المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : يعالج مشكلة الأراضي البيضاء من أجل إدراج جباية الزكاة عليها


شموخ رجل
01-09-2012, 03:12 PM
التعريف بالأراضي البيضاء

في مجلس الشورى يتم إعداد صياغة قانونية لمشروع نظام جديد يعالج مشكلة الأراضي البيضاء من أجل إدراج جباية الزكاة عليها وفق الأحكام الشرعية للزكاة، ولكل شيء سبب، فهناك نقص في المعروض من الأراضي داخل المدن وفي المناطق مكتملة الخدمات، ومع أن المساحات موجودة بما يكفي لإنهاء أزمة الاحتياج إلى الأرض، التي هي من عناصر الإنتاج، إلا أن السؤال الملح هو: ماذا ينتظر المحتكرون للأراضي بعد أن بلغت أسعارها ما يؤملون وزيادة، بل تجاوزها العمران إلى أطراف المدن وفي جميع الاتجاهات الأصلية الأربعة؟
إن توجه مجلس الشورى نحو معالجة أزمة الأراضي السكنية من خلال فرض الزكاة تحفيز لأصحاب تلك الأراضي البيضاء المحتكرة لتحريكها في سوق تداول الأراضي، وإذا تصورنا البعد التنظيمي للعقار في المملكة بدءا من مجموعة الأنظمة العقارية، ومنها نظام الرهن والتمويل وغيرهما من القوانين التي صدرت في الآونة الأخيرة، فإنها تبدو عديمة الجدوى ما لم يتم حل معضلة العقارات الراكدة داخل المدن وفي نطاقها العمراني، فهنا يكمن مصدر التوقف في تملك المساكن الخاصة.
ولعل مشروع نظام جباية الزكاة يسهم فعلا في حث أصحاب الأراضي على التحرك لأن الثغرات القانونية واردة من جهة، ومن جهة أخرى فإن التحايل على القانون ليس مستحيلا، فهناك من سيقول إن هذه الأرض أو تلك معدة لتكون سكنا خاصا، في حين أنها تتجاوز المساحة المعقولة للسكن الخاص، كما أن تقسيم تلك الأراضي البيضاء وإصدار صكوك متعددة وإظهار أكثر من مالك في الواجهة هي حيلة، وهناك كثير من الأساليب والطرق والوسائل من أجل القفز على القانون ومنع تحقيق النتيجة التي يتوخاها مصدر النظام.
إن مشروع نظام جباية الزكاة في الأنشطة التجارية والمهنية في مراحله النهائية، وأوشكت اللجنة المالية في مجلس الشورى على تقديمه بعد أن كان محل نقاش وتعديلات متعددة حتى أصبح في حلته النهائية، ولأهمية هذا النظام فإن تنفيذه يعد تحديا كبيرا لمصلحة الزكاة والدخل، لذا فإن قوة الجهاز المختص بجباية الزكاة أو الرسوم وقدرته على اتخاذ قرارات حاسمة تحقق المصلحة العامة مسألة أولية لضمان نجاح مشروع النظام ودخوله حيز التنفيذ الفعلي، كما أن من يخالف هذا النظام يفترض أن يكون عرضة للمساءلة القضائية أمام المحاكم العامة لتهربه من دفع الزكاة أو الرسوم التي يحددها النظام.
ولأنه لم يتم نشر صيغة مشروع النظام فإن من المبكر الحديث عن التسمية الصحيحة لتلك المبالغ التي سيتم فرضها على أصحاب الأراضي البيضاء، لكن الأساس لهذا التوجه هو الأمر السامي الكريم الذي تضمن دراسة جباية الزكاة على الأراضي البيضاء وما صدر من مجلس الشورى، وكذلك القرارات الصادرة في هذا الشأن من هيئة كبار العلماء، ويبدو أن إصدار مجموعة الأنظمة العقارية ارتبط عضويا بإصلاح سوق العقار، خصوصا الأراضي البيضاء التي تعد العقبة الأولى أمام أي محاولة تنظيمية لتحسين فرص تملك المساكن للأفراد والأسر.
لقد كان للفقه الإسلامي موقف من الاحتكار، وتناول الفقهاء قديما وحديثا هذه الظاهرة، لكنهم عرفوا احتكار الطعام، فهذه الصورة الوحيدة المعروفة سلفا، أما اليوم فإن الاحتكار اتسع نطاقه ليشمل كل ما يحتاج إليه الناس، بل إن وجود تاجر واحد لسلعة واحدة يعد احتكارا، إذا يجب تعدد التجار وفتح باب المنافسة من أجل المصلحة العامة، وساعدت أفكار الاقتصاد الحديث على بناء تصور عادل لمحاربة الاحتكار دون الإضرار بالحق الخاص للملاك، ولن يكون عصيا على الفقهاء وضع توازن بين الحق الخاص لمالكي الأراضي وحق المجتمع في الاستفادة من تلك الأراضي وفق سعر السوق العادل .. فلا ضرر ولا ضرار.