المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : للشباب فقط (هدية العيد واحترام قوانيين الاسواق وتجنب النساء)


الفارس
28-10-2004, 04:39 AM
كنت في الـ 18 من عمري حين تعرضت للاعتقال في أحد الأسواق التجارية من قبل بعض القائمين على «حدود الله» بتهمة قيل لي إنها «الغزل» سُجنت على إثرها، وأُهنت، وعُوملت بطريقة لا إنسانية لم أعهدها من قبل، ووقعت وبصمت على كل ما قُدم لي من أوراق إدانة لم أقرأها وبالرغم من أننا كنا في الأيام الأواخر من شهر رمضان، إلا أنني أتذكر أنني وغيري من الموقوفين وقوفا في غرفة الحجز لم نحظ حتى بجرعة من الماء لنتمكن من استقبال نهار الصوم الآخر كما ينبغي.
سافرت إلى قريتي ذليلا مكسور الخاطر ليس لي رغبة في شيء سوى المكوث في البيت وقراءة كتب الصحاح، فما حدث ليّ أذهلني وأفقدني الثقة في كل شيء حتى في نفسي، فإلى ذلك الوقت لم أكن أعرف شيئا اسمه «الغزل» وإن كان هذا من أمر الفطرة، وأذكر أن ذهابي إلى السوق كان بقصد شراء هدية للوالدة بمناسبة اقتراب يوم العيد وكان جهلي بقانون الأسواق كارثة، لكني كنت مخطئا على أية حال.
كان ذلك الحدث بداية مفترق كبير في حياتي أشعرني بوجود خلل ما لم تكن لي القدرة على تبينه آنذاك وعلى الرغم من مرور 20 سنة على تلك الحادثة إلا أنني آليت على نفسي ألا أذهب إلى السوق إلا بمرافقة والدتي أو زوجتي أو ابنتي وأصبح نوعا من «الرُهاب» بجتاحني كلما رأيت موظفا ملتحيا يلبس عباءة مقصبة بالذهب، وفي يده خيزرانه.
وعندما بدأ مسلسل الإرهاب وترويع الآمنين يأخذ شكلا غير شرعي وغير قانوني من قبل بعض المضللين، استشعرت مدى القلق وحالة اللا أمن التي يمكن أن تصيب العامة، وما يمكن أن تؤديه تلك الحالة من اضطراب نفسي ورهاب اجتماعي لا يؤدي إلى خير وعلمت أن الوطن بحاجة إلى تكاتف المواطنين فكريا وسلوكيا لمواجهة أي فكر دخيل لا يحمل من الدين سوى ظاهره، ولا يحمل من الإنسانية سوى شعاراتها كما ثمنت أيضا جهد الدولة وما تبذله من أجل استتباب الأمن وراحة المواطن، بدءا من الحفاظ على الأعراض وانتهاء باجتثاث الأمراض، وما الإرهاب الذي نعانيه إلا مرض فكري مزمن يجب استئصاله بشتى الطرق والسبل.
في العام الماضي حين تشرفت بالسلام على سيدي ولي العهد، وحضرت في مجلسه العامر مع لفيف من أرباب الفكر والقلم، كان جوهر حديث سموه يدور حول تبرئة الدين مما يحدث من ممارسات شاذة وخاطئة لا تمت إلى الإسلام بشيء، إضافة إلى إصرار الدولة على استتباب الأمن وعقدها النية على مطاردة كل فكر شاذ خاطئ حتى النهاية وما صرح به سموه هو ما عهدناه في قيادتنا الرشيدة من حرص على سلامة الدين وعلى راحة المواطن والمقيم على حد سواء، وهو الأمر الذي يحق لنا أن نفاخر به ما حيينا، وليحفظ الله بلادنا.
الأمير خالد الفيصل وفي لقاء تلفزيوني في قناة «العربية» قُدم الأسبوع الماضي، أشار إلى أمر مهم، فقد اقترح إنشاء هيئة لمكافحة «فكر الإرهاب»، إلى جانب مكافحة الإرهاب، والأمير محق لما ذهب إليه، فالسلوك الشاذ لا يصدر بالطبع إلا عن فكر شاذ، والفكر الشاذ له مسبباته ودوافعه التي يجب أن تُدرس وأن تحلل بعناية ومعالجة الظاهر عادة لا يكتب لها النجاح إلا بمعالجة الباطن، والمسؤولية مسؤولية الجميع، وعلى كافة الصعد والمستويات وليس لأحد منا أن يتبرأ منها، فالكل محاسب ليس أمام ضميره وأمته فحسب، بل أمام الله، فلنتق الله.
منقول