عرض مشاركة واحدة
قديم 08-11-2009, 10:55 PM   #61
شرواك
فريق المتابعة اليومية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2004
المشاركات: 20,000

 
افتراضي

سوق الأسهم وارتباطنا العالمي

د.سليمان بن عبد الله السكران

من المؤكد أن سوق الأسهم السعودي لا يقارن بتاريخيته، وبالتالي نضجه وكفاءته بالأسواق العالمية التي مضى على إنشائها أكثر من قرن، غير أن المطالبة دائماً بالاستفادة من اختزال الوقت في الأخذ بما انتهى إليه الآخرون، خصوصاً في تجارب الاقتصادات المتقدمة هو أمر مندوب. ولعل في تجربة السوق السعودي نموذجا لمثل هذه المطالبات. إن اهتمام الشارع العام بالسوق بدأ مع تكوُّن السوق بشكل عملي، خصوصاً في الاكتتابات الأولية وطرح الشركات في مطلع الألفية الثانية وتحقق طيلة السنوات العشر تقريباً الماضية عدد من النجاحات، وبالذات في تكوين البنية الأساسية اللازمة لنجاح عمل السوق سواء كانت مؤسساتية أو تشريعية. وبالمقابل أيضاً كثير من الانتكاسات التي سببها تجذُّر أسلوب المضاربة بدلاً من الاستثمار. ولن أعدد هنا أسباب طغيان المضاربة سواء ما يتعلق بالبنية الأساسية للسوق أو النسيج لمجتمع المتعاملين في السوق وخصائصهم وغير ذلك من الأسباب التي أوصلتنا في وقت من الأوقات إلى أن يكون عمل السوق عكس قوانين الاستثمار وتبرير النزول أو الارتفاع بأسباب هامشية أقرب ما تكون إلى الحكاية في العلوم المالية، بل البحث مع مطلع كل يوم تداول عن سبب يكون شماعة لحركة السوق. فإعلان الأرباح وحجمها غير مهم في حين تغيير ساعات العمل أو حساب المؤشر هو من يخسف بالسوق!!

بلا شك مثل هذه التغييرات يجب أن تؤثر في السوق ولكن ليس بدرجة أهمية الشركات ذاتها ومستقبل نموها أو حتى تكون أكبر تأثيراً من حالة الاقتصاد العالمي والأسواق المتقدمة الناضجة. لقد تابعت من منظور إحصائي مدى ارتباط سوقنا بالأسواق العالمية من خلال مؤشر إحصائي «معامل الارتباط» بين سوق الأسهم السعودي وعدد من الأسواق خلال فترة أربع سنوات من أيلول (سبتمبر) 2004 إلى أيلول (سبتمبر) 2008، ووجدت مثلاً أنه أقرب إلى الصفر مع السوق الأمريكي مثلاً وأقل من 6 في المائة مع الصيني ونحو 11 في المائة مع الياباني ونحو 34 في المائة مع البحريني و40 في المائة مع الإماراتي. بينما هذه الدرجة تغيرت كثيراً حين أخذت الفترة من أيلول (سبتمبر) 2008 إلى تشرين الأول (أكتوبر) 2009 لتصل إلى نحو 45 في المائة مع الأمريكي و68 في المائة مع الصيني و30 في المائة مع الياباني و57 في المائة مع البحريني و71 في المائة مع الإماراتي. ولن أدخل في تفاصيل الإحصاءات تلك ومدى ما يسمى في الإحصاء بمستوى المعنوية لهذه المقاييس غير أنه مؤشر واضح يخلص فيه المتتبع للسوق بأننا غدونا أكثر ارتباطاً واستجابة لمتغيرات تلك الأسواق. إنه بلا شك شيء جيد وتبرير منطقي أن نرتبط بهذه الأسواق ولكن الملاحظ أن في تأثرنا من خلال المشاهدات اليومية خلال الأشهر الماضية «خصوصاً منذ الأزمة المالية» أننا نتأثر بمقدار أكبر من حجم السوق المتأثرين فيه سواء في الارتفاع أو النزول وهذا دليل أيضاً أننا لم نخلص إلى الآن من طغيان المضاربة على تعاملات السوق. إن السوق السعودي ما زال بحاجة إلى تفعيل أسلوب الاستثمار ولكي يقوم بدوره في الاقتصاد مثلما عني إليه وليس الهدف من قيام السوق خلق مجتمع «مخملي» جديد على حساب مدخرات الصغار أو الكبار. ولذا فالهيئة وهي المعنية بالسوق ما زال أمامها طريق طويل في هذا المضمار الذي على رأسه إيجاد بيئة استثمارية ومناخ اقتصادي ملائم للاستثمار يكفل الحد من استمرار المضاربة كظاهرة في تعاملات السوق.
شرواك غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس