المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الاخلاق التجارية


الفتى الذهبي
31-05-2006, 02:55 PM
هل أخلاقنا تجارية؟


أذكر حادثة ذكرها لي والدي، رحمه الله، تعلمت منها الكثير لما شاورته مرة في أمر يخص عملي، فقص لي قصته عندما باع عقاراً لأحد التجار وأعطى كلمته ولم يستلم القيمة ولم يفرغ الصك ولم يكتب كتابا ولم يشهد شهوداً على البيع، وبعد أسبوع جاءه مشتر آخر وعرض عليه سعراً أعلى للعقار، فما كان من والدي إلا أن أعطى المشتري الجديد اسم المشتري الأول ورقم هاتفه ليتفاهم معه حيث إنه هو المالك الحالي للأرض، فأبلغ المشتري الأول والدي بأن إفراغ الأرض سيتم للمشتري الجديد وبربح يصل إلى 20 في المائة لصالحه وعلى والدي الإفراغ واستلام القيمة وتسليم الفرق للمشتري الأول، عندما أتفكر في هذه الحادثة أعتقد أنها من عصر الديناصورات الذي لن يعود، وإن كنت في الوقت نفسه أعلم بأن مثل هذه القصة موجودة لدى الرعيل الأول وقد يكون هناك ما هو أبلغ منها.
لقد كانت هذه هي أخلاقيات التجار الذين تخلقوا بأخلاق دينهم، وهي نفسها الأخلاقيات التي تخلق بها التجار المسلمون على مر العصور عندما كانت الأفعال مرآة للمبادئ وحين كانت المعاني تطلب المعالي، وعندما كانت الشريعة هدفاً وليست وسيلة وكان الصدق عنوان التاجر والإخلاص دليله، وهي أخلاق التجار التي جعلت العالم في شرقه وغربه يطلبون اللحاق بركب هذا الدين الذي يأمر أتباعه بالصدق والأمانة والإخلاص والنصح حتى مع من اختلف معهم في لونه وقبيلته ودولته، بل وحتى مع من عاداه واختلف معه في الشريعة والدين والعقيدة.
استحضرت ذلك قبل سنوات عندما كنت أعمل مديراً لمستشفى دله في الرياض، وجئت لأستاذي ومعلمي الذي كنت أفخر به وكان يومها ولا يزال يشغل منصبه مديرا لإحدى الجامعات الرائدة في المملكة، كنت زائراً له لأطلب منه نقل خدمات أحد الأطباء العرب المتميزين في المستشفى الجامعي إلى مستشفى دله أو إلى أي مستشفى سعودي آخر، حيث كان الطبيب يرغب في مغادرة المستشفى الجامعي ومن ثم المملكة إلى غير رجعة لأمور لا داعي لإشغالكم بذكرها هنا، وبعد ترحيب وبشاشة من سعادة المدير لم أستغربها تبعها حوار منطقي في أوله، اشتد في آخرة، مع أنني في ذلك الحوار كنت واضعاً نصب عيني مصلحة وطنية عليا فوق كل مصلحة شخصية، إلا أن الحوار انتهى وانتهى معه اللقاء الذي جفف العلاقة عندما قال لي معالي الدكتور: " فهد لقد تغيرت وأصبحت أخلاقك تجارية".
لن أتحدث عن البعيد في المجتمعات الأخرى والدول الأخرى والأسواق العربية، إنني أتساءل ما الذي حدث لمجتمعنا، ما الذي حدث لأسواقنا، ما الذي حدث لبيوتنا، ما الذي حدث لنا أنفسنا؟ لقد تغيرنا كثيراً .. ابتعدنا أكثر عن ديننا وأخلاقنا وقيمنا وعلومنا وسلومنا . . تلوثنا بحب الدنيا أكثر وأكثر على حساب كل شيء.

الذي كان يحدث قبل سنوات .. يتصل بك قريب، صديق، وزميل، يطلب منك خدمة أو قرضا أو مساعدة، فتجد أنك تهب لمساعدته بل وتطلب من الآخرين مساعدته بل قد تقترض لفك كربته، الآن فيما يسمى ما بعد طفرة الأسهم كل شيء تغير، حسابات الناس فيما بينهم تغيرت، على سبيل المثال أطلب من أحد أصدقائك أن يعرفك بأحد تجار العقار ستجد قبل أن تكمل كلامك أن يشترط عليك السعي، أطلب منه رقم هاتف أحد الهوامير ستجد أنه يرفض إعطاءك الرقم ويطلب منك اصطحابك إليه .. ليس لله طبعاً ولكن لأن الشرط أربعون . . والطامة الكبرى أن تحتاج إلى قرض حتى لو كان من أخيك هنا تبدأ حسابات الجفرة، وتبدأ المحاضرة القيمة حول أهمية الفلوس وقيمة الوقت، وبالتالي أصبح القرض الحسن مثل "بيض الصعو" يذكر ولا يشاف، والجريمة الأكبر أن تتم البيعة ثم تطلب الإقالة لأي سبب كان، وكأن الناس نسوا أو تناسوا الأجر العظيم الذي أعده الله سبحانه وتعالى لمساعدة الغير أو للمقرضين أو لمن أقال العثرة.
وعلى الجانب الآخر كان السعي إذا حدثت البيعة في المجلس يوزع منه على الحضور، وكان التاجر إذا استفاد من غيره فإنه لا ينساه من المصلحة، وكان المقترض لا يحتاج إلى تذكير ومتابعة لسداد دينه.
أحدثكم عن حالات حقيقية واقعية شهدت عليها، بل إن بعضها حدث لي مع بعض من أعز أصدقائي وأعرف أبطال بعض القصص تمام المعرفة من الجانبين.

ختاماً . . إذا ذهب الود والطيب بين الناس فعلى الدنيا السلام، ولا خير في دنيا يكون فيها الحساب بين الأصدقاء والإخوة بالدرهم والدينار.


فهد بن عبد الله القاسم - - - 04/05/1427هـ

محمد بن ابراهيم
31-05-2006, 03:00 PM
جزاك الله خير ....

"حروف تداول"
01-06-2006, 03:17 AM
جزاك الله خير اخي الكريم،،
تحياتي وتقديري لك،،[line]إذا ذهب الود والطيب بين الناس فعلى الدنيا السلام،،
ولا خير في دنيا يكون فيها الحساب بين الأصدقاء والإخوة بالدرهم والدينار،،

أنا ريما
05-06-2006, 02:24 PM
مشكوووووووووووووووووووور

m101
06-06-2006, 02:07 PM
مشكوووووووووووووووووووور


برضة مشكورررررررررررررررررررررررررررررررررر