبدو أن من غير المرجح أن تتخلى البنوك المركزية عن برنامج التسهيل الكمي خلال أية فترة قريبة – إلا أن هناك تحذيراً مهما في هذا الخصوص.
في 2007 اعتاد كينج أحياناً استخدام صورة ''كرة في طبق'' لتفسير كيفية سلوك الأسواق أثناء فقاعة الائتمان. وبين عامي 2001 و2007 كان هناك حجم هائل من السيولة في النظام بلغ من ضخامته أن السوق كانت قادرة على تحمل صدمات صغيرة، فمثلما أن الكرة ستعود إلى مركز الطبق بعد هزة يسيرة، كذلك تعافى النظام المالي بسرعة من الضربات التي من قبيل تخفيض المرتبة الائتمانية لجنرال موتورز في 2005.
لكن هذا الهدوء كان هشاً وكانت تقبع تحت السطح تناقضات وتوترات عميقة. وبالتالي حين وقعت الصدمة الضخمة في 2007، مرت الأسواق بنقطة الانقلاب وانهارت – تماماً مثلما تقع الكرة خارج الطبق إذا حركنا الطبق بعنف.
ويغلب على ظن كينج أن هذا التشبيه يعتبر وصفاً ينطبق على الأسواق الآن، وأنا أتفق معه. ذلك أنه في حين أن فيضان السيولة من البنوك المركزية يمَكِّن النظام من امتصاص صدمات صغيرة، إلا أنه يخفي وراءه مجموعة من التناقضات الداخلية وعوامل الهشاشة التي يمكن أن تظهر إلى السطح عندما تضرب الصدمة. أو كما قال نسيم طالب، لأن البنوك المركزية تحاول بالضبط تحقيق الاستقرار مهما كان الثمن، فإن إمكانية حدوث هزة عنيفة في المستقبل تتصاعد مع ذلك. وبحسب تعبير علماء الإحصاء، ''خطر ذيل المنحنى'' في تصاعد.
وهذا لا يعني أن الصدمة ستحدث بالضرورة قريباً. يمكن أن يستمر هذا السِّلم المزيف لعدة أشهر، أو لعدة سنوات. لكن في الوقت الذي تحلق فيه أسواق الأسهم، يَحسُن بالمستثمرين التفكير في اختلال البيانات. ليس من مصلحة أحد أن ينعم بشعور التهاون، خصوصاً إذا كان جالساً في إحدى وزارات المالية – أو أحد البنوك المركزية – في الغرب.
شرواك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس