عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-2008, 03:34 AM   #15
bhkhalaf
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 34,586

 
افتراضي

سيصبح مصدر الطاقة الأول بحلول عام 2030م
سعي أوروبي محموم للحصول على الغاز الطبيعي من مصادر مختلفة

د. سليمان بن صالح الخطاف - - - 30/03/1429هـ

يعتبر الغاز الطبيعي من أهم مصادر الطاقة النظيفة على الإطلاق، فقد ساهم في توليد ما قيمته 23 في المائة من إجمالي الطاقة المنتجة في العالم عام 2006م مقابل 37 في المائة للنفط الذي يعتبر المصدر الأول للطاقة بلا منازع. وتشير معظم التوقعات إلى أن الغاز الطبيعي سيصبح مصدر الطاقة الأول بحلول عام 2030م متعدياً بذلك النفط، لما للغاز من قبول عالمي لتأثيره البيئي الخفيف مقارنة بالفحم الحجري أو النفط.

وصلت الاحتياطات العالمية من الغاز الطبيعي أواخر 2006م إلى نحو 6180 تريليون قدم مكعب، بحسب مجلة النفط والغاز (عدد ديسمبر 2007م). أما إحصاءات شركة بريتش بتروليوم (BP) لعام 2007م، فقدرت الاحتياطات العالمية بنحو 6405 تريليون قدم مكعب، أي بزيادة قدرها 3.5 في المائة عن تقديرات مجلة النفط والغاز. ويبدو أنه من الصعوبة بمكان التوصل إلى التقديرات الدقيقة نظراً لاكتشاف احتياطات جديدة مع الاستمرار في الحفر والتنقيب وتقدم التقنيات اللازمة لذلك.

بلغ الاستهلاك العالمي للغاز الطبيعي نحو 100 تريليون قدم مكعب عام 2007م، ويزيد هذا الاستهلاك سنوياً بنسبة 2.5 في المائة. وبناء على ذلك فإن احتياطات العالم من الغاز الطبيعي الموثقة قد لا تكفي أكثر من 60 سنة، هذا مع توقع زيادة الاستهلاك العالمي للغاز بسبب التشريعات البيئية الصارمة ضد الانبعاثات القادمة من الفحم الحجري والنفط.

ومع زيادة الوعي العالمي وإدراكه حجم سلبيات انبعاثات الكربون وارتباطها المباشر بظاهرة الاحتباس الحراري، ومع استمرار ارتفاع درجة الحرارة في العالم وما رافقها من ذوبان للجليد في القطب الجنوبي، فإن ذلك قد رفع من مكانة الغاز الطبيعي كمصدر صديق للبيئة، نظراً لتدني الانبعاثات الكربونية الناتجة عن احتراقه.

وللحصول على كميات أكبر من الغاز الطبيعي فلقد نشطت معظم دول العالم إما في البحث عن مزود استراتيجي للغاز، بحيث تضمن تدفق الغاز إلى أنابيبها دون ضغوط سياسية، وإما في البحث والتنقيب عن الغاز الطبيعي، واستخدمت لذلك كل ما توصلت إليه التقنية.

وعلى سبيل المثال تقوم المملكة بالتنقيب والبحث في الربع الخالي بمشاركة الشركات العالمية المختصة مثل "شل" و"سينوبك" الصينية و"لوكسار" الروسية. وفي السياق نفسه ستنفق الصين أكثر من 30 مليار دولار بين 2002 و2020م على التنقيب والبحث على الغاز الطبيعي، إضافة إلى تحديث وتطوير البنية التحتية لاستخدامات الغاز من مد الأنابيب اللازمة لنقل الغاز وإقامة مصانع تسييل الغاز الطبيعي، وأيضا تحويل محطات توليد الطاقة بواسطة الغاز بدل الفحم الحجري.

ولعل من أفضل الأمثلة (التي لم تكن تخطر على بال الكثيرين) على تسارع كثير من دول العالم على توقيع عقود واتفاقيات طويلة الأجل من أجل الحصول على الغاز هو ذلك العقد الذي وقع في آذار (مارس) الماضي بين إيران وسويسرا. وينص العقد على أن تقوم إيران بتزويد سويسرا بنحو 200 مليار قدم مكعب سنوياً بحلول عام 2011م ولمدة 25 سنة. ويقدر المختصون قيمة هذه الصفقة ما بين 16 و32 مليار دولار، ولحساب سعر مليون وحدة حرارية (BTU) نفترض أن كل 1000 قدم مكعب من الغاز الطبيعي يحتوي على مليون BTU. أي أنه بموجب العقد فإن إيران ستزود سويسرا بنحو 200 مليون مليون وحدة حرارية (BTU) سنوياً أي نحو 5000 مليون مليون وحدة حرارية (BTU) في 25 سنة. فلو تم تقسيم سعر العقد بالدولار (16 إلى 32 مليار دولار) على 5000 مليون فهذا سيعطي سعر المليون وحدة حرارية (BTU) المتوقع وهو ما بين 3.2 و6.4 دولار لكل مليون وحدة حرارية، ويجب الانتباه إلى أن سعر الغاز هذا مرتبط مباشرة بأسعار النفط وتغيرها، ومن أجل ذلك توقع الخبراء الأسعار بأن تكون محدودة ما بين 3.2 و6.4 دولار لصعوبة توقع سعر النفط في الـ 25 عاما المقبلة وهي مدة العقد.

ولتحليل هذه الأسعار يجب عمل مقارنة لمعدل أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية، حيث تراوح معدل سعر المليون وحدة حرارية للغاز الطبيعي في 2003 و2004 عند سعر 4.5 دولار، وارتفعت الأسعار عام 2005م لتصل إلى 6.3 دولار ووصلت إلى 8.8 دولار في 2006م. أما في العام الحالي فتوقعت شركة غازبروم (أكبر مزود لأوروبا بالغاز الطبيعى) أن تصل أسعار الغاز الطبيعي إلى 11 دولارا، وفعلاً سجل سعر الغاز الطبيعي في ألمانيا في شباط (فبراير) الماضي نحو 10 دولارات، بينما وصل السعر في إيطاليا إلى 11.3 دولار لكل مليون وحدة حرارية. وعليه فإن أسعار العقد الإيراني ـ السويسري يعتبر مغريا بكل المقاييس لسويسرا بحسب أسعار النفط الحالية وحتى المستقبلية، لأن كل الدلائل تشير إلى تصاعد أسعار الطاقة في المستقبل. أما بالنسبة لإيران فهي في غاية السعادة لأن غازها سيصل إلى أوروبا رغم وجود معارضة لذلك.

وسيتم نقل الغاز الإيراني عبر أنابيب موجودة أصلا وممتدة عبر تركيا واليونان حتى تصل إلى شواطئ البحر الأدرياتيكي، حيث سيتم مد أنبوب تحت البحر وحتى شواطئ إيطاليا بطول 200 كيلو متر وبتكلفة تقدر بنحو 1.5 مليار يورو، وتقدر المدة الزمنية للانتهاء من إقامة هذا الأنبوب بنحو ثلاث سنوات. وحال وصول الغاز الإيراني إلى الشواطئ الإيطالية تكون شبكة أنابيب جاهزة في انتظاره لتنقله من إيطاليا وحتى سويسرا.

وكل الفكرة من هذا العقد أن تهرب شركات توليد الطاقة السويسرية من احتكار الغاز الروسي وسيطرة "غازبروم"، فهربت سويسرا من الدب الروسي إلى أحضان الإيرانيين ومشاكلهم مع وكالة الطاقة الدولية.

قد نستطيع أن نفهم قرار سويسرا برغبتها في الحصول على الغاز الإيراني وذلك لتقليص الاعتماد على الطاقة النووية بداعي السلامة، والحل الآخر كان بالحصول على الغاز الطبيعي المسال من أي بلد في العالم عبر الناقلات البحرية، ولكن تكمن المعضلة في أن سويسرا بلد داخلي ولا تطل على أي بحر، ما جعلها مجبرة على استيراد غازها عبر الأنابيب، ولهذا تم التفكير بالحصول على الغاز الإيراني رغم تحفظ الأمريكيين وامتعاضهم.

* خبير في شؤون تكرير النفط والبتروكيماويات
bhkhalaf غير متواجد حالياً