عرض مشاركة واحدة
قديم 08-01-2004, 05:31 PM   #1
د. علي دقاق
مستشار اقتصادي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2003
المشاركات: 984

 

افتراضي رؤية اقتصادية لتوصـيات الحوار الوطني...

[COLOR=white]الاصلاح الاقتصادي والحلول الواقعية لمشكلة البطالة مدخل لإبعاد الشباب عن التطرف

المصدر : د. علي دقاق (جدة)
نستطيع ان ننعت التوصيات التي خرج بها مركز الحوار الوطني الذي عقد في مكة المكرمة مؤخراً بالاقتصادية وفقاً لوجهة النظر المتخصصة. واقول توصيات اقتصادية من باب لغة الحوار ايضاً لان قراءة متعمقة للتوصيات السبع عشرة المتعلقة بالدورة الثانية للحوار الوطني نجد انها توصيات وطنية معيارية بمعنى اننا نستطيع مناقشتها وابداء الرأي فيها من جميع الجوانب العلمية من اقتصادية واجتماعية واعلامية وجغرافية وديموغرافية وحتى الفنية وهذا لايعني تغليب تخصص على تخصص آخر بقدر ما يعني تكامل التخصصات في خدمة الوطن وهنا نحن لانأتي بجديد لان تطبيق مفهوم تكامل العلوم خاصة الاجتماعية هو المدخل- في نظري- لتفادي الكثير من التكاليف التي تترتب على الازدواجية وسوء الفهم والتكرار وما الى ذلك.

وبتفعيل مبدأ تكامل العلوم نستطيع ان نقول اننا نقف على خط سير حركي شبيه بعملية تجميع المفردات للحصول على المنتج النهائي الذي يتصف بمعايير ومقاييس معينة تلبي الرغبات السوية للافراد في المجتمع الواحد. ولايخفى ان قضية الغلو طغت على جدول اعمال الدورة الثانية لمركز الحوار الوطني وقد تم نقاشها من جميع المحاور سواء في الخطاب الديني او مناهج التعليم او الشأن الاقتصادي.

والغلو كمفهوم لايخرج عن كونه خروجاً عن المتوسط والوسطية. وفي المفهوم الاقتصادي هناك مقولة متعارفة وهي ان كل الامور تميل الى الوسط لتعبر عن رغبة وميل انساني باتجاه التوسط وفقاً لقوانين ومعايير ومقاييس متعارفة ومتفق عليها.

والشكوى من الغلو لاشك مبررة وباعترافنا بوجود وقيام الغلوم كمشكلة فقد وضعنا ايدينا على الحل الذي يبدأ بالتوسع في معرفة المشكلة خاصة ما يتعلق بها من مصطلحات كالارهاب مثلاً. وفي هذا دعوة لتوضيح معايير ومقاييس التوسط الشرعية. واذا قفزنا الى التوصية الثانية والتي تدعو الى دراسة ظاهرة الغلو في المجتمع السعودي من حيث اسبابها ومظاهرها وآثارها وعلاجها لبناء استراتيجية شاملة للمعالجة فان الجانب الاقتصادي في هذه الدراسة سيكون له نصيب كبير خاصة ان هناك الكثير من الدراسات والاستنتاجات المبسطة في الغالب تربط بين ظاهرة الغلو والاداء الاقتصادي فالبطالة كمشكلة اقتصادية بالدرجة الاولى لاشك لها افرازاتها الاجتماعية فالفراغ وغموض المستقبل حتى القريب يقود التفكير ويخرجه عن مفهوم التوسط الى استعجال الحلول وهذه الصفة لاتقف عند الانسان العاطل ولو انها تغلب عليه ولكن نجدها بشكل نسبي في عملية اتخاذ القرار لحل مشكلة كالبطالة او الفقر وهي من المشاكل المعيارية التي تتعدد فيها الآراء وبالتالي الحلول وهناك امثلة وادلة واضحة وملموسة على ما نقول وآخرها دراسة واستنتاجات صندوق تنمية الموارد البشرية والتعديلات على استراتيجية مكافحة الفقر بالرغم من ان البرنامجين لم يتجاوز عمراهما الثلاث سنوات لان وسائل الاتصال بين اطراف المشكلة لم تكن بذلك الوضوح وبالتالي لم تتضح الحقوق خاصة الحقوق الاقتصادية والثقافية ومن هنا جاء الترابط بين هذه التوصية وما بعدها من توصيات حول تسريع عملية الاصلاح السياسي وتوسيع المشاركة الشعبية امعاناً في ايضاح الحق السياسي والتوصية الرابعة والخاصة بتطوير وسائل الاتصال بين الحاكم وهو صاحب القرار والمحكوم وهو المستفيد من القرار ذلك ان وضوح وسيلة الاتصال تعظم من الاستفادة من القرارات وهي ما يسعى اليه الجمهور والشعب بالمفهوم الاقتصادي وللتأكيد على اهمية الجانب الاقتصادي جاءت التوصية الخامسة والتوصية الخامسة عشرة والخاصتان بضبط الشأن الاقتصادي على المستوى الكلي وعلى المستوى الجزئي حيث اوصت باعادة ترتيب الاولويات فيما يتعلق بالاحتياجات بالتركيز على تغطية الحاجات الاساسية للمواطن والتي لايختلف المختصون والاقتصاديون على انها تتمحور حول تمكين المواطن من الحصول على الامن والامان والصحة والقوت والتعليم بما يجعل من المواطن انساناً منتجاً مندمجاً في مجتمعه وبما يضمن له الحياة الكريمة التي اساساً اختارها له خالقه سبحانه وتعالى فاعادة ترتيب الحاجات بدءاً بالحاجات الاساسية فالتحسينية فالكمالية هو مبدأ اسلامي وعالمي وهو مبدأ يؤسس لاقتصاد متوازن ومجتمع مترابط. واذا كان ضبط الشأن الاقتصادي على المستوى الجزئي بهذه الاهمية التي يقوم معها المجتمع الوسط فان ضبط الشأن الاقتصادي الكلي لايقل اهمية فالمحافظة على المال العام هي مهمة الفرد قبل المجتمع والمجتمع قبل الحكومة لان هذا التسلسل يمثل بشكل او باخر اطراف النشاط الاقتصادي في البلاد الذين تمثل العلاقات الاقتصادية بينهم مجموعة من التدفقات النقدية.

والتي تمثل في مجموعها دخل وانتاج المجتمع واي هدر لهذه الاموال عامة كانت ام خاصة هو اضافة للتكاليف على المجتمع تجعل الحصول على السلعة او الخدمة اكثر صعوبة والمبالغة في التكاليف او عدم المحافظة على الانشاءات العامة والتي هي ملك للجميع لاتخرج عن كونها خروجا على المتعارف وعلى ان الامور تميل الى التوسط وبعبارة اخرى فان اهدار المال العام هو ايضا نوع من الغلو يستوجب المحاسبة.

ولذلك فان التوصية التي تؤكد على ضبط الشأن الاقتتصادي بما يحافظ على المال العام واولويات الانفاق للصرف على الاحتياجات الاساسية للمواطن وفق برامج تنموية متوازنة وشاملة وتحقيق مبدأ الشفافية والمحاسبة حول ذلك ترتبط ارتباطا وثيقا بتوصية تسريع العمل السياسي وسيكون بالتأكيد منتجها اقتصاديا تنمويا ومتوازنا ويفتح المجال امام الشباب من الجنسين للمشاركة الفاعلة.

والتوصية العاشرة والخاصة بدعم النشاط اللاصفي لابد ان لاتغيب اهميتها في دعم وتنشط الفكري والعلمي وهنا اود ان اضيف انه لاتكفي الاجتماعيات اذا لم تجتمع معها الفنيات فهناك معايير ومقاييس متعارفة للمساحة الجغرافية التي يحتاجها كل طالب وطالبة والتي قد تختلف من مستوى تعليمي لاخر هذا بالاضافة الى ان القاعدة الاساسية ليست في ان نتعلم ولكن ماذا نتعلم فالربط بين الفني والهندسي والبيئي والجغرافي والاجتماعي والديني اوضح ما يكون في المدرسة بمعناها الواسع.

واخيرا تأتي التوصية الخامسة عشرة لتضفي اللمسة الاقتصادية الحقيقية على مشكلة الغلو لتطالب بوضع استراتيجية شاملة تساعد على استقطاب الشباب وابتعادهم عن الغلو (بايجاد فرص عمل لهم) بعد تأهيلهم وتدريبهم وتوجيههم وفقا لرغباتهم وقدراتهم الذهنية والعملية والابتكارية التي يفترض ان نكون قد حددنا بعض ملامحها عبر النشاط اللاصفي والذي يفترض ان يتم اختياره بعناية وفق اسلوب يشجع ويؤكد على ضمان الحقوق الفكرية للشباب من الجنسين الصغار قبل الكبار.

نشر بجريدة عكاظ الثلاثاء 14 / 11 / 1424هـ 6/ 1/ 2004م



--------------------------------------------------------------------------------
جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة عكاظ للصحافة والنشر
جدة: 6760000
[/COLOR]
د. علي دقاق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس