عرض مشاركة واحدة
قديم 23-07-2009, 02:08 PM   #18
سعد الجهلاني
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2003
المشاركات: 52,139

 
افتراضي

علاقة حجم المديونية بإجمالى الناتج المحلي

تحليل / سلطان مهنا المهنا

احد اهم المفاهيم المستخدمة من قبل الاقتصاديين عند التحدث عن العجز فى الميزانية او الدين العام هو مقارنتها باجمالى الناتج المحلي GDP وهو القيمة الاجمالية لجميع السلع والخدمات المنتجة داخل الاقتصاد،ولو طبقنا هذا المفهوم على دولة مثل الولايات المتحدة لوجدنا ان العجز المتوقع في الميزانية القادمة (2010م) لادارة الرئيس اوباما سيصل الى حوالى 1,86 تريليون دولار اي بنسبة 13% من اجمالي الناتج المحلي ( 14 تريليون دولار)، ونسبة الدين العام (11,6 تريليون دولار) الى اجمالي الناتج المحلي حوالى 82%، وتشير مصادر مكتب الميزانية بالكونجرس CBO الى ان العجز في الميزانية سيستمر خلال العقد القادم 2010م-2019م، وسيؤدي (العجز) الى اقتراض الحكومة 9,3 تريليونات دولار تقريبا بمعدل تريليون واحد سنويا بزيادة تقدر بحوالى 2,3 تريليون دولار عن ما اعلنه الرئيس اوباما في الاسبوع الثالث من شهر فبراير 2009م، لذا يتوقع ان تبلغ مديونية الحكومة الفدرالية المباشرة الى اجمالي الناتج المحلي نسبة 100% خلال العقد القادم، علما ان توقعات مكتب المراقب المالي لعام 2011م قد وضع النسبة (الدين العام الى اجمالي الناتج المحلي) عند 54% ،المعايير الدولية مثل وكالات التصنيف الائتماني من جهة ثانية تضع نسبة الدين العام الى اجمالي الناتج المحلي بحدود 50% اواقل " لكي يسهل السيطرة على حجم المديونية" كمبرر لذلك، الاتحاد الاوربي يضع نسبة 60% كحد اقصى.مقارنة اجمالي الناتج المحلي بالدين العام يقاس على ضوئها حالة الاقتصاد بصفة عامة فكلما زادت نسبة العجز في الميزانية وزاد حجم الدين العام مقارنة باجمالي الناتج المحلي سيكون ذلك على حساب النمو الاقتصادي لسبب رئيسي وهو ان مدفوعات الفائدة على المديونية والتي تزيد عن 433 بليون دولار سنويا اي ما يعادل نحو 20 سنتاً لكل دولار من عائدات الضرائب لعام 2008م ومن المتوقع ان تتجاوز نصف تريليون في عام 2012م تستنزف الكثير من السيولة يفقدها الاقتصاد وتمنع العديد من الاستثمارات وبالتالى تؤدي الى بطء في النمو الاقتصادي، ولواخذنا مثالاً على ذلك ( تاثير حجم المديونية على الدخل) نجد ان مديونية شركة جنرال موتورز في عام 2006م بلغت 190 بليون دولار اي ما يعادل نسبة 92% تقريبا من اجمالي عائداتها السنوية والتي تقدر بحوالى 208 بليونات دولار وهي نسبة جعلتها تواجة خطر الافلاس في الوقت الحالي، مثال اخر دولة ايسلاند اعلنت افلاسها في عام 2008م بعد ان وصلت نسبة الدين العام الى اجمالي الناتج المحلي 103%. لذلك على المدى البعيد العلاقة كما وصفها احد الاقتصاديين بين "معدل نمو الدين العام ومعدل النمو الاقتصادي هو امر حيوي لتحقيق الاستقرار المالي لكن طالما ان الدين العام ينمو بوتيرة اسرع (11,7%+) من اجمالي الناتج المحلي كما يحدث الان (بالولايات المتحدة) فان نسبة الدين الى اجمالي الناتج المحلي سترتفع على حساب النمو الاقتصادي وتلك حالة غير مستقرة في طبيعتها" وهذا يعود بالدرجة الاولى الى سياسة الافراط في الانفاق، عدم التوفير او زيادة للضرائب من قبل الادارات الامريكية المتعاقبة خلال العقود الثلاثة الماضية مما ادى الى زيادة العجز في الميزانية وتضخم حجم الدين العام من اقل من بليون دولار مع بداية ادارة الرئيس ريجان (1980م) الى ان بلغ الان اكثر من 11,6 تريليون دولار ومن المتوقع ان يتضاعف حجم المديونية بسبب ازمة الائتمان الحالية،دعم البنوك وخطة الانقاذ لتحفيز الاقتصاد والتي تقدر كلفتها بحوالى 13 تريليون دولار طبقا لوكالة بلومبيرج،

اضافة الى ذلك انعكس تضخم حجم المديونية خلال العقود الثلاثة الماضية على متوسط اسعار الفائدة للمديونية العامة للحكومة من 11,50% تقريبا فى بداية الثمانينيات الميلادية الى اقل من 5% بنهاية عام 2008م، وتشير بعض المصادر عن وجود ضغوط على الحكومة الامريكية في الوقت الحالي لزيادة متوسط اسعار الفائدة على المديونية لترغيب المستثمرين الاجانب على شراء الاصدارات الجديدة من سندات الخزنة بعد ان تجاوز حجم العرض مايتم اصداره من سندات وتوقفت بعض الحكومات الاجنبية والصناديق السيادية التي تملك اكثر من 3 تريليونات دولار من اجمالي الدين الامريكي عن شراء سندات الخزنة خاصة في ظل الازمة المالية التي تمر بالعالم الان وحاجة تلك الدول الى السيولة النقدية لتحفيز اقتصادياتها فيما عدا الصين التي تعد اكبر مستثمر اجنبي لسندات الخزنة بنسبة 24% تقريبا وبقيمة تصل الى حوالى 768 بليون دولار،مقابل ذلك (قيام الصين بشراء الدين الامريك، عن طريق سندات الخزنة) تتغاضى الادارة الامريكية عن تحكم الصين باسواق العملة لابقاء عملتها (اليوان) منخفضة عن طريق زيادة الطلب على شراء الدولار وذلك لزيادة صادراتها، على الرغم من ان التصريحات الرسمية للادارة الامريكية تشير الى عكس ذلك بحث الحكومة الصينية على عدم التدخل لخفض عملتها، دائرة المصالح المشتركة بين الطرفين (الولايات المتحدة والصين) وضعت احتياطات الصين الضخمة واستثماراتها من العملة الصعبة والتي تقدر بحوالى 2 تريليون دولار 70% بالدولار الامريكي منها 50% في سوق السندات رهينة للدين والدولار الامريكى، هذا من جانب من جانب اخر الادارة الامريكية ممثلة بوزيرة الخارجية كلينتون ووزير الخزنة جيثنر وغيرهم في ادارة الرئيس اوباما مازالوا يطالبون الحكومة الصينية الاستمرار بشراء سندات الخزنة (الدين العام للحكومة الامريكية) " لان ذلك يساعد على تحريك الاقتصاد الامريكي ويحفز الواردات من الصين الى الولايات المتحدة" حسب قول المسؤولين الامريكيين، لكن السؤال الان " الى اي مدى يمكن للحكومة الصينية ان تتحمل شراء الدين الامريكي فى ظل الانفاق المتزايد حاليا والمتوقع مستقبلا للادارة الامريكية وخوف الصين من ان تلجأ الولايات المتحدة الى التنصل من ديونها عن طريق خفض قيمة الدولار؟وهو مايحدث الان بعد عزوف المستثمرين الاجانب عن شراء الاصدارات الجديدة من سندات الخزنة اعلان الاحتياط الفيدرالي فى 18 مارس 2009م عن نية شراء سندات خزنة بقيمة تزيد عن تريليون دولار كمرحلة اولى وقد تصل الى 4 او 8 تريليونات دولار (متوقع) خلال العامين القادمين هذا يعني لجوء الاحتياط الفيدرالي الى طباعة النقود بكميات ضخمة وهو اجراء من شانة ان يخفض حجم المديونية من يد العامة ويزيد عرض السيولة النقدية (مع الاخذ بعين الاعتبار عامل مضاعفة الوديعة الى 9 اضعاف) مما يؤدي الى هبوط كبير في قيمة الدولار قد تصل الى 30% او 50% وبالتالي الى زيادة معدلات التضخم وارتفاع اسعار السلع المقومة بالدولار كالذهب والنفط هذا الاجراء (طباعة النقود من قبل الاحتياط الفيدرالي بغرض شراء سندات الخزنة من العامة لزيادة عرض السيولة النقدية) يعرف باسم مونتيز Monetize وهو ما يخشاه المسؤولون الصينون في الوقت الحالي.
سعد الجهلاني غير متواجد حالياً