محمد السويد
22-11-2006, 02:13 PM
من يتحمل المسؤولية؟
محمد بن عبدالله السويد الحياة - 22/11/06//
انهيار سوق الأسهم السعودية ليس حدثاً جديداً، بل أمر طبيعي في أسواق المال. فقد سبق أن حدث أمر مماثل في العشرينات من القرن الماضي في الأسواق الأميركية، في ما يعرف بـ «يوم الإثنين الأسود»، حين فقد كثير من المستثمرين وظائفهم ومدخراتهم وأصبحوا متسولين في الطرق.
ولكن هناك فارقاً، فعندما حدث «الاثنين الأسود» في السوق الأميركية، لم يكن للحكومة آنذاك أية علاقة أو تحكم في الاقتصاد، ولم تكن هناك هيئة لسوق المال، وكان هناك أكثر من 12 بنكاً. ما حدث هو أن المستثمرين الذين فقدوا ودائعهم توجهوا بالشكوى للحكومة الأميركية في ذلك الوقت، من أن البنوك استخدمت أموالهم للمضاربة في سوق المال وخسرتها تماماً. فما كان من الكونغرس إلا أن أسس هيئة سوق المال الأميركية، لكي تقوم بتنظيم السوق وتحرص على عدم تكرار التجربة.
المسؤولون الحكوميون في بلدنا قاموا بتأسيس هيئة سوق المال قبل أن تحدث أية فقاعة أو انهيار في سوق الأسهم السعودية، ومع ذلك تكرر السيناريو الذي حدث في السوق الأميركية، مع أن اداراتنا الحكومية كانت لها الأفضلية بأن تدير السوق في شكل مباشر، ولكن في ما يبدو أنهم تجاهلوا تجارب الأسواق العالمية الأخرى، مفضّلين بناء خبراتهم على حساب صغار المستثمرين.
نعم هذا صحيح، فقد كنت أتابع السوق منذ تأسيس هيئة سوق المال في ذلك الوقت، ونبهنا القائمين عليها عندنا بأنه لا توجد خبرات محلية كافية، يمكنها تنظيم وتطوير سوق مالية ناشئة كسوق المال السعودية، وأن تجاهل هذا الأمر يعني الاعتماد على بناء الخبرة من الداخل، وذلك بالمرور بالتجارب القاسية والمؤلمة نفسها التي مرت بها الأسواق الأجنبية الأخرى، قبل أن تصبح متطورة. الكثير من القرارات الارتجالية كان واضحاً للعيان، عندما تم إقرار نسبة الـ5 في المئة تذبذباً، وكأن الهيئة تتوقع الأمر الجلل، مروراً بقرار تجزئة السوق، حتى نصل إلى إقالة جماز السحيمي التي أعتبرها مبكرة جداً، فالرجل لم يعط المجال منذ توليه منصبه لتنفيذ الخطط التي كان يزمع إجراءها في السوق.
الأمر الأكثر أهمية والأخطر، هو استمرار تجاهل الإدارة الحكومية للنظام الاحتكاري المالي، المحصور في 12 بنكاً محلياً، وبعض الصرّافين الذين لا يزيد عددهم على أصابع اليد الواحدة. هذا الاحتكار في الصناعة المالية السعودية كان له الدور الأساسي في تدهور الثقافة الاستثمارية للمستثمر السعودي، إلى درجة استغلال البنوك الفوضى الدائرة في السوق، بدفعها من مستويات العشرة آلاف نقطة إلى حدود العشرين ألفاً، عن طريق إقراض المواطنين قروضاً سهلة في شكل أسهم، ففي ما يبدو لي أنها كانت تشتري الأسهم بأسعار رخيصة، ومن ثم تقرضها للمواطنين بأسعار السوق المرتفعة، علاوة على فائدة الاقتراض.
وكانت في الوقت نفسه، بحسب اعتقادي، تقوم بعملية صناعة السوق لبعض الأسهم، خصوصاً القيادي منها، وتقوم في الوقت نفسه بتقديم خدمة الوساطة للمستثمرين في شكل يجعلها تستطيع التأثير في تنفيذ أوامر التداول بالنسبة إلى المستثمرين في مصلحتها، سواء في شكل مباشر أو غير مباشر، واللوم دائماً يقع على نظام التداول.
ومن خلف الكواليس، ومن دون أن نشعر، وبارتفاع السوق مع نهاية السنة الماضية، ارتفعت تكاليف المعيشة إلى درجة أن مؤشر سعر المستهلك السعودي ارتفع إلى الضعف خلال اقل من سنة، مسبباً زيادة في معدل التضخم، فقد كان تضخم السوق دافعاً للصناعات الأخرى، بأن الاقتصاد السعودي في تحسن، مع أنه يعاني من بعض المشكلات غير المعلنة، التي أهمها معدل البطالة الذي أخر علمنا به قبل سنوات عدة، عندما وصل إلى حدود 10 في المئة نسبة بطالة.
* مدير مجموعة الخليج للاستثمار - دبي.
محمد بن عبدالله السويد الحياة - 22/11/06//
انهيار سوق الأسهم السعودية ليس حدثاً جديداً، بل أمر طبيعي في أسواق المال. فقد سبق أن حدث أمر مماثل في العشرينات من القرن الماضي في الأسواق الأميركية، في ما يعرف بـ «يوم الإثنين الأسود»، حين فقد كثير من المستثمرين وظائفهم ومدخراتهم وأصبحوا متسولين في الطرق.
ولكن هناك فارقاً، فعندما حدث «الاثنين الأسود» في السوق الأميركية، لم يكن للحكومة آنذاك أية علاقة أو تحكم في الاقتصاد، ولم تكن هناك هيئة لسوق المال، وكان هناك أكثر من 12 بنكاً. ما حدث هو أن المستثمرين الذين فقدوا ودائعهم توجهوا بالشكوى للحكومة الأميركية في ذلك الوقت، من أن البنوك استخدمت أموالهم للمضاربة في سوق المال وخسرتها تماماً. فما كان من الكونغرس إلا أن أسس هيئة سوق المال الأميركية، لكي تقوم بتنظيم السوق وتحرص على عدم تكرار التجربة.
المسؤولون الحكوميون في بلدنا قاموا بتأسيس هيئة سوق المال قبل أن تحدث أية فقاعة أو انهيار في سوق الأسهم السعودية، ومع ذلك تكرر السيناريو الذي حدث في السوق الأميركية، مع أن اداراتنا الحكومية كانت لها الأفضلية بأن تدير السوق في شكل مباشر، ولكن في ما يبدو أنهم تجاهلوا تجارب الأسواق العالمية الأخرى، مفضّلين بناء خبراتهم على حساب صغار المستثمرين.
نعم هذا صحيح، فقد كنت أتابع السوق منذ تأسيس هيئة سوق المال في ذلك الوقت، ونبهنا القائمين عليها عندنا بأنه لا توجد خبرات محلية كافية، يمكنها تنظيم وتطوير سوق مالية ناشئة كسوق المال السعودية، وأن تجاهل هذا الأمر يعني الاعتماد على بناء الخبرة من الداخل، وذلك بالمرور بالتجارب القاسية والمؤلمة نفسها التي مرت بها الأسواق الأجنبية الأخرى، قبل أن تصبح متطورة. الكثير من القرارات الارتجالية كان واضحاً للعيان، عندما تم إقرار نسبة الـ5 في المئة تذبذباً، وكأن الهيئة تتوقع الأمر الجلل، مروراً بقرار تجزئة السوق، حتى نصل إلى إقالة جماز السحيمي التي أعتبرها مبكرة جداً، فالرجل لم يعط المجال منذ توليه منصبه لتنفيذ الخطط التي كان يزمع إجراءها في السوق.
الأمر الأكثر أهمية والأخطر، هو استمرار تجاهل الإدارة الحكومية للنظام الاحتكاري المالي، المحصور في 12 بنكاً محلياً، وبعض الصرّافين الذين لا يزيد عددهم على أصابع اليد الواحدة. هذا الاحتكار في الصناعة المالية السعودية كان له الدور الأساسي في تدهور الثقافة الاستثمارية للمستثمر السعودي، إلى درجة استغلال البنوك الفوضى الدائرة في السوق، بدفعها من مستويات العشرة آلاف نقطة إلى حدود العشرين ألفاً، عن طريق إقراض المواطنين قروضاً سهلة في شكل أسهم، ففي ما يبدو لي أنها كانت تشتري الأسهم بأسعار رخيصة، ومن ثم تقرضها للمواطنين بأسعار السوق المرتفعة، علاوة على فائدة الاقتراض.
وكانت في الوقت نفسه، بحسب اعتقادي، تقوم بعملية صناعة السوق لبعض الأسهم، خصوصاً القيادي منها، وتقوم في الوقت نفسه بتقديم خدمة الوساطة للمستثمرين في شكل يجعلها تستطيع التأثير في تنفيذ أوامر التداول بالنسبة إلى المستثمرين في مصلحتها، سواء في شكل مباشر أو غير مباشر، واللوم دائماً يقع على نظام التداول.
ومن خلف الكواليس، ومن دون أن نشعر، وبارتفاع السوق مع نهاية السنة الماضية، ارتفعت تكاليف المعيشة إلى درجة أن مؤشر سعر المستهلك السعودي ارتفع إلى الضعف خلال اقل من سنة، مسبباً زيادة في معدل التضخم، فقد كان تضخم السوق دافعاً للصناعات الأخرى، بأن الاقتصاد السعودي في تحسن، مع أنه يعاني من بعض المشكلات غير المعلنة، التي أهمها معدل البطالة الذي أخر علمنا به قبل سنوات عدة، عندما وصل إلى حدود 10 في المئة نسبة بطالة.
* مدير مجموعة الخليج للاستثمار - دبي.