عرض مشاركة واحدة
قديم 15-05-2008, 07:26 AM   #47
bhkhalaf
الفريق الصحفي لتداول - عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2005
المشاركات: 34,586

 
افتراضي

خدام المجتمع يرفعون الراية مجدداً

د.يوسف بن أحمد القاسم - 10/05/1429هـ

وصلني عبر بريدي الإلكتروني مقال لمحمد عبد اللطيف جميل و300 خادم مجتمع, تحدثوا فيه عن الأسرار العشرة لمهنة خادم المجتمع, وما قاموا به من جهود كبيرة في سبيل توفير فرص العمل لمئات من شباب هذا البلد المبارك, وقد سررت بهذا الجهد الكبير الذي بذله أحد مشاهير تجار هذه البلاد المباركة, ومعه طاقم ممن يحمل همَّ العمل وتحصيل اللقمة الحلال, وتساءلت: ماذا لو حمل التجار كلهم هذا الهم الوطني, وبذلوا كلهم هذا الجهد المضني, هل سيبقى شاب عاطلا عن العمل, وهل سيبقى عائل فقير؟ هذا السؤال أوجهه للتجار, بل ولوزارة العمل التي تطل علينا بتصريحات كثيرة, وقرارات عديدة, وبنتائج متواضعة!! إن تلك الجهود التي قام بها خدام المجتمع, وتلك النتائج التي حققوها, بقيادة محمد عبد اللطيف جميل, وبعضوية الـ 300 خادم, والتي ظهرت جلية واضحة - عبر مقالهم المنشور في جريدة "الاقتصادية" - لهي أبرز دليل على أن "توفير فرص العمل" والمساهمة في علاج "مشكلة البطالة" ليست قرارات تتخذ من برج عاجي, وليست وعوداً وأماني تنشر في وسائل الإعلام المختلفة, ولكنها جهود يجب أن تنبع من القلب, وأن يصدَّقها العمل؛ بأهداف مرسومة, وخطى ثابتة, مع صدق في النية, وإخلاص في العمل, وتفانٍ فيه بجد واجتهاد.

وهذا الأسلوب العملي الذي انتهجه قائد المسيرة المبدع "محمد عبد اللطيف جميل" يعيد بشريط الذاكرة إلى الهدي النبوي في حفز همم أفراد المجتمع إلى الجد والعمل, والبحث عن لقمة العيش بعمل اليد, وعرق الجبين, فقد روى أبو داود في سننه عن أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رجلاً من الأنصار أتى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يسأله, فقال: أما في بيتك شيء؟ قال: بلى حِلْس (كساء غليظ) نلبس بعضه, ونبسط بعضه, وقَعْب (إناء) نشرب فيه من الماء. قال: ائتني بهما, فأتاه بهما, فأخذهما رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيده, وقال: من يشتري هذين؟ قال رجل: أنا آخذهما بدرهم. قال: من يزيد على درهم؟ مرتين, أو ثلاثاً. قال رجل: أنا آخذهما بدرهمين, فأعطاهما إياه, وأخذ الدرهمين, وأعطاهما الأنصاري, وقال: اشتر بأحدهما طعاماً, فانبذه إلى أهلك, واشتر بالآخر قدوماً, فأتني به, فأتاه به, فشد فيه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ عوداً بيده, ثم قال له: اذهب, فاحتطب, وبع, ولا أرينك 15 يوماً, فذهب الرجل يحتطب, ويبيع, فجاء وقد أصاب عشرة دراهم, فاشترى ببعضها ثوباً, وببعضها طعاماً, فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم: هذا خير لك من أن تجيء المسألة نُكْتة (أثر, كعلامة قبيحة) في وجهك يوم القيامة, إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة؛ لذي فقر مدقع, أو لذي غرم (دين) مفظع, أو لذي دم موجع" وهكذا ينجح نبي الهدى باقتدار على معالجة بطالة ذلك الرجل, وهي رسالة عملية لكل رجل بطال, بل ولكل معلم ومربٍ, حيث رسم صلى الله عليه وسلم خطة النجاح بدقة, ونفذها بفاعلية, وبشكل عاجل, بعيداً عن الروتين, والتعقيد, فمارس بنفسه التدريب العملي لذلك الرجل الذي جاء يمد يده بالمسألة, وطلب منه أن يحضر من بيته ما كان يملكه, مما يمكنه الاستغناء عنه, ثم عرض بضاعته المزجاة في المزاد, وهي رسالة تربوية ألا تحقر ما بيدك من متاع, مهما كنت فقيراً, أو معدما, ثم رسم له صورة عملية لأسلوب البيع الذي يمكن أن يحقق عائداً جيداً وسريعاً عبر بيع المزايدة, ثم أجرى له عملية اقتصادية قريبة المدى, تحقق له ولأهله اكتفاء ذاتياً من الطعام لمدة كافية, وأخرى بعيدة المدى توفر له آلة, تنتج عائداً مادياً مناسباً, وقد كانت الآلة المتاحة له بإمكانيته المادية المتواضعة, هي القدوم, ثم ألهب في نفسه الشعور بالمسؤولية, وذلك حين أعطاه القدوم, وقال له "اذهب, فاحتطب, وبع, ولا أرينك 15 يوماً" فماذا كانت النتيجة؟ لقد آتت الخطة أكلها, حيث ذهب الرجل, فاحتطب, وباع, حتى جاء وقد أصاب عشرة دراهم, فاشترى ببعضها ثوباً, وببعضها طعاماً!! وهكذا استطاع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بحنكته, وبعد نظره, أن يصنع شيئاً من لا شيء, وأن يكوِّن في نفس ذلك الرجل شعوراً بالمسؤولية, وثقة في النفس, بعد أن كان قد جاء أولاً ماداً يده بالسؤال, وبعد أن حصلت هذه القناعة في نفس الرجل, قال له بعد ذلك: "هذا خير لك من أن تجيء المسألة نُكْتة في وجهك يوم القيامة" فجمع عليه الصلاة والسلام بين الأسلوب النظري, والعمل التطبيقي, ووقعت هذه الكلمات النبوية موقعها في نفس الرجل بعدما شعر بقيمة العمل, وثمرته.
وفي تقديري أن ما قام به ذلك التاجر السعودي, ما هو إلا إحياء لسنة أميتت, وأَعْظِمْ بها من سنة, وقد جاء في الصحيح عنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال:"من سنّ في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها" ناهيك عن الأبناء البررة الذين انتسبوا إلى خبرته وحنكته, ودانوا له بالفضل بعد الله سبحانه, وقد يكون من هؤلاء من يدعو له بظهر الغيب طيلة حياته, ممن كان سبباً في عتقه من وطأة الفقر, والبطالة, وما نأمله ونرجوه أن تكرَّم هذه النماذج الناجحة من الجهات المعنية, وقد أحسنت الدولة حين منحت وسام الملك عبد العزيز لهذا التاجر الذي ينبض غيرة على مجتمعه, ونأمل أن يستمر التكريم لكل من أسهم ويسهم في خدمة هذا المجتمع, وأن يشمل هذا التكريم كل من فتق ذهنه عن مثل هذه المشاريع الناجحة أو نحوها, والله من وراء القصد.
bhkhalaf غير متواجد حالياً