ابو هاني s
22-02-2012, 02:42 AM
سلمان الدوسري
على الرغم من أن الميزانية السعودية تسجل أرقاما قياسية عاماً بعد آخر، إلا أن ذلك ليس خبراً سعيداً في كل الأحوال، فهناك أمر مقلق خلف هذه الأرقام الهائلة، فأغلبيتها تأتي من مصدر واحد لا غير، وهو النفط، الذي يسجل أرقاماً قياسية هو الآخر، لكن من مأمنه يأتي الحذر، فمن يضمن أن يستمر النفط طويلاً على منوال هذه الأسعار نفسه؟
لذا، فإن قرار مجلس الوزراء، أمس، بإنشاء مدينة صناعية في منطقة الحدود الشمالية باسم ''مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية''، ربما يكون خطوة كبيرة في استراتيجية طويلة، لتنويع الاقتصاد الوطني وحمايته من شر تقلبات أسعار النفط، وإذا ما كان الاقتصاد المحلي يعتمد بشكل كبير على الصادرات النفطية (85 في المائة في 2011)، مقابل نسبة لا تزال صغيرة للصادرات السلعية غير النفطية (12 في المائة)، أما الصادرات الخدمية فلا تتجاوز 3 في المائة؛ فإنه مع دخول الصناعات التعدينية على خط دعم الصادرات غير البترولية، عبر المدينة الصناعية الجديدة، نكون قد هيّأنا البيئة الاقتصادية السعودية نحو مرحلة متقدمة من الوصول إلى تنوع اقتصادي، نحن في حاجة ماسة إليه أكثر من أي وقت سابق.
لدينا حاليا ركيزتان يعتمد عليهما دخل السعودية، وإن كانت النسب بينهما متفاوتة بشكل كبير، وهما تصدير النفط عبر شركة أرامكو وتصدير البتروكيماويات عبر شركة سابك، وبعد إنشاء مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية، ربما تكون لدينا ركيزة ثالثة للصادرات السعودية، وهي شركة معادن، والتي أسست من أجلها الدولة منظومة متكاملة من الصناعات التعدينية العملاقة بدءاً من المنجم إلى المنتج النهائي، واستثمرت فيها ما يقارب 60 مليار ريال، وآن الأوان أن ينعكس هذا الاستثمار فيها على تعزيز الصادرات غير النفطية، ولكن بأسلوب أكثر استدامة وشمولية.
ربما تتميز المدينة الصناعية الجديدة عن المدن الاقتصادية التي أعلن عنها سابقا، ولم نجن ثمارها حتى الآن، بأنها أتت بعد إنشاء البنية التحتية، وليس قبلها، باعتبار أن ''معادن'' بدأت فعليا في تصدير منتجاتها منذ آذار (مارس) الماضي، وتوجه الدولة نحو إنشاء هذه المدينة وربطها بسكة حديد الشمال ــــ الجنوب، وتعميد المؤسسة العامة للموانئ بإنشاء ثلاثة أرصفة بحرية في ميناء رأس الخير الصناعي لخدمة المشروع، كل هذا يعني أن المدينة ستبدأ عملياتها بصورة أكثر فاعلية، خاصة مع ربطها وسط المملكة وشرقها بشمالها.
أمر أخير مهم جداً في جدوى إنشاء هذه المدينة، وهو أن منطقة الحدود الشمالية ستكون مصدرا حقيقيا لفرص العمل للمواطنين السعوديين، فمن الممكن أن تكون شركة معادن ''أرامكو'' أو ''سابك'' أخرى، كما يمكن أن تتحول ''الحدود الشمالية'' إلى ''ظهران'' أو ''جبيل'' جديدة، وهو أمر الجميع في حاجة ماسة إليه، لفك تمركز أغلبية سكان السعودية في أربع مدن رئيسة، بينما باقي المناطق تعاني هجرة متواصلة، لعدم توافر الظروف الأساسية التي تغري المواطنين بالعمل فيها.
ربما يكون إنشاء ''وعد الشمال'' فرصة لمراجعة جدوى مدننا الاقتصادية، وجعلها تسير في هذا المسار الصناعي نفسه، بدلا من تركها في وادٍ والاقتصاد الوطني في وادٍ آخر!
مقال في جريده الاقتصاديه
على الرغم من أن الميزانية السعودية تسجل أرقاما قياسية عاماً بعد آخر، إلا أن ذلك ليس خبراً سعيداً في كل الأحوال، فهناك أمر مقلق خلف هذه الأرقام الهائلة، فأغلبيتها تأتي من مصدر واحد لا غير، وهو النفط، الذي يسجل أرقاماً قياسية هو الآخر، لكن من مأمنه يأتي الحذر، فمن يضمن أن يستمر النفط طويلاً على منوال هذه الأسعار نفسه؟
لذا، فإن قرار مجلس الوزراء، أمس، بإنشاء مدينة صناعية في منطقة الحدود الشمالية باسم ''مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية''، ربما يكون خطوة كبيرة في استراتيجية طويلة، لتنويع الاقتصاد الوطني وحمايته من شر تقلبات أسعار النفط، وإذا ما كان الاقتصاد المحلي يعتمد بشكل كبير على الصادرات النفطية (85 في المائة في 2011)، مقابل نسبة لا تزال صغيرة للصادرات السلعية غير النفطية (12 في المائة)، أما الصادرات الخدمية فلا تتجاوز 3 في المائة؛ فإنه مع دخول الصناعات التعدينية على خط دعم الصادرات غير البترولية، عبر المدينة الصناعية الجديدة، نكون قد هيّأنا البيئة الاقتصادية السعودية نحو مرحلة متقدمة من الوصول إلى تنوع اقتصادي، نحن في حاجة ماسة إليه أكثر من أي وقت سابق.
لدينا حاليا ركيزتان يعتمد عليهما دخل السعودية، وإن كانت النسب بينهما متفاوتة بشكل كبير، وهما تصدير النفط عبر شركة أرامكو وتصدير البتروكيماويات عبر شركة سابك، وبعد إنشاء مدينة وعد الشمال للصناعات التعدينية، ربما تكون لدينا ركيزة ثالثة للصادرات السعودية، وهي شركة معادن، والتي أسست من أجلها الدولة منظومة متكاملة من الصناعات التعدينية العملاقة بدءاً من المنجم إلى المنتج النهائي، واستثمرت فيها ما يقارب 60 مليار ريال، وآن الأوان أن ينعكس هذا الاستثمار فيها على تعزيز الصادرات غير النفطية، ولكن بأسلوب أكثر استدامة وشمولية.
ربما تتميز المدينة الصناعية الجديدة عن المدن الاقتصادية التي أعلن عنها سابقا، ولم نجن ثمارها حتى الآن، بأنها أتت بعد إنشاء البنية التحتية، وليس قبلها، باعتبار أن ''معادن'' بدأت فعليا في تصدير منتجاتها منذ آذار (مارس) الماضي، وتوجه الدولة نحو إنشاء هذه المدينة وربطها بسكة حديد الشمال ــــ الجنوب، وتعميد المؤسسة العامة للموانئ بإنشاء ثلاثة أرصفة بحرية في ميناء رأس الخير الصناعي لخدمة المشروع، كل هذا يعني أن المدينة ستبدأ عملياتها بصورة أكثر فاعلية، خاصة مع ربطها وسط المملكة وشرقها بشمالها.
أمر أخير مهم جداً في جدوى إنشاء هذه المدينة، وهو أن منطقة الحدود الشمالية ستكون مصدرا حقيقيا لفرص العمل للمواطنين السعوديين، فمن الممكن أن تكون شركة معادن ''أرامكو'' أو ''سابك'' أخرى، كما يمكن أن تتحول ''الحدود الشمالية'' إلى ''ظهران'' أو ''جبيل'' جديدة، وهو أمر الجميع في حاجة ماسة إليه، لفك تمركز أغلبية سكان السعودية في أربع مدن رئيسة، بينما باقي المناطق تعاني هجرة متواصلة، لعدم توافر الظروف الأساسية التي تغري المواطنين بالعمل فيها.
ربما يكون إنشاء ''وعد الشمال'' فرصة لمراجعة جدوى مدننا الاقتصادية، وجعلها تسير في هذا المسار الصناعي نفسه، بدلا من تركها في وادٍ والاقتصاد الوطني في وادٍ آخر!
مقال في جريده الاقتصاديه