عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-2010, 08:36 AM   #40
alkaan
فريق المتابعة اليومية - عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
المشاركات: 10,651

 
افتراضي

الثلاثاء 16 ربيع الاول 1431هـ.2 مارس 2010 م

القطاع المصرفي والتوجه العقاري!!



د. عبد العزيز بن حمد القاعد
حملات إعلامية كبيرة وشعارات كثيرة قياداتها بعض المؤسسات المصرفية الهدف هو المواطن، تدغدغ أحلامه بامتلاك أرض أو مسكن يضمه هو وعائلته بغض النظر عن حجمها وتطلعاتها وكأن العقار هو وجهة قطاعاتنا الاستثمارية بجميع أطيافها. ومع الأسف الشديد هذا التوجه الإعلامي الجارف هدفه بعث ثقافة «العقار ولد بار» لتبقى تركة يتوارثها الأجيال، والحق مع الجميع كلٌ يسعى إلى تحقيق مصلحته وتوظيف مدخراته من خلال قنوات آمنة بغض النظر أيضاً عن مستقبل الوطن وتطلعات قادته وأبنائه.

وعلى الرغم من أهمية القطاع المصرفي ودوره الحساس في تنظيم النشاط الاستثماري والإنتاجي إلا أن المشاهدات وواقع الحال لايوحي بذلك، ففي الغالب تسعى المصارف التجارية إلى الموازنة الشديدة والحذرة ما بين السيولة والربحية، وعلى هذا فهي تسعى دائبة إلى توفير السيولة اللازمة وذلك من خلال الاحتفاظ بالأصول النقدية لديها سواء على شكل سيولة نقدية أو أوراق سريعة التحويل كالكمبيالات أو أذونات الخزانة وخلافها، أو عن طريق إجبارها بأمر من البنك المركزي بحيث يشترط عليها الاحتفاظ بنسبة معينة من أصولها السائلة لديه ولايحصل البنك المودع على مزايا مالية تبعا لهذا الإيداع ويُطلق عليها «الاحتياطي القانوني» وتتفاوت من وقت لآخر معتمدة على الأحوال الاقتصادية والمناخ المالي المواتي، وهذه النسبة يهدف من ورائها البنك المركزي إلى معالجة ما قد يطرأ على سيولة المصارف التجارية من شح مستقبلي. إن الوضع لايتوقف عند هذا الحد، فأغلبية أصول المصارف التجارية تُوظف للحصول على الربحية وهذا من الحقوق المشروعة لها من خلال النشاطات التمويلية المختلفة مثل شراء وبيع السندات الحكومية، وكذلك القروض قصيرة الأجل. المشاهدات الحالية تُبرز تصاعد دور الاستثمارات المصرفية في القطاع العقاري سواء على شكل قروض تمويلية طويلة الأجل أو رهونات عقارية أم استثمارات مباشرة وهي بلا شك سترتفع مع مرور الوقت، ولعل محدودية الأوعية الاستثمارية هي الدافع الرئيس لمثل هذا التوجه. لاجدال أن هناك مزايا عديدة للاسثمار العقاري فهو من الناحية العملية ملجأ آمن للمستثمرين وقت الغلاء كونه يساير التضخم، وكذلك زيادة النمو السكاني في المملكة، مع تسارع وتيرة النمو الاقتصادي وعدم وجود ما يُقلق ملاك العقار من ضرائب أو رسوم. على الجانب الآخر، فالاستثمار العقاري على شكل أصول مادية ليست سهلة التسييل بذات الدرجة كالأسهم حيث إن المستثمر يحتاج إلى وقت للتمول مع بطء الإجراءات الإدارية لإتمام الصفقات. الشاهد هنا، أن الانفتاح الكبير وبهذه الصورة على هذا القطاع قد لايكون فاتحة خير على الاقتصاد الوطني كون الظروف المالية المستقبلية ليست تحت السيطرة، ولهذا وجب التفكير في مصادر تمويل دائمة غير النفط والقطاع البتروكيماوي لتسيير دفة النشاط الإنتاجي. وليس من قبيل الصدفة أن يتصف هذا القطاع بالضعف الشديد في التوظيف والعمالة وبالتالي يُصنف اقتصادياً من ضمن القطاعات غير المُنتجة وهذا قد لا يتناسب مع أوضاعنا الحالية خاصة مع اتساع شريحة من هم في سن العمل والباحثين عنه وكذلك عدم وجود التشريعات العاجلة والكافية لعلاج الخلل الكبير الحاصل في سوق العمل المحلي اليوم. إن حجم الإنفاق الاستثماري في هذا القطاع من المُتوقع أن يصل إلى 100 مليار ريال لهذا العام ولا يوجد أدنى شك بمساهمة القطاع المالي بجزء كبير منه.

ولا شك أن الاستثمار العقاري ينقسم إلى قسمين رئيسيين الأول منهما في المضاربة والثاني في إقامة الوحدات السكنية المتنوعة، ولا شك أن المضاربة تحتاج إلى سيولة كبيرة ستؤدي إلى تضخم أسعار الأراضي خاصة في ظل عدم وجود تنظيمات تعمل على الحد من هذا الاستثمار غيرالمجدي للبلد، فإقرار القونين والأنظمة الخاصة بتنظيم السوق العقاري وتحقيق توازن الاستثمار فيه يتطلب مجهودات كبيرة لتحقيق هذه الأهداف كون التوازن التنموي حاجة مُلحة في ظل التذبذب الحاد لعوائد النفط وعدم وجود مصادر تمويلية واضحة ما يترتب عليه إختناقات قطاعية غير مُبررة. فخطوات الرهن العقاري المُنظم سيكون لها أثر إيجابي في القطاع العقاري المتوازن وبمعاضدة مؤسسات مالية متخصصة تكون لديها الدراية والمقدرة على العمل الاحترافي كتشجيع الشركات المتخصصة في هذه المجالات التي سينتج عنها وفرة في المعروض من العقار مع توازن الاستثمار غير المبالغ فيه. مع تفعيل الرهن العقاري من الممكن إعطاء الفرصة للقطاع المصرفي على شكل استثمارات محدودة في الشركات العقارية ومع التفعيل المدروس للمشتقات ويبقى القطاع المصرفي قائماً بدوره الحيوي وهو توفير السيولة اللازمة للقطاعات الإنتاجية التي تسعى الدولة من خلال برامجها التخطيطية إلى إيجادها داعما ورديفا لقطاع النفط، وما يترتب عليه من توظيف وهو الهدف الأسمى. إن الحلول بين أيدينا، وهي أن نجعل من هذا القطاع أقل جاذبية للاستثمار والمضاربة من خلال آلية عملية تحد من هذا التوجه وأظن أن الأدوات والفرصة مُهيأة، مع تشجيع القطاع المصرفي والحكومي على تبني برامج عملية تدعم الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة من خلال تقديم التسهيلات المتنوعة من أجل تحقيق أهدافنا وتاجها تنويع القاعدة الإنتاجية.
alkaan غير متواجد حالياً