عرض مشاركة واحدة
قديم 08-08-2011, 12:12 PM   #477
شرواك
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 20,000

 
لا اوافق

أمريكا تخسر تصنيفها الممتاز .. بداية فقدان الثقة

رغم أن الولايات المتحدة الأمريكية قد خرجت من أزمة التعامل مع العجز في الموازنة العامة وتوصل البيت الأبيض مع الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ إلى حل للخلاف حول زيادة سقف الدين العام إلا أن خسارة التصنيف الممتاز للائتمان الأمريكي جاءت سريعا فقد تغاضت مؤسسات التصنيف الأمريكية عن خطورة الوضع على الدائنين وعلى الاقتصاد الأمريكي، حيث سبق أن حذرت مؤسسة موديز من أن التصنيف العالي للائتمان الأمريكي لن يبقى على حاله كما انتظرت وكالة ستاندرد آند بورز طويلا حتى نفد صبرها المهني ولم يبق سوى أن تباشر دورها كما هو مع سائر الأخطار المؤثرة في الثقة والملاءة المالية لأي دولة وكما فعلت مع بعض الدول الأوروبية الغارقة في بحر من الديون.

لقد رسم بعض المحللين الاقتصاديين سيناريوهات شتى بعد أن تعثر الاتفاق على رفع سقف الدين ولكنهم اتفقوا بعد ذلك على أن كارثة كانت ستحل بالاقتصاد العالمي تم تلافيها ولو بشكل مؤقت فمن جانبها بادرت الصين وبلهجة حادة وغير مألوفة إلى وصف الحالة الأمريكية بأنها إدمان على الديون ولجوء سهل إلى الاقتراض في كل أزمة للخروج منها، كما وصفت الحكومة الصينية ما يجري من سياسة اقتراض نهم بأنها سياسة قصيرة النظر وللصين الحق في ذلك لأنها أكبر المتعاملين في سندات الخزانة الأمريكية، والدائن الأول في قائمة المتضررين لو حصلت الكارثة، والمستفيد أيضا من الفوائد القانونية على حقوقه المالية فيما لو تم السداد وتفادي التخلف عن دفع رؤوس الأموال وعوائدها.

تجاوز الأزمة في عام 2011م لا يعني حلها بصورة نهائية ولكنه تأجيل لوقت حدوث الكارثة إلى أبعد حد ممكن فالاتفاق يقضي باتباع سياسة لمدة عشر سنوات تؤدي إلى تخفيض النفقات وعدم زيادة الضرائب على الأثرياء والشركات وهذا ما توقفت عنده وكالة التصنيف واعتبرته غير متضمن حلا ماليا حتى على المدى البعيد فالدين سيبقى قائما بل وسيزيد بما يفوق تريليوني دولار، وهذا مبرر كاف لخفض التصنيف الذي كان يحوز أفضل تصنيف ممكن إلى التصنيف الذي يليه وبما يكفي أيضا للتأثير في الأسواق المالية وبما يكفي أيضا لتحريك الدوافع الطبيعية للدائنين للبحث عن مخرج من تورطهم في سندات الخزانة العامة الأمريكية.

إن التسوية التي تمت بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري ليست إنجازا حقيقيا بل هي إجراء وقائي لمنع حصول تخلف عن السداد ويجب أن ينظر إليه من هذا الجانب، ولعل بعض الدول التي طالبت منذ وقت بالبحث عن عملة جديدة مستقرة ومضمونة للاحتياطيات العالمية كانت على حق وهو مطلب تنادي به الصين حاليا دون القدرة على إيجاد هذا البديل، فاليورو يعاني أيضا ولمعاناته ظروف مشابهة لما يعيشه نده الدولار الأمريكي الذي يعيش حاليا أسوأ فتراته ومنذ السبعينيات.

إن الولايات المتحدة لن تتخلف عن واجباتها تجاه الدائنين لأنها إن فعلت فلن تنجو من الغرق وفقدان الثقة والاعتبار وهي نتيجة لا يريدها حتى الأعداء لأنهم سيخسرون أرصدتهم الدولارية قطعا فكما أن للاقتصاد الأمريكي خصوصية تساعده على السباحة في بحر من الديون لأنه مركب النجاة للجميع كما يرى بعض المتخصصين ممن لا يرون بديلا للدولار ولا لمحفظة الاستثمار في الاقتصاد الأمريكي إلا أنه غير محصن تماما من الكوارث.

والسؤال الذي يبحث عن إجابة: هل سيستمر القلق في الأوساط السياسية والمالية العالمية مع كل هزة تصيب البدن الأمريكي أم أن هناك مخرجا سيظهر في الأفق لينتشل الاقتصاد العالمي من هذا الدوار الذي خلقته أحادية القيادة وجعلت من تحمل تبعاته دينا ثقيلا خانقا للاقتصاد العالمي وأرصدة الدول واستثماراتها وهو دين يفرض على الدائن الانقياد خلف المدين وانتظار ما سيقرره بشأن حقوقه وقد يصل الحال به إلى الشكاية إليه واستدرار عطفه لعله يرفق بحاله.
شرواك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس