المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قراءة ثقافية لاكتتاب أكثر من نصف السعوديين في بنك البلاد


kiki20000
13-04-2005, 11:46 PM
تحليل إخباري: قراءة ثقافية لاكتتاب أكثر من نصف السعوديين في بنك البلاد واستعمال واسع للتقنية (عبد الله القحطاني)
عبدالله القحطاني الحياة 2005/04/14

مر المجتمع السعودي بتجارب عدة، وتجاذبته عوامل كثيرة في العقود الثلاثة الماضية، كان خلالها يبحث عن ذاته في خضم المتغيرات العالمية التي زادته حيرة وارتباكاً، حتى افرزت تلك العوامل تيارات مختلفة حاولت استقطابه لمشاريعها الخاصة من دون ان تضع حلولاً عملية لمشكلاته التنموية. فكثر المزايدون على هوية المجتمع وازدادوا جهلاً باحتياجاته البديهية حين حاولوا ان يلبسوه هويات لا توافق طبيعته الانسانية الصرفة. فوضعوا انفسهم في مأزق عميق حين لفظهم المجتمع ورفض طروحاتهم ليواصل مجدداً بحثه الدؤوب عن ذاته مدعوماً برغبة التحرر التي لا تحتاج من المبادئ سوى الايمان بحقه في العيش بهدوء ورخاء، شأنه شأن سائر مجتمعات العالم المتحضر، وقد قال شاعر عربي بسيط:

ان الحضارة اعلاها واسماها

ان تحسن المشي فوق الارض انسانا!

تداعيات ثورة الاتصالات

تغفل كل الايديولوجيات الجانب الانساني في محاولاتها الاستقطابية مما ادى الى حال من الارباك للمجتمع السعودي امام التحولات الطبيعية. وحين بدأت التحولات غير الطبيعية التبلور كالانفتاح الاعلامي وثورة الاتصالات والتكنولوجيا المتطورة وغيرها من ادوات التحول التي اسست لفكر جديد لم يعهده المجتمع من قبل، وهو فكر المعلومة، ظهر المجتمع على حقيقته وتعامل معها كمرآة، يراجع فيها عيوبه، ويرى صورته الحقيقية بلا محسنات ليشكل في النهاية هويته الخاصة وفق رؤيته الخاصة بعيداً من وصاية النخب التي فقدت البوصلة منذ ان حولها احساسها بالنبوة الى مهمة حراسة اطرها الفكرية.

نستنتج من هذه المعادلة ان الحكومة السعودية تمتلك نظرة ثاقبة. فهي نأت بنفسها عن تدجين المجتمع وفق ما تريده التيارات، وانصرفت الى الاهتمام بالحياة اليومية للناس. فأرست المؤسسات الخدمية ووضعت التشريعات والقوانين والانظمة التي تكفل استمرار التحديث وفق حاجات المجتمع المتزايدة مع المستجدات. ويأتي الجانب الاقتصادي في طليعة اهتمامات الدولة. والقراءة هذه تهدف بدافع الانصاف الى التطرق لهذا الامر بإسهاب مع التركيز على الظواهر التي افرزها، وما تعنيه من دلالات قد تصدم التيارات التي ذكرت اعلاه.


ظاهرة الاكتتاب في الأسهم

لقد كتبت السعودية تاريخاً جديداً لها، بمفاهيم ومقومات مختلفة عن الانماط السائدة في مجتمعها منذ عقود، من ابرزها: مفهوم الاكتتابات حيث نفض هذا المفهوم الكثير من الغبار عن الذهنية السعودية، وانتفت قيم كثيرة من الذاكرة لتحل عوضاً عنها قيم اخرى اكثر تماشياً مع عصرنا الذي تتعاقب المفاجآت والصدمات على صناعته، لنجد انفسنا نلوذ بقيم الاستثمار، حيث باتت بفعل تأثير الاكتتابات تعلو شيئاً فشيئاً في افق منظومة الافكار المتشكلة لدى المجتمع اصلاً، من خليط معقد من التقاليد التي باتت هي الاخرى تتشكل في صور جديدة مغايرة لما كان عليه المجتمع السعودي البسيط.


تأسيس هيئة السوق المالية

ان الحكومة السعودية وضعت يدها على جرح سوقها المالية، واستخدمت مبضعاً صنعته بيديها اسمه هيئة السوق المالية لتقطيب ذلك الجرح المتمثل في الارتجال، حين ادركت ان السوق تحمل الكثير من البشائر على رغم ما يكتنفها من سلبيات. وكسبت رهان المجتمع بإنشاء جهة مرجعية قانونية تنظيمية كهيئة السوق المالية، التي استطاعت في فترة وجيزة ان تحدث الكثير من التغييرات المهمة، والتي كان لها ابلغ الاثر في منح السوق بعداً شعبياً يوازي قوتها. فتأسست هيئة السوق المالية بموجب نظام السوق المالية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/30) وتاريخ 2/6/1426هـ. وهي هيئة حكومية ذات استقلال مالي واداري ترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء، وتتولى الاشراف على تنظيم وتطوير السوق المالية، واصدار اللوائح والقواعد والتعليمات اللازمة لتطبيق احكام نظام السوق المالية بهدف توفير المناخ الملائم للاستثمار في السوق وزيادة الثقة فيها، والتأكد من الافصاح الملائم والشفافية للشركات المساهمة المدرجة في السوق وحماية المستثمرين والمتعاملين بالاوراق المالية، وتتمتع بالصلاحيات في تنظيم وتطوير السوق المالية، وتنمية وتطوير اساليب الاجهزة والجهات العاملة في تداول الاوراق المالية، والعمل على تحقيق العدالة، وتطوير الضوابط التي تحد من المخاطر المرتبطة بمعاملات الاوراق المالية وتطوير وتنظيم ومراقبة اصدارها وتداولها وانشطة الجهات الخاضعة لاشراف الهيئة وتنظيم ومراقبة الجهات المصدرة لها.

لا بد من تحليل بعض الانظمة التي وضعتها هيئة السوق المالية لتضمن كسر احتكار السوق من قبل منتفخي الجيوب وفق المبادئ التالية:


تصحيح الأخطاء

طرحت قبل أكثر من عام أسهم شركة الصحراء للاكتتاب بعيداً من إشراف هيئة السوق المالية، ولم يحدد سقف عدد الأسهم لكل فرد، فلعبت المصارف لعبتها، وقدمت تسهيلات تسببت في تضخيم غير حقيقي، حيث تجاوزت تغطية اكتتاب شركة صغيرة كشركة الصحراء 37 بليون ريال أي ما يعادل 125 ضعفاً إجمالي تغطية اكتتابها.

وكان هذا أول الأخطاء التي تلافتها الهيئة في الاكتتابات اللاحقة، إضافة إلى مشكلة النقص الحاد في نماذج طلب الاكتتاب، والتي لازمت الاكتتابات السابقة. فقد قرأنا في بعض الصحف أن سعر نموذج الاكتتاب الواحد في "اتحاد اتصالات" مثلاً بلغ 500 ريال في السوق السوداء، قبل ان تحاصر الهيئة المشكلة في اكتتاب "اتحاد اتصالات" و"التعاونية" لتقضي عليها أخيراًً في اكتتاب عبر الانترنت والهاتف المصرفي، لذلك لم نسمع أو نقرأ عن سلبيات واجهت أي فرد من أفراد نصف الشعب الذين اكتتبوا في بنك البلاد.


مبدأ تساوي الفرص

عمدت هيئة السوق المالية إلى توسيع مفهوم الاكتتاب في المصارف والشركات المساهمة ليشمل شرائح المجتمع كله. فزيادة على استبعاد الشركات من الاكتتاب، حددت الهيئة سقفاً معيناً لعدد الأسهم التي يحق للفرد الاكتتاب فيها، ما منح الفرصة لصغار المساهمين للإفادة من التخصيص المتساوي للأسهم مهما قل عدده. وهذه نقط جديرة بالاهتمام، حيث لا يصعب على المواطن السعودي توفير500 ريال من راتبه من دون الاقتراض أو بيع أي شيء من ممتلكاته كما كان يفعل في الاكتتابات التي سبقت ولادة هيئة السوق المالية والـ500 ريال ستصبح أربعة آلاف ريال، فإذا كان يكتتب ست مرات في السنة، فإنه ربما يحصل على ما يعادل راتبه لمدة نصف سنة، بينما لا يستفيد رجل الأعمال من هذه المكاسب التي ربما ينفق أكثر منها بكثير في حياته اليومية.


مبدأ الشفافية

دأبت هيئة السوق المالية على إصدار بيانات يومية بأعداد المكتتبين، متضمنة إحصاءات عن نسبة الذكور والإناث، ونسبة الاكتتاب بالوسائل الحديثة كالانترنت والهاتف المصرفي، فأغلقت بذلك الباب أمام التوقعات المتباينة بالعدد الإجمالي للمكتتبين الذي لم يكن يعلن عنه في الاكتتابات الماضية إلا بعد انتهاء مدة الاكتتاب، إضافة إلى ان الأفصاح اليومي يشجع الآخرين على الاكتتاب.


تغيير الأولويات الاقتصادية للنساء

وحتى لا تنحرف هذه القراءة عن مسارها، وهو تناول ظاهرة اكتتاب أكثر من نصف الشعب السعودي في بنك البلاد، برؤية اجتماعية مختلفة عما يراه المحللون الاقتصاديون، لا بد من أن أشير إلى ما أزعم أنه زلزال فكري. إذ أشاح بعض الحقائق عن وجهها، ومن أهمها ما يتعلق بالمرأة وبالتقنية. فالإحصاءات أظهرت بأن نحو 12 في المئة من المكتتبين الذين تقل أعمارهم عن الخامسة والعشرين هم من النساء، و32 في المئة ممن تقل أعمارهم عن الأربعين هم من النساء أيضاً. وقد أشارت صحيفة "الوطن" في عددها الصادر في تاريخ 6-3-2005، إلى ان الاكتتابات أفرزت جيلاً جديداً من المضاربات السعوديات في عالم الأسهم، حيث جازفن "بمبالغ كبيرة كن يسثمرنها في الحلي والذهب أو العقارات والمشاغل النسائية. وباتت فئات كثيرة منهن تتردد على شاشات الأسهم في الفروع النسائية التي تسمح لهن بمتابعة التداولات اليومية"! فماذا سيقول المزايدون على حقوق المرأة السعودية بعد الآن؟! هل سيواصل الجميع الحديث نيابة عنها؟


توسع الاكتتاب بالانترنت والهاتف

لا تقل ظاهرة الاكتتاب بالوسائل الحديثة مفاجأة عن حجم مشاركة المرأة، إذ أظهرت الإحصاءات أن نحو 25 في المئة من السعوديين اكتتبوا بواسطة الانترنت والهاتف، ما يبشر بانفــتاح عظـيم، إذ ان الفكرة السائدة عن المجتمع هي غالباً ابتعاده عن التقنية، فكيف يثق بها هذه المرة في أمر حساس كالمال؟! لا شك في ان هذا الأمر سيسهم كثيراً في ردم الهوة الرقمـية التي طالما احتلت عقول أفراد المجتمع.

لا يستطيع المراقب لتغيرات المجتمع السعودي ان يفصلها عن بعضها، فالثورة الاستثمارية الأخيرة - إذا صح التعبير – مرتبطة بتطورات كبيرة فرضت ذاتها على الساحة، كثقافة الانتخابات وغيرها من المفاهيم التي باتت تطرق الآذان بقوة لتصل إلى مراجعة أدوات تأسيس المجتمع المهمة كالنقد المتزايد للتعليم ومخرجاته، والدور المبتور في الربط بين ثقافات ومبادئ الحياة. إنها عوامل قد تكون فرصة حقيقية لتشكيل هوية جديدة قائمة على خيارات متعددة تعيد بوصلة العلاقة مع الآخر إلى مسارها الصحيح، وتضيق الخناق على دعاة تصنيف الآخرين، ليتفرغ المجتمع لتطوير نفسه من الداخل.


المسؤول عن العلاقات الاعلامية لهيئة سوق المال السعودية.

التونسى
14-04-2005, 12:06 AM
تعرفون تكتبون ياخوك لية ما تردون على شكاوينا (سبحان الله)

Al-Ruwaili
14-04-2005, 12:54 AM
شكراً جزيلاً...

الخــالــد
14-04-2005, 01:27 AM
مشكور اخو ي ويعطيك الله الف عافيه