مشاهد رمضانيه ساخرة......
منذ بدايه اول يوم .....
"إنهاك مطبخي .."
عادت الأم منهكةً من العمل ، و تلقتها أيدي العمل المطبخي .. بدأ رب
الأسرة في سلسلة غير منتهية من
الطلبات .
" يا أم عبدالله .. نبي اليوم مرقوقة ، و لقيمات ، و شوربة دجاج , ..
و .. , .. إلى آخر القائمة الفندقية ."
و تلاه الأبناء ..
كل طلب وجبته المفضلة ، و الأم بين قعقعة القدور و جلبة الأواني ،
و مع مدفع الإفطار ، تعبر قدماها عتبة باب المطبخ لتلقي بتأوهات تعبها
على سجادة الصلاة ، في أول استراحة لها بعد يوم شاق ، و في
المقابل طعام فائض عن الحاجة يلقى في القمامة ، و ربما شكوى من قلة الملح في الحساء .
******************.
"صلاة "
أنهت وجبة الفطور ، ارتفعت أصوات المؤذنين لصلاة العشاء و التراويح ،
أسرعت إلى غرفتها ، ارتدت عباءتها الضيقة ، و أرخت " الشيلة " على
رأسها ، تتطاير من منافذها شعرات ملونة " بأصباغ " " غريبة " ،
اغتسلت بزجاجة العطر ، و خرجت تتمايس في مشيتها إلى المسجد ،
و عبق عطرها يجذب الأنظار إليها .
حينها .. تساءلت - ببراءة - طفلة صغيرة رأتها : " ماما فيه عرس في المسجد ؟ "
******************.
"مأدبات .."
" ريم .. نورة .. حنان ..
يالله .. السايق برة ينتظر .. تأخرنا على العزيمة .."
أنهت الأم زينتها ، و نادت بناتها اللاتي تأهبن للخروج ، تلبية لدعوة من
إحدى القريبات لتناول السحور ، و كانت الرحلة بقيادة ذاك السائق
الأجنبي ، ثم انتهت في وقت متأخّر من الليل ، بينها و بين الأذان الأول
دقائق معدودات ، عادت الأم و الفتيات لوحدهن برفقة ذاك الأجنبي ،
أضعن يومهن في الزينة و الحديث و الطعام ، تناسين أنه شهر العبادة و الصلاة .
*************.
" خادمة.."
خادمة مسلمة ابيضت شفتاها من شدة التعب و الإنهاك ، تسعي في
تنظيف البيت و إعداد وجبة الإفطار ، أخطأت في أحدى المرات ، سقط
طبق الطعام من بين يديها ، و أصابتها الإغماءة ، فتهاوى جسدها
الضعيف إلى الأرض ، حاولت الوقوف على قدميها ، تفاجأت بركلة
سيدتها تعيدها مسقطة على الأرض تارة أخرى ، و أتبعته بسيل من الشتائم .
ترفع رأسها إلى السماء و تنطق بها " أستغفر الله .. اللهم تقبل مني "
و كثير من نسق تلك المشاهد .
************* .
"رمضان متهم .."
في إحدى الوزارات المكتظة بالموظفين و العملاء ، تواترت إلى أسماع
الحضور ، كلمات نابية و شتائم مزرية ، تراشق بين أحد العملاء و بين
أحد الموظفين بالسّئ من الألفاظ ، تلاها اشتباك بالأيادي ، إلى أن
انفض العراك على تمتمة كل منها : " اللهم إني صائم " .
و المتهم الأول في هذه القضية هو الصيام .
*****************.
" معاكسات.. و مواعيد "
أصرت على والدها أن يذهب بها إلى المسجد لصلاة التراويح ، تجهزت ،
و أخذت هاتفها الجوال ، ما إن وصلت و فارقت والدها إلى قسم النساء
حتى ضربت بأزرار الهاتف ...
" ألو .. هلا .. أنا جيت مع أبوي .. و بخرج الحين من المصلى أقابلك في
سوق "***" الي جنب المسجد..
و عادت بعد انتهاء الصلاة إلى حيث تركها أبوها ، و كأنها لم تضرب
موعدا لمقابلة الصديق ، و كأنها ما جنت شيئا .
**************.
" قرقيعان "
في الخامس عشر من شهر رمضان الكريم .
وصلت مجموعة من أكياس صنعت من القماش الغالي ، إلى بيت بو
خالد ، تضم بين أجنابها المخملية قطعا من الشوكولاتة الملكية الدسمة
، يطل منها مظهر الترف الباذخ ، و عليها بطاقة مذهبة " عساكم من العايدين " .
تساءل رب الأسرة ما مناسبة هذه الحلوى ، ردت عليه أم أحمد : "
إيييييه .. تذكرت ، اليوم القرقيعان يا بو أحمد .. يا حسرة علي و على
عيالي ، من وين لنا نسوي زي هذا .. إيييه خلها على الله " و قلبت
يديها ، وسط نظرات زوجها المستغربة ، فأشاح عنها بوجهه ، "عادات
انقلبت إلى إسراف ".
***************.
"العيد .."
اقترب العيد ، و الناس في غمرة مشتغلون ، بين عابد متهجّد في
الليالي العشر ، و بين متسوق في أرجاء المدينة , و الأسرة منهمكة
في البحث عن أجود الثياب و أرقاها، إلى ساعات الفجر البيضاء ، و تتردد
الأصوات المتداخلة في جو مزحم مشحون بالأشواق إلى يوم العيد ..
" يمة .. أبي يكون فستاني أحلى فستان في العيد ،
و ترد الأم .. و الله تعبت معكم لا خليتونا نصلي القيام و لا ريحتوني بعد الفطور "
و هذا حالهن طوال العشر الأواخر إلى أن يأتي العيد و تبدأ الهدنة مع
النفس ، و قد رحلت العشر الأواخر ، و لم يشعرن بمرورها .
هذه مشاهد رمضانية ، التقاطات الكاميرا اليومية ، نراها أمامنا ، من
أناس نعرفهم ، و قد لا نعرفهم ..
و قد تصدر منا نحن ..
تتكرر في كل عام ، و تنتهي أحيانا بانتهاء هذا الشهر ، ننتقدها في
بواطننا ، و نجهر بانتقادها أحيانا ..
و لكننا نتساءل ..
ترى هل تناسب هذه السلوكيات مكانة هذا الشهر ؟
هل هذا ما ينبغي لنا القيام به في هذه المناسبة ؟
ماذا أعددنا لاستقبال شهرنا الفضيل غير الطعام و الشراب ؟
هل خرجنا منه و نحن مغفور لنا ، هل ارتفعت منزلتنا ، هل زادت حسناتنا .؟
كلها أمور ينبغي لنا أن نأخذها بعين الاعتبار و أن تكون تحت المجهر ..
شاركونا آراؤكم ، و اقتراحاتكم بهذه المناسبة الكريمة ..
|