المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سوق الاسم يخلخل القدرات - منقول


المتورط
22-11-2006, 10:09 AM
سوق الأسهم يخلخل القدرات المالية

نبيل بن عبد الله المبارك - 02/11/1427هـ

بداية دعونا نقر حقيقة أولى وهي أن الجميع بدون استثناء سواء كانوا مسؤولين، أو مستثمرين بمختلف قدراتهم المالية أو شركات مساهمة التي لا أحد يعلم ماذا ينتج أو يقدم البعض منها؟ وما سبب وجودها أصلا؟ وأخيرا وليس آخراً بعض الإعلام الاقتصادي الذي بدأ دوره كناقل لما يكال من تهم على جميع الأطراف دون تثبت ووعى بحقائق الأمور وكأن لسان حاله يقول إن ناقل الكفر ليس بكافر. أقول جميع هؤلاء مسؤولون عن هذه المأساة التي يمكن وصفها بالصورة المشوشة وتحتاج إلى أن توضح.

الحقيقة الثانية، نحن هنا لا نطالب بالتدخل كما حدث بعد الانهيار أو التراجع الحاد في 26 شباط (فبراير) هذا العام، وأؤمن حقيقة بآلية السوق ولكن بعد تنظيمه التنظيم الحقيقي - هذا ما أعنيه بالضبط. ولا داعي لتكرار تجربة أمريكا في عام 1928م عند انهيار اقتصادها (الإثنين الأسود) وثبت في أول مرة في تاريخ الرأسمالية أن نظريات العرض والطلب لا يمكن أن تعمل بعدالة وحدها وذلك بعد دراسات علمية حقيقية وتمحيص دقيق بتوجيه من إيزنهاور رئيس أمريكا في حينه، وقد وجدوا أن آلية السوق يمكن أن تعمل بشكل عادل فقط بوجود تشريعات وأنظمة، وجهات قادرة على فرض العدالة من خلال تفعيل تلك الأنظمة والتشريعات. ومن هنا جاءت السياسات المالية والنقدية بهدف التأكد من أن المعادلة متوازنة من خلال أدوات السوق نفسه، ولكن بشكل مسبق قبل وقوع الكارثة.

الحقيقة الثالثة لنأخذ من "حالة السواد الحالك منطلقا لرؤية البياض الناصع" بمعنى أن "رُب ضارة نافعة" كما يقال، وعلينا الاستفادة مما يجري لتسريع الإصلاح المالي والاقتصادي وتطوير الإفصاح والشفافية على المستوى الرسمي والخاص.

وهنا دعونا نتحدث قليلا بالأرقام عن خسارة السوق منذ نهاية شهر رمضان وحتى تاريخه، لقد خسر السوق نحو 1.8 تريليون ريال (1.800 مليار ريال)، وهو رقم يفوق الناتج المحلي للمملكة بنحو الضعف تقريباً، وعلى افتراض أن جزءا من هذه الخسارة اسمية، وهو ما يعني تراجع أسعار بعض الشركات بالنسب الدنيا دون عمليات بيع أو شراء نتيجة عدم وجود طلب، ولنقل إن نصف المبلغ هو نتيجة هذا التراجع الاسمي الذي قد يكون نتيجة مبالغة في الأسعار أيضا وهي حقيقة كررتها منذ عام 2004م، وهو ما أدى بالبعض الذي يصرخ بنا ويصمنا بالتشاؤم على الفضائيات والحقيقة بزعمهم "إن السوق سوف يتجاوز الخمسة والعشرين ألف نقطة وهو أمر منطقي مع ما تشهده المملكة من طفرة"! والنتيجة لهذه الخسارة الأخيرة فقط دون خسارة ما حدث بعد 26 شباط (فبراير) هي أن نحو 900 مليار ريال خسارة حقيقية لشريحة من المجتمع عددها بالملايين مقابل كون هذه الخسارة مكسبا لشريحة أخرى والتي قد لا يتعدى عددها خانة العشرات، وهذه هي حقائق سوقنا، ولكن المشكلة أن الشريحة التي تحملت تلك الخسارة هي في الغالب الشريحة الوسطى وهي المتضرر الأكبر، نتيجة حقائق السوق التي تفتقر إلى التوازن المطلوب لحماية السوق.

إذن وبما أن لدينا خسارة بنحو 900 مليار ريال (مفترضة حسابياً) وحيث إن عدد المحافظ النشطة يقترب من (4.2 مليون محفظة)، فإن ذلك يعني أن الخسارة في المتوسط هي في حدود تفوق 214 ألف ريال لكل محفظة بالمتوسط. وإذا ما عرفنا أن عددا محدودا كما قلنا من هذه المحافظ كسب فإن السواد الأعظم خسر جميع ممتلكاته بهذه البساطة. فهل يقبل هذا؟ ومن المسؤول؟ وهل هنالك إمكانية للمقاضاة إن وجدت؟ وهذا فقط للتدليل وليس كل شيء رغم أن المستثمر نفسه يتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية نتيجة الاندفاع الكبير دون وعي وإدراك.

إننا قد نقبل تلك الخسارة إذا كان اللعب عادلا في سوق معروفة قواعده! ولكنني متأكد أن الحالة غير ذلك تماماً، وبأنه وبكل أسف سوق برجل واحدة فقط. وهو أمر خطير جداً ويحتاج قبل التدخل بالمسكنات إلى محاسبة حقيقية شفافة لكل مقصر في السوق وكل مخالف لقواعده، هذا الأمر له تداعيات خطيرة جدا اقتصاديا واجتماعيا وسياسياً، وقد كتبت في يوم الإثنين 12 شوال 1426هـ - 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2005م - العدد 13657 في جريدة "الرياض" تحت عنوان "ما يزيد على 1000 نقطة في أربعة أيام تداول... فلنحذر العواقب!!!" وقلت إننا إما أن يستمر الصعود الصاروخي إلى ما لا نهاية وهذا له تبعات إهمال القطاعات الاقتصادية المنتجة وتراجع عنصر الإنتاج والعمل في القطاع الحكومي والخاص، وإما أن يكون هناك تراجع حاد وهذا نتيجته أضر من جميع النواحي أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وبالتالي تؤثر في صانع القرار السياسي. لا يمكن التعاطي مع سوق المال بهذه الآلية وفتح الاقتصاد المحلي على مصراعيه دون تفعيل حقيقي للأنظمة والتشريعات، وأعني تفعيلها بشكل "عادل" على الجميع، وفي الوقت نفسه العمل بشكل مكثف على مختلف الأصعدة لرفع الوعي الاستثماري وهي مسؤولية تتحملها بالدرجة الأولي الدولة، ويجب أن يتم التعريف الدقيق بالحقوق والواجبات بشكل لا يحمل اللبس، لذلك جاء علم المحاسبة ليؤكد أن أحد أهدافه هو توفير المعلومات لمن (عشرة خطوط تحت لمن) ليس لديه القدرة المباشرة في الحصول على المعلومات

جروح الود
22-11-2006, 01:25 PM
بارك الله فيك وفي الكاتب والله يعوضنا خير