عرض مشاركة واحدة
قديم 14-08-2011, 11:25 AM   #495
شرواك
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 20,000

 
لا اوافق

تصنيف الديون الأمريكية.. من يطمئن المتعاملين

مشهد الأسواق المالية وهي تنهار نتيجة خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة كاف لتحريك أصحاب القرار في البيت الأبيض والسلطة التشريعية لمواجهة المخاوف التي اندلعت كالنار في الهشيم لطمأنة المستثمرين حول وضع الاقتصاد الأمريكي. وقد كان الخلاف السياسي حول رفع سقف الدين الأمريكي وحتى لحظة الاتفاق لإنهاء الوضع المتأزم أكبر عامل لخلق مخاوف في جميع الأسواق المالية إلا أن تصريحات الرئيس الأمريكي التي جاءت عقب خفض التصنيف محبطة جدا فقد بادل إحدى وكالات التصنيف بالرد عليها بأن البيت الأبيض ليس في حاجة إلى من ينصحه بخفض العجز في الميزانية العامة. وفي المقابل كان موقف وكالة التصنيف ستاندارد آند بورز كمن يصب الزيت على النار، فقد أكد متحدث باسمها أن التصنيف الجديد الذي أعلنته الوكالة قابل للانخفاض أيضا خلال ستة أشهر.

إذا فالاقتصاد الأمريكي لن يحظى بالمجاملة أكثر مما حظي به في العقود الماضية، والأهم هو أن في هذه التصريحات المتبادلة أسباب واقعية تتجاوز مجرد المخاوف أو القلق غير المبرر، أو حتى تلك العوامل النفسية التي يحدثها هذا التراشق الكلامي وللمتعاملين الحق في ذلك، لأن هذه التصريحات أقل ما يقال عنها بأنها عنصر مؤثر في سلوك المتعاملين، لأنها بالفعل تؤثر في قراراتهم، فالخطر ليس محل ترحيب مطلقا فقد كانت الأزمة المالية وما سبقها وجاء بعد استقرار الأسواق بمثابة إعصار هز الثقة من جذورها وأزال كل بصيص أمل في تعويض الخسائر أو رد رؤوس الأموال.

إن أي استخفاف بمشاعر المتعاملين في سوق الأوراق المالية وفي مقدمتها الأسواق الأمريكية لن يكون بالإمكان أبدا إصلاح الأضرار التي تنتج عنه. ويكفي أن أكبر انخفاض في مؤشر ستاندارد آند بورز خلال السنوات الثلاث الماضية جاء عقب هذا السجال اللفظي الخالي تماما من أي مذاق، وليست الأسواق المالية الأمريكية وحدها من تضرر، فالأسواق الأوروبية شهدت انحدارا مفزعا، وقد وصل تبرير ما يحدث بإلقاء اللوم على الإدارة الأمريكية في حين كانت هذه الإدارة قد استبقت الحدث وألقت باللائمة على أزمة الديون الأوروبية.

ومن المتوقع أن تشهد الأسواق المالية العالمية تسابقا على البيع وتداولا كثيفا للخروج من السوق والبحث عن أي مكان آمن، فالذهب سجل أعلى سعر له في التاريخ، حيث وصل سعر الأونصة إلى 1700 دولار. والتوقعات تشير إلى أن سعر الأونصة سيصل إلى 2500 دولار في نهاية عام 2011، ولا يمكن لوم المتعاملين؛ فكل المؤشرات تعكس حالة انحدار متواصل، بل إن توقعات الخبراء أن تصل الأزمة إلى قلب آسيا وكذلك الدول المفتحة على الأسواق الخارجية.

لقد أكد الرئيس الأمريكي أن النزاع السياسي في واشنطن يمكن أن يشل قدرة الولايات المتحدة على حل أزمتها المالية رغم أن مشكلات الاقتصاد الأمريكي قابلة للحل ولكن يلزمها الإرادة السياسية. وفي الواقع أن مثل هذا التأكيد لا يقدم جديدا، فالجميع يعلم أن المعركة السياسية أعاقت جهود الإصلاح الاقتصادي وأن الوعود الانتخابية لم تر النور ولن تراه.

والسؤال: أين سيكون مكان تطبيق الإصلاح؟ فالضرائب لن يوافق غالبية الكونجرس على زيادتها على الشركات والأثرياء، كما لن يوافق الديمقراطيون على خفض نفقات الرعاية الصحية أو نفقات الأمان الاجتماعي، ولبعد المسافة بين من يملكون القرار فإن الأسواق ستتعامل مع أسوأ سيناريو يمكن تصوره هذا ما تفرضه طبيعة سلوك المتعاملين والأخطر أن يكون الهروب جماعيا، حيث لا تتسع الأبواب للراغبين في الخروج فتتكدس أوامر البيع وتنسد منافذ الهرب وهو مشهد قد يتكرر على نطاق واسع هذه المرة.
شرواك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس